رغم مرور ما يقرب من 29 عاما على الإقالة المفاجئة للمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة من منصبه كوزير دفاع مصر إلا أن الأسباب الكاملة لهذا القرار لم يفصح عنها بعد.

التفسيرات التي صاحبت القرار تعددت، كان أبرزها هو رغبة الرئيس المصري حسني مبارك في التخلص من المشير أبو غزالة لتزايد شعبيته داخل الجيش، وتخوف مبارك من أن يقوم أبو غزالة بانقلاب عسكري ضده، وكل هذه التفسيرات تم نفيها ودحضها تماما من مسؤولين مصريين.

اللواء طيار محمد أبو بكر حامد، قائد الطائرة الرئاسية للرئيس الأسبق حسني مبارك، يكشف سرا جديدا من الأسرار التي صاحبت تلك الإقالة باعتباره شاهدا على بعض أحداثها وقائدا لطائرات رئاسية حملت مبارك وأبو غزالة في مهام ورحلات خارجية.

ويقول في حديث مع "العربية.نت" إن ما تردد عن رغبة مبارك في الإطاحة بأبو غزالة لتزايد شعبيته داخل الجيش وخشيته في قيام المشير بانقلاب عسكري ضده غير صحيح جملة وتفصيلا، فالعلاقة بين الاثنين قديمة وعميقة وقوية، ولم يتخللها أي شوائب تعكر صفوها، وسمع بنفسه من الاثنين ما يؤكد قوة ومتانة علاقاتهما، وأن ما قيل عن إطاحة مبارك بصديقه من وزارة الدفاع بسبب شعبيته يصعب تصديقه.

ويضيف أن أحد أهم الأسباب في خروج أبو غزالة من منصبه كوزير للدفاع، كان لغضب غربي منه بسبب قيامه بتطوير أسلحة مهمة في الجيش العراقي، ومساعدته في تطوير وكفاءة القوات العراقية، وحذر قادة غربيون مبارك من مغبة ما يقوم به أبو غزالة، وعلى الفور اجتمع مبارك بأبو غزالة وشرح له ما يدور حوله، وخشي على أبو غزالة، ونصحه بالابتعاد حرصا عليه وعلى حياته، وهو ما استجاب له المشير وقبل بخروجه من وزارة الدفاع وتعيينه مساعدا لرئيس الجمهورية، وكان الخروج بموافقة أبو غزالة ومباركته وليس مفاجئا له كما قيل.

وعما تردد من أن مبارك خشي من انقلاب أبو غزالة عليه وسعيه للوصول للسلطة بسبب تزايد شعبيته داخل الجيش، قال قائد طائرة مبارك إنه رافق أبو غزالة في رحلة خارجية لجنيف وسأله عن حقيقة هذا الأمر، فقال له المشير إنه ضابط مقاتل وسيظل ضابطا مقاتلا، ويريد أن يموت وهو ضابط، مؤكدا له أن مبارك هو من عينه وزيرا للدفاع، وأنه صديق عمره ولا يمكن أن يفكر في ذلك، إضافة إلى أنه لو كان يفكر في ذلك ويطمع فيه لكان قد استغل أحداث الأمن المركزي عام 1986 وقفز إلى السلطة حيث نزلت قوات الجيش إلى الشوارع وسيطرت على مقاليد الأمور وأحبطت ثورة جنود الأمن المركزي فضلا عن ذلك، وكما يقول قائد طائرة مبارك الرئاسية فإن أبو غزاله أكد له أن سياسة الانقلابات ليست في طبيعة أو عقيدة الجيش المصري.

وكشف اللواء أبو بكر حامد أن مبارك وأبو غزالة ظلما كثيرا، وخرجت تصريحات وتحليلات كثيرة تؤكد أن العلاقة بينهما كانت متوترة، بل ذهب البعض لاتهامهما بالتورط في علاقات نسائية، وهو غير صحيح على الإطلاق، ففي إحدى المرات سأل المشير أبو غزالة عما تردد بأنه تزوج سرا من فنانة شهيرة، وأنه يقيم معها في فيلا خاصة، فرد عليه المشير ضاحكا وقال من تزوج عن صدق وحب وإخلاص لا يمكن أن يتزوج مرة ثانية، وأنه من أنصار نظرية زوجة واحدة تكفي.

وقال حامد إن علاقته بمبارك أتاحت له التعرف عن قرب على شخصية مبارك، مؤكدا أن كافة الاتهامات التي وجهت له بعد الثورة ظالمة، وأغلبها خرجت من شخصيات عملت معه وتعرضت لعقوبات وجزاءات منه، فكان رد فعلها بعد الثورة وتنحيه عن الحكم هو التشهير به والانتقام منه بالشائعات، مثل شائعة أن ثروته في الخارج تبلغ 70 مليار دولار.

وأضاف أن مبارك كان منضبطا في عمله، وملتزما إلى أبعد الحدود، وعاقبه ذات مرة بعقوبة كبيرة لأنه رد بطريقة غير لائقة أمامه على قائده الخاص في الكلية الجوية، مشيرا إلى أنه خلال رحلاته مع مبارك كان يكتشف جوانب إنسانية كثيرة في شخصيته، وهي جوانب لا يمكن معها تصديق ما تردد عنه بعد الثورة.

ويقول حامد إن الرئيس الأسبق كان وفيا لأصدقائه وقادته، وعلى رأسهم الرئيس الراحل أنور السادات، والمشير محمد عبد الغني الجمسي، وكان لا يسمح بإهانة أي قائد من قادة حرب أكتوبر، ولو علم بأي مشكلة تخص أحدهم كان يتدخل على الفور ويقوم بحلها.

وأضاف أن نفس الصفات كانت أيضا في المشير أبو غزالة الذي طلب منه ذات مرة التدخل لعلاج نجل ضابط طيار فقئت عينه بسبب حادث سير، وخلال ساعات فوجئ بقرار صادر من المشير بتسفير الطفل للعلاج في الخارج، وتركيب عين صناعية له، وأصبح هذا الابن مديرا كبيرا لأحد الفنادق الكبرى في الغردقة الآن.