
ما دلالات تصريحات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية حول تجديد النكبة ضد الفلسطينيين؟

قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، أهارون حاليفا، إن قتل خمسين ألف فلسطيني في غزة "أمر ضروري من أجل الأجيال القادمة"، مضيفًا: "مقابل كل إسرائيلي قُتل في السابع من أكتوبر، يجب أن يُقتل خمسون فلسطينيا، لا يهم إن كانوا أطفالا أم غير ذلك".
وأكد حاليفا في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية أنه لا يتحدث "بدافع الانتقام"، وإنما "كضرورة استراتيجية ورسالة للأجيال القادمة"، على حد تعبيره، مشددًا على أن الفلسطينيين "بحاجة من حين لآخر إلى نكبة كي يشعروا بالثمن".
ويرى سياسيون وقيادات بأراضي48 هذه التصريحات مرآة للنهج الفاشي المتصاعد داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، والتي لا تتردد في الجهر بخطاب الإبادة والتطهير الجماعي. ففي وقت سابق، أدلى وزراء في حكومة نتنياهو بتصريحات مشابهة، من بينها تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي دعا إلى "محو غزة"، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي برر استهداف المدنيين وحرمانهم من المساعدات الإنسانية.
من جهته، يقول القيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، إمطانس شحادة في حديثٍ مع الجرمق، إن الحرب على غزة منذ يومها الأول هي "حرب إبادة وانتقام" تهدف بالأساس إلى تعزيز الثقة بالنفس داخل المجتمع الإسرائيلي، وإعادة بناء قوة الردع التي تضررت بعد السابع من أكتوبر.
ويؤكد شحادة أن قتل المدنيين والأبرياء لم يكن خطأً أو ضررًا جانبيًا كما يحاول الجيش الإسرائيلي الادعاء، بل هو جزء من مخططات الحرب وأهدافها المعلنة، حيث جرى استهداف الأطفال والنساء والعائلات بشكل متعمد عبر قصف عشوائي يطال أحياءً وبلدات كاملة.
ويشير إلى أن هذه السياسة العسكرية ليست استثناءً، بل تعكس العقلية الانتقامية الراسخة في المنظومة الإسرائيلية، عقلية لا تعترف بحدود أو قيود، سواء تلك المفروضة بموجب القانون الدولي أو المواثيق الحقوقية.
ويضيف أن استهداف الأبرياء يعكس نهجًا ثابتًا قائمًا على الانتقام والقتل، بعيدًا عن أي احترام للمعايير الإنسانية، الأمر الذي يوضح بجلاء سبب تصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل، في الوقت الذي يواصل فيه الإسرائيليون الشكوى مما يسمونه "كراهية العالم لهم".
ويعتبر شحادة أن الموقف الدولي ما يزال مقصرًا، إذ كان من المتوقع أن تترتب على هذه السياسات ردود فعل جدية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومؤسسات حقوق الإنسان، إلا أن ردود الفعل بقيت دون المستوى المطلوب.
بدوره، يقول عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد، لؤي خطيب، إن ما ترتكبه إسرائيل في غزة هو جريمة إبادة تُنفّذ مع سبق الإصرار والترصد، مؤكدًا أن هذا النهج يعكس فشل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التي تقرّ بما يجري دون أن تتحرك لوقفه.
ويوضح خطيب في حديثه لـ الجرمق أن إسرائيل تُمارس جرائمها دون أي خجل، فهي لا تتردد في استهداف الأطفال والنساء، في مشهد يذكّر بجرائم النازية، معتبرًا أن إسرائيل "تعيد التاريخ مرة أخرى ضد الفلسطينيين، بعد أن كانت تقدم نفسها سابقًا كضحية".
ويضيف أن الإمعان في القتل والتباهي به لم يعد يقتصر على جنرالات الجيش والسياسيين، بل أصبح خطابًا يتبناه مثقفون وصحافيون إسرائيليون، حيث يدعون صراحة إلى ارتكاب مجازر ونكبات جديدة لإظهار فارق القوة مع الفلسطينيين، ولتكريس سياسة الإبادة بحقهم.
وبيّن خطيب أن هذه العقلية الاستعلائية ناتجة عن غطرسة القوة وغياب أي رادع دولي أو عربي، مشيرًا إلى أن تصريحات قادة الاحتلال بمن فيهم رئيس الحكومة تفضح التوجهات العنصرية والنازية التي تسعى لتكريس ما يسمى "إسرائيل الكبرى".
وشدد على أن استمرار هذه السياسات يعكس إصرارًا إسرائيليًا على ارتكاب المجازر في غزة وفي حق الشعب الفلسطيني عمومًا، في ظل عجز فلسطيني واضح وغياب الوحدة الوطنية التي كان من شأنها تشكيل جبهة قوية لمواجهة هذا المشروع.
اضف تعقيب