هي الذكرى الـ 37 ليوم الأرض الخالد، ففي الثلاثين من آذار 1976، ما كان التاريخُ عاديًا ولا مجرد حديثٍ روتينيٍ يُطل من خلاله أبناءُ شعبنا على صفحةٍ من تاريخهم، بل كانت تاريخًا مفصليًا للفلسطينيين عامةً ولا داخل ال 48 خاصة، وقد وضَعَ التاريخُ الفلسطيني بصمة عار في جبين إسرائيل، ففيه سقط ستة شهداء وجرح عدد من الفلسطينيين من بلدات: عرابة ودير حنا وسخنين وكفر كنا ونور شمس وغيرها، لكنّ هذا التاريخ وضع الشرارة الأولى التي أطلقتها الجماهير العربية، ومعها وقف الآلاف ليتحدوا يد السلطة التي تحاول جاهدةً حتى هذا اليوم مدّ مخالبها لسلب ما تبقى من أراض يملكها العرب.
وتأتي السنة الـ 37، من عمر يوم الأرض وقد سيطرت السلطات الإسرائيلية على معظم الأراضي الفلسطينية، لم تكتفِ بمنطقة البطوف، ولا بالمستوطنات التي تحاصر بلداتنا العربية (نتسيرت عيليت)، (تسيبوري)، (طبريا- على أنقاض أراضي شعبنا)، وصولاً إلى عكا المُحاصرة واللد والرملة ويافا، وفي المثلث وفي النقب، بلداتٍ لا يُمكن حصرُها، شهِدت مصادرة أراضٍ بصورةٍ هائلة، وهُدمت بيوتٍ وشُردت عائلات، وتمّ افقارُ كثيرين من أبناء شعبنا، لا لشيءٍ إلا لأنّ الاحتلال لا يكون بدون سلبٍ ونهبٍ وتقطيع أوصالٍ وتجويع وسلب حقوق أساسية. من أجلِ كل هذا كانت هبة يوم الأرض، وخرج الفلسطينيون- بتنسيقٍ بين جميع الأحزاب ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية- تظاهراتٍ والمسيرات جبارة في جميع البلدات العربية الفلسطينية في الداخل، إضافة إلى مسيراتٍ تضامنية مِن سائر أبناء شعبنا في الضفة والقطاع والشتات.
لكن اللافت في السنوات الأخيرة هو التراجع الملموس في حجم المشاركة الجماهيرية الفلسطينية في مسيرات يوم الأرض، إضافة إلى تحولها بالنسبة للبعض خاصة الجيل الشاب منهم إلى رحلاتٍ ترفيهية، وبعض النزاعات الطفيفة حول رفع الأعلام الحزبية، الأمر الذي يبدو غير مُستحِب عند فئة كبيرة من أبناءِ شعبنا التي سجلت موقفها من خلال هذه الحوارات التي أجرتها :
نيفين أبو رحمون–دلاشة: مطلوب استراتيجية نضال موحّدة بين الأطر السياسية
تقول نيفين أبو رحمون- دلاشة، ناشطة سياسية (البعينة- النجيدات): "أعتبر أنّ يوم الأرض من أهم المناسبات الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، وهذا يعود لأهمية الأرض كركيزة أساسية في بنية الإنسان الفلسطيني وتشكيل هويته. ويوم الأرض هو الحدث المِفصل في علاقة العرب الفلسطينيين مع السلطات الإسرائيلية حيث انتفضت جماهيرنا العربية موحّدة وكسرت حاجز الخوف من الآخَر الصهيوني وخلقت الشعور بالفخر والاعتزاز. لذا تحتفي جماهيرنا العربية بهذه الذكرى إحياءً ووفاءً لشهدائنا الأبرار وحفاظًا على الذاكرة الفلسطينية الجمعية، وبالتالي عليها أن تصد كل المخططات الإسرائيلية التي تستهدف وجودنا وهويتنا ومن بينها سياسة مصادرة الأراضي وتهويدها.
