X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      06/05/2024 |    (توقيت القدس)

جبهة الإنقاذ.. وعام على تخريب مصر

من : قسماوي نت
نشر : 03/12/2013 - 19:13
بقلم  : ولاء نبيه وفجر عاطف...........
 حاولت جبهة الإنقاذ على مدار عام منذ تأسيسها فى 22 نوفمبر 2012 من أحزاب يسارية ليبرالية تفتقر القواعد الجماهيرية، أن تستعيض عن إفلاسها وفشلها فى إيجاد قاعدة شعبية لها فى الشارع, تمكنها من المنافسة السياسية الحقيقية, بممارسات فوضوية وتحالفات شيطانية وعمالة مخابراتية بهدف إفشال أول تجربة ديمقراطية  تمر بها مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ لأن هذه الجبهة التى كانت تتشدق بالديمقراطية تعرف أنها لن تحصد أى نجاح أو مكاسب حقيقية فى ظل الاستحقاقات الديمقراطية الحقيقية.
 
ولم تترك جبهة "الخراب" على مدار عام أى أداة من أدوات إجهاض الثورة وهدم الدولة إلا واستخدمتها؛ بداية من تبنيها وتمويلها لجماعات إرهابية مسلحة تحت مسمى "البلاك بلوك" ومرورًا بعلاقتها المشبوهة مع المخابرات, وانتهاءً بتحالفها الشيطانى مع العسكر والفلول فى الانقلاب العسكرى الدموى.
 
"ونحاول من خلال تلك السطور أن ترصد هذه العلاقات المشبوهة والتحالفات الشيطانية لجبهة الخراب
 
جبهة الإنقاذ ..علاقات مشبوهة وتحالفات شيطانية
 سعت جبهة الإنقاذ منذ يومها الأول لإشاعة الفوضى والعنف والدمار فى محاولة لتأزيم الأوضاع، وإسقاط هيبة الدولة من خلال صناعة مشاهد دموية ومأساوية مصطنعة دون مبررات منطقية بهدف تهيج الرأى العام, وكانت أهم أدواتها فى ذلك جماعات "البلاك البلوك", والتى استخدمتها فى ترويع المواطنين وحرق مقرات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وإتلاف المنشآت العامة والخاصة.
 
ودلائل تبنى ودعم جبهة الإنقاذ لهذه الجماعات الإرهابية المسلحة عديدة؛ أهمها أن دور هذه الجماعات انتهى بعد انقلاب 30 يونيو وقد سبق لجبهة الإنقاذ أن صرحت قبل الانقلاب أن جماعات البلاك بلوك لن تشارك فى مظاهرات 30 يونيو, فضلًا عن كونها الجهة الوحيدة التى لم تعلن تبرؤها من الممارسات الإرهابية لهذه الجماعات المسلحة كغيرها من القوى السياسية التى أعلنت تبرؤها من ممارسات هذه الجماعات الإرهابية.
 
وخرجت تصريحات من بعض أعضاء جبهة الخراب تدافع عن هذه الجماعات المسلحة والملثمة وتقدم لممارساتها الغطاء السياسى، معتبرة أنهم ثوار مطالبة بعدم الاكتفاء بالنظر فيما يفعلون وإنما يجب البحث فى الأسباب التى دفعتهم لذلك.
 
كما كشفت التحريات الأمنية عن تورط الجبهة فى تمويل هذه الجماعات المسلحة؛ حيث أكد مساعد وزير الداخلية لشئون الأمن الوطنى أن هناك معلومات عن تورط شخصيات تنتمى لجبهة الإنقاذ فى تمويل مجموعات "بلاك بلوك"، مؤكدًا أن الداخلية تتبع الخيوط التى لديها للوصول إلى الحقائق كاملة فى هذا الشأن.
 
علاقة الجبهة بالمخابرات
 
من ناحية أخرى، ارتبطت جبهة الإنقاذ منذ إنشائها بجهاز المخابرات العامة؛ وهو ما كشفته مؤخرًا عضوة منشقة عن حملة "تمرد" وتدعى غادة محمد؛ حيث كشفت عن العلاقة بين الجبهة وحركة تمرد بالمخابرات العامة مؤكدة أن ضياء رشوان -نقيب الصحيفين- وحمدين صباحى المرشح الرئاسى الخاسر كانا هما أبرز المنسقين بين المخابرات والجبهة.
 
كما كشفت عضوة تمرد المنشقة عن مصادر تمويل الحركة والذى كان يتم من الكويت من خلال مجموعة شركات الخرافى الكويتية، مؤكدة أن الخرافى هو رجل أعمال كويتى وهو الذى بعث بالمحامين الكويتين للدفاع عن المخلوع مبارك.
 
وواصلت الناشطة فى اعترافاتها الكشف عن اللقاءات التى كانت تتم بشرم الشيخ مع رجال حسين سالم ورئيس حملة عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات الأسبق بهدف التخطيط للانقلاب على شرعية الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى.
 
وفى السياق نفسه، كشف شريف دياب -أحد مؤسسى حركة "تمرد"- والتى تمثل إحدى أدوات الجبهة فى الانقلاب على الشرعية، عن الدور الكبير الذى لعبه جهاز المخابرات العامة المصرية فى دعم الحركة وتعزيز أهدافها باختلاق العديد من الأزمات الاقتصادية الخانقة على المواطن المصرى، وهو ما اعتبر أن له دورا كبيرا فى تسهيل عملية الانقلاب العسكرى على الشرعية الدستورية والقانونية.
 
وقال دياب -عبر صفحته على موقع "فيس بوك"-: "إن المخابرات المصرية تعاونت مع الحركة للانقلاب على مرسى عبر اختلاق العديد من الأزمات الاقتصادية الخانقة".
 
يذكر أن شبكة رصد الإخبارية نشرت وثيقة تثبت اتصال أعضاء حركة تمرد بالمخابرات العامة.
 
المجلس العسكرى
 
وعلى الرغم من ادعاءاتها الكاذبة وشعاراتها المزيفة والتى تزعم من خلالها رفض حكم العسكر, ورفض تدخل الجيش فى السياسية، جاء انقلاب 3 يوليو ليكشف حقيقية العلاقة بين المجلس العسكرى وجبهة الإنقاذ ودورهما الآثم فى الانقلاب على الرئيس الشرعى للبلاد, والذى تبدلت معه قناعات الجبهة من رافضة لحكم العسكر إلى داعمة له.
 
وكشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، فى تقرير تحت عنوان «الدولة العميقة تعود فى مصر مرة أخرى»، من خلال معلومات استقتها من أحمد سميح والذى وصفته الصحيفة بأنه من المقربين من رموز الجبهة، إنه قبل عدة أشهر من انقلاب يونيو، اجتمع كبار الجنرالات فى البلاد، بشكل منتظم، مع قادة المعارضة، مؤكدة أن رسالة هؤلاء الجنرالات كانت هى «إذا استطاعت المعارضة حشد عدد كافٍ من المتظاهرين فى الشوارع فإن الجيش سيتدخل، وسيقوم بعزل مرسى بشكل قسرى».
 
وأضافت الصحيفة الأمريكية، فى تقريرها المطول، أنه من بين حاضرى الاجتماعات من المعارضة الدكتور محمد البرادعى، مؤسس حزب الدستور، وعمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، وحمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبى، والدكتورة رباب المهدى، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، وآخرون ممن هم على مقربة من كبار أعضاء جبهة الإنقاذ الوطنى.
 
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن سميح أن المعارضة وجهت سؤالا للجيش وهو "هل سيكون الجيش معها أم لا", وهو ما أجاب عنه أحد جنرالات الجيش بأنه إذا تظاهر عدد كافٍ من المصريين فى الشوارع فلن يكون للجيش خيار إلا التدخل، مؤكدة أن الاجتماعات كانت تتم فى نادى ضباط القوات البحرية وأن الاجتماعات زادت بعد اقتراب موعد 30 يونيو، معتبرة أن اجتماع رموز المعارضة مع جنرالات الجيش على الرغم من ما بينهم من اختلافات جاء تأكيدًا على عمل الدولة العميقة.
 
ولم تكن هذه العلاقات هى وليدة الشهور الماضية فقط؛ حيث إنه بالنظر إلى أعضاء الجبهة نجد أن من بين أعضائها الدكتور على السلمى صاحب وثيقة السلمى التى أثارت جدلًا واسعًا بين القوى السياسية فى فترة حكم المجلس العسكرى والتى حاول من خلالها جعل المجلس العسكرى دولة فوق الدولة، فقد أضفت بنود الوثيقة حصانة خاصة على القوات المسلحة وميزانيتها بدعوى حماية الأمن القومى وهو ما لقى اعتراضا كبيرًا من الأحزاب والقوى التى انضمت فيما بعد لجبهة الإنقاذ لتعلن من جديد تأييدها للعسكر.
 
الفلول
 
لم تقتصر علاقة الجبهة بفلول نظام المخلوع مبارك عند حدود تولى عدد من الفلول مراكز قيادية بها كعمرو موسى وزير خارجية مبارك ومؤيده للترشح لفترة رئاسية سادسة، وكذلك سامح عاشور والذى ظل بوقا لنظام مبارك عشرات السنوات وحسين عبد الغنى المتحدث الإعلامى باسم الجبهة والذى طردته قناة الجزيرة بعدما اكتشفت القناة عمالته لأمن الدولة، وإنما تجاوز ذلك إلى حد الدعوات الصريحة التى تبنتها الجبهة وتأكيدها أنها على استعداد للتكاتف مع كل رموز نظام مبارك بهدف إسقاط حكم الدكتور محمد مرسى دون خجل أو مواربة وقد كانت زيارة المخرج خالد يوسف لأحمد شفيق المرشح الرئاسى الخاسر فى الإمارات إحدى الخطوات التنسقية بين الجبهة والفلول.
 
وفى السياق نفسه، تلقت الجبهة من الدول الداعمة للثورة المضادة فى الشهور الماضية قبل الانقلاب مليارات الجنيهات لمساعدتها فى تنفيذ مخططها الانقلابى على الرئيس المنتخب وهو ما أكده أعضاء الجبهة المستقيلون ومنهم المهندس حسام الدين الهوارى والذى أكد أن محمد البرادعى عاد من الإمارات بعد الحصول على أكبر تمويل من الإمارات وهو 4 مليارات دولار تحت دعوى تمويل الحملة الانتخابية للجبهة.
 
هذا فضلًا عن العلاقات المشبوهة لأعضاء الجبهة وعلى رأسهم الدكتور حازم عبد العظيم المعروف بعلاقاته بالصهاينة وعقده صفقات معهم فى مجال الاتصالات.
جبهة الإنقاذ .. رفضت التوافق تمهيدًا للانقلاب العسكرى
 لعبت جبهة الإنقاذ دورا كبيرا فى حدوث الانقلاب العسكرى الدموى على الشرعية الدستورية والقانونية ؛ حيث تحالفت مع المؤسسة العسكرية للترتيب لحدوث هذا الانقلاب، كما أن فكرة تأسيس الجبهة فى نوفمبر 2012 تمت فى الأساس لإفشال حكومة الدكتور هشام قنديل؛ وذلك تحقيقا لمصالحها فى الوصول للسلطة بأى ثمن كان، إضافة إلى أنها رفضت وبشكل دائم جميع الدعوات التى أطلقها الرئيس محمد مرسى للمصالحة الوطنية خالقة بذلك حالة من الفوضى فى البلاد.
 
وكثيرا ما تشدقت قيادات جبهة الإنقاذ بالديمقراطية واحترام الحريات واحترام حقوق الإنسان، إلا أنها على أرض الواقع تضرب بكل هذه القيم عرض الحائط؛ حيث وافقت على هدم كافة قيم الديمقراطية المتمثلة فى الانتخابات وقامت بتأييد الانقلاب العسكرى وسرقة إرادة الشعب المصرى فى 5 انتخابات أجريت بعد ثورة يناير.
 
أما بعد الانقلاب، فقد استباحت كل الطرق والسبل التى تؤدى بها إلى السلطة، حيث بررت قتل المتظاهرين السلميين، وباركت فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، ونادت بتقييد الحريات وفرض حالة الطوارئ فى البلاد بحجة تحقيق الاستقرار، والأدهى أنها كانت أول من طالب بحظر التظاهرات المناهضة للانقلاب، بالإضافة إلى أنها لم تحرك ساكنا تجاه أكثر من 25 ألف معتقل سياسى، بل طالبت باعتقال قيادات الإخوان المسلمين.
 
يتضح موقف جبهة الإنقاذ قبل الإعلان عن الانقلاب العسكرى؛ حيث اعتبرت أن مطالبة الرئيس محمد مرسى بالرحيل لا تتعارض مع القواعد الديمقراطية، وأيدت تدخل الجيش فى السلطة.
 
وقبل فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة وعند إعلان وزارة الداخلية عزمها الفض، أعلنت جبهة الإنقاذ تأييدها لقرار وزارة الداخلية بفض الاعتصامات، من أجل عودة الحياة لطبيعتها فى مصر.
 
وبعد الفض أيّدت قرار فرض حالة الطوارئ فى البلاد ومن ثم تأييدها للجرائم التى تُرتكب تحت ستار الطوارئ، رُغم أن إلغاء حالة الطوارئ كان مطلبا أساسيا لكل المصريين والذى قامت على أساسه ثورة 25 يناير، وهو ما ظهر فى طلب حسام فودة -عضو المكتب التنفيذى لشباب جبهة الإنقاذ الوطنى وعضو جبهة 30 يونيو- من المستشار عدلى منصور -المعين من قبل سلطات الانقلاب- بإعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال لمدة 24 ساعة، والقبض على أى شخص يحمل سلاحًا.
 
وإذا رجعنا للوراء نجد أن هذه الجبهة ذاتها انتقدت قرارات الرئيس محمد مرسى بفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال لمدة شهر فى مدن القناة بعد أحداث العنف الدامى عقب الحكم على المتهمين فى مذبحة استاد بورسعيد وذلك لحين تهدئة الأوضاع واستتباب الأمن.
 
مساندة القوة المفرطة
 
ولعل بيان جبهة الإنقاذ الذى أصدرته عقب فض الاعتصامات والذى وجهت فيه شكرها لقوات الجيش والشرطة بعد قيامها بفض اعتصامى رابعة والنهضة يُثبت مباركتها عمليات القتل واستخدام القوة المفرطة تجاه المواطنين العُزل.
 
واستكمالا لمسلسل تأييد الانقلاب، طالب عدد من قيادات جبهة الإنقاذ بسرعة القبض على قيادات جماعة الإخوان بحجة أنهم متورطون فى أعمال عنف وتقديمهم إلى محاكمات عادلة وعاجلة -على حد قولهم-، مؤكدا -فى بيان لها- تمسكها بضرورة الملاحقة القضائية لكل قادة الإخوان من المسئولين على التحريض على العنف.
 
وباستعراض مواقف قيادات الجبهة نجد أن رفعت السعيد -رئيس حزب التجمع السابق والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى- اعتبر أن فض اعتصامى ميدانى رابعة العدوية والنهضة جاء فى وقت متأخر جدًا.
 
فيما حمّل مجدى حمدان -عضو الهيئة العليا لحزب الجبهة الديمقراطية والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى- قيادات الإخوان نتائج فض اعتصام ميدانى رابعة العدوية والنهضة، مطالبا بضرورة محاسبة كل قيادات جماعة الإخوان المتورطين فى أعمال العنف والقتل وتقديمهم إلى محاكمات عادلة وعاجلة على الجرائم التى ارتكبوها.
 
وعلى الرغم من إعلان معظم قيادات الجبهة الذين ركبوا الثورة من قبل رفضهم لحكم العسكر إلى أنهم أبدوا رغبتهم فى انتخاب رئيس ذى توجه عسكرى؛ حيث أعلن أحمد سعيد -الأمين العام لجبهة الإنقاذ الوطنى- أن الجبهة ستدعم مرشحا رئاسيا من خارجها قد يكون ذا خلفية عسكرية، مطالبًا بتقديم الانتخابات الرئاسية المبكرة على الانتخابات البرلمانية.
 
انخفاض شعبية الجبهة
 
من جانبه، يوضح المحلل السياسى أحمد فودة -مدير مركز النخبة للدراسات- أن مؤسسة جيمس الأمريكية أجرت استطلاعا حول تطورات الأوضاع فى مصر ونسب الثقة والشعبية لدى القوى السياسية كشف عن انخفاض شعبية جبهة الانقاذ إلى 13% بعد الانقلاب العسكرى الدموى فيما زادت شعبية جماعة الإخوان المسلمين وارتفعت نسبتها فى شهر نوفمبر بما يقارب 34% بعد أن كانت قد وصلت إلى 20% قبل حدوث الانقلاب العسكرى، متوقعا ارتفاع شعبية الإخوان بنسبة تفوق 50% فى شهر نوفمبر الجارى.
 
ويقول "فودة" إن تلك المؤشرات توضح طبيعة الصراع السياسى وأحجام القوى السياسية فى الشارع المصرى، مشيرا إلى أن جبهة الإنقاذ تنتمى إلى التيار العلمانى الذى يحمل فكرا مخالفا لطبيعة كافة المجتمعات العربية والإسلامية، مؤكدا أن الجبهة على علم بأن هذا الفكر لا يمنحها الشعبية.
 
ويضيف: "يرتبط التيار العلمانى عبر التاريخ بالنظم الاستبدادية والانقلابات العسكرية رُغم دعوته المستمرة إلى تطبيق مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات إلا أنه هذه النظريات لا يطبقها على أرض الواقع إذا لم تحقق مصالحه".
 
وتابع مدير مركز النخبة: "النخبة العلمانية بما فيها جبهة الإنقاذ كانت الحاكمة قبل ثورة 25 يناير، وبعدها حاولت أن تؤيد إنتاج الديمقراطية وحرية الشعب لكنها مع أول استحقاق انتخابى عادت لتمارس دورها القديم وكفرت بالديمقراطية ووقفت ضد إرادة الشعب فى استفتاء مارس 2011 وفى الموافقة عليه، وكذا الحال بالنسبة لانتخابات مجلسى الشعب والشورى وانتخابات الرئاسة لأنها حصلت فى تلك الانتخابات على نسبة ضئيلة تحدد نسبتها وحجمها الحقيقى فى الشارع".
 
ويشير إلى أنه بعد فشل التيار العلمانى وكشف حجمه الحقيقى بدأ يقوم بنوع من التحالف مع المؤسسة العسكرية تمخض عن تشكيل جبهة الإنقاذ الوطنى لتكون مهمتها الأولى الترتيب لهذا الانقلاب، واتضح ذلك فى افتعال أزمة الاتحادية فى الوقت الذى كان من المقرر فيه الاستفتاء على الدستور.
 
ونبه "فودة" إلى أن جبهة الإنقاذ قامت بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية للحشد فى 30 من يونيو، فضلا عن أنها بعد الانقلاب غطت على تشكيل الحكومة الانقلابية وتقييد الدستور، بالإضافة إلى مباركة المجازر التى ارتكبها قادة الانقلاب وتقييد الحريات، لافتا إلى أن هذا يؤكد أن الجبهة ليس لديها قيم حقيقية إلا قيمة السعى المفرط للوصول إلى السلطة.
 
ويبين أن حق التظاهر والتعبير عن الرأى قيم أساسية يجب الحفاظ عليها ضد أى سلطة، لكن اتفاقا مع الإطار النظرى الذى تطرحه الجبهة فإنها قد استخدمته فى أثناء حكم التيار الإسلامى؛ إذ نظمت ما يزيد على 25 مليونية فى عام حكم الدكتور محمد مرسى استخدمت فيها العنف والتخريب والفوضى، وبعد وصولها إلى الحكم على ظهر الدبابات رفضوا التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكرى، فلم نرَ أو نسمع صوتا واحدا يدعو إلى حق التظاهر بل يسعون الآن إلى تحريم التظاهر وليس منعه، لافتا إلى استحالة أن تحقق الجبهة ذلك بسبب صمود الشباب فى الشوارع منذ 4 أشهر.
 
ويقول المحلل السياسى: "بعد الانقلاب أطاحت جبهة الإنقاذ بدولة القانون التى تعد المقتضى الأساسى لأى نظام ديمقراطى"، موضحا أن قادة هذه الجبهة لم يحركوا ساكنا لاعتقال أكثر من 25 ألف معتقل من مؤيدى الشرعية تم تلفيق التهم إليهم؛ إذ إن فكرة حماية حق المواطن وفقا للقانون تم القضاء عليها بشرعنة الجبهة للانقلاب.
 
ويشدد على أن النخبة العلمانية قضت على نفسها؛ حيث تعتبر الأيام التى نعيشها الآن الأخيرة فى عهدها؛ حيث تم فضح هذه الجبهة والكشف عن وجهها القبيح، فلن تستطيع أن ترفع شعارا من الشعارات البراقة التى كانوا يرفعونها قبل ذلك.
 
مواقف الجبهة المخزية
 
وبدروه، يقول الدكتور يسرى حماد -نائب رئيس حزب الوطن- إن جبهة الإنقاذ كان هدفها الأساسى إفشال حكومة الدكتور هشام قنديل وإسقاط نظام حكم الدكتور محمد مرسى، موضحا أنها دائما ما كانت ترفض الحوار الوطنى وأى توجه للمصالحة الوطنى وتخلق حالة من الفوضى فى البلاد، كما استدعت رجال نظام مبارك للحصول على هدفها بقوة فى الوصول إلى السلطة.
 
ويضيف حماد: "نتذكر جيدا اجتماعات الجبهة مع السفارة الأمريكية وبخاصة الذى عُقد بحضور البرادعى وأحد الأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامى لوضع سيناريو لإسقاط نظام مرسى"، موضحا أن الجبهة وإن كانت شاركت فى 30 يونيو إلا أنها لم تحسن إدارة المرحلة ولم يختارها الشعب كبديل، لكن بعد الانقلاب تم وضعهم كبديل لدورهم الكبير فى حدوث الانقلاب دون مراعاة لإرادة الشعب.
 
وتابع: "وافقت الجبهة على العودة إلى نظام المخلوع مبارك والاستبداد، ولم تهتم لرجوع الشرطة فى الشوارع إلى عهدها القديم وممارستها القمعية"، مشيرا إلى أن الجبهة كانت تتظاهر وتقوم بقطع الطرق والمواصلات وحرق المنشآت العامة وحرق مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة تحت مسمى الثوار والثورة.
 
ويشير نائب رئيس حزب الوطن، إلى أن الجبهة والتيار العلمانى كثيرا ما كانوا يرددون فى فترة حكم الرئيس محمد مرسى أن قتل مواطن يعنى انهيار نظام سياسى كامل، فى حين أنهم لم يتحركوا لمقتل الآلاف من المصريين، مشيرا إلى أن موقفهم مخزٍ من الاعتقالات السياسية وإغلاق القنوات الفضائية وتكميم الأفواه؛ حيث وصل بهم الأمر إلى الترويج إلى اعتقال مؤيدى الشرعية وإظهار الشماتة فى القتلى.
 
ويؤكد حماد أن هذه الأحزاب تعبر عن السقوط الأخلاقى الشديد؛ حيث تحاول أن تظهر المتظاهرين السلميين على أنهم إرهابيين ينبغى مقاومتهم، مشددا على أن الجبهة كانت جزءا من النظام القديم (نظام مبارك)، ولديها استعداد أن تتعاون مع أى نظام سياسى مستبد يدمر الشعب المصرى طالما أن ذلك يصب فى صالحهم.
 
جبهة الإنقاذ.. تحالف سياسى مع قوى البلطجة والإجرام
 
 تعتبر جبهة "الإنقاذ الوطنى" تكتلا سياسيا تشكل فى 22 نوفمبر 2012 بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى. وتتشكل الجبهة من 35 حزبا سياسيا وحركة سياسية وثورية وجميعها ذات أيدلوجيات ليبرالية ويسارية. وقد تميزت الجبهة باحتوائها على أتباع نظام مبارك وفلول الحزب الوطنى المنحل، ما جعل بعض الوجوه المعارضة الأخرى تحجم عن المشاركة فيها. وقد أسهمت الجبهة فى دعم حركة "تمرد" والتى تأسست فى 26 إبريل 2013 للتهميد للانقلاب على حكم الرئيس مرسى. كما أشارت بعض الوثائق التى تناقلتها الصحف عن ترابطا ما جمع بين "الجبهة" وما يسمى بتنظم "البلاك بلوك" والذى ظهر فى مصر فى الذكرى الثانية من ثورة يناير؛ حيث قاموا بمهاجمة مقرات عديدة للإخوان والمبانى الحكومية وأوقفوا حركة المرور وخطوط المترو فى أكثر من 8 مدن مصرية.
 
وقد دأبت "جبهة الإنقاذ" مع غيرها من قوى المعارضة، على افتعال الأزمات والدعوة إلى التظاهرات والاحتجاجات، ومن ثم كان هذا دائما ما يشكل غطاء لممارسات البلطجة والشغب والاعتداءات، بدعوى حرية الرأى والحق الحر فى التظاهر، وهو ما كان يثبت أن هدفه الوحيد كان إرباك الحكومة وتعطيل أية ممارسات ديمقراطية حقيقية.
 
شهداء الاتحادية وتظاهرات رفض الإعلان الدستورى
 
وقد ظهر ذلك جليا فى الزعم بالاعتراض على الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى فى نوفمبر 2012، ومن ثم التظاهر لرفض ذلك الإعلان، وهو ما أدى إلى استشهاد الشاب "إسلام مسعود" -من جماعة الإخوان- فى ميدان الساعة بدمنهور بالبحيرة فى أثناء مشاركته فى وقفة لتأييد قرارات الرئيس محمد مرسى فى نوفمبر 2012، ومن بعده استشهاد 10 من بينهم 8 من أعضاء جماعة الإخوان أمام قصر الاتحادية فى 5 ديسمبر 2012 إثر إصابتهم بطلقات نارية فى الرأس والبطن والجانب الأيسر، وإصابة 216 على الأقل جميعهم من مؤيدى الشرعية والرئيس المنتخب. وهو الأمر الذى تلاه فى الأيام التالية إحراق ما يقرب من 28 مقرا من مقرات جماعة الإخوان.
 
تظاهرات الذكرى الثانية من ثورة يناير
 
وكذلك دعت الجبهة وحلفاؤها إلى التظاهر فى الذكرى الثانية لثورة فى 25 يناير 2012، وتحت الشعار المزعوم والذى يستخدم للترويج الإعلامى؛ "لا لدولة الإخوان"، تم حرق أكثر من مقر من مقرات حزب الحرية والعدالة. ومقتل 10 أشخاص فى السويس والإسماعيلية وإصابة 476 آخرين بحسب وزارة الصحة. فيما أعلن المجلس القومى لحقوق الإنسان سقوط 56 قتيلا من بينهم 53 مدنيا و3 من قوات الشرطة، بالإضافة إلى 2028 مصابا منهم 1667 مدنيا و361 من أفراد الشرطة. كما تضمن التقرير حصر ما تم الاعتداء عليه من ممتلكات ومرافق عامة، وممتلكات خاصة؛ حيث تم الاعتداء على 48 منشأة من بينها 35 عامة وحكومية و13 خاصة و10 محاولات لقطع الطرق وتعطيل 8 منشآت عن العمل وتقديم الخدمات للمواطنين، وذلك فى الوقت الذى ألقى القبض على 450 متهما تم إخلاء سبيل 70 على ذمة التحقيقات وحبس 380 متهما. وقد شهدت تلك الأحداث ظهور تنظيم "البلاك بلوك"؛ وربطت بعض الوثائق المسربة علاقته بـ"جبهة الإنقاذ"، وتخطيطها لاستخدامه خاصة فى حوادث تعطيل حركة مترو الأنفاق.
 
