تعمل في قلب المدن الفلسطينية، ومسجلة لدى كافة الجهات الرسمية، ولا تقل قانونيتها عن أي شركة فلسطينية مسجلة أخرى، مع اختلاف "بسيط" هذه المؤسسات تعمل برأس مال إسرائيلي، اما كودارها ومقراتها فيه وطنية.
غالبية هذه الشركات، تعمل في مجالات تكنولوجيا المعلومات، والتصميم الجرافيكي، وتصميم برامج الحاسوب، وبكلمات أخرى فإن هذه الشركات تحصل على جزء من مهام الشركة الإسرائيلية الأم (outsourcing).
ويشكل اغراء الربح اساس هذه "الشراكة" الاقتصادية، التي تقوم على الافادة من انخفاض تكاليف الأيدي العاملة وبعض المصاريف الاخرى، كالضرائب وأجور المقرات، ما يوفر عليها (الشركة الإسرائيلية الام) مبالغ، ما كانت لتجنيها، لو بقي نشاطها محصوراً داخل إسرائيل.
وبكلمات واثقة وملامح تخلو من اي ارتباك، يقول أحد القائمين على شركة للتصميم الجرافيكي في مدينة رام الله، (رفض كشف هويته): إن "العمل مع شركة ذات رأسمال إسرائيلي، لا يختلف عن العمل داخل الخط الأخضر، أو المستوطنات المعلقة على جبال الضفة الغربية، وأقصد هنا آلاف العمال الفلسطينيين".
واضاف : " الحال كذلك، بالنسبة لي وللموظفين المتواجدين داخل الشركة، نحن عمال نحترف مهنة في مجال آخر، ونتقاضى راتباً جيداً، ولا أرى أن هذا الموضوع أيضاً يختلف كثيراً عن موزعي المنتجات الإسرائيلية على محال (متاجر) الضفة الغربية".
وحول كيفية لقاء الممول الإسرائيلي، اوضح أنه كان يعمل موظفاً في شركة فلسطينية، تقدم خدماتها للشركات والمؤسسات الفلسطينية والإسرائيلية "وقد أعجب أحد الزبائن الإسرائيليين، بذوقي في العمل، وتواصل معي عبر الهاتف لمدة شهر تقريباً، قبيل البدء بإجراءات إنشاء الشركة".
واضاف قائلاً: "إن فتح شركة للتصميم لا يحتاج مبلغا كبيراً. ما يحتاجه لا يتعدى 80 ألف شيكل، والمصاريف تقتصر على استئجار مقر، وشراء مجموعة من أجهزة الكمبيوتر المعدة للتصميم، وبعض تكاليف الكهرباء والانترنت، إضافة إلى أجرة ثلاثة موظفين، براتب شهري لا يتجاوز 900 دولار للشخص الواحد".
وفي سؤال، حول تسجيل الشركة، لدى الجهات الحكومية والرسمية المختصة، يؤكد أن "هذا الموضوع تم بشكل سلس، دون أي إعاقة، مثلها مثل أي شركة فلسطينية برأس مال فلسطيني، كما أن المبلغ الموضوع لفتح الشركة ليس ضخماً، فمهنة التصميم تعتبر شغل اللي ما إله شغل".
وأدى شح الوظائف في الأراضي الفلسطينية، خلال السنوات الأخيرة، إلى تغيير جذري في مهن عدد كبير من خريجي الجامعات، الذين بدأ قسم منهم بالبحث عن أي فرص عمل لهم داخل الخط الأخضر، حيث تعرف "ح.د" خريج تكنولوجيا المعلومات من جامعة بيرزت، على أحد أصحاب شركات الحاسوب الاسرائيليين، واتفقا على تأسيس شركة صغيرة يكون هو مديرها في الضفة.
وخلال شهرين فقط، انتقل "ح. د" من كونه عاملا داخل إسرائيل، إلى صاحب شركة كمبيوتر (software)، يقوم بإصلاح وتنزيل البرامج لشركات داخل إسرائيل، باستخدام برامج التحكم عن بعد، وذلك بمساعدة فريق عمل يضم أربعة موظفين.
ويتضح من المثالين السابقين، أن الشركات التي تم تأسيسها بهذه الطريقة للعمل في هذه المجالات، صغيرة الحجم (تتكون من ثلاثة أو أربعة موظفين فقط)، وذلك لأسباب تتعلق بالضرائب وضعف القدرات المالية للفلسطينيين القائمين عليها، الذين كانوا حتى الامس القريب لا يملكون مصروف جيبهم، كما يرى (خ. ز).
ورفض مراقب الشركات في وزارة الاقتصاد نظام أيوب، الحديث عن وجود شركات فلسطينية برأسمال إسرائيلي، تعمل في الضفة الغربية.
وقال أيوب : ان "الحديث عن هذه النقطة بالتحديد، في هذا الوقت بالذات، سيسبب بلبلة في الشارع الفلسطيني، ونحن في غنى عنها في الوقت الحالي، لأنه عنوان خطير جداً".
وأضاف "لا أستطيع تحديد وجود شركات فلسطينية برأسمال إسرائيلي، لأنه بإمكان أي مواطنين فلسطينيين اثنين، أو فلسطيني وأردني، أو مواطنان من عرب الداخل، الحضور إلى وزارة الاقتصاد، وتسجيل شركة خاصة بهم".
وقال: "نحن في وزارة الاقتصاد، لا علم لنا إن كان رأس مال الشركة فلسطين أو إسرائيلي، أنا أتعامل مع من هم أمامي في الواجهة، والذين هم فلسطينيين، وأنا لا علاقة لي إن كان رأس المال إسرائيلي التمويل، وهذا الموضوع برأيي شائك، وإن تفجيره بهذه الفترة سيجلب كثيراً من التساؤلات".
اضف تعقيب