X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      28/04/2024 |    (توقيت القدس)

رسالة الإخوان المسلمين بعد سقوط وثيقة الدم والخراب.. ثورة الشعب مستمرة

من : قسماوي نت
نشر : 20/01/2014 - 19:15
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَنْ والاه.
وبعدُ، فقد اقتضتْ حكمةُ العليمِ الحكيمِ أنْ يحصُلَ التدافعُ بين الحقِّ والباطلِ، وبين الخيرِ والشرِّ؛ لِيَمِيزَ الخبيثَ من الطَّيِّبِ، ومضى قضاؤه سبحانه أن ينصُرَ الحقَّ ويجعلَ العاقبةَ لأصحابِه ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم 47)،  ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ﴾ (غافر 51)، ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (الصافات 173)، ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (الأنبياء 105)، إلى غير ذلك من الآياتِ القاطعةِ بأنَّ هذا التدافعَ مُفْضٍ لا مَحالةَ إلى نصرِ المؤمنين، وإلى خذْلانِ الضالِّين، وهو قضاءٌ ماضٍ إلى يومِ الدِّينِ، لأنه سبحانه ﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (آل عمران 47).
وما يجري الآنَ في وطنِنا العزيزِ هو حلقةٌ من حلقاتِ هذا التدافُعِ، الذي لا نشُكُّ أن عاقبتَه ستكون عِزًّا ونصرًا كبيرًا للحقِّ وأهلِه بإذن الله، بعد أنْ لاحَتْ بشائِرُه وظهرتْ بوادِرُه، وآخرُها: هذه المقاطعةُ الإيجابيةُ الرائعةُ من شبابِ مصر الواعي لوثيقةِ الدمِ والخرابِ التي ظنَّ الانقلابيون وتَوَهَّمُوا أنها يمكنُ أن تكونَ سببًا لإضفاءِ مشروعيةٍ ما على الزورِ والبُهتانِ الذي أغرقوا فيه أنفسَهم، وهذا موقفٌ عظيمٌ يستوجبُ تقديمَ الشكرِ لهذا الشعبِ الحرِّ، والثناءَ العاطرَ على هذا الشبابِ المبدِعِ، الذي لم يلتفِتْ أصلًا للصخبِ الهائجِ الذي حاولتْ به الآلةُ الإعلاميةُ الانقلابيةُ أنْ تصنعَ حالةً زائفةً من التشويشِ على الثوارِ الأحرارِ وعلى الثورةِ المستمرةِ على أرضِ الواقعِ، والمنتصرةِ والبالغةِ أهدافَها بإذن الله.
أيُّها الثوارُ الأحرارُ، لقد كسرتُمْ بثباتِكُمْ وجهادِكُمْ السلميِّ الرائعِ حلقةً جديدةً من حلقاتِ الانقلابِ الدمويِّ الفاشلِ، تُضافُ إلى أخواتها من الانكساراتِ التي مُنِيَ بها هذا الانقلابُ على أيديكم، بفضلِ الله، وتقدَّمْتُمْ بثورتِكم السلميَّةِ خُطوةً أخرى مهمةً على طريقِ إسقاطِه، واستخراجِ شهادةِ وفاتِه، ولا يزالُ أمامَنا حلقاتٌ أخرى، تحتاجُ إلى صُمُودِ الأبطالِ، وإبداعِ الثوَّارِ الذين يُبْهِرون بسلمِيَّتِهم الإيجابيةِ المبدِعةِ كلَّ المراقبين في كلِّ أممِ الأرض.
إنَّ ثورتَنا المبدِعَةَ المباركةَ ليستْ مجردَ ثورةٍ مصريةٍ، لأنَّ مصرَ تاريخًا وشعبًا ليس مجردَ بلدٍ عاديٍّ، فثمَّةَ شعوبٌ وأممٌ كثيرةٌ تنظرُ إليكم بانبهارٍ، وتنتظرُ نجاحَ ثورتِكم بشوْقٍ، وتتعلَّقُ قلوبُها بكم بصدقٍ، وتلْهَجُ ألسنتُها بالدعاءِ لكم بإخلاصٍ، وترى في نجاحِكم نصرًا للمبادئِ الساميةِ والقِيَمِ الإنسانيةِ العُليا، وتضعُ فيكم أملَها في بَسْطِ مفاهيم الحريةِ والكرامةِ والعدالةِ الحقيقيةِ وإرساءِ قيمِ الشورى والديمقراطيةِ الأصيلة، بعد أن رانَ على البشريةِ رُكامٌ من الزَّيْفِ والتلفيقِ والتدليسِ والتنكُّرِ للمبادئِ من أجل المصالح، ويُدركُ كلُّ المنصفين في العالمِ اليومَ أننا الأصدقُ تطبيقًا للقواعدِ الديمقراطيةِ والأكثرُ حفاظًا على قِيَمِها، رغم َكلِّ ما أصابَنا من عَنَتٍ وتضييق.
أيها الثوارُ الأحرارُ المخلِصون، علمَ اللهُ أنَّنا ما ثُرْنَا وما انتَفَضْنا إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِه، ورَفْعًا لِرَايَةِ الحقِّ، وَإِعْزَازًا لِأَوْطَانِنَا، وحِفْظًا لِحُرِّيَّاتِنَا وَحُرُمَاتِنَا، وصيانةً للمبادئِ الإنسانيةِ الرشيدةِ، ولذلك فنحنُ على يقينٍ من نصرِه المبين، ومن بشائرِ ذلك: تثبيتُه لقلوبِ الثوارِ، وشدُّه لأَزْرِهم وعزائِمِهم، رغمَ الإفراط في العنفِ الظالمِ الذي يصبُّه الانقلابيُّون عليهم، وإعادةُ اللُّحْمَة والتوحُّد بين شركاءِ الثورةِ الذين اجتهدَ الانقلابيون في التفريقِ فيما بينهم، وإفاقةُ الكثيرين من حالةِ اللامبالاةِ التي استغلَّها الانقلابيون، وكثرةُ الفئاتِ والأعدادِ الجديدةِ التي تنضمُّ لصفوفِ الثورةِ يومًا بعد يوم، وحالاتُ الإبداعِ المبهِرِ للثورةِ السلميةِ التي تتزايدُ باستمرارٍ، وتُرْبِكُ الانقلابيين وتُفسِدُ حساباتِهم الخاطئةِ، وظهورُ التصدُّعِ في صفوفِ الانقلابيين، وانقلابُ بعضِهم على بعضٍ، وتعارضُ مصالحِهم وأطماعِهم يومًا بعد آخر، وزيادةُ العزلةِ الداخليةِ والإقليميةِ والدوليةِ للانقلابيين، وانكشافُ مدى القبحِ والزيفِ الانقلابيِّ مع مرورِ الأيام.
إنَّ المنصفِين والعقلاءَ من المفكِّرين والمراقبينَ على مستوى العالم يروْن ويكشفُون بوضوحٍ أنَّ نهايةَ هذا الانقلابِ باتتْ أقربَ مما يتوقَّعُ الكثيرون، وأنه كلَّما حاول الانقلابيون تجميلَ صورتِهم حملهم الغباءُ على تقبيحِها وتسويدِها وكشفِ سوءاتها، وتلك هي طبيعةُ الباطلِ فهو زهوقٌ لا يزداد مع الأيامِ إلا قُبْحًا وفسادًا وانكشافًا وانكسارًا، ولا يلبثُ أن يقذفَ الله عليه بالحقِّ فيدمغَه، فإذا هو زاهقٌ. وليس إلا صبرُ الأحرارِ وصمودُ الأبطالِ وقوةُ العزائمِ والإبداعُ السلميُّ وسائلَ يُزهقُ بها اللهُ هذا الانقلابَ، ويطردُ شَبَحَ اليأْسِ من القلب، ويُبَدِّدُ ظُلمةَ القلقِ من النفس، ويُضيءُ الصَّدْرَ بالأمل في الظَّفَر والثقةِ بالغدِ إن شاء الله، ويملأُ القلبَ باليقينِ بأنَّ فَرَجَ اللهِ آتٍ لا رَيْبَ فيه، وأنَّ بعدَ الضِّيق سَعَةً ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ (الشرح 5-6) فلم يجعل سبحانه اليُسْرَ بعد العُسْر أو عَقِبَه، بل معه، وذلك ليُنَبِّهَ على أمرين:
الأول: قُرْبُ تحقق اليُسرِ بعد العُسْرِ مباشرةً، حتى كأنَّه معه أو متصل به.
الثاني: أنَّ مع العُسْر بالفعل يُسْرًا لا ريبَ فيه، قد يكون ظاهرًا ملموسًا، وقد يكون خَفِيًّا مكنونًا، وذلك ما يُسَمَّى (اللُّطْف)، ففي كلِّ قَدَرٍ لُطْفٌ، وفي كلِّ بلاءٍ نعمةٌ، وفي كلِّ محنةٍ منْحةٌ، يدركُ ذلك ذَوُو البصائِرِ وأُولُو النُّهَى، وفي ذلك يقول ابنُ عطاء الله السكندري: «مَنْ ظَنَّ انْفِكَاكَ لُطْفِهِ عَنْ قَدَرِهِ فَذَلِكَ لِقُصُورِ نَظَرِه»، وتأمَّلْ ما قاله يوسفُ عليه السلام تعليقًا على ما آل إليه أمرُه من العِزِّ والتمكينِ بعدَ طولِ البَلاءِ ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ (يوسف 100)، كما أن تعريف (العسر) وتنكير (اليسر) للإفادة أن مع العسر يسرين لا يسرا واحدا، فقد كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ يَجْعَلْ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ».
فانطلقوا أيُّها الأحرارُ في ثورتِكم السلميةِ المبدِعةِ، وتوحَّدوا وانبِذُوا الخلافَ، واستعِدُّوا واحشِدوا للخامسِ والعشرينَ من يناير، وأَلْجِمُوا نَزَواتِ العواطفِ بنظراتِ العقولِ، وأَنيرُوا أشعَّةَ العقولِ بلَهَبِ العواطفِ، وألْزِمُوا الخيالَ صِدْقَ الحقيقةِ والواقعِ، واكتشِفُوا الحقائقَ في أضواءِ الخيالِ الزاهيةِ البرَّاقةِ، ولا تَمِيلوا كلَّ الميْلِ فتذَرُوها كالمعَلَّقةِ، ولا تُصَادِموا نواميسَ الكونِ فإنها غلَّابةٌ، ولكن غالِبُوها واستخْدِمُوها وحوِّلُوا تيارَها، واستعِينوا ببعضِها علي بعضٍ، وترَقَّبوا ساعةَ النَّصرِ، وما هيَ منكم ببعيد.
والله أكبرُ وللهِ الحمدُ، والنصر للأحرارِ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل