وثائق إسرائيلية تكشف لأول مرة.. أشرف مروان ضلل الموساد وجولدا مائير وتعيين موشيه ديان كان الخطيئة الأولى للهزيمة
كشفت وثائق إسرائيلية جديدة، أفرجت عنها حكومة تل أبيب مؤخرا حول لجنة "جرانت" التى كونتها إسرائيل عقب هزيمتها فى حرب السادس من أكتوبر عام 1973 لتقصى حقائق هزيمتها فى المعركة، أن العميل المصرى أشرف مروان ضلل كلا من رئيسة الوزراء الإسرائيلية فى ذلك الوقت جولدا مائير، ورئيس جهاز "الموساد" تسفى زامير، وأعطى كلا منهما مواعيد متضاربة حول الضربة العسكرية المصرية المرتقبة ضد إسرائيل.
وأوضحت الوثائق، التى نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن المعلومات العسكرية لدى أجهزة المخابرات لم تكن كافية لتوقع موعد الحرب، بل وكانت متضاربة، من أجل الاستعداد لعمل عسكرى وقائى لردع المصريين قبل خوضهم المعركة، وترجيح كفة الميزان فى صالح الجيش الإسرائيلى.
ووصفت الصحيفة العبرية تلك الوثائق بأنها أكثر الوثائق الرائعة فى مداولات لجنة "جرانت" التى حققت فى الأحداث التى أدت إلى حرب "يوم الغفران" – التسمية العبرية لحرب أكتوبر – حيث تضمنت الوثائق شهادة العميد جنرال "يسرائيل ليئور" مساعد رئيسة الوزراء الإسرائيلية فى ذلك الوقت جولدا مائير للشئون العسكرية.
وأكدت الوثائق أن جهاز الاستخبارات العسكرية التابع للجيش الإسرائيلى فشل فشلا ذريعا فى تلقى المعلومات حول بدء المعركة، كما أن وسائل الردع الإسرائيلية فشلت هى الأخرى فى صد الهجوم المصرى.
وأوضحت الوثائق أنه فى خريف عام 1973، وبعد عقود من عمل جولدا مائير العام وعملها فى النشاط الحكومى الذى وصل لحوالى تسع سنوات فى وزارة الشئون الخارجية، وما يقرب من خمس سنوات رئيسا للوزراء، فإنها كانت تختار بنفسها عملاء الموساد ذوى الخبرة فى المسائل الاستخباراتية، وكان لديها أسلوبها الخاص فى هذا الأمر.
وأوضح "ليئور" أن "مائير" كانت تتعامل مع عملاء الموساد بصورة شخصية، ومع مرور الوقت كانت تحصل على المعلومات الموثوق بها بأكثر من مصدر، موضحا أن جميع البيانات والمعلومات التى حصل عليها "الموساد" وقام بفحصها وتحليلها لإجراء تقييمات عليها حول موعد الحرب أكدت أن رئيس الموساد نقل بصورة مباشرة لمائير، وعلى الفور ودون أى وسطاء، مواد معلوماتية ذات أهمية خاصة، قدمها العميل المصرى رفيع المستوى أشرف مروان، المقرب من الرئيس الراحل أنور السادات، عن موعد الضربة العسكرية المصرية.
وأضاف مساعد مائير، خلال إدلائه بشهادته أمام اللجنة، أن المصدر نفسه – فى إشارة إلى أشرف مروان- قال لنا إن موعد الحرب سيكون يوم الجمعة أى عشية عيد "يوم الغفران" بـ 24 ساعة، وتحدث لنا ثلاث مرات بالفعل، مشيرا إلى عقد اجتماع بين زامير ومروان فى لندن تم خلاله مناقشة موعد الحرب، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلية قالت إن مروان أخبرها من قبل بأن الحرب قد تنشب فى خلال شهر ونصف أو شهرين، وذلك خلال اجتماعها الأخير معه فى 21 سبتمبر أى قبل أسبوعين من الحرب، الأمر الذى جعلها تتشكك فى معلومات مصدر رئيس الموساد والتى لم تكن تعلم من هو.
وأوضح "ليئور" أن رئيس الموساد لم يخبر مائير أن عميله السرى الذى سيقابله فى لندن لأمر مهم هو أشرف مروان، وأن جولدا لم تكن تعلم بأنه سيقابل نفس المصدر الذى كانت تتواصل معه بصورة شخصية، بل إنها صعقت بعدما علمت عقب المعركة أن مروان كان يستخدم نفس كلمة السر معها خلال لقائه بزامير وهى "المواد الكيميائية".
وأضاف مساعد جولدا أن زامير لم يتشكك فى تقييم رئيسة الوزراء فى اجتماع لرؤساء المنظومة العسكرية قبل يومين من اندلاع الحرب وأنها كانت مطمئنة بأن الحرب لن تنشب.
وأوضح "ليئور" أن جولدا مائير لم تتشكك فى معلومات مروان الذى كان ينظر إليه فى وقت لاحق للحرب بأن معلوماته كانت صحيحة حول التوقيت الدقيق للهجوم المصرى والسورى، مشيرا إلى أنه كان صحيحا فى جوهره، بشأن الشروع فى الحرب المشتركة، ولكن مجموعة أخرى من المعلومات جاءت باستنتاجات مفادها أن نشوب الحرب أمر غير مرجح.
وأوضحت الوثائق، التى رفع عنها السرية ونشره موقع أرشيف جيش الاحتلال الإسرائيلى ووزارة الدفاع ونقلتها الصحيفة العبرية، أن "ليئور" كان بمثابة همزة وصل بين مائير وسلفها ليفى اشكول، ومختلف قيادات وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات، وكان حاضرا خلال جميع الاجتماعات التى عقدت فى الأيام الثلاثة الأولى للحرب، ورأى وسمع أشياء كثيرة ليصبح فى جوهره جهاز كمبيوتر محمولاً وذاكرة عالية المساحة، على حد وصف الصحيفة.
وأشار "ليئور"، خلال شهادته للجنة جرانت، إلى إن "الخطيئة" التنظيمية الأولى لنشوب المعركة هو تعيين "موشيه ديان" وزيرا للدفاع عقب حرب 1967 فى حكومة ليفى أشكول، واستمراره فى هذا المنصب.
وأشار "ليئور" إلى أن كلا من أشكول ومائير كان لديهما القدرة الرسمية لاستدعاء كل من رئيس هيئة الأركان ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ولكن بعد تولى "ديان" منصب وزير الدفاع فى الفترة (يونيو 1967-1974) أصبح حاجزا بين زملائه فى مجلس الوزراء، ورؤساء الأركان إسحق رابين وحاييم بارليف، ثم ديفيد إليعازر، موضحا أن أشكول وجولدا كانا على اتصال مباشر فقط مع رؤساء الموساد مائير عميت، ومن بعده تسفى زامير، ورئيس جهاز "الشين بيت" يوسف هارملين.
اضف تعقيب