X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      27/04/2024 |    (توقيت القدس)

مرسى رئيس دولةٍ وزعيم ثورة

من : قسماوي نت
نشر : 23/01/2014 - 15:10
مرسى رئيس دولةٍ وزعيم ثورة
 
 
كان اختيار رئيس الدولة بإرادةٍ شعبيةٍ خالصة أكبر انتصارٍ لثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة ، وأحد أهم إنجازاتها التاريخيةِ ، بل أعظم انجازٍ حققه المصريون من عهد مينا موحد القطرين ، لقد أطاحت شرعية الثورة بنظام الحكم القائم فى مصر ، واستمرت حتى اصدار الدستور الذى رضيه الشعب وبلور الأهداف التى قامت من أجلها الثورة ، وبإصدار الدستور حلت الشرعية الدستورية محل الشرعية الثورية ، وأصبح نظام الحكم الثورى مقيدًا بما يفرضه عليه الدستور من أحكام وإلا وصمت تصرفاته بعدم الدستورية ، ثم وقع انقلاب الثالث من يوليو واختطف العسكر الرئيس الشرعى وعطلوا دستور البلاد عاصفين بكل مكتسبات الثورة ضاربين بإرادة الأمة عرض الحائط ، فاستعاد الشعب أنفاس ثورته الأولى لاسترداد مكتسباتها واستكمال مسيرتها ، ولازلت الثورة مستمرةً يستصحب الشعب فيها شرعيتها الثورية حتى يتحقق له مبتغاه ، والحديث عن شرعية الثورة يتطلب التفرقة بين مراحل أربع للثورة المصرية : -
المرحلة الأولى : تشمل الفترة منذ قيام الثورة والإطاحة بالنظام السابق حتى إصدار الدستور ، وكان من المفروض - خلال تلك الفترة - أن يسترد الشعب السلطة كاملةً وأن تكون الشرعية الحاكمة هى شرعية الثورة ، إلا أن النظام السابق سلم السلطة للجيش فى انقلابٍ ناعمٍ مدبر ، ومنذ الوهلة الأولى لاستلامه السلطة أخذ يعمل على كبح جماح النفس الثورى وتحجيم إرادة الثورة للخروج منها بأقل قدرٍ ممكن من التغيير الذى تنشده ؛ توطئةً للإلتفاف والإنقضاض عليها ، لم يكن لوجود العسكر فى الحكم سندٌ من القانون ، فلم يكن مبتغى الثوار أن يستبدلوا بهم نظام مبارك ، ولم يكن مبارك الذى فقد شرعيته للحكم أهلًا لأن يمنحهم الحق فى الحكم خلفًا له ، المهم أن العسكر جلسوا فى سدة الحكم - خلفًا لمبارك - بقوة السلاح ، وفرضوا الوصاية على الثورة ، وجعلوا شرعيتها موقوفة التنفيذ ، فحالوا بين الشرعية الثورية وبين تحقيق إرادة الثورة فى التغيير والتخلص من الدولة العميقة ، لكن مع ذلك بقيت الشرعية الثورية هى الشرعية القائمة فى البلاد ، وإن كان قد تم السيطرة عليها من قبل العسكر إلا أن الغليان الثورى كان ما يجد بين الحين والآخر متنفسًا من قيود العسكر حتى حققت الشرعية الثورية ما كانت تطمح إليه من انتخاب رئيسٍ مدنىٍّ للبلاد واقرار دستورٍ يحقق أهداف الثورة .
المرحلة الثانية : تشمل الفترة من إصدار الدستور حتى انقلاب الثالث من يوليو ، وخلال تلك الفترة حلت الشرعية الدستورية محل الشرعية الثورية قبل أن تتمكن الأخيرة من إفراغ الإرادة الثورية فى التغيير ، وفى مقابل ما حققته الثورة من مغنمٍ يتمثلُ فى إقرار دستورٍ يرضاه الشعب ، فقد خسرت الثورة آليات التغيير الثورى التى لا مجال لتفعيلها فى النظم الدستورية ، ونال العسكر مرادهم فى الإبقاء على دولة مبارك العميقة بل وتحصينها دستوريًا ، فنشأ الصراع بين نظام الحكم الثورى الذى يملك السلطة الشرعية وبين الدولة العميقة التى تملك السلطة الفعلية من جيشٍ وقضاءٍ وشرطة وجهازٍ إدارىٍ فاسد ، فكانت السلطة الشرعية لا تملك إنفاذ إرادة الشعب لعدم سيطرتها على السلطة الفعلية فى البلاد ، واستعصت مرافق الدولة عن الإستجابة لأوامرها ، ودأبت الدولة العميقة التى تحتكر مفاصل الحكم وأدواته على العمل عكس إرادتها لإفشالها ، وانتهت تلك الفترة بانقلابٍ عسكرىٍ استعاد آلياتِ وشكل نظام الحكم السابق الذى ثار الشعب من أجل تغييره .
المرحلة الثالثة : تشمل الفترة التى أعقبت الإنقلابَ حتى عودة الرئيس المنتخب ، وقد اتسمت تلك الفترة بانطلاق الشعب لاستكمال ثورته لاستعادة مكتسباتها واستكمال المد الثورى الذى حال العسكر بينه وبين إحداث التغيير المنشود بالإطاحة بدولة مبارك العميقة التى تضرب بجذور الفساد فى كل مكان ، وإعادة هيكلة كافة مؤسسات ومرافق الدولة على نحوٍ جذرى ، لا يقف عند حد التطهير فحسب ، بل يمتد إلى اقتلاع تلك المؤسسات من جذور الفساد ، فقد استوعب الشعب حقيقة حتمية التخلص من الدولة العميقة كأساسٍ لاستمرار مسيرة ثورته ، ووعى تلك الفكرة جيدًا ، من هنا أقول إن استمرار المد الثورى لثورة يناير أعاد الشرعية الثورية للحياة من جديد ، هذه الثورة لن تهذأ حتى تحقق كامل أهدافها وتستعيد الرئيس المنتخب ، وسيظل الشعب متمسكًا بشرعية الثورة حتى بعد عودة مرسى ؛ لتتمكن إرادته من إحداث الأثر الثورى الذى كبح العسكر جماحه حتى صدر دستور 2012 كبديلٍ عن شرعية الثورة ، فتحصنت الدولة العميقة وراء ذلك الدستور ، وكان ذلك أحد أخطاء الثورة الذى دفع الثوار ثمنه غاليًا .
المرحلة الرابعة : هى مرحلة ما بعد عودة مرسى ، وتثير تلك المرحلة تساؤلًا مهمًا ، هل بعودة مرسى تعود الشرعية الدستورية التى كانت قائمةً قبل الإطاحة به ، أم أنه يعود رئيسًا شرعيًا وزعيم ثورة تفرض شرعيةً ثوريةً لتحقق أهدافها ؟ وهل يمكن - من الناحية لقانونية - أن يجمع مرسى بين صفة رئيس الدولة وزعيم الثورة دون أن يكون هناك تعارضٌ بين الصفتين ؟ الحقيقة أن الشرعية الدستورية لم تكن مرتبطةً بانتخاب مرسى رئيسًا ، لقد كان ترشح مرسى للرئاسة وانتخابه رئيسًا وليد اعلاناتٍ دستوريةٍ أصدرها المجلس العسكرى إنفاذًا للشرعية الثورية التى فرضتها الثورة عليه ، وبعد أن تولى الحكم تم وضع الوثيقة الدستورية وإقرارها من الشعب ، أى أن مرسى كان أسبق من الدستور الذى عطله الإنقلاب ، انتخابه كان أقرب إلى اختيار زعيمٍ للثورة من تنصيب رئيسٍ للدولة ، إذن لا ارتباط بين عودته رئيسًا للبلاد وبين عودة الشرعية الدستورية لأن العقد الإجتماعى الذى فوضه الشعب بموجبه سلطة الحكم لم ينشأ فى ظل وثيقةٍ دستورية تجعل إرادة الشعب مشوبةً بالربط بين تلك الوثيقة وبين وجوده كرئيس أو زعيمٍ للثورة ، ومن ناحيةٍ أخرى فإن استمرار المد الثورى لثورة ينار ضد انقلاب العسكر يدل على أن إرادة الشعب اتجهت إلى استرداد كافة سلطاته ليمارسها بنفسه من خلال زعماء ثورته وفق شرعيةٍ ثورية تعد امتدادًا لشرعية ثورة يناير ، هذه الشرعية يملك الشعب انفاذها فى مرحلة ما بعد عودة مرسى من أجل تحقيق أهداف الثورة ، وهو ما يجعل من المقبول - قانونًا - أن يستمر مرسى فى الحكم رئيسًا منتخبًا للدولةِ ، وزعيمًا للثورة يحكم بالشرعية الثورية التى تستصحبها تلك الثورة لتحقق أهدافها
المستشار عماد أبوهاشم
رئيس محكمة المنصورة
عضو المكتب التنفيذى لحركة قضاة من أجل مصر
رئيس حملة الشعب يدافع عن دستوره ضد الإنقلاب
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل