6 عام على استشهاد القائد خليل ابراهيم الوزير ابوجهاد نائب القائد العام لقوات الثوره
كتب هشام ساق الله –
ملف خاص تم اعداده في نشرة الراصد الالكترونيه اليوميه التي كانت تصدر سابقا عن الشهيد القائد خليل الوزير ابوجهاد في ذكرى استشهاده والتي تصادف بعدي ايام في السادس عشر من نيسان ابريل 1988 .
اغتيال القائد الرمز خليل الوزير “أبو جهاد” نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”،على يد الموساد الإسرائيلي في تونس.
كانت رحلة أبو جهاد مع فلسطين ، رحلة العرق والدم من اللد إلى تونس، رحلة رجل ارتبطت حياته بالثورة، رحلة السفير الأول لفلسطين شعبا وقضية، رحلة أول الرصاص وأول الحجارة، رحلة رجل العاصفة ورجل الانتفاضة.
ولد المناضل خليل إبراهيم محمود الوزير في مدينة الرملة بتاريخ 10/10/1935 . وكرس نفسه للعمل الفلسطيني المسلح ضد المحتل الصهيوني. درس في جامعة الإسكندرية في مصر وانتخب رئيساً لاتحاد طلبة فلسطين فيها، ثم عمل في السعودية والكويت مدرساً حتى عام 1963.
كانت الطريق من غزة إلى تونس طويلة وشاقة مزروعة بالشوك والألغام لكنه سار فوق الشوك الألغام. كانت المحطة الأولى التي تمثل بداية انطلاقة العمل الثوري من غزة التي انطلق منها للقيام بالعمليات العسكرية الأولى، والتي التقى فيها لأول مرة مع الأخ ياسر عرفات “أبو عمار” الذي جاء إلى غزة على رأس وفد رابطة طلاب فلسطين، بتكليف من الرئيس جمال عبد الناصر في أعقاب ضرب المدينة بمدافع المورتر الإسرائيلية.
أما المحطة الثانية فقد كانت الكويت، التي شكلت ساحة للعمل الوظيفي لـ”أبو جهاد”، والمحطة المركزية الأولى في مسيرة حركة التحرير الوطني الفلسطيني- “فتح”، التي بدأت على أرضها النواة الأولى للحركة، وهي النواة التي كانت تشكل الخلية الأولى التي تضم “أبو عمار” و”أبو جهاد” و”أبو أياد” و”عادل عبد الكريم” ويوسف عميره ومحمد شديد. وكانت أهم منجزات هذه المرحلة بناء هيكلية العمل الثوري.
أما المحطة الثالثة فقد كانت الجزائر وفيها تم تأسيس أول مكتب لحركة “فتح” الذي كان بحق أول سفارة لفلسطين، كما كان أبو جهاد أول سفير لفلسطين بالإضافة إلى تدريب الكوادر على حمل السلاح مبادئ الثورة في كلية شرشال العسكرية ومراكز التدريب الأخرى.
وقد قام أبو جهاد وخلال هذه المرحلة بتوطيد العلاقة مع الكثير من حركات التحرر الوطني في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا الموجودة على أرض الجزائر، والمشاركة في كل المهرجانات التضامنية مع هذا الحركات، وإقامة علاقات قوية مع كثير من سفارات الدول العربية والاشتراكية، وخاصة سفارة جمهورية الصين الشعبية التي وجهت الدعوة الرسمية (أول دعوة رسمية) للأخوين أبو عمار أبو جهاد (إول وفد رسمي فلسطيني)، اللذين سافرا إلى الصين باسم الصداقة والنضال الآسيوي الإفريقي، حيث أقامت الصين مهرجانا تضامنيا مع القضية الفلسطينية، أعلنت أنها لم ولن تعترف بإسرائيل لا الأمس ولا اليوم ولا بعد مائة عام، إلا إذا تم تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وقد أرست هذه الزيارة دعائم علاقات متينة مع القيادة الصينية، حتى أن ماوتسي تونغ قال بعد أن أستمع إلى شرح عن القضية الفلسطينية وظروفها وملابساتها:” هل سأعيش حتى أرى هذه الثورة على أرض الواقع ” ووصفها بأنها أصعب ثورة في التاريخ في أصعب مكان في العالم.
أما المحطة الرابعة في مسيرة أبو جهاد والثورة فقد كانت سوريا، لأن الأخ “أبو جهاد” وعند وصول مندوب من منظمة التحرير، لفتح مكتب في الجزائر قال: “لا لمكتبين وممثلين” وسلم مفاتيح المكتب إلى ممثل منظمة التحرير، وسافر إلى سورية ليشرف على قوات “العاصفة” الجناح العسكري لحركة “فتح”.
أما المحطة الخامسة فقد كانت الأردن حيث كان عضوا في القيادة العامة لقوات “العاصفة”، ومسؤول القطاع الغربي (الأرض المحتلة). وقد خطط وقاد في هذه المرحلة أبرز عمليات الثورة، والتصدي لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الكرامة وغور الصافي وغيرها من المعارك بالإضافة إلى اشتراكه في قيادة الثورة في معارك أيلول.
وبعد خروج المقاومة من عمان توجه الأخ “أبو جهاد” إلى جرش عجلون، ومن ثم إلى لبنان التي تشكل المحطة السادسة في مسيرته، وقد كانت أبرز الأعمال التي قام بها، إعادة تنظيم قوات الثورة وقيادة العمليات العسكرية، وإقامة أوسع العلاقات مع الحركة الوطنية اللبنانية وتشكيل القوات المشتركة اللبنانية الفلسطينية، والتصدي للصراع الدامي الذي قام به حزب الكتائب والقوات اللبنانية الانعزالية ضد المقاومة الفلسطينية، والاجتياح الإسرائيلي المتمثل في عملية الليطاني 1978، وعملية سلامة الجليل 1982.
وبعد الخروج من بيروت توجه إلى تونس ليشرف على إعادة تنظيم قوات الثورة المنتشرة على طول الوطن العربي من العراق حتى الجزائر، بالإضافة إلى دوره القيادي في دعم الانتفاضة وتوجيهها، دون أن يشغله ذلك عن العمل العسكري داخل الوطن المحتل، ومن حدود الدول العربية مع فلسطين، حتى أنه كاد أن يصل بإحدى عملياته التي خطط لها ضرب مفاعل “ديمونة” النووي في النقب.
لهذا كله وضعته المخابرات الإسرائيلية على رأس قائمة المطلوبين حتى نجحت في اغتياله في منزله بتونس فرحل “أبو جهاد” جسدا وبقي روحا، وودعته فلسطين والأمة العربية كلها وأحرار شرفاء العالم.
أبو جهاد..استشهد فأشعل الانتفاضة وألهب صدور الملايين
مركز الإعلام والمعلومات الذي كان يديره الاخ المناضل السفير ذياب اللوح
يبدو أن الإسرائيليين لا يتعلمون من التاريخ فهم يعتقدون أنهم باغتيالهم لرمز من الرموز أو قائد من القادة قد انتهوا ولا يعرفون أنهم يخلدون من يغتالون ويجعلون منه نارا تلتهب في صدور الملايين ونورا يضيء طريق المقاتلين…في مثل هذا اليوم قبل ستة عشر عاما اغتال الموساد الإسرائيلي خليل الوزير أبو جهاد مهندس الانتفاضة الأولى في منزله في العاصمة التونسية تونس في عملية خلفت وجعاً وطنياً لا يمكن تخطيه، فاستهداف أبي جهاد لم يكن صدفة… ولا من قبيل التخبط، بل كان عملاً مدروساً بدقة وعناية، له أسباب وأهداف واضحة.
ولولا الزخم الشعبي الكبير الذي عاصر الانتفاضة الكبرى (1987-1993) لاستطاعت إسرائيل فعلاً أن تقتل هذا الحدث بقتل أمير الشهداء الذي كان قد تنبأ به قبل بدايته بسنوات، وعندما ولد احتضنه وأحاطه بالرعاية، واضعاً كل الأمل فيه.
ولكن العملية الإجرامية الإسرائيلية أججت الشارع الفلسطيني ليصبح دم الرمز أبو جهاد وقودا يزيد من لهب الانتفاضة وفي كل أرجاء الوطن، وفي يوم استشهاده حدثت مصادمات ومواجهات مع المحتلين لم يسبق لها مثيل وأسفرت عن سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى.
لقد أرسى القائد أبو جهاد عملا مؤسسيا في النضال، وترك بصماته الواضحة، وخلق جيلا من المناضلين في المجالات العسكرية والنقابية والأمنية والإعلامية، وهذا أدى إلى تواصل فعاليات الانتفاضة الكبرى لسنوات عديدة والى تأسيس نهج مؤسسي نضالي لمتابعة المستجدّات واتخاذ الفعل المناسب للوصول إلى تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية.
نشأته وحياته
ولد القائد خليل إبراهيم محمود الوزير ” أبو جهاد” في 10 تشرين أول عام 1935 في الرملة بفلسطين التي غادرها أثر حرب 1948 إلى غزة مع عائلته.
كرس نفسه للعمل الفلسطيني المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي إنطلاقاً من غزة، وانتخب أميناً عاماً لإتحاد الطلبة وفيها شكل منظمة سرية كانت مسؤولة في عام 1955 عن تفجير خزان كبير للمياه قرب قرية بيت حانون في عام 1956 درس في جامعة الإسكندرية، ثم غادر مصر إلى السعودية للتدريس حيث أقام فيها اقل من عامْ ثم توجه إلى الكويت التي ظل فيها حتى العام 1963.
خلال وجوده في الكويت تعرف على الأخ أبو عمار وشارك معه في تأسيس حركة فتح، وتولى مسؤولية مجلة فلسطينيا التي تحولت إلى منبر لاستقطاب المنظمات الفلسطينية التي كانت متناثرة في العالم العربي
تشرين ثاني 1963 غادر الكويت إلى الجزائر حيث تولى مسؤولية أول مكتب لحركة فتح وحصل من السلطات الجزائرية على إذن بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية في الكلية الحربية في الجزائر وعلى إقامة معسكر تدريب للفلسطينيين المقيمين في الجزائر
أقام أول اتصالات مع البلدان الاشتراكية خلال وجوده في الجزائر، وفي عام 1964 توجه برفقة الأخ أبو عمار إلى الصين التي تعهد قادتها بدعم الثورة فور انطلاق شرارتها، ثم توجه إلى فيتنام الشمالية وكوريا الشمالية1965 غادر الجزائر إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين شارك في حرب 1967 بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الاحتلالي في الجليل الأعلى
كان له دور بارز خلال حرب لبنان وفي تثبيت قواعد الثورة هناك، وبين عامي 76-1982 تولى المسئولية عن القطاع الغربي في حركة فتح الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة عكف الشهيد على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة أدار العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية وكذلك المواجهات انطلاقا من الأراضي اللبنانية وكذلك المواجهات مع قوات العدو وهي التي ساهمت في تعزيز موقع منظمة التحرير الفلسطينية العسكري والسياسي والدبلوماسي
كان له الدور القيادي خلال الغزو الصهيوني للبنان عام 1982 معركة الصمود في بيروت التي استمرت 88 يوماً عام 1982 غادر بيروت مع الأخ أبو عمار إلى تونس1984 توجه إلى عمان ورأس الجانب الفلسطيني وفي اللجنة المشتركة الأردنية-الفلسطينية لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة برز اسمه مجدداً أثر اندلاع الانتفاضة الجماهيرية المتجددة في وطننا المحتل.
وصلت كتيبة الموت التي اغتالت الشهيد أبو جهاد إلى تونس في عام 1988 لاغتيال أبو جهاد ورغم أن الجميع كانوا يجزمون بتورّط “إسرائيل” فيها أنها لم تعلن مسئوليتها عنها، رغم كل الإشارات و الاتهامات الموجهة للموساد بتنفيذ تلك العملية التي كان لها صدى لم ينته وكانت تفاصيل ما حدث كما روته انتصار الوزير أم جهاد، أرملة الشهيد أبو جهاد، و ابنته حنان، معروفاً على نطاق واسع، و يتلخص بتمكّن فرقة من الموساد من الوصول إلى ذلك الحي المهم في العاصمة التونسية الذي يوجد به المنزل الذي يقيم به أبو جهاد، و تمكنه من الدخول إلى المنزل و قتل أبي جهاد أمام ناظري عائلته.