ادعاء قبول الحوار.. والتظاهر اللاسلمى
 
وبعد تلك الأجواء الملتهبة وعلى الرغم من توقيع القوى السياسية فى مصر على وثيقة لنبذ العنف والالتزام بالحوار، إلا أن جبهة الإنقاذ وبعض حركات المعارضة الأخرى دعت إلى تظاهرات حاشدة فى ميدان التحرير والقصر الرئاسى بالاتحادية يوم الجمعة الأول من فبراير وذلك تحت شعار "مليونية جمعة الخلاص" للمطالبة بتعديل الدستور، وإقالة حكومة هشام قنديل، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، وإقالة النائب العام. وفى تلك التظاهرات شهد محيط قصر الاتحادية أحداث عنف ومحاولات لاقتحام القصر الجمهورى؛ حيث قام البلطجية المتظاهرون بإلقاء قنابل مولوتوف وألعاب نارية، داخل أسوار القصر الرئاسى، مما أدى إلى اشتعال النار فى البوابة رقم 4، وقامت قوات الحرس الجمهورى بالرد بتوجيه خراطيم المياه تجاه المتظاهرين. وأسفر اليوم عن سقوط قتيل واحد، وإصابة العشرات. وفى هذا فقد اكتفت جبهة الإنقاذ بإدانة العنف فى بيان لها. وقد شهدت تلك الليلة كذلك قطعا لطريق كورنيش النيل من أمام فندق سميراميس، ثم الهجوم على قوات الأمن الموجودة فى محيط السفارتين الأمريكية والبريطانية بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وإطلاق الخرطوش، فضلا عن ما يقرب من أربع حالات تحرش بميدان التحرير. وكذلك أوقع البلطجية المتظاهرون حريقا هائلا بأحد المبانى الأثرية فى موقع الاشتباكات بميدان "سيمون بوليفار" بجوار كنيسة قصر الدوبارة بعد قيامهم بإلقاء زجاجات المولوتوف عليه.
 
وفى 22 من مارس، شهدت تظاهرات "جمعة رد الكرامة" والتى دعا إليها العديد من القوى من بينها شباب جبهة الإنقاذ، أمام مقر مكتب الإرشاد بالمقطم؛ زعما بالمطالبة برد اعتبار البعض من النشطاء من بينهم سيدة ممن زعموا تعرضهم للإساءة أمام مكتب الإرشاد، وللمطالبة كذلك بالمطالب المعتادة من إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإقالة حكومة الدكتور هشام قنديل، ووقف العمل بالدستور، وكان من أثر ذلك إصابة مئات الإخوان ودخول 176 حالة للمستشفيات و26 حالة حرجة، وحرق 10 حافلات واعتداء على مقرات، وترويع الفتيات بمقر المنيل.
 
التحفيز ضد قيادات الإخوان وإعلامييهم
 
ونتيجة للتحفيز ضد الإخوان وقادتهم خاصة عن طريق قوى الإعلام، ما كان من محاولة اغتيال القيادى الإخوانى والبرلمانى صبحى صالح فى 6 ديسمبر 2012 على يد بلطجية فى منطقة سيدى جابر بمحافظة الإسكندرية، وتهشيم السيارة التى كان يستقلها وتعرضه إلى الضرب المبرح، فضلا عن بعض المحاولات لمنع سيارة الإسعاف من نقله، وفى 24 فبراير 2013 تعرض عضو مكتب الإرشاد الدكتور محمود غزلان لمحاولة اعتداء بمحيط ميدان التحرير بوسط القاهرة. هذا فضلا عن التعرض للإعلام وممثليه طالما لم يكونوا فى صف جبهة الإنقاذ ومن عاونهم؛ حيث تعرض العديد من رموز وقيادات الإخوان الصحفية إلى تهديدات متكررة بالتصفية الجسدية وبعضهم اعتدى عليه بالفعل؛ حيث تم الاعتداء على الكاتب الصحفى قطب العربى أمين عام مساعد المجلس الأعلى للصحافة مساء الجمعة 23 نوفمبر 2012، وكذلك تعرض مقر موقع -إخوان أون لاين- بوسط القاهرة إلى التدمير التام، فيما استهدف "بلطجية" مقر جريدة الحرية والعدالة بالمولوتوف أكثر من مرة، فضلا عن استهداف الصحفيين بالمقر وتهديد حياتهم.
 
حرق مقار وغلق دواوين ادعاء برفض حركة المحافظين
 
وفى الثلاثاء 18 يونيو 2013، وفى بيان لحزب الحرية والعدالة، انتقد الممارسات الإجرامية التى قام بها البعض -زعما بالاعتراض على حركة المحافظين- حيث قام عدد من المحسوبين على حركة (تمرد) و(جبهة الإنقاذ) بالهجوم على مبنى محافظة طنطا محاولين منع المحافظ الجديد من تأدية مهامه، ثم أضرموا النيران فى عدد من المحال التجارية، كما تم حرق مقر جماعة الإخوان المسلمين بطنطا، بينما قامت مجموعة صغيرة بالمحلة الكبرى من حركة (تمرد) بالاعتداء على منزل أسرة المهندس سعد الحسينى، محافظ كفر الشيخ، وقاموا بحرق سيارته الخاصة. وفى محافظة المنوفية قام العشرات من حركة (تمرد) و(جبهة الإنقاذ) بغلق مبنى المحافظة، وكتابة عبارات خادشة للحياء العام على جدران المبنى مع الاعتداء على عدد من الأهالى المؤيدين للمحافظ الجديد، وهو ما تكرر فى محافظات الدقهلية، والبحيرة، وبنى سويف، والأقصر، بمعاونة عدد من البلطجية والمأجورين. وفى الإسكندرية قام أيضا عدد من البلطجية بالاعتداء على وقفة سلمية نظمتها جماعة الإخوان المسلمين لاستقبال شهر رمضان، مما أدى إلى وقوع العديد من الجرحى والمصابين بينهم 3 إصابات خطيرة. هذا فى حين لم نسمع لهم الآن صوتا بعد حركة المحافظين التى أقرها الانقلاب، وجاءت بـ17 عسكريا لتولى السلطة.
 
