رئيس اركان الجيش الاسرائيلي: اسرائيل ستواجه في الحرب المقبلة صواريخ دقيقة التصويب وغزوا باعداد كبيرة وهجمات اليكترونية -
نشر : 13/10/2013 - 16:44
م اليوم نشر تقريراً مطولاً عن خطاب القاه رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي الجنرال بيني غانتز وقالت فيه صحيفة هارتس العبرية ، انه يفتح نافذة للنظر الى الجيش الاسرائيلي في العام 2025.
وتقول الصحيفة ان الحرب المقبلة التي ستواجهها اسرائيل ستستخدم فيها صواريخ دقيقة التصويب، وهجمات اليكترونية، وعمليات غزو باعداد كبيرة عبر الحدود، وان السؤال عن الحرب هو متى وليس ما اذا كانت ستندلع. وهذا نص التقرير الذي كتبه عاموس هارييل ونشرته الصحيفة السبت:
"القى رئيس الاركان بيني غانتز ما قد يكون اهم خطاب علني خلال شغله منصبه في قاعة نصف خالية في جامعة بار ايلان هذا الاسبوع. وبعد يومين على استخدام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منصة المؤتمر الـ20 لمركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية متحدثاً بتصلب لا هوادة فيه عن كل القضايا الاساسية التي تواجه اسرائيل – من التهديد الايراني الى المعترك الفلسطيني – سعى غانتز الى رسم وجه حرب المستقبل وصورة الجيش الاسرائيلي بعد عقد من الزمن او ما يقرب من ذلك.
ولا يمكن وصف خطابه الا بالطَموح. ومن الممكن ان يكون الحضور قد تساءلوا: لم يحتاج الى قول ذلك؟ ويمكن بسهولة تفسير ملاحظاته بانها جهد لتخويف الجمهور. وليس من المفاجيء ان عناوين الصحف في اليوم التالي صورت خطابه على انه سيناريو لفيلم مرعب. بل وقد ربطه بعضهم بالمعركة المتجددة بشأن ميزانية الجيش.
كثيراً ما يلقي رؤساء الاركان في اسرائيل خطابات علنية، خصوصا حوالي نهاية مدة خدمتهم. ويمكن تقسيم هذه الى قسمين، تقريباً: ملاحظات تقدم في مناسبات رسمية (احتفالات باحياء ذكرى ما، او مناسبات وطنية)، وكلها تنويعات مملة لسلسلة رسائل صيغت حتى قبل تلقي رئيس الاركان الحالي تدريبه الاساسي، والخطابات "الاستراتيجية" التي يقدم فيها الجندي الاول في البلاد مسحاً قاتماً للمخاطر الماثلة حول اسرائيل ويحذر من اي تخفيضات في الميزانية تضعف الجيش الاسرائيلي. ولكن غاية غانتز كانت مختلفة.
طلب غانتز من الحضور في (جامعة) بار ايلان ان يعذروه عن عدم ارهاقهم بالحديث عن ما سماه "المسح التقليدي للتغييرات التي حدثت في كل مضمار في كل دولة مجاورة". وقد اكتفى بدلاً من ذلك بمجمل سريع لاتجاهات استراتيجية جديدة. وقال ان الشرق الاوسط يمر بفترة ما سماه "عدم استقرار مربع" خلخل النظام الاقليمي كلياً.
ثم استعرض بسرعة بعض التغييرات المدرجة على القائمة: الاطاحة بنظام مبارك في مصر، "حيث الرئيس الذي خلفه لم يعد ذا صلة"، وانفصام الصلة بين قطاع غزة ومصر بعد الانقلاب العسكري في القاهرة الذي اطاح بالرئيس محمد مرسي، وعزلة قيادة حركة "حماس" في غزة، ونمو خطر ارهابي في سيناء. وقال ان كل هذه التطورات "ما هي الا مثال على ما يجري في القطاع الجنوبي. وبوسعي ان اشير الى اتجاهات تغيير عبر المنطقة". ونتيجة للموقف المتقلب بسرعة "فاننا لا نستطيع ان نقول كيف سينتهي اليوم الذي بدأ للتو".
ومن جهة اخرى، عدد بعض التطورات المفاجئة التي يمكن ان تكون ايجابية: الاتفاق على ازالة الاسلحة الكيميائية من سوريا، وامكانية حدوث مفاوضات دبلوماسية بين الولايات المتحدة ودول اخرى كبرى في العالم مع ايران بشأن مشروعها النووي، وتسوية محتملة مع السلطة الفلسطينية. وقال ان هذه التطورات يمكن ان تقود الى "ما سماه اناس اعظم مني، في ظروف اخرى، شرق اوسط جديداً". (وبدا ان همهمات عدم ارتياح عمت القاعة عند هذه النقطة: اذ ان مركز بيغن-السادات ليس بيتا لاكبر المعجبين باتفاق اوسلو).
انقسام الدول
ونتيجة للتعامل في قطاع الانظمة القائمة، فان اسرائيل، حسب قول غانتز، تجد نفسها الان بان عليها ان تتعامل مع دول تنقسم الى قطاعات ثانوية، تقوم على "مستوى الدول الفرعية وان كانت تملك قدرات قوية للعمل". وفي هذه الظروف، فانه لا بد لاسرائيل ان تقيم الدول المجاورة والدول المعادية ولكن ليس على اساس بياناتها ونواياها، وانما بافعالها ونتائج ما يخرج منها. وهذا يعني ان عليها ان تطبق "تجربة الافعال وليس الافكار التي تبدو معقولة".
وستظل الحرب تعتبر واقعا مثلما كانت في السابق. فالاحتكاك القوي مع العدو وعدم اليقين يظلان قائمين، الا ان تغييرا تدريجيا في اساليب القتال سيجد ارضا له. وسيواجه الجيش الاسرائيلي عدوا يملك امكانات غير مركزية وتمويهية متقدمة، تمارس اعمالها من بين صفوف المدنيين من ابناء الشعب.
واختار غانتز التركيز على ما قال انه مواجهة بين الاستراتيجية والواقع.
وقال "اود ان اشرح لكم كيف يكون عليه صباح أول ايام الحرب سيواجهه رئيس اركان المستقبل".
"قد يكون في الوقت الراهن قائد كتيبة. وبعد عشر سنوات، او بعد سنتين او ثلاث، سيفتح عينيه في الرابعة صباحا من دون ان يكون قد استمتع بالنوم لساعات ليست كثيرة، بعد استلام مكالمة من مدير مكتبه".
ماذا سيقول له؟ الحملة المقبلة، حسب غانتز، قد تبدأ بنيران الصواريخ بالذات تصيب مبنى رئاسة الاركان في هكيريا (المقر الرئيسي للجيش في وسط تل أبيب)، يصاحبها هجوم الكتروني يصيب الخدمات اليومية بالشلل، بدءا من اشارات المرور الى المصارف، مع تفجير قنبلة في روضة اطفال في نفق ملغوم، او بهجوم جماعي من العرب على موقع اسرائيلي مجاور للحدود.
وواصل رئيس الاركان بعد ذلك تفاصيل السيناريو في المنطقة المعنية، التي ربما لا تكون قد اختيرت عشوائيا، وتحدث عن هجوم ارهابي على مرتفعات الجولان، حيث انه بعد انقضاء 40 عاما من الهدوء التام، اصبحت الحدود حاليا غير مستقرة بالتدريج. وفي هذا السيناريو الفرضي، يتم انطلاق تفجير وتطلق صواريخ مضادة للدبابات على دورية اسرائيلية على امتداد الحدود، على غرار ما يعيد الى الذاكرة هجوم حزب الله الذي اشعل الحرب اللبنانية الثانية في العام 2006. فقد اختطف ثلاثة جنود، احدهم قائد كتيبة. وقال ان منظمة جهادية، ويلمح غانتز الى مجموعة سنية تنتهج سبيل "القاعدة"، ستتحمل مسؤولية الاحداث. وكما حدث في العام 2006، فان هجوما على احد القطاعات سيشعل النار في معظم حدود اسرائيل "بحملة متعددة الساحات على الفور".
وبالنسبة لحزب الله فانه سيطلق وصلات من الصواريخ على الجليل، وستواصل المنظمات الجهادية محاولة الاختراق من الجولان. (لكن غانتز لم يشرح كيف ولماذا سيعمد حزب الله، وهو منظمة شيعية، الى تنسيق اعماله مع الجماعات السنية، التي تقف على الجانب الاخر من السياج في الصراع الذي يقسم العالم العربي على نفسه).
واضاف غانتز ان دقة تصويب الصواريخ سيطرأ عليها تحسن "واذا اختار حزب الله ان يضرب هدفا بعينه في اي مكان من اسرائيل، فانه سيكون بمقدوره ان يفعل ذلك". فصليات الصواريخ يمكن ان تضرب ايلات. وسيحاول مئات من نشطاء حماس اقتحام مراكز التفتيش التابعة للجيش الاسرائيلي على الحدود مع غزة.
واضافة الى المعارك الحدودية، التي سيكون لها مضاعفات خطيرة بالنسبة للخلفية المدنية لاسرائيل، فان "ستنطلق حرب الكترونية واسعة تؤثر ليس على الجيش فحس بل على النظام المدني ايضا". وستكون "حربا شفافة" الى حد ما، حسب قول رئيس الاركان الاسرائيلي، حيث ستقوم وسائل الاعلام على الجانبين بتغطيتها بكثافة في الوقت ذاته.
نتائج لا نريدها
ستحاول اسرائيل تحاشي ايقاع اصابات بين المدنيين من الاعداء، الا انها لن تتمكن من ان تنجح تماما في هذه الجهود. وفي كل حالة يقتل فيها مدنيون فان ذلك سيثير "نداءات لنزع الشرعية" عن اسرائيل في الساحة الدولية، وسيؤدي الى مطالبات بان يوقف الجيش الاسرائيلي عملياته على الفور.
وبالاضافة الى الاضرار الجسيمة التي ستصيب جبهة اسرائيل الداخلية والى الضغوط الدولية لوقف اطلاق النار، فقد اوضح غانتز ان "ميزان الوقت الرملي سينقلب رأسا على عقب في اللحظة التي تشتعل فيها الحرب. وتدفع اسرائيل ثمنا باهظا في جميع الحالات عن كل ساعة تصيب الحياة العادية بالخطر. ويوجب عامل الزمن على الجيش الاسرائيلي ان يكون سريعا في اعماله".
ويخيم في خلفية هذه الاحداث تكون التوقعات المأمولة للشعب الاسرائيلي في تحقيق "نصر سريع لا لبس فيه".
ولمواجهة هذه التخمينات التهديدية، جرى تشكيل ردود عملية. وعرض خطاب غانتز صيغة مختصرة غير خاضعة للسرية في مستند اعده اخيرا ووزعه على كبار اصحاب الرتب العسكرية. وقد عنون بـ"الجيش الاسرائيلي في العام 2025" واشتمل على "رؤيا وارشادات" للعقد المقبل. وهي ملخص لتنظيم يقوم باعداده رئيس الاركان في صفوف الجيش، بهدف معالجة مسيرتين متقاطعتين: التغييرات الاقليمية (ومن بينها ضعف التهديد التقليدي الذي تمثله جيوش الدول المجاورة) وقيود الميزانية، التي لا تسمح للجيش بالتحقق من التغييرات الضرورية وتنفيذها ببطء.
واوضح غانتز انه هو نفسه لا يدري كيف سيكون عليه صباح اي يوم يصحو فيه في اليوم التالي، او ما اذا كانت الشعلة المقبلة ستنطلق قبل ان ينهي ولايته
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب