X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      03/05/2024 |    (توقيت القدس)

الامل .. في مجلس النمل ... بقلم : غسان صرصور

من : قسماوي نت - بقلم : غسان صرصور
نشر : 09/01/2015 - 11:19

الامل .. في مجلس النمل ... بقلم : غسان صرصور

لا مفرّ , عند الحديث عن متاهات ومسارات  الحاله الفلسطينيه  الراهنه  من استحضار نشأة  المهزله\النكبه الثانيه التي لحقت بشعبنا منذ اوسلو :
بعد اعوام باهظه ومرهقه  من احتلال الضفة الغربيه وقطاع غزه , بلغت ذروتها في فترة  الانتفاضة الاولى  , اهتدى قادة  اسرائيل الى فكرة السيطرة  على لافلسطينيين بالحد الادنى من  الجهد والقوه البشريه اليهوديه , ودون اي حاجة للمرابطة في كل مدينة وقرية ومخيم .. 
وقد تجلى هذا العبئ بافدح اشكاله في فترة الانتفاضه الباسله , حيث هُزمت  القوة  عسكريا واخلاقيا  على يد مقاومه شعبيه عزلاء ضعيفه ولكنها مسلحه بالحق  وبأراده مؤمنه  افقدت الجنرالات صوابهم  وكشفت للعالم  وللكثير من الاسرائيليين  وجه الكذب  والغرور وهو يحاول عبثا ان يذود عن روايته ومزاعمه ..
لكنّ العبرة لم تُعبّر ...
فقد طرح رابين  قبل انتخابات 92  تصوره للحل بقوله : " علينا الانتقال من السيطره  من الداخل الى السيطره من الخارج ..  اي الى التحصّن على رؤوس التلال  والمرتفعات  وفي المستوطنات  وفي مواقع استراتيجيه اخرى  حول المدن الكبرى والمواقع المهمه مع مواصلة السيطره على الطرق الرئيسيه .. "
واضاف ايضا في معرض دفاعه عن اتفاقيات اوسلو :" لم يأت والدي الى فلسطين من اجل الاهتمام بشؤون الفلسطينيين وحل مشاكلهم ..


فليحلّوا مشاكلهم  بانفسهم  ما دمنا  نواصل السيطره عليهم .. " 


وهو ما كان بالضبط  وما طبق بحذافيره  ..  منذ ان جيء  بالسلطة الفارغة  واطبقت المستوطنات  والحواجز  وقوات  (الامن الوقائي )  على الوضع .. في مرحلة لاحقة تم تعزيز مبدأ الفصل الديموغرافي ببناء الجدار العازل على يد شارون .. وهكذا , وبالتنسيق والتعاون  وتحت غطاء المفاوضات  والوعود واموال  المانحين  الكرماء  لوجه الله وجهود   هندسة الوعي  وحقن السم بالتدريج ,  خضع الشعب لبرنامج اعادة تربيه واستعمار فريد لم يشهد التاريخ  مثيلا له في وقت لا تزال فيه الغالبية  تهتف وتبارك  للوكلاء  والنواطير   او على الاقل  تغض  الطرف عن موبقاتهم وهي تللقى  وتحصي منهم الطعنات ...
كانت الغاية  : ان يكفر الناس بكل شيء  , وعلى جرعات ,  وهم لا يشعرون ..
وان لا تبقى من فلسطين  غير " فكرة فلسطين "  ورموزها وذكرياتها ..
" الاحتلال الطويل  خلق  منا  اجيالا عليها ان تحب الحبيب المجهول  .  النائي البعيد ,  المحاط بالحراسة  وبالاسوار ,  وبالرؤوس النوويه , وبالرعب الاملس .." (رايت رام الله .  مريد البرغوثي ) .
وقد شبع من هذا الموضوع طوائف كثيرة من المطلعين واهل النظر واالرأي  واشبعوه تحليلا  وتحقيقا وتوثيقا بحيث لم  يعد يجادل فيه غير  مكابر  فاسد او  مطموس خائب .. فلينظر الانسان الى الواقع فحسب ..  الى ارض الواقع ,  وواقع الانسان وروحه , او .. الى  "  الاسرار  المفضوحه "  , (  بكلمات اسرائيل شاحاك ) التي تدكّ اركاننا ..
 ومع ذلك , لا نزال نلاحظ هذه النبرة المتلطفه والمتحفظه عند  ذكر هذه الزمرة وسيرتها .. _
" قلت لنفسي  ان مفاوضي اوسلو كانوا يجهلون المعنى الحقيقي لهذه المستوطنات  والّا لما وقعوا  الاتفاقيه .."  ( كتب ذلك مريد البرغوثي  سنى 1997 , )  فكيف يصف الحال الان بعدما تضاعفت اضعافا  وتكالبت ..
هنالكك السؤال الكبير الذي  يتركنا مشدوهين  صافنين  الى هذه الدرجة : كيف يشهد المرء مثل هذه اللعبة المكشوفة المبينه  بطريقة تجعله يأبى تصديق ما يشهد ؟!!
(على الهامش) , يقول لي صديق عزيز  : انها الدولارات (المعاشات ) تفعل مفعولها .. 
 ربما ,  وبما انها كذلك .. وبالتحديد  بما انها اسرار مفضوحة , فانها  تحدث هذا الاثر  الحاجب الذي يحول دون ادراكها وتمثّلها .
 بكلمات اخرى  , بقدر ما تكون  العمالة واضحة بينة بقدر ما تغمض  وتلتبس ..
ومن  محطة الى اخرى يزيد الممثلون رسوخا في دورهم .. ورغم كل  المعطيات والوثائق فان  شعبيتهم ترتفع ..
رأيت مؤخرا  على الشاشه حشدا كبيرا من المسؤولين والقياديين المنسرحين  في بدلاتهم  يقومون  لتحية الجدع الداخل الى  القاعه وهم  يهتفون باسمه  على طريقة جمهور كرة القدم  .. فقد  قرر هذا ان يتوجه اخيرا الى  مجلس النمل ..
(في سياق مواز وفي خبر  متصل  يصرح  قرينه " عاشق المفاوضات"  انها قد  تستأنف بشكل غير رسمي عبر قنوات امينه اخرى وتحت طاولات نظيفه  لا يتسلل اليها مثقال ذرة من كرامة او اباء .. ) 
 وتلك هي الكلمة  المفقودة في هذا السياق الوخيم  .
 
***********
 
كُتب اذاً على هذه السلطة المبهمة ( او بالاحرى , كتبت هي على نفسها )  بعد تصفية ياسر عرفات ان تكون اداة متعاونه طائعه بيد اسرائيل  ريثما  تنجز وتكتب ما ينبغي ان تنجزه وتكتبه ..  او ان  تنفضّ وتحلّ نفسها مره واحده والى الابد , لتلقي بالعبئ كله على كاهل  الاحتلال  ورعاته الدوليين  وحلفائه الاقليميين من العرب ..
وبما انها اختارت الخيار الاول فقد  حكمت على  نفسها  بالتزام  التنسيق  معه والتغطية عليه  حتى النهايه ..  والمسكين  ,  هو من تغره   الشعارات والوعيد  والمسرحيات والاناشيد  والمشاريع  والالاعيب  والحملات التي يطلقونها  للتعميه  وتسهيل الهضم وتضييع  الوقت  والنفخ في الرماد  وتذريته ..
 
ولقد استقرأنا الاحداث والوقائع  والمواقف وصفحات الوجوه والحان القول عبر سنوات الضياع والذهول ,  فلم نلمس اي مؤشر يدل على ان  هذه  الاشكال قد  تجازف  بالتخلي عن مسارها  وسلوك مسلك  مشرف ( مثل مقاطعة الاحتلال  ووضع استراتيجيه شامله  للمقاومه السلميه والتركيز  على بناء الانسان الحر ..)
ولقد  استفتينا القلب كذلك بشأن  طبيعة القوم ومعدنهم  فنبأنا بقطع الرجاء  ونزع الثقة من اللاعبين ...
 خلاصة النهج الذي درج عليه محمود عباس  خلال  مسيرته الطويلة  المدهشه  وحتى هذه  اللحظات  التي  يلوح فيها ويهدد ويبشر  بحلول الربيع الفلسطيني ,  مختصره في المعادلة التاليه :
 يدٌ تنسق  مع المحتل  , ويد تلوح وتلوح ...
ولن يبرح  حتى تلفظه او تطويه الارض ,  او يقرر الحامي  انه لم يعد صالحا للاستعمال وانه " عمل غير صالح "  لكلا الطرفين  في نهاية  الامر ... ولعل ذلك قد وقع  فاضطره لهذا الخبط  كعشواء  تنبحها وحوش الفلاة  بعد ان نبذها اصحابها .
 
********
 
لا بد من قول  ما لا بد من قوله : 
 ان السيد  الرئيس لم يكن يوما  سيدا ولا رئيسا  الا على موظفيه  ومهرجيه  وحشمه الذين  يستعدون  الان لدخول غزة غانمين ومبشرين  بمشروعهم ... ( ومصرّين على التمسك بالتنسيق ) " ينادونهم الم نكن معكم " ؟!! 
والذين  يمنّون النفس بشبه دويلة منزوعة السياده وهم يعلمون علم اليقين  انها لن تكون الا على  الورق بسبب الاتفاقيات التي وقعوا عليها   ايقاظا او مخبلين , وبسبب تهاونهم وتخاذلهم في الدفاع عمّا تبقى من  ارض الحلم ولو  باضعف الايمان .. ذلك رغم كل الخروقات والاعتداءات  التي " تقضي على اي امل  في تحقيق الحل "  , وهي كلمتهم التي لم يفتأوا يرددونها , ثم لا يرجعون ..
الحقيقة , ايضا , ان هذه السلطة المبهمة قد حققت للاحتلال  انجازه الاكبر  الذي لم يفلح في تحقيقه كل جنرالاته  وادواته  ومستعربيه  حين كان الاحتلال جليا عاريا .. اذ  انها حقنت شعبها بالوهام والوهن سعيا وراء (سلام) لا يرى فيه الطرف الاخر غير فرصه لسلب الارض ولاستكمال مشروعه التوسعي الجشع ,  ولادارة حربه العلنيه والخفيه التي لا تزال تدور رحاها على شتى الاصعده تحت مسمى ( عمليه التسويه\التصفيه )..
وقد  شهد  شهود  من اهله ومن غيرهم بان هؤلاء لا  ينشدون سلاما ولا حماما .. وقد شهد الله ورسله  فايّ شهاده اكبر .؟!
تحت جنح  هذه العملية ايضا حصل الانشقاق والشقاق الذي لن يلتئم حتى يأتي امر الله ...  وتلك متاهة اخرى لن نخوض فيها ههنا ...
كذلك  جُعلت الضفة مكانا خاضعا محاصرا مقطع الاوصال وينهشه الاستيطان من داخله ومن اطرافه في  فسحة المفاوضات والمساومات المديده وتفشي جند الاحباط والخراب المعنوي  الذي لحق بنفوس  الاهل والاجيال في ظلام السلطة واجهزتها وجهودها  خلال عقدين  عصيبين , نشأ  جيل جديد له ملامحه واغنياته  وملابسه  وتطلعاته ..
نهاية السيناريو ..
 فات القطار .. وبعد الرفض  سيهرع وحيد القرن ( من منطلق  المفلس وليس المخلص .. ولكن فليكُن ) الى محكمة الجنايات الدوليه التي طالما تهرب منها  وازرى بهاوبالدماء  الزكيه حين كان تقرير (جولدستون ) جاهزا وحافلا بجرائم الحرب , والعالم  باجمعه  يستصرخه ان يتقدم وينضم  .. ( هذه الجريمة ستبقى ابد الدهر لغزا عصيا حتى على  دماغ الكركدن  الوحيد الساكن في الحديقة الوطنيه .. )
 
الاحتمال المرجح ,  ان يلجأ غبطته ُ الى ملجأ المخلوعين والاخوه المتقاعدين , الى مملكة النفاق التي خرجت منها ذات يوم تلك المبادره العربيبه الخائبه .. ولعله من هناك  سيلوِّح مع طويل العمر  بسلاح النفط الذي  لا يملكونه ..
 
انتهينا اذاً  , من وصفة الدولتين  المخلدتين  في الابرتهايد  المشرقي .. ذهبت ادراج الرياح.. رياح خيال وهوان قياده فلسطينيه  مجلوبه مخترقه اخفقت حتى في تحصيل الممكن المتاح وضللت شعبها مع سبق الاصرار والاريحيه المبتذله الى ذلك الحد .. 
ورياح عنت وسوء نيه سياسه صهيونيه متجذره في  ارض الكراهيه ..  في تراث الحركات الرومانسيه والفاشيه التي  اجتاحت اوروبا   في نهاية القرن 19  وركزت  على مبدأ الكراهيه .. 
" كراهيتنا  لغير اليهود كلهم من حيث المبد؟أ وكراهية  لا تزول ولا تدول من جانب غير اليهود وتجاه اليهود .." ( ا.شاحك ,  مقابله مع حسن خضر . الكرمل , 62)
 
هذه الايدلوجيا  المريضه من الاصل , ( مثلها  مثل الايدلوجيات  الاسلامويه  الناشبه ) ,  تقف اليوم على مفترق مصيري يؤدي الى  احد طريقين لا ثالث لهما : 
ان  تمضي في مسيرة التيه قُدُما لتجرّ المنطقة باسرها لحرب طاحنه لا تبقي ولا تذر _
او , ان  تتجاوز انانيتها  واساطيرها  وتتبنى حل دوله ديمقراطيه  ثنائيه القوميه ( بالصيغه التي طرحَتها حنّا ارندت  وجماعة " بريت شالوم"  قبل قرار التقسيم ) , دولة يتعايش فيها  جميع مواطنيها  الطبيعيين , بمن فيهم اللاجئون  العائدون , وبشكل او بأخر  , وفق مبادئ العدل والمساواه الكامله ولو .. نسبياّ !! ,  حتى ولو  فُقد الودّ _ 
الى ان  يأتي المنتظر الذي طال انتظاره .

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل