استعرض الصحفي الاسرائيلي "شالوم يروشالمي" في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، ثلاثة سيناريوهات محتملة ستواجه الحكومة الاسرائيلية الجديدة.
وعن السيناريو الاول قال "يروشالمي": "اعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو امس، انه مستعد لتسوية تاريخية مع الفلسطينيين من اجل التوصل الى إتفاق سلام بين الطرفين، الا ان العالم لم يقف مندهشاً امام هكذا تصريح، لأنه يعرف جيداً النظرة الحقيقية لنتنياهو تجاه المفاوضات السياسية".
واضاف: "في العام 2009 القى خطاباً تاريخياً في جامعة بار ايلان، اعلن فيه انه سيكون جاهزاً لقبول حل الدولتين، لكنه ربط ذلك بالاعتراف بيهودية الدولة، الامر الذي رفضه الفلسطينيون".
ويُتابع الكاتب: "لنفترض ان نتنياهو قرر هذه المرة ان يصاب بالجنون ويذهب بحكومته الجديدة الى تسوية تاريخية (السلام الذي تحدث عنه في 2009)، وهو السيناريو الذي سيؤدي لتفكيك الحكومة، وكذلك "الليكود" وبالتالي إجراء إنتخابات جديدة.
وعلل الكاتب ذلك بأنه "في حال قرر نتنياهو قبول خطة اولمرت للسلام مع الفلسطينيين، او مبادرة جنيف، او اخذ بالاقتراح الذي قدّمه ايهود باراك لياسر عرفات في كامب ديفيد في العام 2000، فما سيحدث هو انسحاب اسرائيلي من الضفة الغربية الى حدود الـ67 مع تبادل للأراضي، وإقامة دولة فلسطينية على المنطقة التي سيتم إخلاؤها من المستوطنات، وتقسيم القدس بحيث يصبح الجزء الشرقي منها عاصمة للدولة الفلسطينية، وتصبح البلدة القديمة وما فيها من اماكن مقدّسة تحت سيطرة الإدارة الدولية، ويقبل الفلسطينيون بحق العودة لعددٍ محددٍ من اللاجئين، ويتم عقب ذلك توقيع إتفاق سلام يتم الاعلان فيه عن إنهاء الصراع مع الفلسطينين ومعظم الدول العربية".
وتابع: "ستجري بعدها محادثات سرية في القدس ورام الله وبعض العواصم الاوروربية وواشنطن ايضاً، سيتم على اثرها دعوة نتنياهو وابو مازن الى البيت الابيض من اجل التوقيع على هذا الاتفاق".
ويتساءل "يروشالمي"، ماذا سيحصل وقتها على المستوى السياسي؟"ما سيحصل هو فسخ الشراكة بين الليكود واسرائيل بيتنا، تفكك الليكود ومغادرة اغلب اعضائه، وينشئ وقتها نتنياهو حزباً جديداً مع بعض مناصريه، وقد يطلق عليه اسم (هتكفا) بالعربية الامل.
"سينسحب البيت اليهودي بجانب العديد من اعضاء الليكود من الحكومة فوراً، ليحتل مكانهم المتدينون وحزب العمل وميرتس، بحيث يحظى إئتلاف السلام هذا بتأييد 70 عضواً بالاضافة لدعم الاعضاء العرب الـ11".
ويضيف: "تتم مراسم التوقيع على إتفاق السلام في البيت الابيض، ويقف على المنصة الى جانب اوباما، نتنياهو ولبيد ويحيموفتش وليفني، ومن الجانب الآخر ابو مازن وصائب عريقات وياسر عبد ربه، ويلتقطون الصور التذكارية وهم يتبادلون التحيات ويتصافحون، لكي تشهد هذه الصورة ان هذا السيناريو قد تم.
اما السيناريو الثاني حسب "يروشالمي"، بـ"أن تنشغل الحكومة الجديدة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، وذلك حسب رغبة الناخب الاسرائيلي، ليغرق بعد وقت قصير اعضاء الحكومة في مستنقع ميزانية الدولة، ودعم الاسكان الحكومي، والمساواة في العبء، ومواضيع مدنية اخرى، لتنتفض الكنيست و"ترتعد" امام كل تصويت على اي قانون جديد يُعرض امام هيئتها"."وقتها ستثبت المعارضة نفسها، وتحارب مع اعضاء الكنيست من المتدينين من جهة، وحزبي العمل وميرتس من جهة اخرى".
