الإنتفاضة الفلسطينية الأولى..........
في الثامن من ديسمبر 1987م الإنتفاضة الفلسطينية الأولى أو إنتفاضة الحجارة ، سمّيت بهذا الإسم لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها ، كما عُرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارة ، والإنتفاضة شكل من أشكال الإحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري على إنتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الإحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين ، الإنتفاضة الفلسطينية ولسبب دائم وهو الإحتلال الصهيوني الذي يمارس الإضطهاد والظلم والممارسات اللا إنسانية بحق الشعب الفلسطيني ، وسوء أوضاع الفلسطينيين التي كانت تسير من سيء إلى أسوأ لما تميز به الاحتلال الصهيوني بإدعاءات مسعورة كاذبة من أنه صاحب الأرض والتاريخ والمستقبل ، وتميز بسيطرة تعسفية على كل الأصعدة من خلال قانون الطوارئ إلى المخططات الاستيطانية ، ومحاولات التهويد ونسف البيوت وإعتقال الآلاف من المواطنين وفرض العقوبات الجماعية والسيطرة على مرافق الحياة ، ومصادرة الأرض ونهب الموارد المائية والحرب الإقتصادية وإقفال المؤسسات العلمية والنقابية والمهنية .
إن الممارسات العدوانية الصهيونية المتتابعة ، إضافة إلى سياسة القبضة الحديدية الإستفزازية التي مارسها الجيش الصهيوني داخل الأراضي المحتلة , وهو حرمان الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية فالإحتلال المستمر يولد ضغطاً نفسياً يزداد شيئاً فشيئاً أدى إلى إندلاع إنتفاضة الشعب الفلسطيني ، والحصار السياسي والعسكري الذي أحاط بمنظمة التحرير الفلسطينية في الخارج ، كان لابد للفلسطينيين من أن يتفجر النضال بأسلوب جديد وعلى قاعدة جديدة ، وهكذا إنتقل من إمكانية التحرير من الخارج إلى الأمل بحتمية التحرير من الداخل .
لقد واجه أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة رصاص قوات الإحتلال بصدورهم العارية، وأمطروا جنود الإحتلال الذين تمترسوا بسياراتهم المدرعة بالحجارة والزجاجات الفارغة وقنابل المولوتوف ، حيث تصدى الشعب الفلسطيني بأكمله بجسده ودمه لكل آلة القمع والوحشية الصهيونية ، ويومياً سطرت الجماهير الفلسطينية آيات من المواجهة البطولية للمحتلين ، وسقط الآلاف من الشهداء والجرحى من أبناء فلسطين في أضخم إنتفاضة جماهيرية عارمة شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة ، بل شهدها العالم الحديث وأطولها ، ولقد أتسمت الإنتفاضة الشعبية الفلسطينية العارمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ إندلاعها بالشمولية والإستمرارية وترسيخها لحقيقة بارزة مفادها أن جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والجليل والمثلث والنقب بدت أكثر من أي وقت مضى موحدة في مواجهة الإحتلال ورفضه، ملتزمة بموقف سياسي موحد قاعدته وحدة المصير, من حيث المشاركة الجماعية وانخراط شرائح المجتمع الفلسطيني في فعل الإنتفاضة اليومي طلاب ، عمال ، فلاحين ، نساء ، مثقفين ، مهنيين ، وذلك من خلال إندماجهم في اللجان الشعبية الإجتماعية والسياسية التي تشكلت خلال الإنتفاضة كلجان مسانده ومؤازرة للفعل الشعبي الفلسطيني المقاوم , رغم حالة الجدل التي سادت لتحديد هويتها ما بين كونها هبة جماهيرية سرعان ما تنتهي خلال فترة قصيرة أو انتفاضة شعبية عارمة تحدد فلسفتها وشعاراها وإستراتجيتها ، إلا أن ملامحها منذ البدء كانت تؤكد أن لا رجعة عن هذه الإنتفاضة دونما تحقيق ولو جزء من طموحها وفلسفتها وإستراتيجيتها ، وإن كان حجم الناتج ليس بحسب حجم ما أريد لها تم الحفاظ على وحدانية ومصير منظمة التحرير الفلسطينية بحيث أكدت هذه الإنتفاضة على الهوية الفلسطينية وإعادة الإعتبار لدور منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تعيش مخاضا عسيرا وأزمة بقاء وخاصة بعد تشتتها بين عواصم العرب ومؤامرة تقزيمها وتجزئتها من خلال إيجاد البدائل لها بحيث جاءت الانتفاضة لتنسف وتقلب كافة تلك البدائل وتجعل روادها في موقف محرج وتعيد لم الشمل الفلسطيني .
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب