
زفــاف ( الجـزء الأول )
بقلم : رشيقة داؤود طه
أول اللقاء طلب رقمها مرتين , وكانت المحاولة الثالثه رهن رضاها ،
وصار يشتري بعضا من أسهم حنان صوتها , رابحة كانت ام خاسره , لا يهُم !!
فما يهُم الرجل الشرقيّ الاثبات لنفسه ولها , ان ليس من قوانينه الهتلريه الخضوع لامرأة , أو الضعف أمامها ، تارة تكون حقيقة , وتارة اخرى تكون مواساة لرفع معنوياته ومقاومة الكبرياء ..
فسلاحه ان يُضعف اللا حب بأول مكالمة هاتفيه , بينما يقوي حُبها له , بعد التأكُد تمامًا انه أوقعها في مصيدة ايام معدودة وهذا كافٍ لأي أنثى كي تُشبع بالوعود وتفرح بعلاقة رومانسية , ويلج بوابة قلبها كطفل يسير اثناء نومه.
طلبها في اليوم الاول ودقّ هاتفها بنغمة فيروزية " أنا لحبيبي.. " .
فشهقت أنفاسها وردت , أما هو فشهق بسمة وبدأ الحديث ..
واستمرت العلاقة اسبوع .. وبدأت تدريجيا تختنق نغمة الهاتف حتى اختفت تماما ..
فطلبته مرتين على هاتفه , وعندما لم يرد .. قررت ألا تعاود المحاولة
فقد اصبح الهاتف وسيلة سعادة وإهانة في ان واحد ..
مضت الايام وهي تراقب الهاتف وتختلس النظر اليه بحُجة معرفة الوقت , وهي تعي تماما انها استقبلت أول صفعة اهانة , فمتى ستكون الثانيه ؟
وبعد اسبوعين , ظهر رقمه ذات مساء على هاتفها , وكأنه العيد .
لكنها كانت داهية النساء , أمرت الكبرياء ان يكون سيد الموقف , وهددت ضُعفها ان خانتها قواها وردت عليه .
لم يكن بالحسبان ! ولم يتوقع هذا منها .. فكيف تعلن الهزيمة بعد عدة أيام من مذاق طعم الانتصار ..
بقيَ صامدًا ولم يحاول الرجوع اليها , كي يلقنها درسا , انه شرقيّ , لديه من النساء الكثير , وما هي الا غيمة عابرة.. وكأنه يمن عليها بالاهتمام ويبيعها سلعه من الحُب كلّما سنح له الوقت بذلك ..
لكنه لم يعلم ان هذه الفتاه ليست كالباقي, و انه كان يوقع في شِباك حُبها يوما بعد يوم , بعد رفضها له , وتمردها على مكالماته ..
وبعد مرور اسبوعين .. قرر ان يكسر كبريائه .. مهما كلفه الثمن من فقدان جبروت رجولته ..
وقف أمام منزلها .. ينتظر , حيث لمحها وقت الظهيره خارجة , لا يمكن ان يكون هذا هو الشرقي ! انتابه شعور بالاندفاع اليها وراح يقطع الشارع دون انتباه للسيارات ! نادى باسمها تكرارا , لكنها لم تأبه له , فاستجمع قواه وأمسك يديها , فقابلته بصفعة تُساوي حجم صفعة اهانة انتظارها له .
ما جذبه فيها , الاصرار في تمثيل دور الرجولة خروجا عن نص المسرحية الانثوية , حتى اعتقلته تماما في حُبِها , ولم ترجع اليه حتى خضع عند قدميها متأسفا , ولا تسألني لماذا ؟.. هذا ما يسمى بالحب الاعمى , وهكذا التحمت العلاقة من جديد , وأصبحت هي السحر الذي انقلب على صاحبه .
قال لها أمام عينيها ذات يوم ..
أعلن رثاء رجال يبحثون في متاهات غبية , وأنا الوحيد من عثر على لوحةٍ اثرية تاريخيه , لم أرغب يوما ان اظهر ضعفي أمام حُب امرأة .. لكن , رضخ قلبي على عرش يديها, اعتصرتني ذراعيها في عناق كنبيذ يُسكب في افخم الكؤوس , وكبريائي بات خلخالا ملتفا بأسفل قدميها ..
وعلى الموعد تسير يديها على زجاج النافذة كحارس مرمى يريد التقاط قُبلة مهاجرة من اواخر عتمة الزقاق .
هي .. قضية لا تصُب إلا في فؤادي أنا، بأدويتها النسائية استطاعت شفاء
رجل من حُمّى النزوات ، لكنها لم تعلم .. أنه كان من يغرق في أمواج
ضحكاتها المتلاطمة على ضفائر قلبه
, ويغوص في أعماق دهاء الانوثه , التي جعلته يريدها بفطنتها بأنوثتها بصوتها وصباها وحتى بديكتاتوريتها في حبه, فقافلة الرجال تسير فقط خلف انثى تُبكيهم , تهينُ كبريائهم , وتعاند أفكارهم وتتمرد عليهم ,فمن يُحب أقل يكون السيد في الحُب , هــي أمًا في الأنوثة ومُديرة في الرجولة
وصارت اغصان يستظل بها , شمسا تدفئ قلبه بأشعة كلماتها ,وعند اللقاء جوري يغرسها في جانب شعرها الأسمر , وتنطلق وعودا من شفاهه لا يتذكر انه رمى بها منذ ثلاثة وعشرين عامًا.
يتبع في الجزء الثاني .....
اضف تعقيب