X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      27/04/2024 |    (توقيت القدس)

رئيس الوزراء التونسي يتعهد بمزيد من الحزم والصرامة إزاء كل التجاوزات

من : قسماوي نت
نشر : 19/03/2013 - 19:08

تعهد رئيس الحكومة التونسي علي العريض بمزيد من الحزم والصرامة إزاء كل أنواع التجاوزات سواء كانت فردية أو جماعية، وأكد العريض أن الكلام عن فشل حكومة الجبالي التي سبقت حكومته "مبالغ فيه جدا جدا.." كما أعتبر أن تونس صارت في مأمن من عودة الاستبداد السياسي. وقال رئيس الوزراء التونسي في لقاء مطول مع صحيفة "الشرق الأوسط" بخصوص الهجوم الذي وقع أيلول (سبتمبر) على السفارة الأميركية، وحادثة اغتيال شكري بلعيد رئيس حزب سياسي معارض (وطد)، هذان الحدثان كانا كالزلزال بالنسبة للمؤسسة الأمنية. وحول أولويات الدولة قال العريض "نريد التقدم بخطى أقوى وأسرع وأشد بخصوص كل ما يتعلق بتحقيق هيبة الدولة وهيبة المواطن واسترجاع الدولة لحرمتها وإعلاء القانون فوق الجميع"، وأضاف: "أنا أعرف أن هذه المهمة صعبة وأعرف الكثيرين الذين تحت عنوان حقوق الإنسان يكبلون عمل الوحدات الأمنية وعمل القضاء وعمل الإعلام لكني مصمم والحكومة التي معي على أن أدفع بأقصى جهدي في هذا الخط". وهنا نص الحوار:

* ما تقييمكم لعمل الحكومة السابقة، حكومة حمادي الجبالي؟- الحكومة السابقة حوصلت أعمالها ولها تقرير تفصيلي ستنشره للعلن على طيلة فترة أعمالها خلال عام وشهرين، ومن أهم إنجازاتها زيادة على تسير أمور البلاد في ظروف صعبة أنها على مستوى التنمية حققت نسبة نمو من 2 تحت الصفر في المائة إلى 3.6 في المائة بالنسبة للعمل سنة 2012 وكانت برمجت 3,5 فحققت سنتيما إضافيا وهذا يحسب لها كذلك كرست التعددية والحرية والديمقراطية وتجاوزت كل المخاوف التي رافقت انطلاقة الحكومة من أنها قد تتراجع في مجال الحريات أو حرية المرأة، وأثبتت مضيها للأمام ونحن مقتنعون بأن بناء الحرية لا يتم إلا بمزيد من الاستثمار في مجال الحرية.

ومن ناحية ثانية وعلى مستوى التشغيل والكرامة للشعب التونسي بعد الخروج من الاستبداد نسبة التشغيل التي حققتها الحكومة السابقة خلال 2012 فاقت 100 ألف موطن شغل، وصحيح أننا كنا نطمح لأكثر من هذا لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار مجمل الملابسات العامة ووضعية الاقتصاد. والآن ومن يؤكد المختصون والبنك المركزي والوزارات المعنية بأن الاقتصاد في طريقه إلى التعافي رغم أنه ما زالت الكثير من التحديات مثل البيروقراطية والجانب الأمني الذي لا يشجع كثيرا على الاستثمار الوطني والخارجي، وغموض الوضع السياسي أي أنه ليس لنا مؤسسات نهائية دستورية واضحة كل هذا يجعل ترددا في الاستثمار لكن مع ذلك الاستثمار الوطني والخارجي حققنا فيه تعبئة مهمة جدا وكل كلام عن فشل الحكومة السابقة هو كلام مبالغ فيه جدا جدا بل الحكومة تقدمت على طريق إرساء دولة مدنية واحترام علاقاتنا الخارجية والانفتاح عليها وتعافي الاقتصاد وبداية متقدمة في معالجة القضايا الاجتماعية زيادة بالطبع على بعض المسائل التي حققنا فيها نسبة كبيرة من التقدم مثل قضايا شهداء الثورة.

* ما الفرق بينكم وبين الحكومة السابقة هل ستواصلون السير على خطاها، أم لكم خطط جديدة لتسريع بعض الأمور التي ترون أنها تحتاج لحلول فورية ولا يمكنها الانتظار؟- هذه الحكومة هي تواصل وتجاوز في نفس الوقت فهي تواصل للمجالات الإيجابية جدا التي مضت فيها الحكومة السابقة ومنها الاستمرار في دفع وتسريع تعافي الاقتصاد، وخصوصا تسهيل الاستثمار العام والخاص، الوطني والخارجي وإيجاد المحفزات له وإزالة العراقيل أمامه سواء كانت إدارية، بيروقراطية عقارية أو حتى أمنية. ومن هذه الناحية فهي تواصل وتسريع ، وهي تواصل وتجاوز أيضا من جهة الوضع الأمني العام فنحن ضبطنا وتحسنا في مستوى قدرة المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية على ضبط الوضع الأمني، ولكن ما زالت نسبة الانفلات الأمني وحتى الاجتماعي تشوش على المشهد العام وتزرع شيئا من الخوف إضافة إلى التضخيم الإعلامي، ففي هذا المستوى هناك تواصل وتسريع لدعم المؤسسة الأمنية بالإمكانيات وبالجوانب القانونية، وكذلك المؤسسة القضائية، وتجاوز من جهة مزيد من الحزم والصرامة إزاء كل أنواع التجاوزات سواء كانت فردية أو جماعية، من أي لون كان بالتالي نريد التقدم بخطى أقوى وأسرع وأشد بخصوص كل ما يتعلق بتحقيق هيبة الدولة وهيبة المواطن واسترجاع الدولة لحرمتها وإعلاء القانون فوق الجميع. أنا أعرف أن هذه المهمة صعبة وأعرف الكثيرين الذين تحت عنوان حقوق الإنسان يكبلون عمل الوحدات الأمنية وعمل القضاء وعمل الإعلام لكني مصمم والحكومة التي معي على أن أدفع بأقصى جهدي في هذا الخط. أمن التونسيين مسألة حيوية أساسية فضلا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

كما سنركز موضوع الأسعار والتي يرى التونسيون أنها اشتعلت، لظروف متعددة ففي هذا المستوى تنتظرنا تحديات وسياسة رقابية قوية.

* كنتم وزيرا للداخلية، ما أهم الصعوبات التي واجهتكم داخل الوزارة خصوصا أن بعض المسؤولين فيها لم يكونوا مرتاحين لتوليكم شخصيا منصب وزير للداخلية، وأيضا بعض العناصر والقيادات في الداخلية كانت تعتبر يد بن علي وغالبا ما اتهمت بالفساد، وخارجيا يعني الوضع الأمني ميدانيا سواء بالنسبة للإجرام أو مراقبة الحدود؟- مشكلة وزارة الداخلية أنها محورية ، وتزداد أهميتها في المرحلة التي يكون فيها الأمن هو المطلب الأساسي بعد الثورة ويكون فيها نوع من الانفلات الأساسي بعد الحرية، وزمن التمتع الحرية فقط يمكن معرفة مدى تمدن الشعب وتمدن المؤسسات، ومدى تأهل الجمعيات والأحزاب والنخب والمنظمات لأن يعيشوا أجواء أخرى لأن الشعب في جانب كبير منه يتأثر بنخبه السياسية ومدى قدرتها على تأطيره، حيث كلما تحلت المنظمات والجمعيات والأحزاب والنخب السياسية والإعلامية بأعلى درجات المسؤولية والنضج والمدنية والعيش المشترك انعكس ذلك على الرأي العام الذي يتبعها، وزارة الداخلية من أكثر التحديات التي اعترضتها مباشرة بعد الثورة وما زال جزء منها يعترضها حتى اليوم هي التالية:

أولا: نقص الإمكانيات باعتبار أن جزءا كبيرا منها ضاع خلال الثورة، وسائل عمل ومقرات أحرقت، أسلحة نهبت (وسائل فردية)، زيادة على أن وسائلها كانت أصلا ضعيفة، يضاف إليها أنها بعد الثورة كانت تعمل ليل نهار، وبالتالي الوسيلة التي كانت ستستعمل لـ10 أشهر تصبح صالحة فقط لشهرين، ومشكلة الوسائل بكل معانيها من الوسائل الفردية إلى الجماعية هي مشكلة عويصة وتقدمنا خطوات جيدة على هذا المستوى، طبعا بالاعتماد على تمويلات من ميزانية الدولة وعلى مساعدات من الدول الشقيقة والصديقة، وما زلنا في هذا الخط ووزارة الداخلية بعد الثورة وخلال العام الماضي حققت مستوى جيدا ومتقدما.

مشكلتها الأخرى هي نقص فهم الناس لدورها ومسؤولياتها لضبط الأمن فمن ناحية يريد البعض أن يعيش حرية بلا حدود ومن ناحية أخرى يريدون تطبيق القانون، ويمكن القول إنه أحيانا شخص يريد تطبيق القانون على الآخرين لكن على نفسه لا ويمكنكم تصور صورة كاريكاتورية لمواطن يريد أن يقصد بسيارته طريقا ليقطعه ويغضب لأنه وجد طريقا مقطوعة تمنعه من الوصول إلى وجهته، وكثير من الأطراف لا تعي بمسؤوليتها ودورها في احترام القانون وأن تساعد الوحدات الأمنية.

إضافة إلى هذا أن وزارة الداخلية وبمقتضى أنه تم توظيفها في النظام السابق لكثير من انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان، فيها الكثير من النقد وبالتالي بعد الثورة كلما أرادت أن تقوم بشيء إلا واتهمت اتهاما مبالغا فيه وخاطئ في كثير من الأحيان بأنها تستسهل انتهاك حقوق الإنسان، حتى صار الأعوان والإطارات مكبلين، لا يستطيعوا أن يفعلوا شيئا وأكثر من هذا حتى عندما يكونون مظلومين وضربوا واعتدي على عائلاتهم وحطمت وسائلهم تجد جزءا من الإعلام أو الرأي العام يصاغ بطريقة أن رجال الأمن هم من ارتكبوا تجاوزات.

والآن نظرة الشعب تغيرت نسبيا لوزارة الداخلية وبدأ يعي بأن هؤلاء الرجال يمارسون واجباتهم وأنه لا بد من مساعدة الوحدات الأمنية بالانضباط، وتركها تعمل لمقاومة الجريمة بدل شغلها عن ذلك بالإضرابات وصورة وزارة الداخلية تحسنت وتحتل المرتبة الثانية بعد وزارة الدفاع وهذا ما ثبت بعد سبر للآراء وتأتي حتى قبل المؤسسات السياسية بعد أن كانت في آخر الترتيب بعيد الثورة. مادية، تشريعية، السيرة لدى الرأي العام ودرجة تأهل ونضج الشيء. ونتوقع أن السيد لطفي بن جدي عازم على تطوير الإصلاح ولي ثقة كبيرة به.

* أولويات الحكومة الجديدة، كيف ترتبونها؟- إذا أخذتم النخبة السياسية بصفة عامة تجدون أن الترتيب عندهم يبدأ بالوضوح السياسي ومجمل المواعيد والقوانين السياسية التي تخول لنا الانتهاء من هذه المرحلة الانتقالية وإفراز دستور، وإفراز مؤسسات، لمدة 5 سنوات وهذا لا يعني أن النخب السياسية لا تعتني بالجانب الأمني والاجتماعي والفساد ومكافحته، وإنما من حيث الأهمية تشعر بأنه إذا لم نسرع بالوضوح في المستوى السياسي فإن بقية المجالات لن نستطيع أن نحقق فيها شيئا، والشعب بصفة عامة، والمواطن يهمه بصفة أساسية أمنه و"سلته". وإذا ضغط عليه الوضع الأمني تصبح مهمة الأمن هي الأولى وإذا كان مستتبا فإن غلاء الأسعار ونقص التشغيل والمشكلات المتعلقة بصحته وطعامه يراها في المرتبة الأولى. هذه الأشياء الثلاثة الوضوح السياسي، استتباب الأمن وبسطه والجانب الاقتصادي الاجتماعي هي ثلاثة جوانب تسير بالتوازي، وهي بنفس الأهمية لأنها تؤثر وتتأثر ببعضها.

المهمة الأساسية هي الأمن وإقامة القانون على الجميع، وتحقيق قدر كبير من حرمة الدولة واحترام مؤسساتها وقوانينها وإعلاء شأنها، في إطار الحريات العامة وحقوق الإنسان بأفضل معاييرها فلسنا نعيد النظر في هذه المجالات، هذه مكاسب تحققت ونريد أن نبني عليها.

المستوى الثاني هو الوضوح السياسي لتتمكن المنظمات والأحزاب السياسية من فهم وجهة البلاد السياسية، لما لهذا الأمر من تأثير على الاستثمار وعلاقاتنا الخارجية والتجارية، على صورة بلدنا في نفسه وتجاه الآخرين، فعندما يكون بلد يتمتع في مرحلة انتقالية بالوضوح السياسي ويستطيع حل مشكلاته في دولة ديمقراطية، والمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) بصدد البت في أهم المواعيد وبصدد إيجاد أهم الهيئات الضرورية للوصول إلى هذه الانتخابات وإن شاء الله نسلم الحكومة الجديدة القادمة مهامها قبل نهاية هذا العام، أو مع بداية العام الجديد.

المسألة التي تحتل نفس الدرجة من حيث الأهمية والإلحاح هي الجانب الاقتصادي - الاجتماعي، وأقصد بالاقتصادي العمل على تسريع الاستثمار وفك الأغلال الموجودة أمام رجل الأعمال، والاستثمار الوطني والخارجي لأنه بلا استثمار لا حديث عن التشغيل ولا حديث عن التنمية ولا حديث على التصدير ونحن بلد يريد تحقيق اكتفاءه الذاتي لكن اقتصاده مرتبط بالتصدير والمعاملات الخارجية. ولذلك مسألة الاستثمار بالنسبة إلينا لديها تجربة جيدة، وعلمتني "مؤسسة الأعراف" أنه فور استتباب الأمن والاستقرار فإن رجال الأعمال على أتم الاستعداد للاستثمار في كامل الجهات ولا سيما الجهات الضعيفة، وآمل من إخواننا في المغرب والمشرق العربي ودول الخليج وكل رجال الأعمال وفي أوروبا أن يزورو تونس ويستفيدوا من فرص الاستثمار الكبيرة الموجودة.

والأولوية الثالثة هي في أننا دخلنا وعزمنا على أن نعالج أوضاع الماضي وفق العدالة الانتقالية تعرفون أن هناك ملفات كبيرة من الماضي تخص أناسا أجرموا في حق البلاد، وآخرون أخذوا أموالا دون حق، نريد أن نعالج هذا الموضوع من خلال مجموعة من الآليات والقوانين المتعلقة بالمرحلة الانتقالية وهي فلسفة تقوم على القرب من العدل والإنصاف وإقامته والاتجاه نحو المستقبل باتجاه مصالحة ووئام بين كل أطراف الشعب التونسي تقوي وحدته الوطنية وتجعله متصالحا مع تاريخه ومتجه إلى الأمام ودون مآس.

* مر على تونس في الفترة التي كنتم فيها وزيرا للداخلية درسان قاسيان، الأول هو الهجوم على السفارة الأميركية، والثاني هو اغتيال شكري بلعيد (رئيس حزب سياسي معارض(وطد) ما الذي تعلمتموه من هذين الدرسين؟- هذان الحدثان كانا كالزلزال بالنسبة للمؤسسة الأمنية، من حيث تأثيرهم الاجتماعي وتأثيرهم على صورة تونس في الخارج ومن أكثر الأشياء التي تبعث الشك في الثقة بالنفس وفي الثقة في المسار وتبعث شيئا من الخوف.

علمتني هذه الأحداث أن الإصرار هو الذي نستطيع به أن نعالج مثل هذه الأحداث وأنه لا مأمن على أي مسار مهما كان الوئام والانسجام من أن تأتيه مطبات من داخله أو من خارجه، والأهم هو أن القدرة على امتصاص الأحداث وما يمر بالفرد وجربتها.. والمجموعة الوطنية، القدرة على امتصاص تلك الأحداث وعلى النهوض من جديد إذا مر الإنسان بكبوة أو تخفيف أكثر ما يمكن من آثارها والاندفاع إلى الأمام هو الطريق السليم للتخفيف من عوامل الخوف والشك، وإعادة بناء الثقة.

مست من معنوياتنا خاصة من ناحية وزارة الداخلية، وأتمنى أن يكون الشعب التونسي قد تعلم من مثل هذه الأحداث أن لا يشك في نفسه وبجدارته بدولة حرة ديمقراطية والمجتمع الآمن الذي ضحى من أجله.

* الاستعانة بالجيش في أمور أمنية، ألا ينقص من هيبة الجهاز الأمني؟- المؤسسة العسكرية منذ الثورة وهي تؤدي دورا كبيرا في استقرار الأمن، وتعلمون أنها مبجلة عند الشعب التونسي هي في الواقع والذهن صمام أمان لاستقرار البلاد، هي المستند الأخير لضمان ثقة البلاد بنفسها وأن لا يحدث انعراج، ولأن المؤسسة الأمنية وحدها غير قادرة على استتباب الأمن وأنها في هذه المرحلة بصدد استعادة دورها بالكامل، ونظرا للمخاطر الخارجية في ضوء الزلزال الذي وقع في المنطقة التي حولنا ووجود قدر كبير من الصعوبات على حدودنا مع الشقيقة ليبيا، والحرب في مالي ووجود مخاوف من الإرهاب كان الاضطرار لتبقى المؤسسة العسكرية منتشرة وتساعد في استتباب الأمن وتقدم المساعدة للمؤسسة لأمنية مما يعطيها قوة واطمئنانا، وللشعب حتى عندما يحدث مشكلات بين الشعب والمؤسسة الأمنية فإن المؤسسة العسكرية تكون هي البديل الذي نظرا للاحترام الكبير الذي تتمتع به هذه المؤسسة.

لكن الطبيعي أن نعود لأن تعود المؤسسة العسكرية لدورها من تدريب وحراسة الحدود ودورها الآن أقل مما كان عليه خلال أشهر والاتجاه إلى أن نرفع حالة الطوارئ قريبا إن شاء الله.

* في عدة مناسبات صرحت الجهات السياسية بحيادية الجيش التونسي، لكن بماذا تفسرون ظهور الجنرال رشيد عمار (قائد القوات المسلحة) في الصورة السياسية؟- الجيش التونسي ليس محايدا تجاه الثورة بل هو من حماها والآن يحميها يحمي الجمهورية والثورة، لكن في كل ما يتعلق بالحياة السياسية الداخلية لا يتدخل، الأحزاب والمؤسسات الدستورية تقرر بكامل الحرية وعبر التحاور، وتتغير حكومة أو تستقيل، أو يتخذ المجلس التأسيسي (البرلمان) خيارا معينا، المؤسسة العسكرية والأمنية في حياد كامل، واعتبره فعلا محايدا ويقوم بدوره الطبيعي في دولة ديمقراطية والفريق أول رشيد عمار شخصية وطنية منذ البداية فلا غرابة أن يكون له هذه الحظوة وهذا التبجيل فهو مشهود له بهذا في تونس وفي الخارج، لأنه في كثير من المراحل والفترات كان له دور كبير في تجنب مجازر وعنف وسلاح وما زال مشكورا يقوم بهذا الدور وهو رمز من رموز الأمان بالنسبة للشعب التونسي في هذه المرحلة.

* ما رسالتكم للمعارضة أو بعض أطرافها التي لم تنقطع عن إشهار رفضها لحكومة تقودها النهضة رغم أنها أتت عبر صناديق الاقتراع، هل الشعب التونسي لم يفهم الديمقراطية ، ويطرح أيضا مسألة رد فعلكم تجاه تصرفات بعض الأحزاب ورفض التحاور معها مثل "نداء تونس"، هل ستعود تونس لحكم ديكتاتوري متفرد مجددا؟- أنا أعتبر أن تونس صارت في مأمن من عودة الاستبداد السياسي، ولا يمكن لأي من كان أن يعيد الديكتاتورية لتونس، لكن السؤال الآن هو هل تونس في مأمن من ديكتاتورية من داخل الشعب وليس من السياسيين؟ إنما من طبقة أو فئة أو مذهب سياسي ما زلنا نحتاج للعمل في هذا الاتجاه، تعرفون أن الحرية ليست فقط سياسية بل يجب أن يكون المواطن متشبعا بكيفية احترام حرية الآخر في إطار أخلاقي وفي إطار الهوية العربية الإسلامية، العيش المشترك، القوانين المحترمة للحريات، وإذا لم يتشبع الإنسان بهذه الحرية داخل المجتمع ويمكن أن تنتهك الحقوق ويمكن أن تعيش المرأة وضعا استبداديا داخل المجتمع. وفي كثير من البلدان كانت السلطة السياسية هي الرائدة في تفعيل دور المرأة والارتقاء بوضعها. وقيسي عليه مجالات الفن والثقافة والدين ما زال أمامنا عما في المجال المجتمعي والسياسي.

أنا أعول على الرشد التدريجي داخل الأحزاب ، وأحيانا تجدون تصرفات فيها شطط أو تحميل البلاد أو الحكومة أكثر مما تحتمل وليس أمامنا إلا الصبر لأن همنا هو أن تتأسس أحزاب قوية ومؤسسات قوية ومواطن قوي وناضج، ولا يمكن أن تبقى البلاد مجرد أحزاب صغيرة، بالنسبة لي يجب أن تكون مثل الجبال الرواسي كأنها تشد الأرض هي مثل الأحزاب الكبيرة والمنظمات الكبيرة أما إذا بقيت تونس في أحزاب ضعيفة جدا فهذا لن يمكن من ترسيخ الديمقراطية التي تحتاج إلى أحزاب مسؤولة في داخلها وبدائلها وفي تعاملها مع الآخر. لكن الأحزاب ما زالت ضعيفة تعيش ثورات في داخلها.

* تردد في عدة مناسبات أن بعض الأحزاب والحركات المعارضة تتلقى دعما من الخارج، خاصة من بلدان لا ترغب بوجود حركة إسلامية في الحكم وخوفا من ترسيخ أيديولوجيتها داخل المجتمع؟- الحقيقة ليس لدي حجج ملموسة بتدخل أطراف خارجية أعرف فقط أن الكثير من الأحزاب لها علاقات جيدة مع أحزاب أجنبية وهذه العلاقات معقولة ومشروعة لكن إلى أي مدى هناك تدخل أو تحريض أو مساعدة هذا ليس لدي عليه دليل. ونحن دولة حرة ومفتوحة والأحزاب لديها علاقات مع أحزاب شبيهة لها وروابط عالمية علينا أن نكون يقظين في قرارنا الوطني بأي شكل وتحت أي غطاء.

* يتحدث المتابعون للوضع الإعلامي في تونس عن "تحريض" و"حشد" الإعلام الداخلي ضد الحكومة وتتهمه بعض الأطراف الحكومية بأنه مسيس ولا هم له سوى نقدها والعمل على إخفاء "إنجازاتها"، وفي المقابل يتهم آخرون الحكومة بالتقصير في الاهتمام بتطوير وإصلاح وسائل الإعلام في تونس فما رأيكم في هذه الآراء؟- في تونس النظام السابق كان يعتمد على الإعلام في السابق تأسس هذا القطاع في فلسفته وأفراده والضغط عليه واستغلال الصحافيين على نحو أن المناضلين فيه لم يجدوا حظهم ولا تجدهم في المواقع المتقدمة والكثير منهم اضطر للهجرة والكثير منهم بقي في تونس مطارد وملاحق، ويصعب أن تجد إنسانا مسؤولا بلغ مستوى كبيرا في الإعلام والمسؤوليات وهو معارض للنظام الذي لم يسمح بذلك وبالتالي بعد الثورة عندما نرث قطاعا إعلاميا ، نجد جزءا كبيرا من الإعلاميين هم من كانوا يعملون من النظام السابق، وتحول هذا القطاع لمن يكون مساند لمن تفرزهم الثورة لم يكن سهلا وما زال صعبا ويحتاج لأن تقع مصالحة بين الصحافيين المناضلين والموجودين في القطاع، وإلى نوع من النقد الذاتي لمن كانوا يقدحون في أعراض الناس وفي الكذب وأن يعترفوا بأخطائهم أو يبتعدوا مثلما الأمر في كثير من المؤسسات.

إصلاح قطاع الإعلام يجب أن يتم من طرف أهل المهنة من داخلها لكن ما زالت أمامه عقبات كبيرة وأنا قريب من نقابة الإعلاميين وأعرف المعاناة التي يعيشونها. والجزء الثاني والخاص بالحكومة لم نستطع الدخول إليه فكلما اقتربنا منه نتهم بأننا نريد التدخل في الإعلام وأن نمس من حريته وأن نجعله إعلام حكومة، لكن نحن نقول نحن نريد إعلام وطنيا نزيها ينقد ويقوم ويفعل ما يريد ويقول الحقيقة دون إخلال بالتوازن. إحدى أكبر نقاط ضعف نقاط الحكومة السابقة ولا أعلم إن كانت إحدى نقاط ضعفنا أم لا؟ هي كيفية التعامل مع الإعلام وضبط علاقة احترام وتعاون مع أهل المهنة، ومساعدته على أن يكون إعلاما وطنيا حرا متعددا.ككثير من البلدان الديمقراطية التي فيها هيئات للإعلام دون أن تضطر الحكومة للتدخل. أنا مصمم على أقصى ما أستطيع لتدارك هذا الخلل.

