بعد تخلي الحليف البريطاني .. واشنطن تعمل على "تشكيل تحالف دولي يتحرك بشكل موحد" لمعاقبة نظام الاسد
نشر : 31/08/2013 - 01:26
مرت الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة وواشنطن تنتظر إصدار ادارة الرئيس اوباما لصيغة غير سرية "للأدلة الدامغة التي تثبت استخدام النظام السوري لقذائف مزودة بالمواد الكيميائية السامة يوم الأربعاء 21 آب 2013 على منطقة الغوطة في ريف دمشق ، ما أدى إلى مقتل المئات من الأبرياء من أطفال ونساء ورجال وإصابة مئات أخرى".
ويخيم على أروقة الإدارة الاميركية في واشنطن "مشاعر ممزوجة بالذهول وخيبة الأمل بسبب تصويت البرلمان البريطاني بأغلبية كبيرة على عدم مؤازرة الحليف الأول (الولايات المتحدة) في لحظة بالغة الحرج والدقة، وفي وقت تستعد فيه لمعاقبة ديكتاتور قاس (بشار الأسد) استخدم أبشع الأسلحة المحرمة دولياً في تحد صارخ للقيم الإنسانية الغربية، حيث يجد اركان ادارة الرئيس اوباما الذين عملوا عن كثب وخطوة بخطوة مع البريطانيين عبر العديد من المحن المماثلة في السابق انفسهم يلعقون جراحهم ويضطرون لإعادة صياغة خططهم الإستراتيجية"، حسب مصدر مطلع في الإدارة الاميركية.
ويستشهد هذا المصدر الذي واكب المواقف الأميركية البريطانية المنسجمة منذ حرب الفولكلاند (1982) مع الأرجنتين، بمجيء مارجريت تاتشر (المرأة الحديدية)، رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك الى واشنطن بعد أيام معدودة من غزو العراق للكويت واحتلاله يوم 2 أب 1990، حيث قالت للرئيس الأميريكي في حينه جورج بوش (الأب) "آمل أن تبقى صلباً الآن ونحن ذاهبون لمعاقبة صدام وإخراجه من الكويت".
وقال المصدر ان هذا الموقف وما تبعه من انسجام كامل مع الموقف الأميركي خلال تسعينيات القرن الماضي يكشف "حجم الصدمة والخيبة التي تشعر بها ادارة الرئيس اوباما بعد قرار مجلس العموم البريطاني الاخير والقاضي برفض تدخل بريطانيا عسكريا ضد النظام السوري".
وكانت مصادر خاضت حواراً ساخناً مع الناطقة الرسمية المناوبة باسم وزارة الخارجية الأميركية مري هارف امس الخميس حول ضرورة المقارنة بتلفيق الأدلة بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل في العام 2003 وما يجري اليوم بشأن سوريا، حيث رفضت باسم حكومتها وجود "أوجه شبه"مع قضية العراق. وقالت"كلنا يعرف أن الولايات المتحدة كانت تحاول التأكيد على وجود أسلحة دمار شامل في العراق، أما في سورية فإننا ندرك إن الأسلحة الكيميائية ليست موجودة فحسب، ولكنها استُعملت، وهو الأمر الذي لا يمكن إنكاره".
واكدت هارف في مؤتمر صحافي عقدته في مقر وزارة الخارجية اليوم الجمعة أن هناك سلسلة كبيرة من الأدلة تظهر ان "نظام (الرئيس بشار) الأسد استخدم السلاح الكيميائي كونه يمتلك مخازن من الأسلحة الكيميائية التي سيحاسب على امتلاكها وعدم الحفاظ عليها" وأن "هناك فروقا كبيرة بين ما يمكن أن نقدمه علنا وما تتضمنه التقارير الاستخبارية ، ذلك لانه لا يمكننا أن نفصح عن المصادر ولا يمكنني أن أتكلم بالتفاصيل عن التقارير السرية".
واضافت "سننشر قريبا تقرير الاستخبارات الذي يدين الأسد باستخدام السلاح الكيميائي"، ملمحة الى ان هذا التقرير سيصدر اليوم الجمعة 30 آب 2013.
ومن المرجح أن يقوم الرئيس الأميركي بارك أوباما بإعطاء الأوامر لتوجيه ضربة عسكرية ضد سورية "وهو يتشاور بكثافة مع الكونغرس والحلفاء" حسب هارف التي أكدت ان الرئيس يأخذ بعين الاعتبار القانون الدولي في تقييمه.
ويستطيع الرئيس الأميركي توجيه ضربة عسكرية لسورية من دون العودة إلى الكونغرس الأميركي، "ولكن عليه أن يتصرف بسرعة حيث أن لديه نافذة صغيرة من الوقت بعد خروج المفتشين من سوريا غدا السبت وإقلاعه باتجاه سان بطرسبورغ في روسيا الاثنين، حيث ان هناك اعتبارات رئاسية سرية لا تحبذ شن هجمات من هذا النوع والرئيس الأميركي في الجو أو خارج البلاد، إلا في حالات خطر جاثم على أمن الولايات المتحدة القومي".
ومساء امس الخميس، تباحث مسؤولو الإدارة الاميركية الكبار بمن فيهم وزير الخارجية جون كيري، ووزير الدفاع تشاك هيجل، ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس، ومدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، ونائب رئيس هيئة الركان العسكرية المشتركة الأدميرال جيمس ساندي وندفيلد، هاتفيا مع زعماء الكونجرس بشقيه (الشيوخ والنواب)، حيث "شاركوهم بالأدلة غير السرية خلال المحادثة التي استمرت نحو 90 دقيقة".
وعملت مصادر ان ما تم تناوله في المكالمة الهاتفية المذكورة لا يختلف على الإطلاق عن ما تقوله الإدارة الاميركية علناً والمتمثل في "في وجود تسجيلات مصورة وتنقلات مريبة للقوات السورية والتقاط مكالمات بين ضباط سوريين يقرون أن الهجوم الكيميائي كان أكبر مما خطط له"حسب زعمهم.
من جهته، أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيجل اليوم الجمعة أن الولايات المتحدة ما تزال تعمل على تشكيل "تحالف دولي" للرد على الهجوم المفترض بالسلاح الكيميائي في سوريا، وذلك بعد رفض مجلس العموم البريطاني المشاركة في التدخل العسكري ضد سوريا.
وقال هيجل خلال مؤتمر صحفي في مانيلا إن "نهجنا يقوم على مواصلة العمل على إيجاد تحالف دولي يتحرك بشكل موحد"، مؤكداً أن واشنطن تحترم قرار البرلمان البريطاني الذي رفض مذكرة قدمها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تدافع عن مبدأ التدخل العسكري في سوريا.
واضاف"أن كل بلد يتحمل مسؤولية اتخاذ قراراته الخاصة"، موضحا "إننا نواصل التشاور مع البريطانيين كما مع جميع حلفائنا وهذه المشاورات تشمل سبل المضي قدما معا للرد على هذا الهجوم بالأسلحة الكيميائية في سوريا".
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب