الفلسطيني متهمٌ، ومطلوب القبض عليه وإيداعه السجن بتهمة الجنسية،
أو نقله وترحيله من حيث أتى، على متن الطائرة أو الرحلة التي جاء بها،
فلا مكان له فوق الأرض، ولا متسع له تحت الأرض،
فلا يعيش تحت قبة السماء، ولا تدفنه طبقات الأرض،
وهو في السجن مستأجر، يدفع ثمن البرش، وبدل الطعام والشراب،
ويمنح السجان مكافأة على عزله وسجنه،
ويكرمه على سوءه وفحشه، وعلى غلاظة لسانه وبذاءة ألفاظه،
يشركه في طعامه وشرابه، ويفضله على نفسه في دخانه وثيابه،
طمعاً في حسن معاملةٍ لا تتحقق، وأملاً في فرجٍ غير متوقع،
فهو متهمٌ في مصر، ومشبوهٌ في العراق،
وهو مضيقٌ عليه في الأردن، ومحرومٌ في لبنان،
وهو غير موجودٍ في الشرق ولا في الغرب،
يلاحق ويسجن، ويغرم ويطرد، ويعاقب ويمنع،
وهو مطاردٌ في الضفة، وملاحق في غزة،
وهو غير مرحبٍ به في أوروبا، ولا مسموحٌ له بدخول دولها،
ولا تشمله مساعداتها، ولا تطاله معوناتها،
ولا هوية تحميه، ولا جواز سفرٍ يحمله،
ولا وظيفة يشغلها، ولا عمل يستره،
ولا بيت يملكه، ولا عقار يؤجره،
ولا شئ يورثه، ولا مال يستثمره،
ولا دولة تحميه، ولا سلطة تدافع عنه،
هذا يوقفه، وذاك يسأله،
يطلب هويته ويسأله عن جنسيته،
يتهكم على لهجته ويضحك من كلماته،
يسأله مرةً أخرى ليضحك عليه أكثر، ويهزأ من لهجته مجدداً،
فلسان الفلسطيني لم يعوج ولم يتبدل، ولم تغيره سنوات الشتات ولا بلاد الغربة،
بقي على حاله، يميزه السامع، ويعرفه العالم،
فأين تراه يذهب، وإلى من يلجأ،
أيتخلى عن وطنه، أم يخلع رداء بلده،
أم يعلن بيع بلاده، والتنازل عن أوطانه، ونسيان داره وبستانه،
هل يكفر بانتمائه، ويعلن البراءة من انتسابه،
أم يلعن ماضيه، ويبرأ إلى العالم من تاريخه،
هل يجرم الشهداء، ويعتب على المقاومين،
أم يغضب على الأسرى والمعتقلين، ويستنكر صمود الرجال والمقاتلين،
ما السبيل إلى الخلاص من تهمة الفلسطينية، والبراءة من جريمة الوطنية،
لنكون جزءاً من البشرية، وقطاعاً محترماً من الإنسانية،
دلوني بالله عليكم يا أمة العرب، يا أبناء خير البرية، ونسل أعظم من أرسل إلى البشرية .
اضف تعقيب