X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      03/05/2024 |    (توقيت القدس)

الفصل الثاني ... من روائع الدولة العليّة العثمانيّة .. أ.د. ابراهيم حسن أبوجابر

من : قسماوي نت - أ.د. ابراهيم حسن أبوجابر
نشر : 30/11/2014 - 19:25

كتاب : الدرر البهيّة من سيرة الدولة العليّة العثمانيّة.

المؤلف : أ.د. ابراهيم حسن أبوجابر

السنة : 2014م

 

الفصل الثاني

من روائع الدولة العليّة العثمانيّة

***********

الخلافة العثمانيّة

اهتمام بالمقدّسات, ومشاريع عمرانيّة مشرّفة8-9/40!!*

اهتم  سلاطين الخلافة الاسلامية العثمانية كثيرا بالأماكن الاسلامية المقدسة وعلى راسها المسجد الاقصى المبارك والمسجد الحرام والمسجد النبوي. هذا الاهتمام ترجمه الاتراك على شكل بناء وترميم وصيانة للاماكن المقدسة في هذه الاماكن ومنها بالتاكيد مدينة القدس, وبالمناسبة ها هي بعض نماذج مشرقة لهذا الاهتمام:
السلطان سليمان القانوني
تعتبر فترة السلطان سليمان القانوني نجل السلطان سليم الأول، الفترة الذهبية بالنسبة لأسوار القدس، حيث أمر هذا السلطان بإعادة بناء أسوار المدينة من جديد. وكانت تلك خطة طموحة استلزمت مهارة عالية ونفقات باهضة. ولم يقم العثمانيون ببناء استحكامات معقدة كتلك سوى في أماكن قليلة أخرى, وقد بلغ طول السور الذي ما زال موجودا إلى الآن 4200م, بارتفاع 38-40 مترا. وأحاط المدينة إحاطة تامة وكان به أربعة وثلاثون برجا وسبع بوابات. وحينما انتهى بناء السور عام (1541م) أصبحت القدس محصنة لأول مرة منذ أكثر من ثلاثمائة عام.

وأنفق سليمان القانوني أيضا مبالغ كبيرة في نظام المياه بالمدينة فبنيت ست نافورات جميلة وشقت القنوات والبحيرات، وتم تجديد بحيرة السلطان جنوب غربي المدينة وأصلحت قنواتها, وشهدت المدينة ازدهارا جديدا حيث تم تطوير الأسواق وتوسيعها.

*خرائط الريس بري:مصب النيل,وموقع مدينة القاهرة الان(هكذا في الاصل).

لم يهمل السلطان سليمان المسجد الاقصى فرممه بالفسيفساء خاصة الجزء الأعلى من الحائط الخارجي لقبة الصخرة وغلف الجزء الأسفل بالرخام. وتمت تغطية قبة السلسلة بزخارف جميلة. كما بنى سليمان القانوني نافورة بديعة للوضوء في الفناء الأمامي للمسجد الأقصى. وتنازل السلطان عن حقه في رسوم دخول الحجاج لصالح تمويل قراءة القرآن في قبة الصخرة لمدة عام واحد. وأصبحت الأوقاف التي تم إصلاحها مصدر عمل ودخل للأعمال الخيرية. وأنشأت زوجة السلطان القانوني تكية في القدس عام (1551م)، ومجمعا كبيرا يشمل مسجدا ورباطا ومدرسة وخانا ومطبخا يخدم طلبة العلم والمتصوفين والفقراء ويقدم لهم وجبات طعام مجانية. وقد شملت أوقاف التكية عدة قرى حتى وصلت منطقة رام الله.

وباختصار تتلخص المشاريع التي تمت في فترة السلطان سليمان القانوني بما يلي: ترميم وصيانة المسجد القبلي وقبة الصخرة, بناء مئذنة القلعة المملوكية, اقامة قنوات وبحيرات مياه وسبل  وتكيات الخ..

السلطان محمود الثاني

 أما أهم مشاريع الاعمار والترميمات التي تمت في مدينة القدس خلال عهد السلطان محمود الثاني فهي :
1 – في سنة 1812 عمّر متسلم القدس كنج آغا قناة السبيل التي تجري فيها مياه برك سليمان إلى القدس.
2 – في سنة 1816 قام سليمان باشا والي صيدا بترميم المسجد الأقصى على نفقته الخاصة وأنشأ معملا خاصا للقيشاني في مدينة القدس يسد احتياجات المسجد الأقصى منه في عمليات الترميم.
3 – في عامي 1817-1818 قام الوالي سليمان باشا بتنفيذ أعمال ترميم كبيرة في قبة الصخرة المشرفة كان السلطان محمود الثاني أمر بها، واستمرت هذه الترميمات واحدا وعشرين شهرًا.

السلطان عبد المجيد الاول
ومن مشاريع الترميمات العثمانية المهمة تلك التي أنجزت في عهد السلطان عبد المجيد الأول (1839-1861 ميلادية)، إنجاز أعمال ترميمات ضخمة استمرت مدة من الزمن، كلفت خزينة الدولة أموالا طائلة، حيث استدعى خبراء ومهندسين من خارج البلاد لتقوية وصيانة المبنى الأساسي للقبة وزخارفها من الداخل والخارج.
السلطان عبد العزيز
إن من أهم سمات التطور الحضاري الذي شهدته مدينة القدس في عهد السلطان عبد العزيز هو الازدهار العمراني الكبير والمتميز داخل أسوار المدينة وخارجها. ففي خلال السنوات العشر التالية لحرب القرم سنة 1856، تم تنفيذ 24 مشروعًا عمرانيًا كبيرًا داخل وخارج أسوار المدينة.
وفي عام 1874 تم تعمير قبة الصخرة ومسجدها والمسجد الأقصى، حتى قيل إن مشاريع الاعمار التي تمت في المسجد الأقصى تعد من أضخم المشاريع التي لحقت به بعد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.

السلطان عبد الحميد الثاني

 وفي أيام عبد الحميد "أنشئت السكة الحديدية بين يافا والقدس (1892م) وأنشئ المستشفى البلدي الكائن غربي المدينة عند الشيخ بدر (1891م) وأنشأ برجا عال على السور فوق باب الخليل (1909م). وسبيلا على مقربة من الباب المذكور (1907م). وجددت سنة 1882 عمارة السبيل المعروف بسبيل قايتباي الكائن في ساحة الحرم.(8 )

سلاطين الخلافة العثمانيّة

 ينابيع الحبّ الربّانيّ الخالص!!*

حملت الدولة العثمانية منذ أن بزغ فجرها في القرن الثالث عشر للميلاد (1299)، هموم الأمة الإسلامية كاملة وبأمانه ، وسَعَت ,مسخرة كافة إمكاناتها, لرعاية مصالح هذه الأمة وتأمين أمنها وراحتها وسلامتها في كل نواحي الحياة وبقوة.
الدولة العثمانية من جانبها  حرصت ايضا على نصرة الإسلام ونشر مبادئه وقيمه في كل بقعة وصل اليها جيشها، وفي جميع أقاليم وبلدان الدولة ...

كان سلاطين آل عثمان دائما في طليعة الجيش عند الحرب والنزال مع غير المسلمين يقاتلون ببسالة منقطعة النظير ، وحين كان يتأخر بعضهم لمشاغل الدولة عن المشاركة في حرب ما، عدّوا أنفسهم عديمي الحظ ، حيث كانت تفيض  عيونهم بالدمع وتعتصر قلوبهم بالحزن والأسى..
نذر سلاطين ال عثمان أنفسهم للإسلام ايضا، واعتبروا الدفاع عنه  وعن قيمه مسؤولية عظمى لابد أن تؤدى، فساروا قدماً أمام الأمة بصدق وإخلاص مقتدين بنهج الرسول "صلى الله عليه وسلم" متفانين في حبه .

وانه لحري ان يسوق المرء بعضا من مواقف مشهودة لهؤلاء الخلفاء والسلاطين وثّقها المؤرخون بأمانة وصدق تدل بلا لبس ولا غموض على قوة عقيدتهم وحبهم لله والرسول ,منها:


* السلطان مراد الثاني : يقول وهو يرقد على فراش الموت لوزيره بصوت خافت: اقرأ يا إسحاق، اقرأ وصيّتنا! فبدأ إسحاق باشا يقرأ الوصيّة بصوت عال: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، توكلت على الله رب العرش العظيم ، كل نفس ذائقة الموت ، فلا تغرنّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغَرور.. أما بعد؛ أوصيكم بأن توزّعوا ثلث أملاكي في ولاية "صاروهان"؛ على أن يكون 3500 قطعة ذهبية منها إلى فقراء مكة المكرمة، و3500 قطعة ذهبية إلى فقراء المدينة المنورة؛ ووزّعوا 500 قطعة أخرى على الذين يكثرون من تلاوة القرآن الكريم من أهالي مكة المكرمة في حرم بيت الله ، ثم يرددون كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" 70 ألف مرة ويهدون ثوابها للموصي، وأوصيكم أن توزّعوا 2500 قطعة ذهبية من أملاكي هذه على الذين يكثرون من تلاوة القرآن الكريم ثم يرددون كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" 70 ألف مرة في قبة الصخرة بساحة المسجد الأقصى".
وإذا ما أمعنا النظر في هذه الوصية نرى بوضوح حب السلطان مراد الثاني لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن أراضي الحجاز (مكة المكرمة-المدينة المنورة) والقدس (المسجد الأقصى) في تلك الآونة لم تكن في حوزة الدولة العثمانية بعدُ.


* السلطان محمد الفاتح:يخرج في إحدى الليالي قبل فتح القسطنطينية(1453)م إلى شيخه "أقْ شمس الدين" ويبدي رغبته في العثور على قبر الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري" رضي الله عنه" . فيخرج "أقْ شمس الدين" برفقة السلطان من الخيمة ، حتى وصلا إلى ساحل القرن الذهبـي، وهناك يشير الشيخ إلى مكان قريب من الأسوار ويقول: "ها هنا القبر يا جلالة السلطان". فيأمر السلطان محمد الفاتح بإنشاء جامع وضريح في هذا المكان على الفور, وبعد الفتح يبنى الجامع والضريح القائم حتى يومنا هذا في حي الفاتح من المدينة.


*السلطان بايزيد خان ابن السطان محمد الفاتح: زار صديقه الذي يحبه في الله "بابا يوسف" لتوديعه قبل ذهابه إلى الحج، وسلّمه صرّة من الذهب وقال: "هذا ما رزقني الله به من عرق جبيني ، ولقد ادخرته من أجل صيانة قناديل الروضة المطهرة ؛ عندما تقف في حضرة الرسول" صلى الله عليه وسلم" أريد منك أن تقول: يا رسول الله، خادمك الفقير "بايزيد" يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد أرسل هذه القطع من الذهب لشراء زيت قناديل الروضة، فاقبلها منه..".

* السلطان سليم الأول :ضمّت أراضي الحجاز في عهده إلى الدولة العثمانية وتوحّد العالم الإسلامي تحت راية الاسلام في عهده, شرع خطباء المساجد على اثرها  في نعته بلقب "حاكم الحرمين" إلا أن السلطان سليم لم يكن راضياً عن هذا اللقب أبداً.
وفي يوم من الأيام وهو يصلي صلاة الجمعة في الجامع الكبير بحلب، يسمع هذه اللفظة من خطيب الجامع، فيهب مسرعا ويقول: "لا لا، لستُ حاكماً للحرمين، بل خادماً لهما"، فيعدّل الخطيب كلامه كما أشار به السلطان ،وبعد الصلاة يقوم السلطان بتقديم قفطانه هدية إلى الخطيب وشكراً له.


*السلطان أحمد الأول:  حصل ان اعتلى العرش في وقت حرج، حيث تسود الاضطرابات وتنتشر الفوضى في معظم الأراضي العثمانية. فخرج في إحدى الليالي خفية إلى جناح الأمانات المقدسة بقصر طوب قابي, ومسك نعل الرسول" صلى الله عليه وسلم" وضمه إلى صدره ثم قال بحرقة قلب:
ليتني أحمل نعلك الشريف دائماً على رأسي كالتاج
يا صاحب النعل الكريم، يا وردة حديقة الأنبياء

ليتني أمسح وجهي دائماً على أثر قدمك يا وردة الورود..
ومنذ ذلك الوقت أخذ السلطان أحمد الأول يحمل صورة لأثر القدم النبوي الشريف داخل قفطانه.

 

* السلطان عبد العزيز: وصلت لقصره  في إحدى الأيام رسالة من المدينة المنورة، وكان السلطان في تلك اللحظة مصاباً بمرض شديد أقعده في الفراش؛ فتردد رجال الدولة بادئ الأمر في تقديم الرسالة إليه بسبب مرضه هذا، ولكنهم كانوا يعرفون في الوقت نفسه، مدى حساسيته تجاه المدينة المنورة وحبه لها، فاضطروا إلى تقديمها له في نهاية الأمر. وعندما اقترب الوزير منه وأخبره أن رسالة وصلت من المدينة المنورة، لمعت عينا السلطان وطلب من الوزير ألا يبدأ بالقراءة حتى يأمره بذلك، ثم قال لمن حوله: "ارفعوني.. فلا يمكن أن أسمع رسالة وصلت من الأراضي المقدسة وأنا نائم".
استمع السلطان إلى ما في الرسالة واقفا على رجليه رغم وطأة المرض.. ومما يجدر ذكره هنا، أن السلطان عبد العزيز كان لا يتناول أي ملف أو أوراق قادمة من المدينة المنورة دون أن يجدد وضوءه, لأن هذه الأوراق بالنسبة له تحمل غبار بلدة الرسول" صلى الله عليه وسلم" ورائحته العطرة. لذا كان يقبّلها أولاً ثم يضعها على جبينه ثم يشمها بحرارة ثم يفتحها ليقرأها.

 

* السلطان عبد الحميد الثاني: تولى الخلافة في وقت كانت فيه الدولة العثمانية في منتهى السوء والاضطراب، سواء على مستوى الأوضاع الداخلية أو الخارجية؛ وفي هذا الحال بدأ العمل بكل ما أوتي من قوة ليوحد المسلمين من جديد تحت راية الإسلام. فقام في عهده بتنفيذ مشاريع في غاية الأهمية، منها إنشاء خط حديد الحجاز الذي امتد من إسطنبول إلى المدينة المنورة. وكانت الغاية العظيمة في ذلك، الدفاع عن الأراضي المقدسة من هجمات العدو ثم تأمين راحة الحجاج خلال رحلتهم إلى الحرمين الشريفين.
ومما تجدر الاشارة اليه انه قد جرى إنشاء الخط الواقع بين مدائن صالح والمدينة المنورة كله بأيدي المهندسين والعمال المسلمين فقط، لأن هذا الجزء كان داخل حدود منطقة الحرم. وعندما وصل الخط إلى المدينة المنورة في 31 أغسطس من عام 1908، أمر السلطان عبد الحميد الثاني بأن يُمَدّ اللباد "الفرش" على الخط في آخر ثلاثين كيلومتراً منه؛ كما أن مقطورة القطار كانت عند وصولها إلى المدينة المنورة تخفض من سرعتها وتقترب من رصيف المحطة ببطء حتى لا تزعج الرسول "صلى الله عليه وسلم". ثم ينـزل الركاب من القطار ماشين على أطراف أقدامهم بأدب واحترام. أما اللباد الممدود على سكة الحديد فكان يتم غسله بماء الورد يوميا في ساعات معينة, وذلك احتراماً لتلك الأراضي المباركة وتقديساً لها.(9 )

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل