في الأسبوع الماضي فصّلنا في "فصل المقال"، جانبًا مهمًا من مقترحات وزير المعارف شاي بيرون بما يتعلق في اقتراحه إسقاط امتحان البسيخومتري، وربطنا المقترح بمحاولة تمرير الخدمة المدنية، وهذه المرّة قرّرنا إعادة فتح ملف التعليم في المجتمع العربي، من خلال ما يفضله شاي بيرون وما يشغله أصلاً، من هذا الباب قررنا إجراء استطلاع حول رفض أو قبول التغييرات المقترحة، خاصةً ما يراه بيرون مناسبًا للمجتمع العربي وهو بإبدال البسيخومتري بامتحان البجروت وعليه ستتوسع الجامعات التي يمكن القبول إليها على أساس علامة البجروت فقط دون الحاجة إلى البسيخومتري، بالمقابل لن ترضى بطلاب يحصلون على نسبة أقل مِن 87% من معدل البجروت وتشمل 5 وحدات في ثلاثة مواضيع هي الرياضيات والانجليزية والعبرية.
ولمعرفة آراء الطلبة والمختصين في هذا المجال أجرينا اللقاءات التالية:
الطالبة ثريا أمارة من كفر كنا
قدّمت مؤخرًا لامتحان البسيخومتري، لأوّل مرّة بعد أن أنهت الصف الثاني عشر، وانتسبت إلى دورة في البسيخومتري، لمدة ثلاثة أشهر، ودفعت مقابل هذه الدورة ما يُقارب الـ 4 آلاف شيكل.
عن الامتحان قالت ثريا أمارة: "نحنُ نتحدث عن 120 سؤال في امتحان البسيخومتري، ويجب حله خلال مدة زمنية محدّدة وقصيرة، ما يشكّل ضغطًا على الطالب، وعليه فقد حصلت على علامات تقترب مما هو مطلوب لكنني لم أنجح بتحقيق حُلمي هذه السنة بالالتحاق بموضوع التمريض، ما يُضطرني إلى انتظار عامٍ كامل، لأعود في السنة القادمة وأكرّر نفس التجربة ونفس الضغط، لتحقيق حلمي في الدراسة.
وعن إمكانية إلغاء امتحان البسيخومتري، بدّت ثريا مترددة في موقفها، فمن جهة ترى أنّ امتحان البسيخومتري لا يعكس فعلاً قدرات الطلاب العرب وكفاءاتهم، خاصةً أنّ هناك الكثير من الطلاب البارزين ذكورًا وإناثاً، لكن ما يؤكِد مقدرة الطلاب هو امتحان البجروت وليس البسيخومتري، وعليه فإنّ طرح إسقاط السيكومتري سيكون مناسبًا لو لم يكن مرتبطًا بأهداف أخرى بينها التطوع للخدمة المدنية.
وشدّدت أمارة على ضرورة إقامة دورا البسيخومتري، لأنها تساعد الطالب على تجاوز البسيخومتري، للوصول إلى الجامعات في المرحلة الحالية، قبل تطبيق قرار الوزارة، علمًا أنّ سبب نجاح طلاب الوسط اليهودي في هذا الامتحان، هو أنهم مطلعون عليه، وأنّ أساليب تعليمهم في المرحلة الثانوية تعتمد أساسًا على هذه المواد، أما نحنُ فإنّ ما يميزنا ويمكننا النجاح فيه هو البجروت، لأنّنا مطلعون على المواد خلال سنواتٍ طويلة، وهذا يتيح لنا الفرصة للحصول على علامات عالية في هذا الامتحان.
أما الطالبة هديل العلي من عرابة، حصلت على علامة 682 بعد أول امتحان للبسيخومتري فصرّحت لفصل المقال: "أرى أنّ الانضمام إلى امتحان البسيخومتري هو أمرٌ مُكلِف، مما يُسبب إلى حرمان كثيرين من فرصة الوصول إلى الجامعات، بسبب تكلفة الدورات، ومَن لا ينجح من المرة الأولى، يستطيع إعادة الدورة والحصول على نتائج أفضل، علمًا أنّ هذه الامتحانات لا تعكس قدرات الطلاب عكس امتحانات البجروت، وبالتالي ففكرة إلغاء البسيخومتري تبدو جيّدة، لكن القلق الحقيقي هو عندما يكون البديل عن البسيخومتري إما الخدمة المدنية وإما امتحان قبول للجامعات صعبٌ جدًا، لكنه أفضل من الخدمة، طبعًا".
د. خالد أبو عصبة: المسؤولون عن التعليم في المجتمع العربي لا يخدمون الطالب العربي!
وكان الدكتور خالد أبو عصبة - مدير معهد مسار للأبحاث والدراسات المتعلّقة بالتعليم والتربية- أوّل مَن تطرّق إلى تصريحات الوزير شاي بيرون حول إلغاء الامتحان السيكومتري، مقترحًا "بدائل غير منطقية"- هكذا يراها أبو عصبة، الذي جاءت تصريحاته لفصل المقال صريحة وهادفة حيثُ قال: "إنّ البدائل التي اقترحها وزيرالمعارف تتحدث عن معدل 87 في ثلاثة مواد هي: (الإنجليزية والرياضيات ولغة الأم) شريطةً ان تكون هذه المواد من 5 وحدات".
وأضافَ د. أبو عصبة: "إنّ 70% من العلامة المطلوبة هي امتحانات و30% أبحاث ومشاريع... فما هو وضع مدارسنا في هذا المجال؟ وكيف ستستعد المدارس العربية لتغيير أسلوب عملها وفق هذا الواقع المطروح؟! تساءل أبو عصبة أيضًا: "ماذا عن التعليم خارج نطاق المدارس، وهل يملك جميع (الاهل) نفس الإمكانيات؟ ام يتحول التعليم العالي لفئة أبناء الاغنياء فقط؟!
وتابع: "بما أنّ الشرط هو امتحانات البجروت، هذا يعني تعزيز العملية التعليمية في جميع المراحل وخاصة جودة العملية التعليمية في المدارس الثانوية العربية، فهل يواكب هذا التغيير (الإصلاح) خطة من قِبل وزارة المعارف لرفع جاهزية المدارس العربية بغرض تعزيز تكافؤ الفرص؟"
وقال أبو عصبة: "قبل أن نصفّق لإلغاء السيكومتري علينا دراسة أبعاد هذا الإلغاء على منظومتنا التعليمية من جهة وعلى إمكانية انضمام نسبة أعلى من طلابنا للتعليم العالي"، مشيرًا إلى ضرورة إجراء إصلاحات في التعليم، في حال تمّ الإلغاء، علمًا أنّ فكرة إلغاء البسيخومتري جاءت أصلاً لتخدُم الطالب اليهودي بالأساس، وهذا ما صرّح به "طرخطنبرغ"، أكثر من مرّة خلال مؤتمراتٍ سابقة. وشدّد د. خالد أبوعصبة أنّ عدم إحداث تغييرات ايجابية في التعليم العربي سيُضعف المدارس الثانوية، ويدفع بالأهل إلى التسارع بإرسال أبنائهم إلى المدارس الأهلية، ما يعني تهميش المدارس الحكومية، وهدم مستقبل أبنائنا، وتعزيز الفوارق الطبقية".
ويقترح د. خالد أبو عصبة أن تتحمّل الجهات المسؤولة عن التعليم، مسؤوليتها الكاملة عما يجري في مدارسنا العربية مِن تدهور، وتعمل على تقليص الفروق بين العرب واليهود، وبالتحديد وزارة المعارف والسلطات المحلية والأهل والمؤسسات التعليمية التي تُراقِب ما يجري في المدارس، مثل: لجان متابعة قضايا التعليم العربي، وحراك وغيرهم، والحل هو في بناء خطة استراتيجية واضحة المعالم معزّزة بميزانيات كافية للتطوير وسدّ النواقص والاحتياجات، وأن يسير التخطيط وفق جدول زمني مبرمَج ومدروس، وإلا "فعلى التعليم السلام".
المربي رزق خازن : طلابنا العربي يحققون إنجازات علمية، والإشكالية في مَن يقف وراء تطوير جهاز التعليم العربي!
وفي حديثٍ مع المربي رزق خازن من بلدة البعنة هو مدير معهد ابيكس لتعليم البسيخومتري، قال: "إنّ تصريحات وزير المعارف لا تتحدث عن إلغاء البسيخومتري كليًا، بل تتحدث عن منهاج جديد يتطلب مِن الطالب العربي معدل فوق الـ 87% تشمل 5 وحدات في ثلاثة مواضيع، ما يعني أنّ نسبة ضئيلة من الطلاب العرب يمكنها الوصول إلى الجامعات، وأيضًا يدور الحديث عن طريق إلتفافية لتعزيز التجنيد بين الشباب والطلاب العرب".
وأضاف المربي خازن "أنّ الاقتراح سيكون ضد مصلحتنا، أولاً أنّ التطوّع مِن وجهة نظرهم هي الخدمة المدنية، لكن أين يمكننا التطوّع مِن أجل التطوّع في بلداتنا العربية؟! أماكن التطوع لخدمة المجتمع العربي تكاد لا تكون موجودة". وأضاف: "لا أعتقد أنه سيتم إلغاء البسيخومتري، إذ من الصعب استبدالها، بالبجروت بعلامات عالية، كما اقتُرح، لأنّ الأمر سيكون غاية في الصعوبة بالنسبة للطلاب العرب، وأرى أنّ الدمج بين البجروت والبسيخومتري هو أمرٌ جيد، فهو يعزز طرق التفكير، وحبذا لو نجح الوزير بالدمج بين الموضوعين، خاصةً أنّ الطالب العربي يتقدم إلى الامتحان في 15-20 موضوع، وهذا الأمر مرهقٌ للطالب، وعليه يمكن الاستناد إلى فكرة البحث والمعرفة أكثر مِن الامتحانات المُرهقة هذه".
ويرى المربي رزق خازن "أنّ الوضع التعليمي في المجتمع العربي آخذ بالتحسُن، وما يدلُ على ذلك نسبة التحصيل في البجروت للطلاب العرب في ارتفاع، والمتفوقون والمتميزون في إنجازات البسيخومتري مِن أبنائنا كُثرُ، لكن تبقى مشكلة اللغة الانجليزية وهي بالنسبة للعرب لغة ثالثة، أما لدى اليهود فهي اللغة الثانية، كما أنّ امتحان الرياضيات يشكل عائقًا لصعوبته بالنسبة لطلابنا."
يلخّص الأستاذ خازن بالقول: "إنّ التربية مسؤولية، وهناك جهات كثيرة يجب ان تتحمل هذه المسؤولية أولها الوزارة وأيضًا المراقبون للتعليم من خلال مؤسساتهم المختلفة، وألوم الأهل أيضًا، أنهم يحملون المعلمين والمدرسة فشل أبنائهم في تحصيل علاماتٍ في الامتحانات، وأتساءل لماذا لا يقوم الأهل بمراقبة أبنائهم والسؤال عنهم؟ ومتابعة تحصيلهم العلمي، والتشديد في البيت على دروسهم وجهودهم في القراءة والمعرفة، بدلاً مِن لوم المدرسة طوال الوقت، وبدلاً مِن كيل الاتهامات فلتأخذ جانبًا أكثر في المجال التربوي لإصلاح أبنائنا وطلابنا".
بروفيسور محمد أمارة: العرب ليسوا في المعادلة
من جهته يرى البروفيسور محمد أمارة الباحث والمحاضر في جامعة تل أبيب فقال: "نتحدث عن عملية دمج بين امتحاني البجروت والبسيخومتري، والتركيز على ثلاثة مواضيع هي الرياضيات والانجليزية وأحد المواضيع التعليمية، ويكون المختصون في الجامعات شركاء في كتابة الامتحانات، ما يعني أنّ الامتحان سيكون أكثر صعوبة مما هو عليه الآن، وسيكون البجروت عائق أمام الطالب العربي للوصول للجامعة، واشكالية البسيخومتري هو أنه مبني وفق الاحتياج اليهودي (الأوروبي الاشكنازي)، ويلائم ثقافتهم لكنه لا يلائم ثقافة الطالب العربي، وعليه فلا أرى أنّ الطالب العربي سيكون بوضعٍ أفضل مما هو عليه، إلا إذا افترضنا أنّ جميع الجامعات والكليات فتحت أبوابها أمام كل شخص بغض النظر عن قوميته، باستثناء بعض المواضيع مثل الطب والمواضيع التي تحتاج الى ابحاث ومختبرات، وفتح أبواب الجامعات أمام الجميع في السنوات الأولى مِن التعليم تكون فرصة ممتازة لانخراط الطلاب العرب في الأكاديمية، شرط إعطاء فُرص متساوية للجميع، مثلما يجري في أوروبا، وفي معظم الجامعات الأمريكية.
ويضيف" إنّ التغيير المقترح بصيغته الحالية، لن يأتي بتغيير جوهري، ولن يزيد من فرصة دخول الطلاب العرب للجامعات، خاصةً أنّ الجامعات تعمل وفق مفهومٍ انتقائي، بأخذ الأفضل في التحصيل العلمي، ونسبة الطلاب العرب الذين يحصلون على شهادات بجروت تتراوح بين 40-38%. أما الإشكالية الإضافية فهي ثلاثة مواضيع صعبة على الطالب العربي هي الرياضيات واللغة الانجليزية والموضوع العلمي، وفي هذا تمييز واضح ضد العرب، بسبب اللغة، وبسبب تفوق اليهود في هذا المجال على العرب وتحصيلهم في البجروت أعلى مِن الطلاب العرب، ما سيخلق اشكالية أمام طلابنا، ومسار البجروت سيزيد المسائل تعقيدًا".
وأنهى بالقول: "إنّ نجاح أو إسقاط اقتراح الوزير ليس له علاقة في العرب، فهم أصلاً ليسوا في المعادلة، وهو لا يضغطون أصلاً لإسقاط الاقتراح، ومَن هم الذين أشاروا إلى سلبية مقترحات بيرون، ولا يجب أن نعتقد بأنّ التغييرات التي تجري يُعمل فيها حساب للعرب، لا أظن أن المسؤولين والوزراء قلقون بشأن الفئات الضعيفة مِن العرب، بل إنهم يتطلعون إلى اليهود الشرقيين، المهمشين في مناطق كثيرة في البلاد، هؤلاء هم مَن يغيّر كفة الميزان وليس العرب، بل على العكس فإنّ الخطة التي تضعها الوزارة تتحدث عن التقليل من وحدات التعليم الالزامي بين اليهود، الذين يتعلمون العربية، أما جهاز التعليم لدى العربي فسيتم تعزيزه بوحدة إضافية باللغة العربية الإلزامية، لتصبح وحدات التعليم العبرية هي ثلاث وحدات، ما يعني بالطبع، التقليل من أهمية اللغة العربية".
اضف تعقيب