تضيف نيفين: نحنُ نشهد تراجعًا نسبيًا في حجم المشاركة الشعبية في السنوات الأخيرة والناتج عن عدم وضع استراتيجية نضال موحّدة بين الأطر السياسية المختلفة، وبالتالي يتوجَب على القيادة السياسية أن تعيد النظر في أساليب نضالها كي يستطيع المواطن العربي أن يستعيد ثقته في النضال الذي من شأنه أن يحسِّن واقعه ويضع حدًا للعنصرية المنظمة. هذا النضال يجب أن يخرُج عن السياق المألوف وتتحول هذه الذكرى إلى انطلاقة جدية لمواجهة السلطات الإسرائيلية وأن تنتفض جماهيرنا أمام المخططات السلطوية، وهذا بالطبع يحتاج إلى المزيد من العمل التعبوي والتثقيفي والإبداعي لشحذ همم جماهيرنا وتوسيع مشاركتها في إحياء هذه الذكرى الخالدة.
محمد زيادة: المطلوب من الحركات الوطنية العمل مع الشباب يوميًا لرفع الوعي الوطني
وجاء رأيُ الأسير المُحرر محمد زيادة- أبو منصور (اللد): "أرى أنّ المشاركة في يوم الأرض، لها بُعد كبير وهي ليست مجرد حضورٍ زماني أو مكاني في موقع الحدث، وإنما هو تأكيد على قضايا الجماهير العربية، وعلى وجود الإنسان فوق أرضه. فالأرض هي الوطن، هي الأم، هي كل شيء، وبدون الأرض لا يكون لنا وطن، وهي مناسبة رمزية، لكن من المفترض ألا تكون وفق آلية مُحدّدة، بل يجب أن يتم تطويرها، بشكلٍ يدفع بالغالبية من الفلسطينيين الى المشاركة في إحياء هذه الذكرى.
ويضيف: "وما نراه اليوم في النقب من خطر سلب 800 ألف دونم من أراضيها، فإنّ جزءًا كبيرًا من الوطن سيضيع من أيدينا، وإذا كانت انطلاقة يوم الأرض، وسقوط الشهداء وقع جراء مصادرة 21 ألف دونم، فكيف والوطن كله سيُسلب، وإذا لم يقف كل فلسطيني على حقه، وإذا لم نُناصر بعضنا البعض، من النقب إلى المثلث وإلى الشمال فإنّنا سنخسر فلسطين. وإذا لم يقف كل فلسطيني ليواجه سياسة الحكومة، فإننا يومًا ما وقريبًا جدًا لن نجد مترًا واحدًا نبني عليه بيوتا لأبنائنا". وجاء في سياق كلامه أيضًا: "إنّ الارتباط الشخصي والعام بالأرض، ليس فقط مسكنا يأوينا، بل هو معنى سياسيٍ، لبناء فلسطين التاريخية، هذا يعني أننا يجب أن نعيد ما سُلب مِنا، لا أن نسمح بتجزيء ما تمّ تجزأته من قبل. وهذا الأمر يعيدُ إلى القيادة الفلسطينية وفصائلها السؤال: هل تتنازلون عن فلسطين من النهر للبحر، وكأنّكم تتنازلون عن مركبةٍ لم تَعُد صالحة للاستعمال؟!"
أما فيما يخُص الجيل الشاب، ومدى اطلاعه على التاريخ الفلسطيني فيقول أبو منصور: "لا ألمسُ وعيًا كافيًا بين أبناء الجيل الشاب، فرغم أنهم عباقرة في تشغيل الألكترونيات "كالأيفون"، وغيره، لكن عند السؤال عن ما يرتبط بالتاريخ الفلسطيني وذاكرته فإنهم لا يحفظون الكثير، لا يعرفون على سبيل المثال "كم شهيدًا سقط في يوم الأرض"، "أسماءُ الشهداء"، وتفاصيل كثيرة مُبهمة بالنسبةِ لهم، لكنهم على الأقل يُشاركون في هذه المناسبات ويستفيدون ويُجددون معرفتهم، أما اللوم، بعضه فإنني أراه مسؤولية الأحزاب والحركات الوطنية التي لا تنشغل طوال السنة بهؤلاء الشبان، الجيل الجديد، هؤلاء عليهم أن يعملوا أكثر على التوعية وتعزيز الثقافة الوطنية الفلسطينية، عندها فقط، نكون قد ارتقينا بمناسباتنا الوطنية إلى درجةٍ عظيمة، وأعطينا شهداءنا حقهم في ذكراهم الخالدة".
