X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      19/04/2024 |    (توقيت القدس)

الرئيس الذي لم يقدم ولم يؤخر شيئاً!

من : قسماوي نت
نشر : 15/03/2013 - 21:36

 

حينما حقق اوباما فوزه الساحق على منافسه في انتخابات الرئاسة الأمريكية، بدأ وكأن الأمر انقلاباً على الواقع السياسي الأمريكي؛ لأن باراك حسين اوباما من وجهه النظر الأمريكية سياسي معتدل وزنجي من أصول إسلامية افريقية، وزوجته الزنجية تنتمي أيضاً الى الميول السياسية نفسها، فراحت حينها الشعوب المقهورة في المنطقة العربية تستحضر صورة البطل الأسطوري ورجاءها اللاشعوري في أن يكون هذا الأوباما المنقذ لهم من الظلم والقهر والبؤس والعدوان. إن الدعاية التي صاحبت تنصيب أوباما رئيساً ومشاهد التنصيب والقرارات التي تلت ذلك عملت بقوة على تحسين صورة أمريكا من خلال صورة اوباما نفسه الذي حولته المشاهد الدراماتيكية المتوالية إلى بطل أسطوري ولاسيما في أذهان جزء مهم من شعوب الدول النامية والفقيرة وخاصة في منطقتنا العربية، والتي باتت تتخيل أن هذا الرجل خرج من بين صفوفها ومن رحمها، ليسيطر وليشكم الدولة الأكثر جبروتاً واستكباراً وغطرسة في العالم "إسرائيل" ومن حالفها بظلمها وعدوانها على الفلسطينيين، وربما يكفي رؤية صور الفرح العفوية للجماهير في أفريقيا وأمريكا وأسيا. لذلك فأوباما ومنذ توليه زمام الحكم الأمريكي حتى يومنا هذا، قد خيب ظنون الشعوب المقهورة ولم يدافع عن حقوقها ولم يلبي طوحها بحياة مطمئنة بعيداً عن قوانين الظلم والقهر، فالرجل لن ولن يستطيع الضغط على إسرائيل بإرجاعها الحق لأصحابه الشرعيين والحقيقيين، ولن يقوم يكبح العدوان والإجرام ولن يثني الإسرائيليين للتنكر للثوابت والحقوق، فموقفه وإدارته والمنحازين دوماً تجاه هذا الكيان والذي يعطيها الضوء الأخضر ويساعدها بإجرامها وعدوانها وتنكرها للمشروع الوطني الفلسطيني، فرجل أمريكا الأول يحاول أن يلاءم خططه وسياساته الخاطئة في منطقة الشرق الأوسط عامة وعلى الأراضي الفلسطينية على وجه الخصوص على معايير فهم القيادات الإسرائيلية وتصوراتها لحسم الصراع، ولهذا يمكننا القول أن أوباما لن يجبر أو سيؤثر على القيادة الإسرائيلية مطلقا أيا كان لونها الحزبي على دفع استحقاقات السلام العادل والشامل في المنطقة، متلهيا بأرجوحة ما يسميه "مكافحة العنف والإرهاب وذلك بصورة مقصودة للقفز عن المحرك الأساسي لكل أعمال العنف في منطقة الشرق الأوسط وهو "الكيان الإسرائيلي بالتحديد" فزيارته المزمع مجيئها إلى المنطقة، أجدها لا تختلف عن أي زيارة عابرة، حيث يعتبروها الفلسطينيون زيارة تدخل ضمن العلاقات العامة، فالتراجع الكبير لموقفه إزاء أملهم في عودة حقوقهم وثوابتهم التي طال انتظارها، ودفعوا أغلى ما يملكون من أجل تحقيق هذه الحقوق، فهم لا يعولون كثيرا عليه لأن تصريحاته عن زيارته للمنطقة كانت واضحة وضوح الشمس بأنه لا يحمل أي مبادرة جديد لتحريك عملية السلام، فأصيبوا بحالة من الإحباط حيال السياسة الأمريكية في المنطقة. في الوقت الذي تنفسوا فيه الصعداء بعد قبول دولتهم كعضو مراقب في مؤسسات الأمم المتحدة وعدم تصويت أمريكا لهذا القرار، عادوا مرة أخرى إلى حالة اليأس والإحباط بعد هذا التجاهل من قبل الرئيس أوباما وإدارته الذي سيسعر ويلهب المنطقة بأكملها