نتنياهو واوباما وضعوا امام العالم خط احمر لايران فمن سيضع خط احمر لاسرائيل ؟
تصادف زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما المرتقبة هذا الاسبوع لاسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة مع بداية فصل الربيع وهو موعد "الخط الاحمر" الذي حدده رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بشأن برنامج ايران النووي خلال خطابه الدرامي امام الجمعية العامة للامم المتحدة في اواخر ايلول (سبتمبر) من العام الماضي.
ففي أداء وصف بـ "المسرحي" حذر نتانياهو وهو يمسك برسم شبيه بالكاريكاتير لقنبلة ذات فتيل من ان الجمهورية الاسلامية ستكون على وشك صنع قنبلة نووية في الصيف المقبل، معربا عن ثقته بأن اسرائيل والولايات المتحدة يمكن أن تضعا استراتيجية مشتركة لمنع ايران من تطوير سلاح نووي.
وقال نتانياهو وهو يرسم "خطا احمر" اسفل رقعة مكتوب عليها "المرحلة النهائية" من صنع قنبلة: "يتعين وضع الخط الاحمر هنا .. قبل ان تكمل ايران المرحلة الثانية من تخصيب اليورانيوم اللازمة لصنع قنبلة".
وكان نتنياهو يشير الى اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء بنسبة 20 بالمئة وهو مستوى تقول إيران انه مطلوب لانتاج النظائر الطبية لكنه يشكل ايضا، بحسب خبراء، الخطوة الأولى في اتجاه تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 90 بالمئة من اجل صناعة القنبلة الذرية.
ولكن حتى الان، حسب الشواهد، لا ايران "تجاوزت الخطوط الحمراء" ولا الحرب بين إسرائيل وإيران تبدو وشيكة.
يقول خبراء ان خطر الضربة العسكرية لمنشآت ايران النووية تراجع بعد توفر معلومات عن تراجع في عمليات انتاج ايران لليورانيوم عالى التخصيب.
فقد كشفت احدث التقارير عن تباطؤ نمو مخزون ايران من اليورانيوم المخصب الى مستوى 20 بالمئة في محاولة من طهران لمواجهة الشكوك الغربية المتزايدة تجاه أنشطتها النووية.
وصرح أوباما اخيراً بأن "الخط الأحمر" الأميركي يتمثل في اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية مضيفاً: "يستغرق ذلك أكثر من عام أو ما يقرب من ذلك".
وفي تصريح للتلفزيون الاسرائيلي قال الرئيس الاميركي عشية زيارته لاسرائيل انه يأمل بالتوصل الى حل دبلوماسي للازمة مع ايران الا انه يحتفظ "بكل الخيارات على الطاولة" في اشارة الى الخيار العسكري.
ودفع هذا مسؤولاً عسكرياً ايرانيأ كبيرا الى الرد على هذه التصريحات، محذرا الولايات المتحدة من ان طهران هي ايضا مستعدة لطرح "كل الخيارات على الطاولة" بشأن الملف النووي الايراني. فقد قال مساعد قائد القوات المسلحة الايرانية الجنرال مسعود جزائري مخاطبا الرئيس الاميركي: "يا سيد اوباما، لا تخطىء في الحسابات، نحن ايضا لدينا كل الخيارات على الطاولة".
ورغم ان إدارة أوباما تحشد قواتها في الخليج وتقول إنها مستعدة لاستخدام القوة العسكرية كملاذ أخير بعد نفاد جميع الحلول الأخرى إلا أنها رفضت دعوات إسرائيل بإعطاء طهران إنذارا أخيرا واضحا.
ولا توجد شهية، في الوقت الراهن على الاقل، في واشنطن للدخول في نزاع مسلح جديد في الشرق الاوسط في الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليص التزاماتها الدفاعية في الخارج وتجنب أزمة نفطية خليجية طاحنة.
ولم يعلن نتنياهو عن تعديل موعد حلول "الخط الأحمر" الذي يتراوح بين ربيع وصيف عام 2013. غير أن عدة مسؤولين إسرائيليين أقروا بتأجيل هذا الموعد، ربما الى اجل غير مسمى.
وشكك رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي في قدرة إسرائيل على الحاق ضرر دائم بالمنشآت الإيرانية النائية المحصنة.
وقال السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايكل أورين للصحافيين: "القضية ليست متى ستمتلك إيران قنبلة ولكن متى لا يصبح بإمكاننا الحيلولة دون امتلاك إيران لهذه القنبلة".
وعبر مارك فيتزباتريك المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية عن شكوكه في ان ترد إسرائيل بشن هجمات على إيران لو تجاوزت الاخيرة "الخط الأحمر" الذي وضعه نتانياهو.
وقال فيتزباتريك الذي يرأس برنامج منع الانتشار ونزع السلاح في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: "لن يتخذ أحد قرارا بشأن الحرب أو السلام بناء على كيلوغرامات قليلة من اليورانيوم المخصب عند مستوى 20 بالمئة". واضاف: "لا يعلم أحد ما هو الخط الأحمر الإسرائيلي الحقيقي. ولا أعتقد أن إسرائيل تعرفه أيضا".
وعاب فيتزباتريك على نتنياهو تركيزه على اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة قائلا إن ذلك قد يصرف الأنظار عن التقدم المستمر في نواحي أخرى خطيرة لبرنامج ايران النووي مثل تطوير أجهزة الطرد المركزي وأطنان اليورانيوم منخفض النقاء. غير أنه رأى مكسبا تكتيكيا لنتنياهو "في تذكير العالم بوجود خطر ملموس هنا بعد أن سمع العالم كثيرا قرع طبول الحرب من جانب إسرائيل".
وفي ما يتعلق بـ "الخط الاحمر" يقول غاري سامور Gary Samor المستشار السابق لاوباما لشؤون منع انتشار الاسلحة النووية انه برغم جميع التكهنات بشأن برنامج ايران النووي وقرب امكانية صنع ايران سلاح نووي فانه من الاجدر ربما تسمية "الخط الاحمر" لنتانياهو بـ "المنطقة الحمراء" نظرا لأنه لا يعرف بعد على وجه الدقة مقدار ما تمتكله ايران من اليورانيوم المخصب اللازم لصنع قنبلة نووية.
في لقائه هذا الاسبوع مع الرئيس اوباما سيحاول نتانياهو التركيز مجددا على "الخطر النووي الايراني" واعطاءه الاولوية على حساب القضية الفلسطينية وخطر الاستيطان الصهيوني ومواصلة الاحتلال.
وقد يضع كل من نتانياهو واوباما "خطوطه الحمراء" الخاصة به في ما يتعلق بايران، لكن متى تريد ان تدرك او تقر اكبر دولة في العالم ان اسرائيل قد تجاوزت، منذ "تأسيسها"، كل الخطوط الحمراء في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، وان الوقت حان كي تضع "خطها الاحمر" لاسرائيل النووية وخطر الاحتلال الذي يمثل التهديد الحقيقي للسلام في الشرق الاوسط والعالم. وربما كان هذا من باب التمني فقط.
اضف تعقيب