مركز بيغن السادات: الجيش المصري لن يتدخل في الأزمة لأن الأكثرية الساحقة من جنوده تؤيد الإخوان

رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز بيغن - السادات للأبحاث الإستراتيجية في تل أبيب أن الآمال والتوقعات بأنْ يتدخل الجيش المصري في الأزمة التي تعصف ببلاد النيل مضللة، ذلك أن الجيش ليس مستعدًا لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين، بسبب قوة هذا التنظيم.
ولأن معظم الجنود في الجيش أدلوا بأصواتهم في الانتخابات لصالح مرشح الجماعة للرئاسة، محمد مرسي، علاوة على ذلك، قالت الدراسة، إن عدم تدخل الجيش في الأزمة نابعٌ أيضا من رفض المؤسسة العسكرية المصرية فقدان المعونات الأمريكية السنوية، التي لن تدعم انقلابا عسكريا، كما أكد البروفيسور هيلل فريس، الذي أعد الدراسة.

وتابعت الدراسة أن أولئك الذين يناشدون الجيش المصري بالتدخل يعيشون في عالم وهمي، إذ أنه من غير المرجح، إنْ لم يكن مستحيلاً أنْ يقوم الجيش المصري بالتدخل بهدف القضاء على الأوضاع الأمنية المتردية، بل أن المؤشرات جميعها تُدلل على أن الجيش سيبقى في ثكناته التي أُعيد إليها في آب (أغسطس) من العام الماضي، ذلك أن الاستيلاء على مقاليد السلطة من قبل الجيش، والإطاحة بأول رئيس مصري منتخب، والمواجهة مع حركة الإخوان المسلمين، الحركة الأكثر قوة وتنظيمًا في مصر، ستؤدي بشكل مباشر إلى اندلاع المظاهرات وأعمال الاحتجاج في مصر قاطبة، وتدفع الدولة المصرية إلى حافة الانهيار، علاوة على تقسيم المناطق وسيطرة الميليشيات المسلحة على مناطق عديدة من بلاد النيل، على حد قول البروفيسور فريش.

وبرأيه فإن الدرس الذي تم تعلمه من العراق بعد غزوه من قبل الأمريكيين والحلفاء أكد لكل من في رأسه عينان على أن الجيش غير قادر على فرض الأمن في جميع المناطق، فالأعمال الإرهابية ما زالت مستمرة وبوتيرة عالية في العراق، على الرغم من مرور عشر سنوات على الاحتلال، ومن الناحية الأخرى، أضافت الدراسة، أن الجيش العربي السوري يُقاتل منذ أكثر من سنتين الميليشيات المسلحة ولم يتمكن من حسم المعركة لصالحه، ناهيك عن أن عدد السكان في مصر فاق الـ80 مليونًا من المواطنين، الأمر الذي يجعل من مهمة الجيش في السيطرة على مقاليد الأمور من رابع المستحيلات، كما أن الجيش السوري، مؤلف من قادة علويين يؤيدون الرئيس الأسد من منطلق مذهبي، في حين أن هذا الأمر ليس موجودًا في مصر.

وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أن الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، تم اغتياله من قبل جنود مصريين ينتمون إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة، الأمر الذي يؤكد بشكل غير قابل للتأويل بأن الإسلاميين تمكنوا من التغلغل في الجيش المصري، وتمكنوا من إخراج مخطط الاغتيال إلى حيز التنفيذ، وزاد قائلاً إنه وفق التقديرات، فإن نصف المجندين في الجيش المصري يؤيدون جماعة الإخوان المسلمين في هذه الفترة بالذات، كما أنه يوجد عدد لا يستهان به من الجنود الذين ينتمون إلى التيار السلفي، وساقت الدراسة قائلةً إن المسيحيين الأقباط لا يتجندون تقريبًا للجيش، في حين أن أبناء الطبقات الغنية والثرية لا يتجندون أيضا في الجيش المصري، بالإضافة إلى ذلك فإن الجنود اللبراليين والعلمانيين غير موجودين بتاتًا في الجيش المصري، الأمر الذي يثبت بأن الجيش سيبقى مخلصا لنظام الإخوان المسلمين بزعامة محمد مرسي في قصر الرئاسة، على حد تعبير البروفيسور فريش، الذي لفت أيضًا إلى أنه في أثناء المظاهرات التي عمت مصر قبيل الإطاحة بالرئيس البائد حسني مبارك، حافظ الجيش المصري على الحياد ولم يتدخل بالمرة في المظاهرات أوْ الاحتجاجات، سلبًا أمْ إيجابًا.

علاوة على ذلك، أضافت الدراسة الإسرائيلية، أنه في الأحداث الأخيرة التي تشهدها مدينة بور سعيد بسبب المحاكمة المشهورة والمعروفة باسم مذبحة بور سعيد، تم إرسال وحدات من الجيش لضبط النظام في المدينة، ولكن على عكس عناوين الصحف المصرية التي أكدت بأن الجيش سيقوم بقمع المتظاهرين، فإن الأمور باتت هادئة بدون مواجهات تُذكر بين المتظاهرين وبين قوات الجيش المصري التي وصلت المدينة، مشيرةً إلى أنه من الإطاحة بالرئيس مبارك قبل سنتين ونيف، فإن وحدات صغيرة جدا من الجيش والشرطة العسكرية ونظيرتها من القوات البحرية واجهت المتظاهرين في المدن المصرية المختلفة، حيث أن الجنود ركزوا مهماتهم في الحفاظ على الممتلكات العامة والرسمية فقط، على حد قول البروفيسور فريش.

ولفتت الدراسة إلى عامل أخر الذي يُحتم على الجيش عدم التدخل في الأزمة المصرية والتي تتمثل في الجزرة التي منحها الرئيس محمد مرسي للمؤسسة العسكرية والقاضية بمنحه الحرية المطلقة في تحديد الميزانية وآلية وكيفية صرفها، دون تدخل الرئاسة المصرية، أي أن الحكم الذاتي الاقتصادي للجيش يدفعه للبقاء على الحياد، على حد قول الدراسة الإسرائيلية.

وأخيرا، فإن الجيش يدرك أن الولايات المتحدة الأمريكية تُعارض وبشدةٍ التدخل العسكري في أي مكان تقريبا، وخاصة ضد الحكومة التي تدعمها واشنطن في الوقت الحاضر، أيْ الحكومة التي قام بتعيينها الرئيس مرسي، كما أنه في حال تدخل الجيش في الأزمة المصرية، زادت الدراسة قائلةً، فإن الولايات المتحدة، لن تتورع أبدًا عن وقف المساعدات العسكرية لبلاد النيل، وهو الأمر الذي لا يسمح الجيش لنفسه بالتنازل عنها، ناهيك عن أن الجيش المصري بحاجة ماسة للأمريكيين لتبديل قطع الغيار للأسلحة التي يملكها.

وخلصت الدراسة إلى القول إن المشاكل في مصر ستستمر بين السلطة والمواطنين، والرئيس مرسي يُعول على قدرته في تسيير الانتخابات البرلمانية الشهر القادم وإحكام سيطرته على مقاليد الحكم في القاهرة، في ما ستُواصل المعارضة اللبرالية والعلمانية في مساعيها لتشويه صورة الرئيس المصري والتخفيف من شعبيته في أوساط المصريين، بهدف إرغامه على عقد صفقة معهم، وخلصت الدراسة إلى القول إن الوضع كله ما زال محفوفًا بالمخاطر والمخاوف من أن عملية المساومة سوف تخرج عن نطاق السيطرة وتتحول إلى حرب أهلية، ولكن حتى إذا اندلعت الحرب الأهلية، فإن حقيقة واحدة باتت جلية وواضحة للعيان: الجيش المصري لن يعود إلى أروقة السلطة السياسية، على حد قول الدراسة.