في المستقبل القريب، فالأمريكان لا يرون الواقع إلا بعين واحدة بعد أن دك الفلسطينيون مرارا وتكرارا ومزقت جرافات الاحتلال خارطة الطريق والتي أدت إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى من الفلسطينيين، وهذا بحد ذاته كافياً لرفع وتيرة الكراهية والحقد للأمريكان مما يذخر الأجيال القادمة بالطاقة اللازمة لاستمرار الصراع الدموي بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. إن الولايات المتحدة الأمريكية قام تاريخها ونشأت جغرافيتها وتأسس نظامها السياسي والاقتصادي والمالي والإعلامي وسياستها الخارجية على التآمر، ولا نريد أن نستطرد في هذا المجال كثيراً، لأن لا احد يتوقع من اوباما معجزة وتغييراً جذرياً في سياسات واشنطن في المنطقة وخصوصا لجم وكبح حكومة الاحتلال الإسرائيلي، فالرجل ربما سيتحرك بدأب في إطار المتغيرات لمصلحة تحسين صورتها، أما في الثوابت فانه يعلم انه لا يستطيع تجاوز أي من الخطوط الحمراء؛ لأن من يحكم أمريكا مؤسسات عريقة تستند الى إيديولوجيا تراكمية؛ تحميها بقوة احتكارات وجماعات ضغط ضاربة الجذور والسطوة؛ ولاسيما اللوبي اليهودي والمجموعات المالية والاقتصادية الكبرى والمنظمات الدينية والاجتماعية والسياسية. إن أوباما وإدارته يفتحون الباب على مصراعيه للعنف والعنف المضاد، ولكن بالمقابل فلسطينياً يجب أن تبذل كل المجهودات ولكن على قاعدة واحدة الجاهزيه والاستعداد التام لمواجهة القدر الذي قدرة الله لهم "إما النصر أو الشهادة"، وإن السلاح الأساسي في هذه المرحلة الحاسمة هو تصميم الشعب والقيادة والفصائل الفلسطينية، باستعصاء الرقم الفلسطيني الصعب الذي يعرفه القاصي والداني. فلا فارق في نهاية الأمر بين نهاية ونهاية إلا بالكرامة والإباء والشموخ والفداء والاستشهاد. إن المؤامرات ما زالت تحاط بفلسطين وشعبها من كل جانب، والخطر ما زال ماثلا أمامها ومن حولها، وحلقات الضغائن الصهيوأمريكية ما زالت مستمرة على قضيتها ومستقبلها في كل مكان، يقابله الثبات والحزم والصمود من شعبها، إزاء حقوقهم الوطنية المقدسة التي تخصهم وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولتهم بعاصمتها القدس الشريف، وما زال الموقف الأسطوري موجودا لدى قيادة وفصائل فلسطين والمستمرين في ثباتهم وفي أحلك الظروف والأوقات، لأنهم يعرفون جيدا أن المطلوب الآن إسرائيلياً وأمريكياً هو نفي وإلغاء لحقوقهم الوطنية. إن الشعب الفلسطيني المضطهد متعطش إلى نيل حريته من ظلم أمريكا وإسرائيل ومن على شاكلتهم، لذلك فإن لغة الحوار الحضاري هي البديل الأفضل للصدام الحضاري, لان إرادة الشعوب هي المنتصرة مهما طال الزمن وسوف ينتصر الدم النازف من اجل الحرية على كل سيوف الظالمين وفي كل مكان مهما طال الزمن وهذا وعد الله. لا نبالغ لو قلنا إذا أراد أوباما وإدارته أن يحسنون صورتهم في الوطن الفلسطيني ويبتعدون عن لغة الغلبة للقوة وتغيير العالم بالقوة واقهار إرادة الشعب, فعليهم أن يعيدوا حساباتهم في علاقاتهم مع الفلسطينيون وإرجاع الحقوق لهم والابتعاد عن كل مصادر الظلم، لأن لغة الظلم هي لغة الضعفاء وليست لغة الأقوياء، وإن القوة مهما كانت قوتها هي ضعيفة أمام إرادة الشعب الفلسطيني.

إعلامي وناشط سياسي

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل