X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      27/04/2024 |    (توقيت القدس)

الدّروس العشرة من وحي المجزرة!!! الدكتور ابراهيم ابوجابر

من : قسماوي نت - الدكتور ابراهيم ابوجابر
نشر : 27/10/2013 - 10:30

الدّروس العشرة

من وحي المجزرة!!!

الدكتور ابراهيم ابوجابر

جريمة هي بكل ألمقاييس ما اقدمت عليه قوات الكيان الاسرائيلي عام 1956 بحق اهالي كفر قاسم .تلك القرية الوادعة المسالمة الواقعة على تل او ربوة تطل على السهل الساحلي الجميل بمزارعه وبياراته ومنظره الخلاب.

هذه المجزرة البشعة حصدت ,كما هو معروف 49 شخصا من سكان كفرقاسم رجالا ونساء واطفالا وشيوخا,غيّب القائمون عليها 49 مشروع حياة وقصصا وحكايات, وخططا فردية لكل واحد ممن سقطوا شهداء .

دروس كثيرة تستخلص من هذه المجزرة, التي لا تزال تعيش احداثها في ذاكرة كل انسان من سكان كفرقاسم ,لبشاعتها وعظم وقعها على قلب كل قسماوي, بل مسلم وعربي داخل الوطن وخارجه.

الصمود والتجذّ ر

كان مخطط المجرمين القتلة كما كشف النقاب عنه في "خطة حفرفرت العسكرية", اقتلاع اهالي كفر قاسم من بلدهم والاستيلاء على ما يملكون من عشرات الاف الدونمات من الاراضي الزراعية, المتاخمة للمستوطنات اليهودية ,مثل: راس العين ,وبيتح-تكفا , وغبعات شلوشه وغيرها؛غير ان مخططهم هذا قد افشله سكان القرية حينها عندما اصروا على البقاء ولم يهاجروا عبر الحدود للضفة الغربية؛ وقد كانت نيّة الجيش الابقاء على الجهة الشرقية للقرية مفتوحة, أي بدون رقابة عسكرية, اكبر دليل على سوداوية مشروعهم.

لقد اصرّ الناس على البقاء اخذا بوصية عبد الكريم قاسم سابقا, وكبار السن وعقلاء القرية لاحقا, وها هي القرية كبرت ,ثم كبرت ,ثم كبرت ,حتى غدت مدينة عامرة باهلها وناسها ,تزخر بالمثقفين ورجال الاعمال والمصالح التجارية ,كشوكة في حلق كل مجرم جزّار عدو للانسانية!!

ذاكرة تابى النسيان

المجزرة واحداثها الدامية عام 1956, بقيت حاضرة في وجدان كل انسان قسماوي بل عربي؛ لم تمح ولم تنس حتى بعد مرور 57 عاما عليها.فكل عام في 29/10 يحيي سكان البلدة هذه الذكرى بالمسيرة الشعبية السنوية ,وبالقاء الكلمات والخطابات الهادفة ,اضافة الى رفع الاعلام السوداء في شوارع البلدة الرئيسة وعلى المؤسسات الرسمية فيها,ناهيك عن عقد ندوات وامسيات علمية وشعبية تخليدا لهذه الذكرى وتكريما لارواح الشهداء الطاهرة.

اذن,كانت ذكرى المجزرة حيّة , وستبقى في وجدان وذاكرة سكان كفر قاسم يتوارثونها جيلا بعد جيل,يستذكرون من خلالها انّات الشهداء والام الجرحى ,وولولت الارامل واليتامى على فقدانهم لفلذات اكبادهم من اباء وامهات واخوان واخوات وابناء, ممن سقطوا بايد اثمة ظالمة بدون رحمة !!

تخليد الذكرى

يقال"شعب بلا تاريخ لا مستقبل له", وبالتالي فالمجزرة -الجريمة هذه في حق الامنين من سكان البلدة ممن كانوا يمسحون العرق عن جباههم لكسب لقمة العيش لهم ولابنائهم,وثقت من خلال الكتب التي صدرت واصفة المجزرة وكيفية ارتكابها وتسلسل احداثها وتدوين شهادات الناجين منها بايدي كتاب مثل:(كتاب الجرح القسماوي, وفصل كامل في كتاب كفر قاسم الماضي والحاضر, وفصل كامل ايضا من موسوعة جرح النكبة للكاتب الدكتور ابراهيم ابوجابر),وكتاب اخر للشيخ ابراهيم صرصور بعنوان(أسرار وخفايا مجزرة كفر قاسم), واخرين امثال الاستاذ مجد صرصور من خلال مجلة الشروق الغراء التي رافقت ذكرى المجزرة سنة بسنة وعاما بعد عام بتقاريرها وتوثيقها لشهادات الناجين, والمرحوم علا عيسى(كفر قاسم الأحداث والأسطورة، ديوان الشهيد),ناهيك عما قام به المجلس المحلي مشكورا من بناء للنصب التذكارية  وطباعة لنشرات تعريفية وملصقات وفعاليات شعبية بهدف التعريف بالمجزرة وتخليدا لذكراها العطرة؛غير ناسين مواقع الانترنت المحلية وتغطيتها للفعاليات ونشرها للكتب والنشرات الخاصة بالمجزرة.

عالميّة الذكرى

شاء القدر ان تحصل الجريمة هذه , وحسبما يقول المثل"رب ضارة نافعة",فعرف الناس في كل المعمورة هذه القرية واسمها من خلال الدم الذي اهريق عام 1956. فهناك العديد من الكتّاب والمجلات العلمية من كتب عن المجزرة وعرّف الاجانب بتفصيلاتها في سياق الصراع الفلسطيني الاسرائيلي, وممارسات الكيان الاسرائيلي الاجرامية في حق الشعب الفلسطيني؛لا بل ان مئات ان لم يكن الاف المواقع الالكترونية(الانترنت) وثقت هذه المجزرة ونشرت عنها في صفحاتها الالكترونية لتعريف القراء بتفاصيلها.

واني هنا لاذكر موقفا لن انساه حدث معي عندما كنّا في زيارة خاصة للامارات العربية المتحدة ,وخلال جلسة مع حشد من اهالي الامارات في الشارقة,فقد فوجئت باحد الحضور بعدما عرف اني من سكان كفر قاسم يقول:البلد التي حصلت فيها المجزرة؟قلت له نعم.قال هذه المجزرة يا اخوان ارتكبها الصهاينه في عام 1956 ,استشهد فيها 49 شخصا, والاهم انه بدأ يسرد اسماء بعض الشهداء!!

نعم اذن دم الشهداء الذي اهريق عام ,1956 نقل اسم البلدة الى اقاصي العالم , وعرّف الملايين من البشر بها دونما عناء, وانما ببركة هذه الدماء الزكيّة التي سفكت بيد الغدر والاجرام.

عمر الدم ما صار ميّه(ماء)

الدماء عادة خط احمر كلونها الاحمر ,لا تقدّر بثمن وان حصل صلح بين الناس, ولا تنسى مهما مرّت عليها السنون والايام ,لانها دماء, والدم لا يمكن ان يصبح يوما ما ماء ابدا, ولهذا فهو غال فلا ثمن له .

ودماء شهداء كفر قاسم صحيح انه مر عليها 57 عاما ,وهذه فترة ليست بسيطة لكنها لا تزال كانها اهريقت الان ,نعم الان وليس قبل عشرات السنين. فاهل البلد لا يزالون بحقهم مطالبين

لم ولن يتنازلوا عن دمائهم مهما اعتذر, او تاسف ,او شارك ,او تباكى بعض ازلام السلطة او اذنابها من العربان ممن يمالئون النظام ويخدمونه.لا بل رفضت ,ولا تزال السلطة ترفض الاعتراف بالجريمة على انها مجزرة,وهذا ما يزيد الطين بلّة!!

اعترفوا ,ام لم يعترفوا فالجريمة قد حصلت, والدماء سالت ,والشهداء ارتقوا الى بارئهم لعنة على من قتلهم وولغ في دمائهم, وبالتالي فالدم خط احمر ولا ثمن له ,ولو دفعوا كنوز الارض ديّة لاهله وابنائه واقاربه واهل بلده, لان الدم عمره ما صار ميّه(ماء).

وحوش المجزرة

دخل مرتكبوا المجزرة البشعة في بلدة كفرقاسم غام 1956 قاموس غينس للاجرام والوحشية الادمية, بعدما اقدموا على فعلتهم,كغيرهم من وحوش الارض ومجرميها والقائمة طويلة يصعب تدوينها ,من اسرائيليين لاحقين وعرب مستبدين واوروبيين  وامريكان وروس وغيرهم كثير.

فمن خلال دراسة اسباب المجزرة ,لا يستحق هؤلاء الشهداء هذا العمل الجبان, فالشهداء كانوا يحرثون ويزرعون ويقطفون الخضار والزيتون, لا جرم لهم الا انهم لم يسمعوا بما اسموه حظر التجوال استعدادا لعدوان عام 1956؛ ثم الم يكن باستطاعة هؤلاء المجرمين اعتقال هؤلاء مثلا او تغريمهم بدلا من جريمتهم.

ان عملهم الجبان هذا, عمل وحوش ادميّة جرّدت من انسانيّتها تماما, فاخذت تقتل وتسفك الدماء بدون احساس ولا شعور بشري,فهؤلاء طبعا فعلوها بامر من سادتهم في تل ابيب حينها ,عندما قال احدهم:لا اريد معتقلين..الله يرحمه",أي اقتلوا ثم اقتلوا ثم اقتلوا !!

عنصريّة القوم متجذّرة

هي العنصرية العمياء وحب مص وسفك الدم العربي التي تربوا عليها في المدارس والمعاهد الدينية,من خلال كتب جابوتنسكي , وافكار نورداو وليون بنسكر وحاييم وايزمن وهرتزل وموسى هس والكلعي  وغيرهم كثير ,ممن وصفوا العرب بالبهائم خلقوا لخدمتهم , وانهم في نظرهم لا يستحقون الحياة, وما هم الا عرب جاءوا من الصحراء غازين لارض اسرائيل كما يقولون, وانهم يعشقون القتل والدم ويتلذذون به وبالذات قتل ما يطلقون عليهم احفاد العماليق(العمالقة العرب).

هذه ثقافتهم التي تربوا عليها,ثقافة عنصرية تحرّض على القتل واستعباد الشعوب غير اليهودية,فكيف اذن بالفلسطينيين الذي يزاحمونهم على فلسطين التي يدعون انها ارض الميعاد عندهم وميراث الاباء والاجداد!!

الغرامة قرش..

لا قيمة للدم العربي

الكيان يدّعي انه دولة قانون,نعم ,لكن اين هي العدالة في قضية محاكمة مرتكبي المجزرة يا ترى؟غرامة قرش لزعيم العصابة فقط ,اين العدالة فيها؟لقد رأوا ان مجرّد تقديمهم للمحاكمة هي العدالة بعينها,وتغريم كبير القتلة بقرش هو العدل ايضا.هذه الغرامة بالطبع تدل على مدى تدني الدم العرب وقلة قيمته في اعين القوم الذين لا يحسبون لعربي حسابا على هذه الارض.

انهم يعلمون تماما ان المحاكمة اصلا المفروض ان لاتتم للجنود والضباط, لانهم نفّذوا اوامر فقط, وانما المحاكمة الفعليّة المفروض ان تكون لقادتهم ومن اصدروا لهم الاوامر بالقتل  في تل ابيب؛هؤلاء هم من يفترض تقديمهم للعدالة اصلا, ولكن ما دام الامر يطال عليّة القوم فهؤلاء ايضا ينفّذون سياسة عليا للدولة ,خطط لها في غرف مغلقة بعيدا عن وسائل الاعلام وصغار الموظفين؛اذن نخرج بنتيجة هي:دولة اسرائيل هي المسئول الاول والاخير عن المجزرة؟

وحدة الدم والمصير

موقف المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني منذ اكتشاف المجزرة الى اليوم مشهود له,فكل عام تصل الوفود من الشمال والوسط والجنوب متضامنة مع اهالي بلدة كفرقاسم , احياء لهذه الذكرى الاليمة , رجالا ونساء واطفالا ,على المستوى الشعبي ورؤساء مجالس وبلديات  واحزاب على المستوى الرسمي, وفعاليات مختلفة ,كل هؤلاء ياتون حاملين تلك الذكرى في جنباتهم لاعنين الظلم والجلاد, ومستنكرين سفك الدم وحرمان الاحياء من الحياة!!

ان ذكرى المجزرة لتشهد على وحدة الداخل الفلسطيني بكل اطيافه, مهما اختلفوا سياسيا وفكريا في هذا اليوم, متناسين كل شيء معزّين ومواسين ومعبّرين عن استنكارهم للمجزرة وألمهم لما حصل , وهذا يتمثّل في رفع الاعلام السوداء وصور الشهداء واكاليل الزهور ,والقاء الكلمات وقراء الفاتحة على ارواح الشهداء, وكأن لسان حالهم يقول:كلّنا واحد,كلنا في المصيبة سواء".

الدم فاتورة الحريّة

ورمز الانتماء والهويّة

هي الفاتورة فعلا دفعها اهالي بلدة كفرقاسم عن الجميع ,ثمنا للحرية ورفض العبودية والاستبداد, لا بل رمزا للانتماء للشعب الفلسطيني وقضيّته , ثمنا للهويّة الوطنيّة .فاتورة دفعت بالدم هذه المرّة  كي لا  تنسى ولا تمحى من ذاكرة هذا الشعب ووجدانه.                               

فالشهداء سطّروا ملحمة وطنيّة في وقت عربد فيه المحتل الغاصب, وداس بالنعال كرامة شعب بل امّة بالنعال, وهدّد بالمزيد, بعدما شرب من دماء اطفال الطنطورة ودير ياسين, والدوايمة وحيفا ويافا وبئرالسبع ,وعيلبون وبلد الشيخ واللد وسلمه وغيرها كثير.

ابنائك يا كفرقاسم لم تذهب دماؤهم هدرا ,وانما جسرا للعبور الى سماء الحرية -ان شاء الله -ورمزا للانتماء لهذا الشعب الابي المنتصر- بعون الله- ولهويّته الوطنيّة !!

 وأخيرا يقول تعالى:"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"صدق الله العظيم

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل
1
ابوجابر - 27/10/2013