16 شهيدًا فى أول أيام تظاهرات الانقلاب
 
ومن بين أهم التظاهرات التى دعت إليها جبهة الإنقاذ وحلفاؤها من "تمرد" وتم استخدام عناصر البلطجة فيها بوضوح، ما كان من أمر أول أيام الانقلاب فى 30 يونيو 2013، ففى هذا اليوم وحده استشهد 16 مواطنًا، وأصيب 781، من بينهم 8 أمام المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم معظمهم بطلقات نارية فى الصدر أو الرأس، كما تم إشعال النيران فى جميع أدوار المركز وإتلاف جميع محتوياته، هذا بخلاف الحملة الموسعة للاعتداء على مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة بالمحافظات، ومن بين تلك الصور البشعة التى يحتفظ بها عقل المواطن المصرى ما كان من الاعتداء فى الأول من يوليو 2013 على أحد الملتحين فى أثناء سيره هذا اليوم بشارع 9 بمنطقة المقطم؛ حيث انهال عليه عدد من البلطجية وضربوه بالحجارة والعصى وقطع حديدية وجرَّدوه من ملابسه، واستمر الضرب والطعن بالمطاوى حتى سقط مغشيًّا عليه وسط الشارع ثم جرَّدوه من ملابسه الداخلية وتركوه عاريًا تمامًا غارقًا فى دمائه. كل هذا بخلاف جرائم ومذابح الانقلاب التى جاءت بعد ذلك.
 
غطاء وظهير للانقلاب
 
ومن جانبه، "حازم محسن سليمان" -الباحث السياسى والقيادى فى حزب الوسط- يقول: تعد جبهة ما يسمى بـ"الإنقاذ" مزيجا من الفكر التجريبى الأمريكى وما بات يعرف بـ"الفكاكة المصرية" أو الدخول فى الشأن العام بلا أية أهداف أو رؤى إستراتيجية؛ بمعنى أن أمريكا خاصة فى الأمور السياسية تميل إلى إعادة إنتاج الممارسات السابقة طالما نجحت من قبل، ولذا فقد قاموا باستدعاء فكرة "جبهة الإنقاذ الرومانية (1989-1990)"، وحتى لم يقوموا بإجراء أية تعديلات ولو صغيرة عليها، ولكن قاموا بتطبيقها فى الحالة المصرية كما هى، بنفس الاسم والأهداف والوسائل؛ ولذا كان من الواضح من ممارسات تلك الجبهة فى مصر أنها لم تكن تملك معانى المعارضة الحقيقية؛ بل كان العاملون فيها ليسوا أكثر من أدوات لتنفيذ السيناريو المعد سلفا، ويبدو ذلك من فتحهم الأبواب لضم عناصر من الثورة المضادة وقوى النظام السابق وصناعة شكل وطنى لهم، والدليل على ضعف تلك الجبهة وأعضائها أن الانقلاب لم يمكن لأعضائها فى مقابل أن اليساريين هم من يسيطرون الآن فى حكومة الانقلاب بقيادة الببلاوى.
 
أما كون الجبهة نجحت فى لعب دورها حتى الإتيان بالانقلاب؛ فذلك لأن أحدا لم يكن يصدق أن قوى الثورة المضادة بهذا القدر من الغباء السياسى بحيث تعيد تكرار تلك الآليات التى انتهت من العالم أجمع، ففى حين كان المستهدف أن يكون الإصلاح تدريجيا لا يقصى الجميع مرة واحدة، ثم فوجئنا بهذا السيناريو الساذج والذى وضع المنطقة كلها فى تلك الأزمة.
 
واختصارا فجبهة الإنقاذ كانت مجرد خطوة انقلابية استخدمت بعض الوجوه التى كانت محسوبة على الثورة؛ لمحاولة التضليل والتأثير على عموم الناس لاعتبار أن ما هو قادم ليس إلا موجة ثورية جديدة، ولأن البعض تسيطر عليه شهوة السلطة والظهور وكراسى الحكم، فقد كان هناك من أحسن استغلال تلك المعطيات النفسية ووظفها لأغراضه، أما تلك الوجوه وأصحاب الاحتياجات المرضية، فربما استطاعوا إقناع أنفسهم أو من حولهم بأنهم يخطون خطوات تكتيكية فقط بتحالفهم مع قوى الثورة المضادة أو أعضاء النظام السابق، ومن ثم انقلبوا على الجميع؛ لكن فى النهاية تلك الوجوه جميعها كانت تعلم مع من تحالفت.
 
ويقول "ياسر زيادة" -الباحث فى العلوم السياسية-: أولا لا بد أن ننظر إلى مواقف قادة جبهة الإنقاذ فى الأحداث التى تلت ما بعد ثورة يناير حتى يمكن الحكم عليهم بصورة صحيحة فنجدهم أولا كقادة لم يشارك معظمهم فى أى فعاليات ثورية بعد ثورة يناير حتى إن منهم من لم يشارك فى ثورة يناير بالأساس أو ينزل الميادين إلا قليلا. وفى حين أنهم تشكلوا وهبّوا اعتراضا على الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى -نوفمبر 2012-، فى حين أنهم ومن قبل ذلك لم ينزلوا الميدان مثلا أو يبدوا اعتراضا على الإعلان الدستورى المكمل -فى يوم 30 مارس 2011- الذى أصدره المجلس العسكرى قبل تولى الرئيس مرسى الحكم وهو الإعلان الذى كان بمنزلة قيد شديد على د. مرسى وينزع منه صلاحياته وهنا يبرز التناقض واضحا جدا خاصة مع صمتهم على الإعلان الدستورى الذى صدر بعد الانقلاب وتضمن بنودا أكثر سوءا بكثير من الإعلان الذى أصدره الدكتور مرسى مع الوضع فى الاعتبار فارق أن الدكتور مرسى منتخب من الشعب وليس معينا من الانقلاب.
 
يردف "ياسر" ومن هنا أؤكد أن دور الجبهة كان تخريبيا بامتياز بسبب فشل أعضائها فى كل استحقاق انتخابى سواء فى انتخابات الرئاسة أو فى الحصول على نسبة معقولة فى الانتخابات البرلمانية. فهم مثلا لم يقدموا أى تصور حقيقى واضح للمعارضة المحترمه ولم يقدموا أى تصور لحكم البلاد، بل كانوا داعمين أساسا لحركات الشباب التى كانت تطالب بمجلس رئاسى طول الوقت لا يعرف أحد من يعينه أو ما هى صلاحياته ولم تصدر منهم أى إدانة لكافة اعمال التخريب والحرق للمنشآت الحكومية (دواوين المحافظات والمجالس المحلية ومبنى الضرائب وسميراميس وغيرها) ولا مقرات حزب الحرية والعدالة، بل شجعوا من قام بهذه الأفعال المجرمة عبر دعمهم للشباب والقول عنهم بأنهم ثوريون معارضون لحكم الدكتور مرسى، كذلك اعترضوا على ما يسمى بـ"أخونة" الدولة ولم يثبتوا ذلك ولكنهم بثوا سمومهم للرأى العام للتحريض على الدكتور مرسى، ولم يعترضوا أو يهمسوا ببنت شفة على عسكرة الدولة القائم على قدم وساق فى عهد الانقلاب، كذلك اعترضوا على ما يسمى بـ"حادثة حمادة" المسحول -الواقعة الشهيرة أمام قصر الاتحادية فى فبراير 2013- رغم حيثيات الواقعة التى دلت على افتعالها، وغضوا الطرف عن القتل والمجازر التى حدثت بعد الانقلاب والاعتقال العشوائى بل قدموا الشكر لأجهزة وزارة الداخلية المجرمة على فضهم لاعتصامات رافضى الانقلاب، وخلاصة ذلك أن قادة جبهة الإنقاذ ينادون بأمور ليسوا مقتنعين بها؛ فهم ينادون بالدولة المدنية والحريات، وفى الوقت نفسه يوافقون على عسكرة الدولة وقتل وإقصاء خصومهم ليس من الحياة السياسية فقط، ولكن من الحياة عموما بتفويضهم لقتل معارضى الانقلاب وتحريضهم الدائم على من لم يقتل منهم، واتضح من مواقفهم مع العسكر بعد الانقلاب أنهم كانوا جزءا من حلقات إفشال ثورة يناير التى قادها العسكر أملا فى إقصاء التيار الإسلامى الذى يفوز عليهم فى كل استحقاق انتخابى.
 
وحول تأثيرهم على الوضع الاجتماعى والاقتصادى للبلاد، يضيف "ياسر": ممارسات جبهة الإنقاذ ومن عاونهم من قوى الثورة المضادة أدت إلى تراجع اقتصادى كبير من خلال شيوع حالة من عدم الاستقرار السياسى وتكريسهم آلية التظاهر كممارسة وحيدة يتم التحريض عليها ضد أى قرار للرئيس مرسى، مما أثر كثيرا على الوضع الاقتصادى للبلاد، وذلك حتى وصولنا إلى أن يكون الإنجاز الوحيد الذى تحقق فى عهد الانقلاب هو التسول من دول الخليج لسد العجز الواضح فى الموازنة، مع توقف السياحة بنسبة أكثر من 70% وتوقف كثير من المصانع الكبرى والصغيرة وزيادة البطالة والأسعار بالضرورة، وفى الجانب الاجتماعى فقد مثلت جبهة الإنقاذ قطاعا إقصائيا، مدعوما إعلاميا أسهم بصورة أساسية فى تقسيم المجتمع إلى فئات متناحرة، وتقسيم المقسم نفسه، فأصبحنا نرى فى المجتمع من يفرح فى قتل المخالف له ويحرض عليه، ويشمت فى قتله وأصبحنا أمام من يرى فى فلسطين عدوا لمصر و"إسرائيل" صديقا محترما، وفى حين ينعتون فصائل مصرية بعينها بأنهم إرهابيون، بينما لا يجدون غضاضة فى الاتفاق مع أعداء مصر الحقيقيين.
 
ويرى عبد الناصر عبد العال -الباحث السياسى- أن أعضاء جبهة الإنقاذ كفروا بمبادئهم الليبرالية والاشتراكية وضحوا بالثورة والدولة المدنية كرهًا فى الإخوان.
 
ويضيف: كنا نتطلع إلى اليوم الذى يؤمن فيه الإسلاميون بالديمقراطية والصندوق والأحزاب السياسية كآليات لتداول السلطة، وعندما تحقق ذلك تبدل الوضع، ففى الوقت الذى يتمسك فيه الإسلاميون الآن بالديمقراطية والصندوق وينادون بعدم تدخل العسكر فى الحياة السياسية نجد أن أعضاء جبهة الإنقاذ والعلمانيين عمومًا يتحالفون مع العسكر والفلول والبلطجية وجماعات تنتهج العنف كوسيلة لفرض دكتاتورية الأقلية مثل حركة تمرد وبلاك بلوك، كذلك ففى الوقت الذى ينادون فيه بحقوق البوذيين وأصحاب الهولوكوست والتحيز الإيجابى لصالح طائفة معينة؛ لا ينادون ببرنامج مماثل يتحيز إيجابيًا للفقراء والمهمشين وقاطنى المناطق النائية فى سيناء والصعيد والوادى الجديد، ولم نسمع من أعضاء جبهة الإنقاذ اعتراضا على تلك المذابح التى ارتكبت فى رابعة والنهضة ورمسيس وسيناء وفى كل أنحاء مصر، فضلا عن صمتهم كذلك على تقييد الحريات وتكميم الأفواه والتخلى عن أهداف الثورة، وأيضا عدم إدانتهم لاضطهاد اللاجئين السوريين فى مصر مما يتعارض مع كل مبادئ الإنسانية، وكذلك يصمتون الآن فى الوقت الذى يتم فيه تحصين منصب وزير الدفاع فى الدستور -الذى يضعه الانقلابيون الآن- والسماح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية؛ وعليه فالليبرالية المصرية هى من النوع الأمريكى التى تكفر بمبادئها عندما يتعلق الأمر بالمسلمين.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل