قالت منظمة العفو الدولية "امنستي" انه بحلول نهاية العام، كانت السلطات الإسرائيلية تحتجز أكثر من 4500 سجين فلسطيني، بينهم ما لا يقل عن 178 من المعتقلين إدارياً، وذلك بعد انخفاض مؤقت في الأعداد بسبب ضغوط فلسطينية ودولية. ووردت أنباء عن تعرض معتقلين للتعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة أثناء القبض عليهم واستجوابهم.
وأضافت في تقريرها السنوي وما برح الحصار العسكري الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة يؤثر بشدة على سكان القطاع البالغ عددهم نحو 1.6 مليون نسمة. وفي تشرين الثاني، شنَّت إسرائيل عملية عسكرية استمرت ثمانية أيام ضد جماعات فلسطينية مسلحة أطلقت صواريخ دون تمييز من قطاع غزة إلى داخل إسرائيل، مما أسفر عن مصرع أكثر من 160 فلسطيني وستة إسرائيليين، بينهم كثير من المدنيين. وارتكب الطرفان انتهاكات للقانون الإنساني الدولي خلال النزاع.
وتابعت : وواصلت السلطات الإسرائيلية فرض قيود على تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وبناء السور/الجدار، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة، بينما تقاعست عن حماية الفلسطينيين وممتلكاتهم من عنف المستوطنين. كما واصلت السلطات هدم منازل فلسطينيين وتنفيذ عمليات إخلاء قسري. وواصل الجيش الإسرائيلي استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فبالإضافة إلى ما يزيد عن 100 مدني قُتلوا خلال النزاع في غزة في تشرين الثاني، قتلت القوات الإسرائيلية 35 مدنياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال العام، وواصلت هدم منازل الفلسطينيين، وخاصةً في منطقة النقب.
واعتُقل إدارياً آلاف الأشخاص الذين كانوا يسعون لطلب الحماية الدولية، وذلك بموجب قانون جديد بدأ تطبيقه في حزيران. وظل أفراد القوات الإسرائيلية، المسؤولون عن قتل وإصابة مدنيين فلسطينيين وعن تعذيب أو إساءة معاملة معتقلين، بمنأى عن المساءلة.
ولم تُستأنف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وساءت العلاقات بين الطرفين بعد حصول فلسطين على وضع دولة بصفة مراقب غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في تشرين الثاني. ورداً على ذلك، أعلنت إسرائيل خططاً لتوسيع المستوطنات وامتنعت عن دفع عائدات الجمارك الواجب دفعها للسلطة الفلسطينية. وفي آذار، سحبت إسرئيل تعاونها مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعدما شكل المجلس لجنة لتقصي الحقائق «للتحقيق في تبعات» المستوطنات الإسرائيلية على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي تموز، خلصت اللجنة التي عينتها الحكومة الإسرائيلية إلى أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة لا تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، بالرغم من وزن النتائج القانونية الدولية التي تدل على عكس ذلك. واوصت اللجنة بأن تقنن الحكومة وضع البؤر الاستيطانية غير المصرح لها.
وللمرة الأولى منذ سبع سنوات، أُقيمت 14 مستوطنة وبؤرة استيطانية جديدة بدعم من السلطات الإسرائيلية. وشنَّت القوات العسكرية الإسرائيلية هجمات جوية على قطاع غزة من حين لآخر على مدار العام، بينما شنَّت جماعات فلسطينية مسلحة هجمات بالصواريخ على إسرائيل. وواصلت القوات الإسرائيلية إطلاق الذخيرة الحية لفرض «المناطق العازلة» البرية والبحرية داخل محيط قطاع غزة والمياه الإقليمية، مما أسفر عن مقتل ستة مدنيين، على الأقل، وإصابة آخرين. ودعا زعماء إسرائيليون علناً إلى قصف المواقع النووية الإيرانية.وفي حزيران، قُتل مدني إسرائيلي على أيدي مسلحين من مصر.
وفيما يلي اهم ملاحظات العفو الدولية على الممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين:
حرية التنقل –حصار غزة والقيود في الضفة الغربية
كانت القيود الصارمة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على تنقل الفلسطينيين تُعد بمثابة عقاب جماعي لسكان غزة والضفة الغربية، وهو الأمر الذي يمثل انتهاكاً للقانون الدولي. وكان من شأن نقاط التفتيش والحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية، والبالغ عددها أكثر من 500، فضلاً عن السور/الجدار، أن تقيِّد حركة الفلسطينيين، ولاسيما في القدس الشرقية وأجزاء من الخليل، وفي وادي الأردن ومناطق قرب المستوطنات. وكان يتعين على الفلسطينيين الحصول على تصاريح من السلطات الإسرائيلية، بينما كان الإسرائيليون، بما في ذلك المستوطنون، يتمتعون بحرية الحركة في تلك المناطق. واستمر ورود أنباء عن تعرض الفلسطينيين لمضايقات وصنوف من الإيذاء على أيدي أفراد إسرائيليين عند نقاط التفتيش. كما أدت القيود على التنقل إلى منع الفلسطينيين من الحصول على الرعاية الطبية والوصول إلى المياه والأراضي الزراعية.
ومع دخول الحصار العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة عامه السادس، ظل أثره شديداً على مرافق البنية الأساسية، بما في ذلك المياه والصرف الصحي وإمدادات الطاقة. وظلت إسرائيل تفرض قيوداً مشددة على خروج الصادرات من قطاع غزة ودخول الواردات إليه، مما أدى إلى خنق اقتصاد القطاع، وتزايد عمليات تهريب البضائع الخطرة عبر الأنفاق من مصر، وهي العمليات التي ما برحت تودي بأرواح بعض من يستخدمون هذه الأنفاق. وبالمقارنة بسنوات سابقة، أصبح بوسع عدد أكبر من الأشخاص السفر من خلال الحدود مع رفح مروراً بمصر، بينما ظلت تصاريح السفر إلى الضفة الغربية نادرة وصعبة المنال، حتى بالنسبة للمرضى الذين يحتاجون إلى علاج طبي عاجل.
وفي أيلول، أيدت محكمة العدل الإسرائيلية العليا سياسة فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ورفضت دعوى تقدمت بها فتيات من أهالي غزة من أجل السماح لهن بالدراسة في جامعات الضفة الغربية.
عمليات الإخلاء القسري والهدم
فيما يزيد عن 60 ٪ من أراضي الضفة الغربية، والمعروفة باسم «المنطقة ج»، استمر الجيش الإسرائيلي في السيطرة على عمليات التخطيط وتقسيم الأراضي والأمن، ودأب بشكل منتظم على هدم منازل لفلسطينيين. وقد هُدم حوالي 604 مبان، حوالي ثلثها منازل، بالإضافة 36 صهريجاً لتخزين المياه، وهو الأمر الذي أدى إلى إخلاء 870 فلسطينياً قسراً من منازلهم كما أضر بما لا يقل عن 1600 آخرين. وواصل المستوطنون الفلسطينيون اعتداءاتهم على السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم وهم بمنأى كامل تقريباً عن العقاب والمساءلة. وكان الفلسطينيون من مواطني إسرائيل، وخاصةً أولئك الذين يعيشون في «قرى غير معترف بها» رسمياً في منطقة النجف، يتعرضون بصفة منتظمة لهدم بيوتهم على أيدي مديرية أراضي إسرائيل والهيئات البلدية.
وفي الضفة الغربية، قام الجيش الإسرائيلي مراراً بهدم منازل وصهاريج للمياه وحظائر للماشية في قرية أم الخير وقرى أخرى جنوبي تلال الخليل، بينما هُددت قرى مثل العقبة وخربة تانا وحمصة والحديدية بالإزالة الكاملة.
وهدمت مديرية أراضي إسرائيل عدداً من الخيام وغيرها من الإنشاءات في قرية العراقيب، وهي إحدى القرى «غير المعترف بها»، 13 مرة خلال عام 2012، وذلك بعد عشرات من عمليات الهدم السابقة منذ تموز 2010.
الإفلات من العقاب
تقاعست السلطات من جديد عن إجراء تحقيقات مستقلة في حالات قتل مدنيين فلسطينيين على أيدي جنود إسرائيليين في الضفة الغربية أو غزة، كما تقاعست عن محاكمة المسؤولين عن هذه الحالات. واستمر الإفلات من العقاب عن جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية خلال عملية «الرصاص المصبوب» في عامي 2008 و2009، ولم تظهر أية دلائل على أنه سيتم إجراء تحقيقات مستقلة بخصوص الانتهاكات التي ارتُكبتخلال النزاع بين إسرائيل وغزة في تشرين الثاني 2012. ونادراً ما أدت تحقيقات الشرطة في عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين إلى محاكمات.
عملية «ركيزة الدفاع»
شنَّت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية كبيرة على غزة يوم 14 تشرين الثاني، بدأت بغارة جوية أسفرت عن قتل قائد الجناح العسكري لحركة «حماس». وخلال الأيام الثمانية التالية، والتي سبقت التوصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة مصرية في 21 تشرين الثاني، قُتل ما يزيد عن 160 فلسطينياً، بينهم أكثر من 30 طفلاً وما لا يقل عن 70 مدنياً آخرين، بالإضافة إلى ستة إسرائيليين، بينهم أربعة مدنيين.
وارتكب الطرفان جرائم حرب وانتهاكات أخرى للقانون الإنساني الدولي. فقد شنَّت القوات الجوية الإسرائيلية هجمات بالقنابل والصواريخ على مناطق سكنية، من بينها هجمات غير متناسبة وأدت إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين. وأدت هجمات أخرى إلى تدمير ممتلكات مدنية ومرافق إعلامية ومبانٍ حكومية ومراكز للشرطة أو ألحقت أضراراً بها. وفي ممعظم الحالات، لم تقدم إسرائيل أدلةً على أن تلك المواقع بعينها كانت تُستخدم لأغراض عسكرية. وقصفت البحرية الإسرائيلية بقذائف المدفعية مناطق ساحلية آهلة بالسكان في هجمات بدون تمييز. وأطلق الجناح العسكري لحركة «حماس» وغيره من الجماعات الفلسطينية المسلحة صواريخ وقذائف أخرى إلى داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل مدنيين وإلحاق أضرار بممتلكات مدنية.
الاحتجاز بدون محاكمة
كان ما يزيد عن 320 فلسطينياً من الأراضي الفلسطينية المحتلة محتجزين بدون تهمة أو محاكمة رهن الاعتقال الإداري خلال العام، ولكن ععدهم تناقص بشكل كبير في أعقاب إضراب واسع عن الطعام . وأُعيد القبض على عدد من الفلسطينيين الذين سبق الإفراج عنهم في عملية تبادل السجناء عام 2011، وذلك بأوامر من لجنة عسكرية، واحتُجزوا لفترات ممتدة بدون توجيه تهم إليهم أو الأمر رسمياً بإعادة تطبيق الأحكام الصادرة ضدهم من قبل.
وفي نيسان، نُقلت هناء شلبي، وهي من سكان الضفة الغربية، إلى قطاع غزة، على غير رغبتها فيما يبدو، لمدة ثلاث سنوات على الأقل، وذلك في أعقاب إضرابها عن الطعام، والذي بدأ في فبراير/شباط 2012 ودام 34 يوماً احتجاجاً على اعتقالها إدارياً.
الظروف في السجون
في 17 نيسان، بدأ حوالي ألفي سجين ومعتقل فلسطيني إضراباً عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازهم، بما في ذلك وضعهم في زنازين انفرادية، واحتجازهم بدون تهمة أو محاكمة ومنعهم من تلقي زيارات الأهل. وقد أنهوا إضرابهم في 14 أيار في أعقاب اتفاق مع السلطات الإسرائيلية بوساطة مصر، وافقت السلطات الإسرائيلية بمقتضاه على إنهاء حبس 19 سجيناً حبساً انفرادياً ورفع الحظر على زيارات الأهالي للسجناء من قطاع غزة. وبحلول نهاية عام 2012، كان سجينان فلسطينيان لا يزالان محتجزين في عزلة منذ أمد طويل. وظل الحبس في عزلة لفترات قصيرة يُستخدم كعقاب.
ولم يُسمح للمعتقل حسن شوكة، المعتقل إدارياً بدون تهمة أو محاكمة منذ 17 أيلول 2010، بتلقي زيارات عائلية إلا من شقيقتيه، وتبلغ إحداهما من العمر 14 عاماً والأخرى ثمانية أعوام، وذلك في سجن كيتسعوت في جنوبي إسرائيل. أما باقي أفراد الأسرة فممنوعون من دخول إسرائيل.
التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة
أفاد معتقلون فلسطينيون بتعرضهم للتعذيب أو غيره من صنوف المعاملة السيئة خلال استجوابهم على أيدي جهاز الأمن الإسرائيلي، بما في ذلك تكبيلهم بالسلاسل أو تعريضهم لثني الأطراف في أوضاع مؤلمة، والإبقاء بدون حركة في أوضاع تسبب ضغطاً شديداً، والحرمان من النوم، والتهديدات والشتائم. وحُرم بعض المعتقلين من الاستعانة بمحامين أثناء وجودهم رهن التحقيق لعدة أيام أو أسابيع في بعض الأحيان. كما حُرم معتقلون مضربون عن الطعام لفترات طويلة مراراً من الاستعانة بأطباء مستقلين، وتعرضوا لمعاملة سيئة على أيدي موظفي مصلحة السجون الإسرائيلية.
وتقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات مستقلة فيما ادعاه معتقلون عن تعرضهم للتعذيب على أيدي أفراد جهاز الأمن الإسرائيلي، مما عزز مناخ الإفلات من العقاب. وكانت التحقيقات مسؤولية المراقب العام للتحقيقات في الشكاوى، وهو موظف لدى جهاز الأمن الإسرائيلي، وذلك بالرغم من القرار الصادر من النائب العام في تشرين الثاني بوضع منصب المراقب العام تحت إشراف وزارة العدل. ومُدد قانون يعفي أفراد الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الإسرائيلي من تسجيل التحقيقات مع المعتقلين «الأمنيين»، وجميعهم تقريباً من الفلسطينيين، مما ساعد على ترسيخ الإفلات من العقاب عن التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة. وبالرغم من تقديم ما يزيد عن 700 شكوى تتصل بوقائع في عامي 2011 و2012، لم يُفتح سوى تحقيق جنائي واحد بحلول نهاية عام 2012.
حرية التعبير والتجمع
فتح جنود إسرائيليون النار مستخدمين الذخيرة الحية على متظاهرين فلسطينيين في عدة حالات في مناطق داخل قطاع غزة، كما دأب الجنود على استخدام القوة المفرطة ضد متظاهرين في الضفة الغربية، مما أسفر عن مقتل أربعة على الأقل. ووثَّقت جماعات حقوق الإنسان المحلية حالات أطلق فيها جنود إسرائيليون قنابل الغاز المسيل للدموع مباشرةً على متظاهرين سلميين، مما أسفر عن وقوع إصابات جسيمة. واستخدمت السلطات القوة المفرطة أيضاً ضد متظاهرين داخل إسرائيل.
اضف تعقيب