مكانة النساء
الحمد لله الذي خلق اللسان, فجعل فيه البيان , فدل به على النعم , واجرى به القلم وختم , وذرأ , وبرأ , وحكم, وقضى صرف الكلام بلغات مختلفة على معاني متفرقة, الفها بالتقديم والتأخير والاشباه , والمناكير , والموافقة, وأدته الاذان الى القلوب بالإفهام , وادته الالسن بالبيان , فاستدل به على العلم , وعبد به الرب, وابرم الامر , وعرفت به الاقدار , وتمت به النعمة.
انه لمن المعلوم ان المرأة هي التي تبني في بيتها الرجال , وتعد لساحات الجهاد والابطال, وتساعد في صناعة الاجيال , فالمرأة هي التي تنجب الرجال , وتربيهم صغارا , وتعينهم كبارا , وليس ذلك بغريب , ولا بعجيب, اليست هي الام, اليست هي الابنة, اليست هي الاخت , اليست هي الزوجة, ولذلك فالإسلام الحنيف ينظر الى كل من الرجل والمرأة على انهما القطبان, الذي بهما تتكون الانسانية , دون امتياز لاحدهما على الاخر فيما لهما من قيمة انسانية.
قال تعالى: ( يل ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير) فالمقياس عند الله بالعمل الصالح , ولذا ينال كل منهما ما يستحقه عند ربه من جزاء بحسب عمله .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الا استوصوا بالنساء خيرا " وهذا كان من اخر ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم قبل موته.
لقد ساوى الاسلام بين الرجل والمرأة في القيمة الانسانية , والحقوق المدنية , فكل منهما محفوظ النفس ,والعرض, والمال, والحرية الا بما يوجبه الشرع الحنيف عليه عند الوقوع في الخطأ والزلل, ولذا فلكل منهما له دور يناط به القيام بأعبائه , فقد قرر الاسلام بوضوح ما لكل واحد من الجنسين من الحقوق , وما عليه من الواجبات , فالمرأة شريكة الرجل في تحمل مسئولية ما يصبو اليه المجتمع الاسلامي من مكانة سامية , ومنزلة عالية , وهي شريكة الرجل في تحمل مسئولية الامر بالمعروف , والنهي عن المنكر . وهي شريكة الرجل في السعي لإقامة الصلاة , وايتاء الزكاة , وسائر الطاعات , اذن فهي تحيا لرسالة عظمى , وغاية كبرى , وامر جليل , وخطب عظيم . لقد كرم الاسلام المرأة وهي وليدة وناشئة واما وزوجة , فتكريمها وليدة اذ حرم وأد البنات , وعظم وزر من يفعل تلك الجريمة الكبرى, واكرمها ناشئة اذ حرم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم تفضيل الذكور على الاناث في الحنان او العطايا , وامر الاسلام بحسن التأديب لهن , وإظهار الفرح والسرور عند ولادتهن ,واما تكريمهن كزوجات فقد امر الله تعالى بإحسان عشرتهن , والتغاضي عن اخطائهن , والتجاوز عن هفواتهن , كل ذلك محافظة على كيان الاسرة .وكرم الله المرأة في دور الامومة بان جعل الجنات تحت اقدام الامهات فبرضاها عن ولدها يفوز المرء بجنة الله , واما سخطها فمجلبة لسخط الله تعالى. وبما انه يجب ان نتجاوز عن هفواتهن فذاك من الصبر, والصبر على المحن مع الشكر افضل من الصبر على الضراء فقط , وفيه بيان ان الغضب والحزن يحمل الرجل الوقور على ترك التأني المألوف منه, وكراهة سخط النعمة, واحتقار ما انعم الله به, ولو كان قليلا , والاستغفار من وقوع ذلك , وهكذا نرى ان الاسلام كرم المرأة ايما تكريم, واعطاها حقوقا لم تكن لها من قبل , ولكي تحافظ المرأة على هذا التكريم لا بد لها من القيام بواجباتها المنوطة بها وقيامها بعبودية الله تعالى . وان تاريخنا يزخر بمن هن قدوة كريمة الا وهن نساء اسلافنا في عصر النبوة والتابعين. ولقد كانت سيرتهن اليقين والمحبة والخشوع والخضوع والشكر في الرخاء والصبر عند البلاء والرضا بالقضاء , ميزات طيبة للنساء الطيبات . والمرأة الطيبة هي من تيسر امرا كان عسيرا وتهون موقفا يكون صعبا , وهي بمواقف لها عطرة واعمال حسنى وكلمات جميلة تجعل اسمها يدون في سجل الهمة والاباء والصبر والحمية والطهر والعفاف, وتكون لها مكانة سامية ورتبة عالية ,
اضف تعقيب