سهى حجازي: المطلوب تفعيل النوادي الحزبية من خلال ندوات ومحاضرات تثقيفية مكثفة
سهى حجازي (المكر) – مُشارِكة فعّالة في المناسبات الوطنية، تقول: "منذ عشرات السنين وأنا أشارك في مسيرات يوم الأرض ومسيرات العودة، وأرى في يوم الأرض أنه يومٌ مُقدس، ويجب أن نستمر بإحيائه، وأرى أنّ أول من يستفيد من خلال المشاركة في هذا اليوم هو الجيل الثالث، أجيال المستقبل، بدلاً من انشغالهم الدائم بعوالم الانترنت وما فيها من ايجابيات وسلبيات، ونحنُ اليوم أحوج ما نكون إلى صحوة الشعب الفلسطيني بكامله، من خلال مظاهرة كبيرة، كما كانَ في يوم الأرض الأول عام 1976، هي الانتفاضة الأولى التي فجرت صرخة الفلسيطيني على ذله وعلى سلب أرضه، وخضبت دماء شهداء هذه الذكرى، وحولتها إلى مرجٍ من الزهور". وتضيف الناشطة سهى: "في السنوات الأخيرة لم أعد أحس بهذه المشاعر الوطنية تغمرني، كما كانت في سنواتها الأولى، بدأتُ أشعُر أنّ يوم الأرض ومسيرات العودة بصورةٍ عامة، صارت مظاهر وجاهاتٍ وحضور، وعروض أزياء، وساسة يهمم الصورة أكثر من أيِ شيءٍ آخر".
وعن مشاركة الجيل الجديد تقول: "أحفادي لا زالوا صغارًا، مع ذلك يعرفون أنني ناشطة في هذا المجال، وأود لو أنهم اقتدوا بي وبدأوا باكتشاف واقعنا الفلسطيني القاسي قريبًا، لكن حولي في المكر تحديدًا لا أرى كثيرين من الأجيال الصغيرة، بل حتى مِن الكبار في مثل سني يعرفون كثيرًا عن الثقافة الفلسطينية، ورغم أنّ الجديدة ملاصقة لقرية المكر فإنّ كثيرين لا يعرفون الكثير عن محمود درويش أو أشقائه أحمد وزكي درويش، هؤلاء أصحابُ الكلمة الوطنية الصادقة، فماذا تتوقعين مِن الجيل الجديد؟! بالمقابل فإنّني ألمسُ الوعي الكبير بين أبناء الأصدقاء الذين يُشاركون في المُناسبات الوطنية المختلفة، لكنهم يظلون قلّة للأسف". أما ما يُمكن فعله من أجل التغيير فتقول حجازي: "يجب تعليم المناسبات الوطنية في مدارسنا العربية، ليت ذلك يحدث، لكنه للأسف شبه مستحيل، فالوزارة هي التي تضع البرنامج التعليمي، لكنني على الأقل أتمنى أن يكون أساتذتنا أكثر معرفة ووعي لتاريخنا الفلسطيني، فلا يتم تحريف تفاصيل هذا الوطن أو عبرته. بالمقابل أتمنى على الأقل أن يكثف الساسة نشاطاتهم التوعوية بشكلٍ دائم من خلال ندوات وزياراتٍ إلى معالم الوطن وإلى المناطق المهجرة بشكلٍ خاص، فلا بأس من هذه الفعاليات الترفيهية التي يتخللها شرحٌ واف عن تاريخنا وجغرافية وطننا".
نسيم عاصي: يوم الأرض حلقة نضالية تكتمل بالتوعية والمشاركات الوطنية المختلفة!
وجاءت مُشاركة الناشط الاجتماعي نسيم عاصي - عرابة (عضو إدارة في لجنة المهجرين)، ليُضيف إلى ما قيل سابقًا، إذ يرى عاصي أنّ "يوم الأرض هو يومٌ مُقدس ويجب عدم التخلي عن إحيائه، فهو واجبٌ علينا بسبب ما حدث في هذا اليوم، الذي حوّل تاريخنا إلى مرحلة مفصلية، أنا أؤيد الاستمرار بالمسيرات والمظاهرات لرفع صوتنا، وأشدد على ضرورة إغلاق جميل المحال التجارية في بلداتنا العربية، ليعي الجميع أنّ هذه المناسبات لها ارتباط بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، ويجب على الجميع أن يُفكر بِما جرى، وأن يكون على الأقل هذا اليوم يومًا رمزيًا نُعيد فيه لُحمة أبناء شعبنا ونتوحّد تحت عنوانٍ واحد هو وحدتنا الوطنية والإنسانية".
ويتابع عاصي: "مسيرة يوم الأرض هي الحلقة الأولى والمهمة، لكن المطلوب فعاليات طوال السنة، وأن يكون كل يومٍ هو يوم أرض، خاصةً أننا نشهد محاولات اقتلاع يومية، وللأسف كثيرٌ من هذه المحاولات باتت قاب قوسين أو أدنى مِن انتزاع أرضنا، إن لم نقف لها بالمرصاد، وإن لم نقُم بتوعية أبناء شعبنا لهذه الخطورة، لذا إحياء يوم الأرض الهام جدًا، غير كافٍ، علينا أن نُساهم في رفع الوعي في كافة البلدات العربية من النقب إلى عكا إلى يافا وغيرها، لنوقف خطر المصادرة الذي يفتح فمه ليبتلع ما تبقى من أرضنا العربية، وعلينا ألا نسمح بذلك، مِن هُنا يجب تكثيف التوعية اليومية، والندوات والبرامج التربوية والمحاضرات وزيارات أرضنا التاريخية بشكلٍ مكثف، لنعزِّز ارتباطنا واعتزاز الأجيال القادمة بأرضنا المقدسة".
حنا بشارة: لا تنفعنا الذكرى إن لم نعلّم الجيل الجديد إسقاطات يوم الأرض وأبعادها السياسية!
للشاب حنا بشارة، الناشط التجمعي من ترشيحا وجهة نظر إضافية لِما قيل سابقًا، إذ يرى أنّ: "علينا أن نشدّد على أنّ يوم الأرض يجب ألا ينحصر جماهيريًا على مجرد يومٍ فولكلوريٍ وذكرى يومٍ نضالي عادي فحسب، وإنما يجب استغلاله لطرح قضايا مصيريّة حارقة، وخيرُ مثالٍ على ذلك هي المظاهرة التي جرت قبل عامين في اللد، من خلالها استطعنا تعزيز وحدتنا الوطنية وموقفنا الموحّد، بمعنى أنه يجب نقل المهرجانات المركزية أو المظاهرات القطرية من بلدات يوم الأرض إلى أماكن المواجهات الحالية سواء في النقب أو اللد ويافا والرملة أو عكا، فهُناك قضايا مصيرية يجب أن نُواجهها حالاً". ويضيف بشارة: " وأعتقد أنه يتوجّب علينا إيجاد آلية لتوضيح أهمية يوم الأرض للجيل الجديد الناشئ وإبراز تأثيره وحيثياته كيومٍ توحّدت فيه الجماهير العربية الفلسطينية، لمواجهة سياسات الدولة والتأكيد على اننا استطعنا فعلاً من خلال هذه الوحدة تحقيق إنجازٍ رائع في مواجهة غطرسة الدولة". وختم الشاب بشارة: "لا تنفعنا الذكرى إن لم نعلّم الجيل الجديد إسقاطات الذكرى والسياسات التي اتخذتها الحكومة على إثر يوم الأرض، ومدى خطورتها وكيفيّة مواجهتها من حيث سياسات نهب الأرض "وترويض" العرب لإحتوائهم وجعلهم ضعيفي القُدرة على المواجهة، بالتالي فإنّ التوعية لخطورة ما يجري سيجعل وعينا الوطني شبابًا كبارًا وصغارًا أعمق، ودفاعنا عن بقائنا وتمسكنا بأرضنا ستعززه ثقتنا بأنفسنا وبقدرتنا على التغيير".
أليف صباغ: ينقصنا مشاريع وطنية حقيقية!
للناشط أليف صباغ على مدار مسيرته الإجتماعية ونضالاته الحقوقية التي شغلها من خلال أماكن تواجده، يرى في يوم الأرض معنىً آخر يجب أن يختلف عما هو سائد اليوم، إذ يقول: "لأسفي الشديد انحصر يوم الأرض على مسألة الطقوس التي تحولت إلى روتين، ليس فيها إبداع أو جديد تقدمه، ونتيجة لهذا الروتين فإنّ من الطبيعي أن يُصبح غير مُحبّب عند الجيل الشاب، وهذا واضح من الانخفاض الملموس في عدد المشاركين وبالتحول في الجو العام أيضًا، وبالتالي فلا بُدّ من إعادة النظر في نوعية فعاليات يوم الأرض، وما بين ذكرى وذكرى لاحقة".
ويُضيف صباغ: "يُفترض في يوم الأرض أن يكون انطلاقة لمشروعٍ وطني للدفاع عن الأرض، وهذه الانطلاقة تتجدد بين كل ذكرى وذكرى بأشكالٍ مختلفة، فعلى سبيل المثال حبذا لو كانت طقوس العودة إلى القرى المهجرة هي عودة حقيقية كل سنة، العودة إلى المكان المُقدس الذي هُجرنا منه وآباؤنا وأجدادنا، لماذا لا نستعيده من خلال الدخول اليه وتنظيفه وتفعيله على مدار السنة، كما فعل أبناءُ إقرث وبرعم، بهدوءٍ جميل، عادوا إلى موطن الآباء والأجداد، دخلوا الكنيسة واستخدموها، وفي معلول أيضًا، بدون اعلانات وتضخيمٍ إعلامي، دخلوا الى الكنيسة وقاموا بتصليحها وإعادة استعمالها والصلاة فيها والقيام بكافة الفعاليات التي تُعيد ربط وتوحيد أبناء البلدة المهجرة معًا، كأخوةٍ وأهلٍ منتصرين على سياسة الدولة. أليسَ الأجدرُ بِنا أن نعود إلى قرانا ونعود نفتح معلمًا من معالمه ونعيد تشغيله، وعدًا مِنا بالبقاء نحنُ وأبنائنا مِن بعدنا".
ويتابع: "ما ينقصنا في الداخل هو مشروعٌ وطني أو مجموعة من المشاريع الوطنية المختلفة في مضمونها ونوعيتها عن المشاريع المدنية التي يُعالجها أعضاء الكنيست العرب، وآسف لأن عملنا أصبح محصورًا في الكنيست، بينما بقي العمل الوطني مجرد طقوس أو بكاء على أطلال ذكرانا الخالدة، أو لرفع معنوياتنا لا أكثر، أما آن الأوان لتحوّل هذه الطقوس إلى مشاريع عمل حقيقية؟! منها ما ذكرت سابقًا: عودة إلى قُرانا المهجرة، ومنها أيضًا إعادة مشروع مثل "البطوف" الذي يضم البلدات الأربع: سخنين، عرابة، دير حنا،عيلبون،كفر مندا، ويهدُف إلى الحفاظ على سهل البطوف، ومشاريع أخرى تخدُم بلداتنا العربية، وتؤكِد أنّ همنا الأول والأخير هو قضايانا الحياتية اليومية في مواجهة سياسة السلطة، من هدم بيوتٍ واقتلاعنا من أراضينا بعد مصادرتها كما يجري في النقب وسائر أماكن تواجدنا".
وفي ختام حديثه أشار صباغ إلى "تقصيرٍ من قيادات الجماهير العربية والحزبية، التي يجب أن تقوم بتعزيز التثقيف الوطني والسياسي طوال أيام السنة، حتى يتكامل العمل والهم الوطني الموحِّد لنا جميعًا".
الشاب عدي كريّم، أكاديمي وناشط اجتماعي نصراوي، غير متحزِّب: يتحدث من وجهة نظره الشخصية، عما يعتبره تقصيرًا كبيرًا يطالُ ذكرى يوم الأرض، ويمُس بمعانيه الوطنية، وبين ما قاله، وشدّد على ألا يتم شطب ما يقوله: "أرى أنّ يوم الأرض هو من أهم الأيام التاريخية لنا كشعبٍ فلسطيني في الـ 48، لكنّ إحياء يوم الأرض بهذه الطريقة المتبعة اليوم، من مظاهرة ومشاركات حزبية لم أعد أشارك فيها منذُ سنين، لأنني أعتقد أنّه ليس فيها جدوى ولا تُقدِّم لنا حلاً، وآسف أن أقول أنني لا أحبذ التعامل مع الصحافة التي تدور حول يوم الأرض..."
ويعتقد كريّم أنه بات "لزامًا علينا تعليم يوم الأرض، أن تعرف الأجيال الجديدة الأهمية التاريخية لهذا اليوم، هو يومٌ شعبي ويومٌ وطني، وليس المهم أن نشارك في المظاهرات، المهم أن نعي تاريخنا الفلسطيني".
رغدة النابلسي: المطلوب من القيادات وجماهيرنا التركيز على قضايا مدن المركز والنقب
وترى رغدة النابلسي، ناشطة سياسية ونسوية أنّ "يوم الأرض يجب أن يكون مُناسبة للتركيز على القضايا الحارقة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني في الداخل خاصة في النقب وفي مدن المركز، ولأنّها تنشط بصورةٍ خاصة في مدينة الرملة، البلدة التي تعيش فيها طوال الوقت، فهي تلمس الواقع القاسي الذي يعيشه المواطنون هناك، في ظل سياسة إسرائيلية ممنهجة تتعمّد إفقار الفلسطينيين وسلب كل ما يملكونه وتهويد الأرض بما في ذلك الحجارة الفلسطينية التي تشهد على تاريخٍ فلسطيني عريق".
تقول رغدة: "هي مُناسبة لربط قضية الأرض بالممارسات التي يتعرض لها سكان المركز، سواء في قضايا السكن، أو تغيير طابع المدن التاريخية الثلاث: يافا، اللد والرملة، ومِن أجل ذلك يجب التذكر بأهمية الأرض وأنه ليس مسكنًا فحسب، إنما هو الوطن الباقي، في ظل خطرٍ جدي ومحاولات لا تتوقف تهدف إلى محو الملامح التاريخية الفلسطينية وطمس المعالم والشواهد التاريخية من ذاكرتنا".
وتضيف: "هؤلاء النساء يتم سلبهن حقهن بالمسكن، ولا يجدن من يترافع عن حقوقهن، ويتم تهميش دورهن وحقهن برفع الصوت، علمًا أنهن يعانين من المستوى الاقتصادي والاجتماعي الصعِب كونهن معطلات عن العمل، وهن بأمس الحاجة إلى الأمن والمسكن".
ونبهت النابلسي إلى خطورة السياسية الإسرائيلية الرامية إلى محاصرة الأحياء العربية في مدن المركز من خلال بناياتٍ جاهزة تُحيط بالمناطق العربية وإغلاق جميع المنافذ على العرب، ومحاصرة ومصادرة أراضيهم، "حتى أنه لم يبقَ في مدينة الرملة على سبيل المثال، أيُ أرضٍ للعرب يسكنون فيها".
اضف تعقيب