X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      19/04/2024 |    (توقيت القدس)

(داود) الفلسطيني يستعد لمنازلة (جالوت) الإسرائيلي.. بقلم إبراهيم عبدالله صرصور ***

من : قسماوي نت
نشر : 03/10/2017 - 20:30

(داود) الفلسطيني يستعد لمنازلة (جالوت) الإسرائيلي..

بقلم إبراهيم عبدالله صرصور ***

في الوقت الذي نتابع فيه بارتياح حَذِرٍ الجهودَ المبذولة في اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية في مسعى لتجاوز حالة الانقسام التي فرضتها ظروف ليس هذا مجال التفصيل فيها، نشعر بالقلق النوعي من مسألة لم يسبق لها ان كانت جزءا من مشهد محاولات المصالحة السابقات على كثرتها. اعني الصمت الإسرائيلي والامريكي المثير للريبة هذه المرة حيال جهود المصالحة. نذكر جميعا كيف كان يخرج علينا نتنياهو وباستمرار معترضا على أية محاولة للمصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، ومخيرا الرئيس (أبو مازن) بين السلام مع إسرائيل او حماس!  كنا نضحك حينها من سذاجة الرجل الذي صَدَّقَ انه "ساحر!!" سياسي واعلامي يستطيع ب "فذلكته" أن يضع الفلسطينيين قيادة وشعبا في الزاوية متى يشاء، وأن يجند الرأي العام العالمي من ورائه كالخراف!

(1)

لم يكن صعبا كشف زيف ادعاءات نتنياهو حينها، وفضح تلاعبه بمصائر شعوب المنطقة خدمة لأطماعه السياسية ولأيديولوجيته المتطرفة، وكشف الستر عن سعيه الحثيث لإحباط اية محاولة جدية للتقدم على طريق السلام. ففي الوقت الذي كان يتوجه الى زعماء العالم مدعيا انه لا يستطيع ان يتفاوض مع (أبو مازن) أو ان يوقع معه اتفاقات تحدد "مصير اسرائيل!!" بدعوى انه لا يمثل كل الشعب الفلسطيني، كان ينتفض كمن لدغته أفعى في وجه كل محالة للتقارب او الاتفاق مع حماس بهدف توحيد الصف الفلسطيني.

لعبة نتنياهو هذه هدفها واضح. هو غير معني بالوحدة الفلسطينية حتى وإن كانت شرطا من شروطه للانطلاق في اية مفاوضات. على العكس تماما، فهو معني بتكريس الانقسام وتحويله الى حالة مستدامة تسهل عليه تحقيق ثلاثة اهداف في آن واحد. الأول، شطب ملف المفاوضات نهائيا بحجة غياب قيادة فلسطينية موحدة. والثاني، الانفراد بالضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس لفرض السيادة الإسرائيلية عليها وإن بالتدريج. اما الهدف الثالث، فهو اقناع العالم بالاعتراف بدولة فلسطينية في القطاع، وبحكم ذاتي مُحَسَّن للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس تحت السيادة الإسرائيلية كحل نهائي ودائم للصراع.  

هل تنازلت إسرائيل ومن ورائها (أمريكا ترامب!!) عن أهدافها هذه، فلجأت الى الصمت حيال مشروع المصالحة والوحدة الوطنية الذي انطلق قطاره الاثنين الماضي بزيارة حكومة الوفاق الفلسطينية الى غزة وتسلمها مقاليد الحكم هناك بعد ان حلت حركة حماس اللجنة الإدارية مساهمة منها في دفع عربة المصالحة بقوة نحو بلوغ غاياتها الوطنية؟  لا اعتقد! لا يمكن ل "إسرائيل نتنياهو-بينيت" أن تقبل بوحدة فلسطينية تُمهد لانتزاع الضفة والقدس من يد الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عليها، فتصريحاتهما في الفترة الأخيرة وخصوصا في الاحتفال الرسمي بمناسبة مرور خمسين عاما على "مشروع الاستيطان" في فلسطين المحتلة، تدل كلها على انهما ليسا في وارد السماح لإقامة دولة أخرى إلى جانب إسرائيل بين البحر والنهر!

(2)

أذا ما هو التفسير المنطقي للصمت الأمريكو – صهيوني حيال بداية مشروع المصالحة الفلسطيني الجديد؟!

هذا السؤال والاجابات المحتملة عليه هي مصدر قلقي مما يجري. كثير من التقارير تشير الى طبخة يتم الاعداد لها يُشار اليها في وسائل الاعلام ب "صفقة القرن". ما هي هذه الصفقة وماذا تحمل في طياتها للشعب الفلسطيني من كوارث جديدة، ومن المشاركون المحتملون في صناعتها، وهل ستُفرض على الشعب الفلسطيني فرضا؟!

التوقيت التي يتم فيه تصنيع "المؤامرة" فيه من الإشارات ما فيه. فالواقع العربي بلغ في انحطاطه قاعا سحيقا ما عاد معه للامة العربية ومن ورائها الإسلامية وجود او تأثير في صناعة القرار السياسي لا في القضايا الدولية ولا في قضاياها هي وعلى رأس هذه القضايا القضية الفلسطينية وفي قلبها القدس الرشيف والاقصى المبارك. الخلافات والصراعات العربية – العربية والإسلامية – الإسلامية بلغت مستويات غير مسبوقة حتى في مراحل ما قبل الغزو الصليبي او الغزو المغولي. غياب مفهوم الامة والذي انتج الدكتاتوريات والأنظمة الجبرية والعاضة ( الملك العضوض ) المستبدة، وفَرَّخَ العصبيات والصراعات المذهبية والعشائرية والطائفية والإقليمية داخل الدولة القطرية الواحدة وبينها وبين بعضها، غياب القيم وطغيان الغرائز، وظهور الجماعات الباطنية، وارتماء اغلب الأنظمة العربية في أحضان أعداء الامة طلبا لنصرتها وحمايتها من شعوبها، كلها أسباب أدت الى نشوء هذا الوضع غير الطبيعي في امتنا، فضعفت وذلت وانهزمت وتخلفت وتمزقت ونزفت ، حتى ما عاد لها ثقل في موازين الحضارة والمدنية او موازين السياسة..  

تعتقد بعض دوائر اتخاذ القرار العالمي وحلفائها من أنظمة العرب والمسلمين العميلة، أن هذا هو الوقت المناسب لتصفية القضية الفلسطينية التي نغصت عليهم راحتهم وأقلقت منامهم وكشفت خيانتهم وعمالتهم. لذلك كله وغيره من الأسباب جاء صمت إسرائيل وامريكا حيال قطار المصالحة الفلسطينية الذي انطلق! لا بد انهما تلقيا تطمينات من بعض أنظمة الخليج ومن نظام الانقلاب في مصر، ومن خلال رضى أوروبي ودولي وإن جاء هادئا، تدفع كلها في اتجاه حل يضمن لإسرائيل ان تخرج من ( المولد ) بكل (الحمص) او أغلبه على الأقل!  

(3)

كنت أتصور – لسذاجتي ربما – أن الرياح القواصف التي تعصف بالوطن العربي ودوله ستفتح عيون انظمته الرسمية إلى حقيقة الواقع الذي لا بد من التعاطي معه بإيجابية من حيث الانحياز لأشواق الشعوب في الحرية والكرامة الوطنية من جهة، والانحياز الى قضايا الامة وعلى رأسها فلسطين والقدس والاقصى من جهة أخرى. لكن واقع هذه الأنظمة يلطم وجوهنا بعنف شديد حتى تكاد معه تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حَمْلٍ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ضعفا وخيانة وعمالة وخسة ونذالة!

فأنَّى – والوضع العربي والإسلامي والدولي على هذا النحو – ان نتوقع من إسرائيل "نتنياهو- بينيت" ان تتحرك في اتجاه حل عادل يمنع الانفجار القادم؟! وانى لنا ان نتوقع ململة في أوساط الإسرائيليين بهدف الضغط على الحكومة الإسرائيلية من اجل التحرك في اتجاه حل يجنب إسرائيل تحديات وجودية حقيقية إذا استمرت سياسة التنكر للحقوق الفلسطينية والعربية.

(4)

الإسرائيليون على المستويين الحكومي والشعبي ومن خلال القراءة الموضوعية للمشهد الإسرائيلي، لا يريدون استيعاب منطق التاريخ في ان الضعيف لا يمكن ان يظل ضعيفا الى الابد، وان القوي لا يمكن ان يظل قويا الى الابد، لذلك نراهم يصلون إلى النتائج الخطأ، فيندفعون بقوة أكبر في اتجاه التصادم مع الذات ومع المحيط بشكل سيهدد حتما الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.. فبدل أن تندفع اسرائيل في اتجاه المصالحة مع الذات ومع الغير، نراها تلجأ مرة أخرى إلى الاستنتاج الأسوأ، وهو ما عبر عنه غير واحد من القيادات الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء ( نتنياهو )، والذي يتلخص في أن الأحداث في العالم العربي أكبر دليل - على حد قولهم - على أن إسرائيل يجب أن تعتمد فقط على قوتها في حماية نفسها، وليس على أية اتفاقات سلام مع دول قد تتغير في لحظة، وهذا هو التضليل أو الوهم الذي يقتل في العادة صاحبه !!!..

تجاهل الحكومة الحالية لما يجري إلى درجة تثير الدهشة، واستمرارها في سياسة القبضة الحديدية تجاه فلسطين إنسانا وأرضا ومقدسات، واستمرار الاحتلال بما يحمله من أعمال بطش وقتل وتنكيل وإرهاب، لا يمكن إلا أن تكون  له آثاره السلبية المدمرة على البنية التحتية الإنسانية  للمجتمع الإسرائيلي، كما لا يمكن إلا أن تؤدي إلى تعميق وتكريس حالة الكراهية والحقد بين شعوب المنطقة، بالرغم من علم إسرائيل المسبق أنها لن تستطيع أبدا شطب الرقم الفلسطيني مهما تمادت في عدوانها ومهما أوغلت في عنادها ومهما غالت في وحشيتها ...

(5)

لن تهزم إسرائيل الشعب الفلسطيني وإن نجحت في حصاره وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية... لن تخنق فيه إرادته الصلبة مهما صَبَّتْ على رؤوس أبنائه من ألوان الذخائر والقنابل.. فلماذا تمضي إسرائيل في هذا النفق المظلم في التنكر للحقوق الفلسطينية والعربية والتي بدونها لن يكون هنالك استقرار لدولة إسرائيل ولا لليهود فيها وفي العالم ؟؟!!.. أنا أعرف أن هذا السؤال يلمس شبكة الأعصاب المكشوفة للمجتمع الإسرائيلي، فيسبب ألما يجر من بعده صراخا هستيريا وسلوكا منفلتا يأتي مرة في صورة اتهامنا بالتطرف والسباحة في نهر المتشددين، والخيانة العظمة (للعيش المشترك!!!)، ونكران (الجميل الإسرائيلي !!!) ، وأخرى في صورة اتهامنا بممارسة (الإرهاب !!!). إلا أن ذلك لن يمنعنا أبدا من طرح الأسئلة الصعبة مهما كان رأي الآخرين فيها، لأن اهتمامنا في الأساس منصب في اتجاه حماية الإنسان كإنسان قبل الحرص على الدول التي تتحول وتتغير كتغير الأزياء على منصات العرض ...

بات من الواضح ، وهذا ما يعترف به العقلاء من الإسرائيليين، أن الحكومات الإسرائيلية عموما والحكومة الحالية خصوصا، لن تعترف بالحقوق الفلسطينية الكاملة حتى لو توقفت كل أعمال المقاومة الفلسطينية للاحتلال... لدي شعور يرتكز إلى وقائع أن غالبية الإسرائيليين تقودهم (روح خفية) نحو الصدام وعدم القبول بالتعايش السلمي مع الغير، وتفضيل الاستمرار في العيش داخل (الغيتو) على المستويين النفسي والميداني كضمان – كما يتخيلون – لحمايتهم من (مؤامرة !!!) عالمية ضدهم يشارك فيها كل من ليس بيهودي، حتى لو أدى أليهم فروض  الولاء والطاعة  كما تفعل الإدارات الأمريكية المتعاقبة..

الغرب قبل إسرائيل مطالب باستخلاص العبر مما يجري من أحداث في العالم العربي، فقد بات من الواضح أن شعوبنا بدأت في كتابة تاريخها من جديد، وشرعت في بناء نهضتها ورسم خريطتها وتحديد مسارها بما يتوافق مع مصالحها الدينية والوطنية والقومية بالرغم من الصراع المرير الذي تخوضه الشعوب العربية ضد أنظمة الاستبداد والدكتاتورية والفساد... هذه حتمية لا جدال فيها ... وعلى الغرب أن يقرر، إما التعاون مع الشرق الإسلامي على قاعدة احترام حق شعوبه في الحرية والاستقلال الحقيقي ، والندية الكاملة والاحترام المتبادل، وإما الصدام الذي لن يكون في مصلحة احد ...

اما فلسطينيا فإن (داود) الفلسطيني بدا يستعد لمنازلة (جالوت) الإسرائيلي وهزيمته.. التاريخ يعيد نفسه؟ نعم ، ولكن بصورة عكسية هذه المرة..            

 

*** إبراهيم عبدالله صرصور – الرئيس السابق للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل