X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      03/05/2024 |    (توقيت القدس)

صبرا وشاتيلا.. ذكرى جريمة العصر

من : قسماوي نت
نشر : 24/09/2014 - 13:50
السادس عشر من ايلول ذكرى مجزرة صبرا وشتيلا عام 1982 حينما استيقظ لاجئو (صبرا وشاتيلا) على أحدى أكثر الفصول دموية فى تاريخ الشعب الفلسطيني، بل من أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره بحق حركات المقاومة والتحرير.
 
صدر قرار تلك المذبحة برئاسة رافايل إيتان رئيس أركان الحرب الإسرائيلي وآرييل شارون وزير الدفاع آنذاك فى حكومة كان يرأسها مناحيم بيجن.
 
بدأت المذبحة فى الخامسة من مساء السادس عشر من أيلول حيث دخلت ثلاث فرق إلى المخيم كل منها يتكون من خمسين جنديا، وأطبقت تلك الفرق على سكان المخيم وأخذوا يقتلون المدنيين بلا هوادة، أطفالٌ فى سن الثالثة والرابعة وُجدوا غارقين في دمائهم، حواملُ بُقِرَت بُطونهنّ ونساءٌ تمَّ اغتصابهنَّ قبل قتلِهِنّ، رجالٌ وشيوخٌ ذُبحوا وقُتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره! نشروا الرعب فى ربوع المخيم وتركوا ذكرى سوداء مأساوية وألماً لا يمحوه مرور الأيام في نفوس من نجا من أبناء المخيمين.
 
48 ساعة من القتل المستمر وسماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة .. أحكمت الآليات الإسرائيلية إغلاقَ كل مداخل النجاة إلى المخيم فلم يُسمح للصحفيين ولا وكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة في الثامن عشر من أيلول حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح فى تاريخ البشرية ليجد جثثاً مذبوحة بلا رؤوس و رؤوساً بلا أعين و رؤوساً أخرى محطمة ! ليجد قرابة 3000 جثة ما بين طفل وامرأة وشيخ ورجل من أبناء الشعب الفلسطيني والمئات من أبناء الشعب اللبناني !
 
في ذلك الوقت كان المخيم مطوقا بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة ارئيل شارون ورافائيل أيتان، أما قيادة القوات المحتلة فكانت تحت إمرة إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ. وقامت القوات الانعزالية بالدخول إلى المخيم وبدأت بدم بارد بتنفيذ المجزرة التي هزت العالم ودونما رحمة وبعيدا عن الإعلام وكانت قد استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكان المخيم العزل وكانت مهمة الجيش الإسرائيلي محاصرة المخيم وإنارته ليلا بالقنابل المضيئة.
 
في تقارير صحفية انتشرت سابقا عن شهود عيان شهدوا المذبحة يروي أبو ماهر، الذي كان يبلغ من العمر ٤٠ سنة يومها، عن توجه دبابات من طريق المطار باتجاه محطة الرحاب في محاولةٍ لمحاصرة المخيم، قُبيل حصول المجزرة، ويقول "هرعتُ إلى المخيم عصراً فور توارد أنباء عن محاولات لاقتحامه، وحينما تأكدنا من صحة الأخبار، سارعنا لإخراج النساء والأطفال من المدخلين الشمالي والشرقي. لم يتوقفوا عن إلقاء القنابل المضيئة على مدى يومين. عقب تلك الليلة، وصل صديق إلى مكان إقامتنا المؤقتة، وبدت على وجهه علامات الخوف. حاول أن يصِف لنا هول ما سمعه من أصوات استغاثةٍ وصرخات مذعورة، ولكن دموعه خانته: واضاف : عم يقتلونا.. عم يقتلونا.. سألته عمّن يقتلهم ليجيب: ما بعرف.. ما منعرف!".
 
حاول أبو ماهر الدفاع عمّن تبقى في المخيم، ولكن انسحاب الفصائل الفلسطينية، قبل أسابيع، ترك الشبان دون قيادةٍ ولا أسلحةٍ تُذكر، فاستعانوا بأسلحتهم الفردية في محاولةٍ للدفاع عن النفس.
 
اليوم الثالث لم يختلف عن اليومين الاول والثاني، استمرت القنابل المضيئة وأصوات النيران، لتتعالى بعدها بساعات أصواتٌ من مكبرات الصوت منادية: "سلّم نفسك تسلم". وبعد ساعات، استطاع أبو ماهر الوصول إلى الجهة المنكوبة من المخيم: "لم أصدق ما رأيته يومها في الحرج الممتد في منطقة صبرا.. كانت الجثث تملأ المكان.. توقفت عن التفكير لبُرهةٍ من الزمن. جثثٌ من الزواريب إلى مداخل البيوت، رجالٌ ذُبحوا وأطفالٌ قُتلوا في أحضان أمهاتهم، عجزةٌ حاولوا الهرب لكن الرصاص كان أسرع من قُدرتهم على الجري". تدمع عينا أبو ماهر لوهلة، ثم يعود ويستجمع قوته لرواية المزيد: "استُعْمِلت السكاكين والفؤوس والبلطات". مَن استطاع سبيلاً إلى الهرب هرب عبر مقبرة الشهداء، شرقاً، أو طريق الجديدة، شمالاً.. أما داخل صبرا والرحاب والحرج الممتد.. فقد اختبأت عشرات العائلات".
 
المشهد المؤلم الذي حاول أبو ماهر جاهداً وصفه، لم تستطع ذاكرة أبو أحمد الصالحاني نسيانه، هو الذي يكاد يبلغ التسعين من عمره: "ذاكرتي باتت تخونني في مناسباتٍ عديدة، ولكن واقعة صبرا وشاتيلا ستُلازمني حتى مماتي"، يروي أبو أحمد. نظرات الحقد والألم لا تفارق عينيه، وفوق خزانة الملابس الموجودة في غرفة نومه، يحتفظ العجوز ببلطةٍ وجدها في أيلول ١٩٨٢: "هذه البلطة شاهدةٌ على ما حصل وما ارتكبه السفاح في مخيمنا".
 
يُعتبر أبو أحمد من الناجين المحظوظين، هو الذي لم يحمل هويته معه في ذلك اليوم، ترجّل من سيارة الاجرة التي كان يستقلها قرب مكب للنفايات، واستخدم زواريب المخيم للوصول إلى منزله حيث سمع الناس تتداول أخباراً عن مشاكل قد تمتد إلى المخيم. اختفت سيارة الأجرة بمَن فيها، ولم يعرف أبو أحمد ما كان مصير ركابها وسائقها حتى اليوم: "احتفظت بالبلطة كما أحتفظ بأوراق منزلي في فلسطين، تُوازي أهميتها أهميتهم.. أعتقد أنها دليلٌ قاطع على ما حصل في 16 أيلول 1982". فقدت شقيقة أبو أحمد زوجها في المجزرة، وتمكنت القوات الاسرائيلية من اقتحام مستشفى غزة، حيث ذبحت العديد من الناس. الملاجئ الصغيرة المعدّة مسبقاً لحماية العائلات من القصف العشوائي، استُخدمت يومها لحمايتهم من الجزارين المتنقلين بين المنازل.  
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل