يا قوم...، يا قوم...!! الدكتور إبراهيم أبو جابر(الفقير لله)

يا قوم...، يا قوم...!!

الدكتور إبراهيم أبو جابر(الفقير لله)

يا قوم..

تاه قلمي، وتهت،وتاه مثلي كثير،عندما غابت شمسنا، وعمّ الظلام حمانا، واختفت نجوم السماء، او قل لم نعد نراها،وخيّم الليل على ربوعنا حتى غدونا بلا دليل ولا نور نهتدي به، او يهدينا سواء السبيل!!

فيا ايتها الشمس أناشدك بالذي خلقك وسيّرك، ورسم لك مسلكك أن تشرقي من جديد علينا،نعم أن تشرقي في العجل العجل،ويا ليل بالله عليك انجل فلم نعد نطيق هذه الظلمة  والغربة، واهدنا يا ربنا سواء السبيل وصراطك المستقيم، والحق يقول :"اهدنا الصراط المستقيم".

يا قوم..

تاه قلمي،وتهت،وتاه مثلي كثير،عندما سلبت منا الدنيا عقولنا وهيمنت على ذاتنا،فغدونا عبيدا لها بعدما كنا أحرارا بدونها، فابتعدت عنا ضاحكة علينا، ولسان حالها يردّد ما قاله أحدالحكماء:"الحر عبد ان طمع،والعبد حر ان قنع".

فيا ايتها الدنيا،ملعونة انت،ومسكين من جعلك شغله الشاغل، وسعيد من انشغل بعيوبه وإصلاح ذاته وأهله،نابذا لك ومحتقرا لما فيك،فكم من الاحباب غيّبت، وكم من القامات أغريت بل به غرّرت،فانت صفر لا قيمة لك، وأحسن من قال في شأنك:"وكل الذي فوق التراب تراب".

يا قوم..

تاه قلمي،وتهت،وتاه مثلي كثير،عندما نسينا الفضل بيننا،وسرنا وراء نزواتنا وشهواتنا، بل وعنترياتنا بعدما فتحت علينا أبواب الرزق،فذاك المعروف بيننا غاب وكأنّ كل واحد منا مقطوع من شجرة أخرى غريبة. ألم نكن أسرة واحدة وفزعة واحدة،وديوانا واحدا، وقروة ضيف واحدة،ولمّة واحدة، وكلمة واحدة،أنسينا هذا يا قوم!

فيا ايتها النفوس الطيبة،يا قوم،الفضل بيننا كثير، والمعروف بيننا لا يعد ولا يحصى،والشواهد على ذلك لا تزال محفورة في النفوس، فلماذا نتنكّر لها،وندوس عليها، ونعلي من نزوات الشيطان والحميّة المقيتة،فعمينا عن الحق حتى وقعنا في المحظور، ووقع الفأس في الرأس،والله عز وجل يقول:".. ولا تنسوا الفضل بينكم".

يا قوم..

تاه قلمي،وتهت،وتاه مثلي كثير،عندما نسينا صلة الأرحامبيننا والقربى، ورابطة العمومة والدم والعشيرة، ألم تختلط الدماء فتسري في عروقنا، اليس كذلك؟ أليس الدم كاف ليحرّك فينا ضمائرا قد غابت عنها الحقائق، أو قل ربما غيّبت عنها! ألسنا بحاجة أن نفكّر ساعة فيمن ومن خلّفني وخلّفتك؟وسهر الليالي حارسا عليّوعليك؟وأسقى حلال والدي ووالديك؟وهبّ نجدة لأخواتيوأخواتك؟ وأعان أهلي وأهلك في حصيدة أو دراس او حراثة مارس وأرض؟

فيا أيها الاحفاد،يا ثمرة تلك الارحام الطيبة،الغائبة عن الدنيا والحاضرة،ألا صحيتم من غفوتكم، وعقلتم، فعدتم الى صوابكم،وعرفتم طريق الحق من غيره! فهل يرضيكم ما نحن فيه،وما كنا فيه،وما وصلنا اليه،وما لا نعلمه مما يخفيه لنا القدر؟!والمولى عز وجل يقول: "واولوا الارحام بعضهم أولىببعض في كتاب الله".

يا قوم..

تاه قلمي،وتهت،وتاه مثلي كثير،عندما غلّبنا الحميّة والعصبيّة حتى طغت على البابنا وعقولنا فغدونا لها عبيدا، وحيّدنا العقل والحكمة فجعناهما ممنوعان من الصرف والتصرّف، فتهنا بين عصبيات مقيتة وأساطير قديمة طواها الزمن وأكل عليها وشرب!

فيا أيها العقلاء فينا وما أكثرهم،عودوا الى رشدكم وانفضوا ذاك الغبار عن كواهلكم،وحكّموا لغة العقل والحوار بينكم تنقذوا أجيالا من التيه الذي هم فيه،وانسوا الماضي وآلامه، واجعلوا قبلتكم مستقبل الأجيال الناشئة التي تبحث لها عن مستقبل مشرق في هذا العالم القاسي والظالم. انتفضوا على الواقع المر، وافتحوا صفحة جديدة ملؤها الحب والامل، والمولى يقول:"ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا".

يا قوم..

تاه قلمي،وتهت،وتاه مثلي كثير،عندما غاب عنّا كبارنا، وغربت شمسهم، فغدوا تحت طبقات التراب. هؤلاء ملح الارض الذين نفتقدهم اليوم أكثر من أي وقت مضى،بعدما تهنا فلم نعد أهلا للتدبير،أولئك الشموع الذين أضاءوا لنا طريق العتمة كثيرا كلما وقعنا فيه، وتنازلوا وسامحوا واكتفوا واحترموا بعضهم بعضا، فلم ينسوا صلة رحم، ولا فضل ولا قربى بينهم، لا بل كان ذو الشيبة عندهم مقامه عظيم ومحفوظ، فلم يكسروا له كلمه، ولم يعترضوا له على رأي او قرار،فرحم الله زمانا كنّا فيه مستمعين لا غير، ننتظر القول الفصل لكبير العائلة دون معترض عليه!

فيا أيها الخلف،يا من استخلفتم تلك الشموع التي غابت عنّا،اين أنتم من ميراث أولئك الكبار ممّن هم تحت التراب؟ الا يستحقون احترام تراثهم والسير على خطاهم، والاحتكام الى ما رضوا هم به، بعيدا عن نزوات وعنتريات الصغار ممن غرّتهم جيوبهم واجسامهم وما يملكون من حطام الدنيا الفانية؟! والمثل العربي يقول: "من ليس له كبير لا يحسن التدبير".

فيا قوم..

كفى، كفى، كفى..

كفانا ما نحن فيه كفانا ***فحتام غراب البين يغشانا

كفى فليس من رابح فينا *** فالكلفيهانادم وخسرانا

كفى فدمع عينك يوجعني *** فعيني وعينك هماسيانا

فهيا الى كلمة سواء تجمعنا*** لنطرد شيطانا لعينا آذانا

ونخزي ابليس اللعين في وكره *** ونحفظ فضلا وميراث آبانا

ونجلس لقاض حكم بيننا *** ونفوّت الفرصة على من عادانا

فيا حظ من رضي واحتكم ***لكتاب الله معبودناومولانا

فادعوا الاله يجمع شملنا*** بجاه خير الورى النبيالعدنانا