"السؤال العنوان" ينهض بعد ثلاث سنوات من بين ثنايا ملفات التحقيق التي اكتظت بالشهادات الحائرة للشهود في قضية مقتل الشابة آية براذعية(22عاما) من بلدة صوريف شمال الخليل، والتي القيت في"الجب" في جريمة هزت الوجدان واثارت حملة واسعة من الادانة والاستنكار لهذا الفعل الشنيع.
بعد مرور عامين على انتشال المغدورة من ذلك "الجب" ظهرت شهادات جديدة من شأنها الدفع بالبراءة للمتهمين، وطرح المزيد من الاسئلة الحائرة ازاء هوية القاتل الحقيقي، سيما بعد ان قدمت شهادات أمام المحكمة تشير الى ان الضحية قتلت ودفنت بالتراب وثم القاء جثتها لاحقا في البئر، وهي شهادات تتناقض مع الرواية التي سبق وان قدمتها النيابة الى المحكمة بناء على تحقيقات مبنية على افتراض ان الجثة القيت في البئر بعد قتلها مباشرة.
وفي شهادة مثيرة للاهتمام لطبيب شرعي كان شاهد دفاع تناقضت شهادته مع شهادات أطباء آخرين كانوا ضمن شهود النيابة، أوضح الطبيب الشرعي، الذي اشرف على تشريح جثة آية وهو الدكتور احمد حنيحن، ان الدلائل العلمية تظهر بأن "الجثة كانت مدفونة بالتراب، ومن ثم نقلت الى البئر".
وأيد مدير الطب الشرعي في مستشفى الأمير حمزة بن الحسين (عمان)، ورئيس اللجنة العلمية في جمعية اختصاص علوم الطب الشرعي في الأردن، الدكتور محمود حرز الله، الذي تمت استشارته بتشريح الجثة ايد رواية حنيحن، وقال ، ان "ما ظهر من علامات، ودلالات، ومراحل مختلفة من التحلل على الجثة، يؤكد أن الجثة كانت مدفونة بالتراب ومن ثم نقلت الى البئر".
وقال الاستشاري حرز الله، بأن "ما يعزز ذلك أيضا، وجود عظام مفقودة"، مشيرا الى وجود "تقصير بالكشف عن السبب الحقيقي للوفاة، وعدم تحديد الوقت الذي قتلت المغدورة فيه."
وأضاف: "كان ينبغي إحضار خبراء متخصصين للكشف عن سبب الموت ووقت حدوثه" وقال:"ان القصور قد يتسبب بظلم أشخاص اتهموا بارتكاب الجريمة أو تبرئة أشخاص قد تورطوا بالجريمة".
وفي تطور لافت قال الطبيب حنيحن ، بأن العظام التي أدعت النيابة العامة أنها تسلمتها لاحقا (بعد اكتشاف الجثة) "مشكوك في أمرها"، وانه (حنيحن) لم يَسمع بوجود عظام، بعد فترة طويلة من العثور على الجثة.
شهادات تشير الى تعرض المتهمين للتعذيب
وقال مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة، فريد الأطرش، بأن المتهمين على ذمة هذه القضية، قدموا شكوى حول تعرضهم للتعذيب أثناء التحقيق معهم، وأن "الباحثة في الهيئة شاهدت المتهمين وكانوا في حالة صحية سيئة، وأنها لاحظت وجود آثار ضرب يعتقد أنها نتيجة التعذيب، وأن الهيئة تابعت هذا الادعاء (الادعاء بالتعذيب) مع جهاز المباحث، الذي نفى حدوث تعذيب للمتهمين". علماً بأن الهيئة لم يسمح لها مقابلة المتهمين إلا بعد 50 يوماً حيث كان طلبها للزيارة يقابل بالرفض، الى ان تم مخاطبة النائب العام وسمح لهم بمقابلة الأشخاص المتهمين بعد ذلك.
وخلال مناقشة باحثة الهيئة المستقلة التي أدلت بشهادتها أمام المحكمة، قالت ان الشكاوى صنفت ضمن حالات التعذيب الذي يوازي رمز (أ/6) ، وأوضحت ان طبيعة عمل الهيئة يقتصر على توثيق الادعاءات، ولم تقم الهيئة بالتأكد من صحة ما ادعاه المتهمون، من تعرضهم لتعذيب لافتة الى وجود أثار لا تعرف ان كانت ناتجة عن التعذيب أو شيء آخر، (وذلك في إطار ردها على سؤال النيابة حول ان كانت الهيئة أجرت فحوصات للمشتكين أو تأكدت من صحة روايتهم).
الرأي العلمي للطبيب الشرعي شاهد الدفاع
وقال شاهد الدفاع، الطبيب حنيحن، في شهادة له أمام محكمة بداية الخليل بتاريخ 8-10-2013 بأن "العظام التي شاهدتها هي لجثة تم خنقها ودفنها في التراب، ثم استخرجت وأُلقيت بالبئر، ولا أُرجح ان تكون هذه العظام لشخص تم تربيطه وإلقاؤه بالبئر حيا، ولم يتم خنقه قبل إلقائه بالبئر، وسبب ذلك كسر العظم اللامي الذي نتج بسبب الضغط على العنق، بالإضافة إلى عوامل التحلل التي طرأت على الجثة، وهي وجود العظام المعراة من الأنسجة، حيث دخلت في حالة التعفن والتحلل من الأنسجة، ولو كانت الجثة قد القيت في البئر، فإن البرودة ستحافظ على النسيج والشكل، لأكثر من سنة دون ان تتعرى العظام بهذا الشكل، إلا إذا كان الجسم (الجثة) طافيا على وجه الماء، وغير مغطى بالماء، فإن البكتيريا والإنزيمات، تحلل الأنسجة المكشوفة وغير المغطاة بالماء، وأنا لاحظت أن عظام الصدر، وعظام الظهر والعنق والرقبة، جميعها عظام مكشوفة، ولا يوجد عليها نسيج، بمعنى أن هذه المنطقة من الجسم التي بها هذه العظام المذكورة، لم تكن مغمورة بالماء، ولم تكن خاضعة للشروط التي خضعت لها الإطراف السفلية التي بقيت محافظة على تماسكها وهيكلها".
وتدفع شهادة الطبيبين حنيحن وحرز الله في حال ثبت صحتهما، باتجاه براءة المتهمين الذين ادعوا أنهم "تعرضوا للتعذيب واجبروا على الاعتراف بارتكاب الجريمة تحت التعذيب من قبل المحققين"
وتتنافى هذه الشهادة مع أقوال النيابة العامة التي استندت في جانب من إدانتها للمتهمين على اعترافاتهم بأنهم ارتكبوا الجريمة من خلال خنق الشابة براذعية ورميها في بئر للمياه بمنطقة نائية في بلدة صوريف.
النيابة تشكك
من جهتها شككت النيابة في رواية الطبيب حنيحين خلال مناقشته بالأقوال التي أدلى بها في جلسة المحكمة التي انعقدت 27-10-2013، مشيرة الى ان روايته استندت الى أحاديث سماعها عن العظام، ولم يستند الى أدلة علمية وفحوصات لإصدار حكمه بان الجثة نقلت الى البئر، مضيفة انه لم يقم بفحص التراب الموجود على الجمجمة والعظام كما يدعي ليقول أنها كانت مدفونة بالتراب، وتابعت النيابة استجوابها واتهمت الطبيب انه لم يجر فحوصات لنوع المياه لمعرفة نوع التحليل الذي طرأ على الجثة.
ورد حنيحن على ذلك خلال الجلسة، انه ليس خبير أتربة لمعرفة نوع التراب الذي كان ملتصقا على عظام الجثة التي تم العثور عليها.
وقال حنيحن امام القاضي في جلسة الإدلاء بشهادته خلال المحكمة: " أثناء فترة عملي كمسئول للطب الشرعي في منطقة الجنوب، كنت أستلم التكليفات بإجراء فحوصات، والكشف، وكنت وحدي مسؤولا بهذا الخصوص إذا ما كنت على رأس عملي، أو لم أكن في إجازة، أو خارج الوطن، ولم يسبق خلال 18 عاما من وجودي على رأس عملي، أن تم إبعادي عن قضية، ولا أذكر ان قام رئيس نيابة أو وكيل نيابة بتكليف إي طبيب شرعي آخر وأنا على رأس عملي في منطقة اختصاصي، بإجراء كشف أو إعداد تقرير حول حالة ما"، مشيرا الى ان إعداد التقرير كان في نهايته ".
وقال الطبيب في رده على ادعاء النيابة، فيما يتعلق بتسليم بقية العظام في 24-5-2011 "لو أنني كلفت من قبل رئيس النيابة في حلحول اشرف مشعل، بتاريخ 24-5-2011 على ان أتسلم بقايا عظمية، لكان ذلك موجوداً في التقرير الذي أوقع عليه، أو لأصدرت تقريرا طبيا بذلك"، موضحا ان "هناك إجراءات قانونية للتأكد من هوية هذه الأشلاء، والعظام"، وانه لم يسمع عن وجود بقايا عظمية خلال تلك الفترة.
وقال: "سمعت أن هناك دفعة (مجموعة) أخرى من العظام وجدت وسلمت، ولا أعرف كيف ولا أعلم عنها شيئا.. وسألت المستشار القانوني في الجامعة، ويدعى إيهاب التميمي عن ذلك لان طبيعة عملي السؤال عن الداخل والخارج، فقال لي إننا استلمنا من المحكمة طلبا موجها للدكتور صابر العالول، وأحاله للمستشار القانوني حول هذا الموضوع، يفيد بأنه تم تسليم عظام جديدة... وقد سمعت بذلك من فترة قصيرة، من شهرين أو ثلاثة، ولم يبلغني الدكتور أشرف القاضي، بأنه تسلم عظاما كدفعة جديدة من النيابة العامة بتاريخ 24-5-2011 أو بعد ذلك بمدة وجيزة، ولم يخبرني كذلك الدكتور صابر العالول بذات الخبر، ولا أي شخص آخر في حين تقول النيابة العامة بأنها سلمت مجموعة أخرى من العظام بتاريخ 24-11-2011، أي بعد 20 يوما من اكتشاف الجثة عن طريق الطبيب الشرعي اشرف القاضي.
وقال حنيحن امام المحكمة، أنه من غير الممكن إدخال أية جثة للمشرحة بدون كتاب من النيابة العامة، وان قرارات الجامعة تفرض عدم بقاء أي شيء بالثلاجة سوى عينات فقط.
وأكد امام القاضي انه خلال تلك الفترة لم يشاهد أية بقايا عظمية داخل الثلاجة، وانه كان باستمرار يتفقد الثلاجة التي "لم يكن بداخلها سوى هيكل عظمي، تم نبشه أثناء عمل الآثار، ولم يعرف صاحبة بعد".
وأوضح للمحكمة انه اشرف على نضح المياه من البئر (الذي عثر على الجثة بداخله)، وانه تم وضع شبك للحيلولة دون تسرب أية بقايا، وذلك في اليوم الثاني من اكتشاف الجثة (يوم السبت)، وانه تم تسليم كل شي عثر عليه داخل البئر، و ان "كامل هذه المحتويات والبقايا التي استلمتها في مستشفى الخليل تم نقلها لمعهد التشريح"، "وان الرائد حسام ملحم من شرطة الخليل الذي نزل الى البئر برفقة احد أفراد الدفاع المدني، وجد شريحة الهاتف حين عبث بالطين"، وأكد انه "لا يوجد شيء، وانه يعني لا يوجد شيء لا يوجد شيء".
وفي مناقشة النيابة للطبيب حنيحن خلال المحكمة، أوضح انه لم يتم استدعاؤه من قبل فريق العمل بالجثة، ولم يتلق إي منع أو استبعاد من قبل إي جهة، وإنما فقط لم يتم استدعاؤه وتم تهميشه من قبل مدرائه بالقضية".
وتصر النيابة على أنها عثرت على العظام في وقت لاحق بالبئر وتم انتشالها وتسليمها للطبيب اشرف القاضي الذي نقلها للمشرحة.
وفي حديث للطبيب حنيحن بعد مناقشته من قبل النيابة بالمحكمة، قال ان ما استند إليه بروايته وجزم به امام المحكمة يستند لدلائل علمية يقوم بتدريسها لطلبة الحقوق والطب، مضيفا ان الجثة المدفونة يمكن الرجوع إليها، وتابع "ما زالت أثار التحلل التي أتحدث عنها ظاهرة على الجثة، ويمكن تشكيل لجنة من خبراء لإعادة فحصها للصول الى حقيقة ما أقول".
وقال حنيحن، ردا على تشكيك النيابة بروايته، "ان مهمته تقديم استشارة فنية للنيابة في مثل هذه الجرائم، وان ما أدليت به من حقيقة علمية يتنافى ويطعن رواية النيابة التي تبنتها ولذلك لن يعجبها".
وقدمت النيابة شاهدها الدكتور زياد محفوظ الأشهب، مدير عام الطب العدلي في وزارة العدل، حيث قال امام المحكمة بأنه لا يستطيع الإجابة عما إذا كانت الجثة دفنت في مكان ما ونقلت لاحقا الى البئر، وقال بأن العظام المفقودة "قد تكون ذهبت مع النضح ولا اعرف ان كانت العظام في مكان آخر".
وقال الطبيب الشرعي اشرف القاضي امام المحكمة بأنه تسلم بقية العظام، من رئيس نيابة حلحول، اشرف مشعل، داخل أكياس، وقام بنقلها بتاريخ 24-5-2011، موضحا انه الطبيب "الوحيد الذي قام بالكشف عن العظام".
ولم يؤكد شاهد النيابة أو ينفي امام المحكمة ان كانت الجثة دفنت بالتراب بداية أو القيت بالبئر مباشرة بعد عملية القتل، لان خبرته لا تسمح له بتحديد ذلك.
وشكك المحامي ناصر الرفاعي،محامي المتهمين، في شهادة الطبيب اشرف القاضي، وبرهن على ذلك من خلال عدم ذكر اسمه في لائحة شهود النيابة العامة.
وقال المحامي الرفاعي: "لو كانت واقعة جوهرية، كتلك الواقعة، لكانت وردت في لائحة الاتهام، ولكان اسم الدكتور اشرف القاضي ورد في قائمة الشهود، ولكنا سمعنا ذلك من الدكتور زياد الأشهب، الذي شهد قبل القاضي بشهور قليلة".
وأوضح انه لو كانت هناك عظام لدى النيابة "لما كانت إجابة الدكتور زياد الأشهب على سؤالنا حول العظام المفقودة، بأنها قد تكون ذهبت مع النضح" .."كما انه كان عرف عنها الدكتور حنيحن أو الدكتور صابر العالول، ولكانت هناك وثائق تؤكد وصول العظام الى المشرحة، أو لكانت موجودة في المشرحة".
وأضاف قائلا: "الدكتور اشرف القاضي قدم كشاهد جديد، بإشعار كتابي الى المحكمة، ولم يكن في قائمة الشهود الذين قدمتهم النيابة العامة عند تقديم لائحة الاتهام".
الطب العدلي ينفي
ونفى معهد الطب العدلي في جامعة القدس، في كتاب صادر عن المعهد ، علمه بوجود عظام داخل المشرحة تعود للمتوفاة آية براذعية، وأشار الى ان الدائرة القانونية لم تتسلم أية أوراق ثبوتية كما ادعى الطبيب اشرف القاضي، الذي قال بأنه ادخل العظام "بناء على طلب مدير عام الطب العدلي في وزارة العدل زياد الأشهب"، وأوصى الكتاب بمراجعة الدكتور زياد الأشهب، مدير عام الطب الشرعي في وزارة العدل والدكتور اشرف القاضي قي وزارة العدل بصفتهم المسؤولين عن إدخال بقايا العظام الى ثلاجة الموتى في معهد الطب العدلي"
وهذا ما رد عليه الأشهب في كتاب بخط اليد على جانب الكتاب الصادر عن المعهد بأنه لا علم له بهذا الموضوع و "لا نعرف لمن تعود هذه العظام ومن أين أتت". (تسلمت المحكمة نسخة عن الكتاب المذكور بينما اعترض رئيس النيابة على الكتاب إلا من خلال "منظميه" ليتسنى لهم مناقشته تحقيقا للعدالة).
دلائل من نسج الخيال
وقال الرفاعي : " الدلائل والقرائن التي سبق وذكرتها تقطع (تؤكد) بأن مسألة وجود بقايا عظميه أخرى لآية براذعيه مسألة من نسج خيال النيابة العامة، لا حقيقة لها إطلاقا، هذا ما أنا متأكد منه.. ولكن لماذا قامت النيابة العامة بذلك.. ربما لأنها شعرت بأنها في طريقها لخسارة القضية أو لان أحداً أشار عليها بهذا التصرف، أو لأي أمر آخر، فانا لا استطيع الجزم حول ذلك".
وأضاف: "أيا كانت الظروف فان القانون يفرض على النيابة العامة ان تكون خصما عاما محايدا وشريفا، تطلب للمتهم البراءة كما تطلب له الإدانة، ودورها قطعا ليس كدور هيئة الدفاع التي توجب عليها قواعد مهنتها العمل لصالح موكليها بغض النظر عن الحقيقة".
وقال الرفاعي: "استطعنا ان نقدم من الأدلة والبراهين ما يوجبُ براءة المتهمين "لانتفاء الأدلة وليس فقط لعدم كفايتها، فليس في ملف الدعوى سوى اعتراف المتهمين، الذي ثبتت مخالفته للواقع، وثبت أنها أخذت بطريقه الإكراه و/أو خلافا لإحكام القانون، فقد قدمنا من البينات ما يثبت ان المتهمين ادخلوا الى مركز إصلاح وتأهيل الظاهرية، ولأول مرة بتاريخ 18-9-2011 أي بعد توقيفهم بأربعة شهور واثني عشر يوما، والقانون لا يعطي أكثر من 24 ساعة لبقائهم في نظارة الشرطة أو المباحث، ويمنع توقيفهم لأكثر من تلك المدة إلا في مراكز الإصلاح والتأهيل، إضافة الى شهادات من هيئة حقوقية دستورية، بشبهات حول تعرض المتهمين للتعذيب و/أو بظروف اعتقال مخالفة للقانون و/أو بمنع المؤسسات الحقوقية الدستورية من زيارتهم لمدة طويلة جدا".
ويتضح من شاهدات الأطباء الشرعيين ان هناك لبساً وغموضا، يثير علامات استفهام حول العظام المفقودة، وتضارب شهادات الأطباء، مع قول رئيس الطب الشرعي الأشهب من ان العظام قد تكون ذهبت مع النضح، وانه لا يعلم ان كانت هناك عظام ، مع تأكيد شهادة الدفاع المدني، والطبيب حنيحن، انه تم وضع شبك خاص لمنع تسرب أية أشلاء من الجثة خلال عملية نضح المياه من داخل البئر الأمر الذي يناقض ما قاله الدكتور الأشهب والقاضي.
وقال ذوو المتهمين ، بأن العظام التي سلمتها النيابة (في حال أنها كانت موجودة فعلا) تكشف بأن النيابة العامة "تعلم بمكان دفن الجثة الأصلي وتتستر على القاتل" على حد قولهم.
شهادة صاحب البئر
وكان الشخص الذي عثر على الجثة داخل البئر، قال ، بأنه استخدم البئر قبل 20 يوما (من عثوره على الجثة)، ولم تكن هناك جثة بالبئر، وانه طوال عام كامل، (يفترض ان تكون الجثة في البئر)، إلا انه لم يلاحظها، ولم يشتم أية رواح، وان بعض رعاة الأغنام كانوا يسقون مواشيهم من البئر.
وتعيد هذه الشهادات طرح السؤال بخصوص القاتل الحقيقي، لا سيما وان تقرير الطب الشرعي كان أشار الى فقدان أكثر من 56 عظمة، من بينها عظام كبيرة، يستبعد ان تكون تحللت خلال الفترة التي سبقت العثور على الجثة.
وتمثل الشهادة الرسمية للطبيب الشرعي، منعطفا جديدا في القضية، وفتح باب الأسئلة المتصلة بما ذكرته النيابة التي تتمسك بمواصلة احتجاز المتهمين بارتكاب جريمة القتل طوال السنوات الثلاث الماضية.
وقال أيمن الهور، المتهم بقتل آية وهو داخل السجن حيث يتواصل احتجازه، بأن هذه الشهادات تؤكد صحة روايته والمتهمين الآخرين بأنهم "اجبروا على الاعتراف بالقتل من شدة التعذيب، وان القاتل الحقيقي ما زال طليقا والنيابة تتستر عليه" على حد قوله.
وأضاف: " رئيس نيابة حلحول سابقا، والآن رئيس نيابة الخليل، اشرف مشعل، هو من يصر على إنني قمت بقتل الشابة".
ويدعي الهور ان رئيس النيابة "متفق مع والد آية لتغطية جريمة القتل التي ارتكبها بحق ابنته" على حد قوله مشيرا الى ان مسألة إخلاء سبيله وتبرئته باتت قريبة مع كل هذه الشهادات".
مشعل ينفي
من جهته، نفى رئيس نيابة الخليل اشرف مشعل هذه الادعاءات ، مشيرا الى ان المتهمين هم من ارتكبوا الجريمة وفق ما نملكه من أدلة وشهادات، واعترافاهم بارتكاب الجريمة في الساعات الأول من اعتقالهم، نافيا ان يكونوا قد تعرضوا لتعذيب، ومؤكدا ان النيابة خصم محايدا قدمت المتهمين للمحاكمة بعد اكتمال الأدلة التي تدينهم.
وقال "ان كل ما يقال بالقضية حول تبرئة المتهمين غير صحيح وان كل المؤشرات تدل على إدانتهم، وان المحاكمة ما زالت جارية وبانتظار حكم المحكمة".
وقالت أطراف بالنيابة ، ان المتهمين ومحامي الدفاع والأهالي المتهمين" يشيعون انه تم تبرئة أبنائهم لتهييج الرأي العام والضغط على القضاء لتبرئتهم".
وكان المتهمون الثلاثة اعترفوا بارتكابهم جريمة قتل الشابة براذعية، إثناء توجهها الى الجامعة. ووفقا لتلك الاعترافات التي تم بثها عبر شاشة تلفزيون فلسطين فأنهم قاموا باختطافها ومن ثم رش غاز منوم عليها، قبل ان يتم تربيطها ورميها بالبئر في منطقة نائية بالقرب من بلدة صوريف، لكنهم تراجعوا لاحقا وسحبوا اعترافاتهم امام النائب العام وأمام المحكمة، وقالوا بأنهم اجبروا على الاعتراف بارتكاب الجريمة جراء التعذيب.
مراقب حقوقي قال ، ان قرار المحكمة في هذه القضية التي أصبحت قضية رأي عام فلسطيني سيكون من أهم القرارات الجنائية التي تصدرها محكمة فلسطينية، فنتائج قرارها لن تنعكس على المتهمين فحسب من حيث براءة المتهمين أو إدانتهم، بل ستكون محاكمة لنظام العدالة في فلسطين، من حيث مدى نزاهة إجراءات التحقيق، ودور النيابة كخصم شريف، ومصداقية تقارير الطب الشرعي، حيث يسود القضية حالة من التناقض والغموض في شهادات أطباء دائرة الطب الشرعي والنيابة والتي سيكون لقرار المحكمة كلمة الفصل فيها.
وأضاف " لا يجوز أن يمر هذا التناقض والغموض في شهادات الأطباء الشرعيين دون كشف دوافع وأسباب التناقض فيه بغض النظر عن قرار المحكمة، لمعرفة حقيقة هذا التناقض، فمصداقية تقارير الطب الشرعي هي أساس تحقيق العدالة في القضايا الجنائية، وهذا مصلحة وطنية لا يهم دائرة بعينها بل فيه مصلحة مجتمعية ووطنية".
جريمة مقتل اية تقفز من جديد الي المقدمة والجميع يتسائل من قتلها ؟
اضف تعقيب