كتب "شالوم يروشلمي" المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" العبرية، والمحاضر في العديد من الجامعات الاسرائيلية، في العلوم السياسية، مقالة في صحيفة "معاريف" نشرتها اليوم الاحد على موقعها الالكتروني تحت عنوان" نتنياهو ينقل مفاتيح الدولة" تحدث فيها حول الفخ الذي نصبه نتنياهو لبعض السياسيين الاسرائيليين.
وجاء في المقالة انه بموافقة نتنياهو على المطالب التي تقدّم بها زعيما حزبي، "البيت اليهودي"، نفتالي بينت، و "يش عتيد" يائير لبيد، والتي وصلت الى حد الابتزاز السياسي، فان نتنياهو "يكون قد نصب لهما فخاً مزدوجاً، فنجاحهما هو نجاح للحكومة بمجملها وهو على رأسها، وفشلهما سيتحملان وحدهما مسؤوليته".
ويقول الكاتب:" في حال تمكنا (لبيد وبينت) من إدارة شؤون وزاريتهما بنجاح، عندها سيكون نجاحا للتركيبة الوزارية التي قام هو بتصميمها، وفي حال فشلهما، فإنه سيلقي بالمسؤولية المنفردة عليهما، بعيداً عن حكومته، بعد ان منحهما صلاحيات مطلقة لإدارة شؤون وزاريتيهما".
ويضيف الكاتب ان اعمال الاحتجاج الاجتماعي، التي شهدتها اسرائيل، "لم تنجح بأن تكون الماركة المسجلة للحكومة الجديدة، الا انها تمكنت من تحديد الخطوط الاساسية لهذه الحكومة، بإبعادها عن النظر للمواضيع الخارجية، وتحديداً ملف السلام، حيث اصبح الشأن الاسرائيلي الداخلي، وتحديداً الهم الاقتصادي والاجتماعي عنوانها الرئيس".
وقال:"ان مئات الآف المتظاهرين الذين خرجوا الى الشوارع في صيف العام 2011، طلبوا من الدولة الالتفات الى الداخل، وليس الى الخارج، كما وقاموا برسم الخطوط الاساسية للساسة الاسرائيليين، التي يجب عليهم السير عليها، وارغموهم على رسم شعارات المعركة الانتخابية التي تركزت بجُلّها داخل الاحزاب، يمينها ويسارها وووسطها، على الموضوع الاجتماعي الاقتصادي".
ويرى الكاتب ان المواضيع الخارجية لم تعد هي البوصلة التي توجّه الاحزاب الاسرائيلية بكافة الوان طيفها السياسي، بل المواضيع الاقتصادية والاجتماعية ويقول:" لم يكن الموضوع الايراني، او مشكلة الحدود، او الاتفاقات الجزئية والدائمة هي من جمعت بين الاحزاب في الائتلاف الجديد، بل ان ما جمع بينها هو قانون المساواة في العبء، ومستقبل الاسكان العام في اسرائيل، والغلاء والاصلاحات في مجال التعليم، وليس موقف السلطة الفلسطينية او الموقف منها".
ويضيف الكاتب ان نتنياهو وجد صعوبة في الابتعاد عن الائتلاف الذى رافقه لسنوات، الا انه قرر اخيراً الذهاب الى المجهول، فترك مفاتيح مستقبل الدولة الاقتصادي والاجتماعي بأيدي معارضيه الكبار، الا انه في داخله يقول لـ "لبيد" و"بينت": " خذوا حقيبة المالية، والصناعة والتجارة، والاسكان، والاديان، والداخلية، وما شابه، واركضوا نحو ثورتكم، وسوف امنحكم اقصى درجات الغطاء السياسي، لانني ادرك انه في وفي نهاية المطاف فان هناك مشاكل قومية يجب حلّها".
الموضوع السياسي مسألة معقدة الا ان نتنياهو اصبح اكثر ثقة الان، ان هذه الحكومة ليست حكومة سلام ستندفع متلهفة الى رئيس السلطة للتوصول الى السلام معه، فهو لم يكن ابداً متهلفاً لحكومة من هذا النوع. ويقول الكاتب في مقالته:" ان حزب الليكود تحوّل الى حزب متطرف يميناً اكثر، بعد التحالف مع حزب اسرائيل بيتنا، وبعد خروج امراء الحزب، مريدور، وبيغن، وميخائيل إيتان، ليحتل اماكنهم، فيجلين، وداني دانون، وياريف ليفين، وتسيبي ُحطبولي، الذين تصدّرواقائمة البرايمرز في حزب الليكود".
ويضيف الكاتب " لبيد نفسه يعتبر يمينياً، فالزعيم الذي لم يعقد لقاءاً واحداً مع اي مسؤول فلسطيني او عربي، والذي يرفض بشدة فكرة تقسيم القدس، لا يمكن ان يكون الموضوع السياسي مهما بالنسبة له ".
اما فيما يتعلق بـ "البيت اليهودي" و"نفتالي بينت"، فلا يرى الكاتب ان هناك ضرورة لشرح مواقفهما بهذا الصدد، ويعتقد ان الامر سيبقى مقتصراً على "تسيبي ليفني" التي ستتولى ملف إدارة المفاوضات مع الفلسطينيين، الا انه يشير الى انها ستبقى مربوطة بحبل الوزارة، وبقيد نتنياهو تحديداً، وعليه فإن ما سيكون، ليس عملية سلمية بل مجرّد عملية متعثرة، ستتحمل ليفني مسؤولية فشلها، بعد ان اطلق لها نتنياهو العنان، لتتحرك في الميدان السياسي وتفحص قدراتها على الانجاز فيه".
وخارج إطار هذه الصورة يرى الكاتب ان هناك معارضة، ليست سهلة بإنتظار نتنياهو، ففي الوقت الذي واجهت فيه ليفني، الائتلاف السابق، بمعارضة مفككة، ومهلهلة، فإن نتنياهو سوف يواجَه الآن، بـ "معارضة مجرّبه وعنيدة، ستضم حزب العمل، والاحزاب الدينية، بالإضافة الى حزب ميرتس، والاحزاب العربية وحداش".
ويختتم الكاتب مقالته بالقول:" إنني في إنتظار اللحظة التي سيقف فيها لبيد على منصة الكنيست، ليُعلن تقليص 11 مليارا من الموازنة العامة، الامر الذي سيشكل مساً بحقوق الطبقة الوسطى، التي وعد بالمحافظة عليها في حملته، وكيف ستشتعل الكنيست عندما يقف بينت في مواجهة مع الاحزاب الدينية، حول قانون تجنيد المتدينيين، عندها فان المشهد سيكون رائعاً".
اضف تعقيب