شاكر فريد حسن
جرت يوم الثلاثاء الماضي مسيرة العودة الى قرية خبيزة المهجرة في منطقة الروحة ، التي تنظمها لجنة المهجرين منذ 16 عاماً في ذكرى النكبة الفلسطينية ، التي حولت شعبنا الى لاجئين في الخيام السود. وقد قاطعت الحركة الاسلامية (الشق الشمالي) بقيادة الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال خطيب هذه المسيرة بعد ان كانت تشارك فيها خلال السنوات الماضية .
وزعمت الحركة في بيان لها ان قرارها بعدم المشاركة هو وليد اللحظة ، وانها لم تلزم ابناءها بحضور المسيرة لانها من تنظيم جمعية المهجرين وليس من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية او بالتنسيق معها او استشارتها ، وهذه اللجنة- حسب قولهم- انفردت بالقرارات ،ولذلك فانها غير ملزمة بالمشاركة فيها . في حين قال الصحفي عبد الحكيم مفيد عضو المكتب السياسي للحركة ان عدم المشاركة هو ردة فعل على ما حدث في يوم الارض الأخير ، وهو يعني رفع الاعلام السورية والاعتداء على الاعلامي الياس كرام وطاقم الجزيرة . اما الشيخ كمال خطيب فراح يصب جام غضبه على "شبيحو وشبيحات مجتمعنا الذين يلوحون بعلم النظام السوري " معتبراً ان عدم المشاركة بمسيرة العودة هو استفراد لجنة المهجرين بالقرار ورفضها العمل ضمن منظومة اجتماعية". فماذا عدى مما بدا ، وماذا تغيروطرأ على هذا الموضوع من السابق حين كانت الحركة تشارك في المسيرات السابقة..!
ان العارفين ببواطن الامور يدركون ويعرفون جيداً ان سبب المقاطعة هو مشاركة العنصر النسائي الى جانب الرجال ، وان الحركة تصب كل جهودها ومحاولاتها،وتستخدم كل الاساليب بهدف منع هذا الاختلاط بين الجنسين انطلاقاً من معتقداتها وايديولوجيتها وموقفها الرجعي من المرأة . وهو مطلب رئيسي تتمسك به دائماً حين يكون هناك اعمال احتجاج او مناسبة وطنية او تظاهرة جماهيرية وحدوية .
ان الحركة الاسلامية كغيرها من الحركات الاصولية السلفية الرجعية تحاول جاهدة فرض افكارها واجندتها السياسية والفكرية والقيمية على مجتمعنا وجماهيرنا ، واحكام السيطرة والهيمنة على الهيئات التمثيلية لشعبنا ، وفي مقدمتها لجنة المتابعة العليا المكونة من جميع الحركات والاطياف السياسية والتنظيمات الحزبية الفاعلة في الشارع العربي .واننا نرى بعدم مشاركة الحركة الاسلامية في مسيرة العودة لهذا العام محاولة جديدة لفرض وتكريس تقاليدها ومواقفها وفكرها وعقليتها الاصولية ، وخروجاً عن الاجماع الوطني الوحدوي للجماهير الفلسطينية داخل الخط الاخضر .
لا احد ينكر بان هناك بعض التصرفات الصبيانية والسلوكيات الشاذة وعدم الالتزام بالقرارت الجماعية وخرقها من قبل مجموعة هامشية ، تترك اثراً سلبياً على العمل الوحدوي المشترك ، ولكن هذا ليس سبباً لعدم مشاركة ابناء الحركة الاسلامية الشمالية في مناسبة وطنية جليلة ومجيدة كمسيرة العودة الى خبيزة ، وهم السباقون في خرق القرارات ورفع الرايات الخضراء .
ولا شك ان محاولات اقطاب الحركة الاسلامية عزل واقصاء النساء من مقدمة النشاطات الوطنية الى الخلف بعيداً عن الرجال خمسين متراً يضر بمشروعنا السياسي الوطني والاجتماعي المستقبلي ، الذي يتحقق فقط بالنضال الوحدوي والعمل الجماعي واحترام الآخر والمساواة الحقيقية بين الرجل والمراة .
لقد نجحت مسيرة العودة الى قرية خبيزة المهجرة دون مشاركة الحركة الاسلامية الشمالية ، ورغم المزايدات والجعجعات الفارغة من جهابذة الفكر الرجعي المتعصب . وقد اثبتت جماهيرنا بقواها السياسية والفكرية انها باقية على العهد، وذلك بالسير في طريق ودرب النضال والكفاح الوطني الديمقراطي الوحدوي دفاعاً عن الكرامة والحياة والبقاء في هذا الوطن الذي لا وطن لنا سواه ، وستبني المستقبل والغد المشرق الذي تنشده وتسعى اليه ، وتؤسس مجتمع مدني تعددي ديمقراطي حضاري منفتح يحترم الآخر ويتسع لكل الاراء والمواقف والاجندات والاجتهادات . وسيلفظ شعبنا كل الانعزاليين والمنشقين والرجعيين المتزمتين ، الذين يريدون اعادتنا الى مئات السنين الى الوراء ، الى زمن الجاهلية .
اضف تعقيب