* في الدول الديمقراطية الإعلام قيمته تعادل قيمة الأمن، وأنتم ما زلتم على أعتاب الديمقراطية ولم تدخلوا بعد في ممارستها الفعلية، هل ستواجهن القطاع الإعلامي بنفس الحزم والصرامة التي أظهرتم التزامكم بها في القطاع الأمني؟- أنا أتعهد في الإعلام بشيئين أولا بأن لا تمس الحرية ، وأحد رؤساء الولايات المتحدة الأميركية السابقين قال لو كان لي أن اختار إعلاما دون دولة أو دولة دون إعلام لن أتردد في اختيار إعلام دون دولة، أنا لا أتبنى هذه المقولة بالكامل لكن أعتبر أن حرية الإعلام مسألة حيوية مثل الديمقراطية، رغم ما فيها من مساوئ تعتبر أقل الأنظمة سوءا أو أفضل ما ابتكر الإنسان.

وكيفية تأهيله هو تعهدي الثاني من خلال مختصين والعارفين به وحتى الرهانات التي بداخله سأحاول أن نتطور به، والوسائل ستكون بالحوار لكن حيث يستوجب اتخاذ قرارات لن أتردد.

* الانتخابات القادمة تعتبر تحديا كبيرا، فهناك من يقول إن الانتخابات التي شهدتها تونس في أجواء من السلم والفرح في 23 تشرين الأول (أكتوبر) لن تتكرر، هل هذه التأويلات صحيحة وهل هناك استعدادات أمنية خاصة للانتخابات القادمة؟- أنا أتوقع أن تكون الانتخابات هادئة دون مشكلات، ونحن سنهيئ الوضع على المستوى الأمني من الآن وحتى تاريخ الانتخابات، وعلى المستوى السياسي مجموعة من الحوارات التي انطلقت وستطلق مع كل مكونات تونس السياسية والمدنية من أجل مناقشة أغلب هذه القضايا وإيجاد توافقات حتى يشعر كل طرف أنه شريك، وبالتالي هذا لتخفيف التوتر السياسي وإيجاد التوافقات وعندما يكون الأمن قائم بواجبه والمؤسسات شفافة من طرف كل الأطراف والإعلام والشعب شاهد أنا أعول على مسؤولية الجميع، وحتى وإن خامرت البعض فكرة في هذا الصدد فإنه سيجد نفسه في عزلة. تهيئة المناخ سيساعد ويضغط وسننتبه للجوانب الخارجية وانتخاباتنا ستخضع لمراقبة ومتابعة من ضيوف ومراقبين دوليين وإعلام أجنبي وسيصعب على أي طرف أن يدان أمام الرأي العام.

* رئيس الحكومة السابق شكل "لجنة الحكماء" التي تعتبر زبدة النخبة التونسية والتي تتكون من 15 شخصا للمساعدة حينها واستشارتهم في تشكيل حكومة التكنوقراط، هل تفكرون في تفعيل هذه اللجنة والاستعانة بها في مسائل استشارية؟- هناك شيئان الأول ينسجم مع السؤال، والذي لم نوفق فيه مع الحكومة السابقة وهو الحوار الدوري والمستمر مع الأحزاب والمنظمات الوطنية والحكماء، وهناك طاقات كثيرة في تونس وأحزاب وجمعيات لكن في غمرة الأحداث الكثيفة للحكومة السابقة لم يتمكن رئيس الحكومة أن يجري لقاءات معهم. والآن في برنامجنا قلنا إن القصبة يجب أن يكون لها حوار لتشريكها في الشأن العام. وهذا ما سيحقق الاستفادة من خبرات الجميع، والمستوى الثاني هو إيجاد مؤسسة هي مجلس الحكماء والذي وعد به منذ انطلاق عمله هي فكرة جيدة والمطلوب الآن التشاور حول تركيبتها، حتى يبقى استشاريا وبالتالي يمكن الاستفادة منه.

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل