
تتواصل النقاشات داخل إسرائيل حول مصير الحرب على قطاع غزة في ظل تزايد الضغط الداخلي على حكومة بنيامين نتنياهو، حيث تحذر القيادات العسكرية من المضي قدماً في أي عملية عسكرية واسعة قبل إبرام صفقة تبادل، خشيةً على مصير المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
وفي الوقت الذي يطالب فيه قادة الجيش بإنجاز الصفقة بشكل سريع باعتبارها أولوية وطنية، يصر نتنياهو على المضي في مشروعه السياسي والعسكري القائم على اجتياح القطاع وفرض واقع جديد فيه.
هذا التباين بين القيادة العسكرية التي ترى في الاحتلال مخاطرة غير محسوبة قد تؤدي إلى مقتل المحتجزين، وبين نتنياهو الذي يتعامل مع الحرب بدوافع دينية وأيديولوجية.
وفي هذا السياق، يقول الشيخ كمال خطيب لـ الجرمق إن ما يجري الآن "ليس له إلا تفسير واحد، وهو أن نتنياهو مدفوع بقناعات دينية تورطية، رغم أنه علماني، لكنه يتأثر بشكل مباشر من شركائه في الحكومة". وأكد أن هذه القناعات الدينية "تجعل إمكانية التراجع ضئيلة ومحدودة جداً".
وأضاف خطيب أن نتنياهو لم يخفِ قبل أيام "أنه يحمل رسالة روحية ويؤمن بخطة إسرائيل الكبرى"، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية "يريد أن يجعل من نفسه شخصية تاريخية تتجاوز هرتسل وبن غوريون، ويطمح لأن يكون كالملك سليمان عليه السلام، لكن الفارق أن سليمان لم يكن جباراً ولا قاتلاً ولا دموياً كما هو حال نتنياهو هذه الأيام".
وتابع أن إصرار نتنياهو على التهرب من أي استحقاق لتوقيع اتفاقية تبادل "يعني أنه لا يصغي لصوت العقل والمنطق، بل يلتزم فقط بالقناعات الدينية التي يسعى لتحقيقها منذ سنوات".
وعن قدرات الجيش الإسرائيلي، قال خطيب إن الإعلام العبري والقادة العسكريين أنفسهم "يتحدثون عن جيش منهك، وعن تهرب من الخدمة، وعن ضعف في قوات الاحتياط، إضافة إلى خسائر فادحة يمكن أن تصيبهم في حال قرروا الدخول برياً إلى غزة كقوة احتلال".
واستدرك أن "كل هذه التقديرات لا تجد آذاناً صاغية لدى نتنياهو، الذي يصر على رأيه وقناعاته".
وختم خطيب بالقول إن هذه السياسة "تزيد من حالة الخوف والارتباك داخل المجتمع الإسرائيلي، وعمى القلب هذا هو سبب الغرور والشعور بالقوة".
وأضاف أن نتنياهو "يحظى بدعم من الإنجيليين والأصوليين في أمريكا، الذين يشاركونه القناعات الدينية وراء هذه الحرب".
من جهته، يقول الخبير بالشأن السياسي خالد زبارقة لـ الجرمق إن جيش الاحتلال يعاني من إنهاك شديد بعد أشهر طويلة من العدوان، ولا يبدو قادرًا على تنفيذ احتلال كامل أو فرض سيطرة دائمة على قطاع غزة.
ويقول زبارقة: "هناك تضارب جوهري بين ما تحاول الحكومة الإسرائيلية فرضه من أجندات دينية متطرفة، وبين القدرة الميدانية لجيش الاحتلال، وهذا التضارب سيقود في نهاية المطاف إلى فشل ذريع للحرب".
ويضيف: "كل المعطيات على الأرض تشير إلى أن هذه الحرب مآلها الفشل، وتصريحات نتنياهو ليست سوى محاولة للهروب إلى الأمام، عبر اختلاق أهداف جديدة لتبرير الاستمرار في القتل والتدمير".
وشدد زبارقة على أن خيار احتلال غزة لم يكن وليد اللحظة، بل كان حاضرًا منذ الأيام الأولى للعدوان، لكنه لم يُعلن بشكل رسمي آنذاك، قائلاً: "الاحتلال الكامل لغزة كان مطروحًا منذ البداية كخيار في ذهن المؤسسة الإسرائيلية، لكنه لم يكن هدفًا معلنًا، واليوم، بعد أن فشلوا في تفكيك المقاومة أو القضاء عليها، بدأوا يطرحونه كهدف مشروع، مدفوعين بعقائد دينية متطرفة وليس باستراتيجيات عقلانية".
اضف تعقيب