ويقول الكاتب: "لا يمكننا تهميش الملف السياسي ازاء التطورات التي تحدث في الشرق الاوسط، فالاحداث في مصر تتصاعد، وافراد القاعدة يتسلمون الحكم في سوريا، والثورة الاسلامية تُلقي بظلالها على الاردن، في الوقت الذي تستمر فيه ايران بتطوير سلاحها النووي، وتفقد اسرائيل خيارها بالقيام بعمل عسكري منفرد ضد ايران، وتبقى معتمدة على قيام الولايات المتحدة بهذا الدور".
ويتابع: "يرافق كل هذا تسخين على الجبهة الفلسطينية- الاسرائيلية، ويصبح التقدّم على الجبهة السياسية هو الوسيلة التي قد تُنقذ اسرائيل من التطورات التي تحيط بها، ويبدأ الجانب الاميركي بممارسة ضغوطه، ويستمر الرئيس اوباما بإقناعنا ان السلام مع الفلسطينيين هو وحده الذي سيضمن لنا يهودية الدولة"."عندها يلتقي ابو مازن مع نتنياهو، لتبدأ عجلات العملية السلمية بالتحرك، فتقرر اسرائيل تجميد البناء في المستوطنات لفترة محددة، ويبتلع اعضاء في الليكود بيتنا جرعة الدواء المرّة، وينفصل فيجلين عن الليكود ليؤسس مع الحاخام امسلم الجيل الجديد من المعارضة، ويجتمع البيت اليهودي في جلسة طارئة ليعلن بعدها نفتالي بينت انه لن يعمل على تفكيك الحكومة لأنه مقتنع ان هذه العملية لن تؤدي الى شيء.
ويردف "يروشالمي": "تبدأ ليفني بتوظيف كل جهودها، لكن العملية السلمية سرعان ما تتعرقل، لأنها (ليفني) لا تملك اي قوة سياسية لفرض الفيتو على اي قرار يمنعها من تحقيق اهدافها، وتعود الادارة الاميركية لتنغلق على ذاتها وتهتم بقضاياها الداخلية، ويتم بذلك إنقاذ الحكومة (عدم تفككها)".
ويشير الكاتب الى وجود إحتمال آخر وهو ان يعلن نفتالي بينت انسحابه من الحكومة، بسبب تجميد البناء في المستوطنات، ليندفع المتدينون وحزب العمل الى داخل الحكومة وتستمر العملية، لكن لا تؤدي لاتفاق لأن الحقائق على الارض لا تقبل التغيير.---------اما السيناريو الثالث من وجهة نظر الكاتب، والذي يرى فيه الاكثر إحتمالاً للحدوث، هو إعلان الحكومة بأنها ستهتم فقط بالمواضيع الاقتصادية والاجتماعية والمدنية فقط، فيغرق يائير لبيد بموضوع الموازنة ويحاول حل مشاكل الاسكان وقانون المساواة في العبء، ونفتالي بينت يهتم بتطوير الـهاي -تك في وزارة الاقتصاد والتجارة، وإبعاد المتدينين عن مجلس الحاخامية، وكل وزير مشغول حتى اذنيه بشؤون وزارته، في حين لا ينشغل رئيس الوزراء نتنياهو سوى مراقبة التطورات القادمة من طهران".
ويضيف: "ستبقى العملية السياسية محشورة في الزاوية، ويقرر اوباما انه لن يمارس ضغطاً على اسرائيل، محاولاً إستغلال زيارته لها لنيل رضا الجمهوريين، لتبدأ طواقم المفاوضات التي ترأسها ليفني وعريقات، بإلقاء المسؤولية على الطرف الآخر حول عدم التقدّم بالعملية السلمية، ويبدأ الفلسطينيون بعرض مطالبهم وشروطهم من اجل ذلك، التي بدورها لا يمكن ان تكون مقبولة من قبل الحكومة الاسرائيلية".
ويختتم "يروشالمي" مقالته بالقول: "في المقابل فإن نتنياهو ولبيد وبينت وليفني تتعزز مواقعهم، ويحاول كل منهم تعزيز مواقعه بمفرده كي لا يعتمد احدهما على الآخر، وتتعزز مكانة الحكومة، لنحو ثلاث سنوات قادمة او ما يزيد، وهو السيناريو الاكثر واقعية من بين السيناريوهات الثلاثة".
اضف تعقيب