أكد الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى ، عبد الناصر فروانة ، بان قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهجت سياسة إعدام المواطنين الفلسطينيين والعرب بشكل فردي وجماعي بعد احتجازهم والسيطرة عليهم منذ احتلالها لفلسطين .
وبيّن الى أن ذلك يعتبر انتهاك صارخ لمعايير حقوق الإنسان وبشكل خاص الحق في الحياة وأن عمليات الإعدام خارج نطاق القانون تصنف كجرائم حرب وفقاً للقانون الدولي تستوجب الملاحقة والمحاسبة والمحاكمة .
وكشف فروانة بأنه وحسب ما تمكن من توثيقه ، فان قوات الاحتلال قتلت وبشكل متعمد ( 74 ) مواطناً بعد اعتقالهم منذ العام 1967 بأشكال وطرق عدة ، وفي ظروف مختلفة ، بالإضافة إلى ( 7 ) أسرى قتلوا وهم داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية بعد إصابتهم بأعيرة نارية ، وأن قضية الحافلة رقم " 300 " تعتبر واحدة من أكثر تلك الجرائم وضوحاً واثباتاً ، والتي تفتح في ذكراها الـ 29 ملف سياسة الإعدامات والتصفيات الجسدية الميدانية للأسرى.
جاءت تصريحات فروانة هذه في بيان وزعه اليوم في الذكرى الـ 29 لجريمة قتل أثنين من المقاومين بعد القاء القبض عليهما واعتقالهما وظهورهما أحياء أمام وسائل الإعلام بالقرب من دير البلح وسط قطاع غزة .
وقال فروانة بأنه في مساء يوم الخميس الثاني عشر من ابريل / نيسان عام 1984 ، صعَد أربعة مقاومين من سكان خانيونس جنوب قطاع غزة هم مجدي وصبحي أبو جامع ومحمد بركة وجمال قبلان، إلى حافلة ركاب اسرائيلية تحمل الرقم ( 300 ) في محطة الباصات المركزية في تل أبيب والتي انطلقت إلى المجدل في الساعة السادسة مساءاً وكانت تقلّ أكثر من أربعين راكباً ، و فى منتصف الطريق أعلنوا سيطرتهم على الحافلة وأعلنوا عن اختطافها ، واحتجاز ركابها كرهائن ، وطالبوا باطلاق سراح ( 500 ) أسير فلسطيني يقبعون في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، وقادوا الحافلة جنوباً باتجاه قطاع غزة .
واضاف بأنه وبعدما اكتشف قوات الإحتلال أمر اختطاف الحافلة ، جرت عملية المطاردة جواً وبراً وأطلقت النيران على الحافلة ، إلا أن المقاومين رفضوا التوقف وأصروا على المواصلة في طريقهم وتمكنوا من قطع عشرات الكيلومترات ، إلى أن أجبروا على التوقف بالقرب من دير البلح وسط قطاع غزة بعد أن انهالت عليهم زخات كثيفة من الرصاص والقذائف المدمرة بعد مهاجمة الحافلة بقوة عنيفة من قبل قوات الاحتلال مما أدى إلى مقتل عدد من ركاب الحافلة ، واستشهاد مقاومين فلسطينيين ، فيما أعتقل مقاومين آخرين .
وفي صور وزعت على وسائل الإعلام شوهد فيها اثنين من المقاومين أحياء ومسيطر عليهم بالكامل ولكن فيما بعد اعتقالهم تم قتلهم واعدامهم بدم بارد والصور المرفقة لأحدهم تؤكد ذلك .
وأشار فروانة إلى ان هذه الجريمة أثارت أصداء واسعة داخل وخارج " إسرائيل " ، وأن اللجنة التي شُكلت من قبل وزير "الدفاع " الإسرائيلي آنذاك أكدت أنهما قتلا بعد إلقاء القبض عليهما ، واتهم حينها قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال " اسحق مردخاي " بالمسؤولية عن ذلك .
وأوضح فروانة بأن عمليات الإعدام تتم بطرق عديدة ، وأن الذرائع التي تسوقها قوات الاحتلال كثيرة ، فإما يتم إعدام المواطن لحظة اعتقاله ، أو بعد اقتحام البيت وإطلاق النار عليه وهو في غرفة نومه ، أو نقله إلى مكان ما وإطلاق النار عليه والإدعاء أنه هرب من السجن ، أو الطلب من الأسير أن يتقدمهم سيراً على قدميه ويطلق النار عليه عن بُعد والإدعاء أنه حاول الهرب من قوات الاحتلال .
أو التنكيل بالأسير بعد تعرضه للإصابة والاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه انتقاماً منه ومما قام به ، وعدم السماح بتقديم الإسعافات الطبية له أو وصول سيارات الإسعاف الفلسطينية إليه وتركه ينزف بشكل متعمد حتى الموت .
كما وأن هناك أساليب أخرى اتبعت مع الأسرى داخل السجون كإخراج الأسير من بين زملائه الأسرى إلى مكان بعيد خارج السجن وإعدامه هناك والإدعاء أنه هرب من السجن كما حصل مع الأسير " سميح أبو حسب الله " عام 1970.
أو إطلاق النار عليهم مباشرة وهم داخل السجن بهدف القتل كما حدث مع الشهيدين أسعد الشوا وبسام السمودي عام 1988 ومحمد صافي الشقر عام 2007 وغيرهم ، والشهادات والأمثلة في هذا الصدد كثيرة .
وأعرب فروانة عن قلقه من استمرار هذه الجرائم ، وتصاعدها بشكل ملحوظ خلال انتفاضة الأقصى مقارنة بالسنوات التي سبقتها ، وهذا ينسجم والقرار السياسي العلني الذي كان قد اتخذته حكومة الاحتلال بداية انتفاضة الأقصى والضوء الأخضر من قبل محكمة العدل العليا الإسرائيلية عام 2002 والمتمثل باجازة وشرعنة اغتيال المواطنين . .
واعتبر فروانة أن غياب التوثيق الممنهج وموسمية إثارة هذا الملف ، في ظل ضعف الملاحقة القانونية والقضائية ، وصمت المؤسسات الدولية وعدم تحركها الجدي ، هو ما مكّن قوات الاحتلال من الاستمرار في سياستها هذه وارتكابها لمزيد من الجرائم بحق المواطنين والأسرى العُزل .
اضف تعقيب