و انتظر العالم تسع سنوات حتى نطقت “إسرائيل”..
ففي عام 1997 كشفت الصحف عن تفاصيل العملية الدقيقة و التي استخدمت فيها الطائرات و الزوارق و قبل ذلك عملاء “إسرائيل”.
صحيفة (معاريف) العبرية في عددها الصادر بتاريخ 4 تموز كانت، أول جهة إسرائيلية تشير صراحة و بالتفصيل لتورط “إسرائيل” في العملية التي أودت بحياة نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية.
قالت معاريف، دون أن يكذبها أحد في تل أبيب، إن من نفّذ العملية وحدات كوماندوز خاصة تابعة لهيئة الأركان “الإسرائيلية”، و هي الأقوى في الجيش “الإسرائيلي”. في منزل أبو جهاد ليلة 15 – 16 نيسان 1988، و تم تنظيم العملية كعملية عسكرية واسعة النطاق.
و تم نقل المشاركين في الاغتيال على متن أربع سفن، من بينها اثنتان نقلت عليهما مروحيتين، لاستخدامهما في حالة الاضطرار لعملية إخلاء طارئة إذا حدث أي خلل أو طارئ غير متوقع.
و كشفت الصحيفة أنه تم إعادة (بناء) فيلا أبو جهاد التي كان يقطن بها في تونس العاصمة بتفاصيلها الدقيقة في “إسرائيل” اعتماداً على عملاء لجهاز الموساد، الذي ساعد رجاله في تدريب الوحدات العسكرية على العملية داخل الفيلا الشبيهة في “إسرائيل”.
و قالت الصحيفة إن إيهود باراك (مساعد رئيس الأركان) وقت تنفيذ العملية، و زعيم حزب العمل عند نشر هذا التقرير في معاريف، هو الذي أعد للعملية و أشرف على عملية الاغتيال من البحر قبالة شواطئ تونس. و هو صاحب سجلّ حافل في عمليات الاغتيال.
و لكنه لم يكن وحده، فمعاريف نشرت صور و أسماء القيادات التي خطّطت و نفّذت تلك العملية و أبرزهم: إسحاق شامير رئيس حكومة الاحتلال وقت ذاك الذي صادق على عملية الاغتيال و بعد تنفيذ العملية بنجاح أرسل برقية تهنئة لمنفّذيها، و كذلك إسحاق رابين و زير الدفاع في حكومة (الوحدة الوطنية) الإسرائيلي الذي أيّد تنفيذ العملية في جلسة المجلس الوزاري المصغر، و آمنون ليبكين شاحاك رئيس الاستخبارات العسكرية الذي وفّر معلومات لازمة لتنفيذ العملية بنجاح، و ناحوم أدموني رئيس جهاز الموساد الذي قدّم أيضاً معلومات دقيقة لإنجاح العملية، و إيل رجونيس ضابط الاستخبارات في دورية هيئة الأركان والذي بدا، كما تقول الصحيفة بجمع معلومات في نهاية عام 1987 بعد تسريحه من الجيش، و دان شومرون رئيس الأركان الاسرائيلي الذي صادق على عملية الاغتيال.
وتكشف الصحيفة، أن “إسرائيل” استعانت بطائرة بوينغ 707 كانت تحلّق قرب الشواطئ التونسية لجمع معلومات و بثها و التنصت على الهواتف التي يستخدمها القادة الفلسطينيون.
و أشارت الصحيفة إلى أنه أثناء الاستعداد لتنفيذ عملية الاغتيال، تمكّنت دوريات بحرية (إسرائيلية) بمساعدة شبكة الموساد في تونس، من التسلل إلى الشواطئ التونسية لتحديد المكان الأكثر أمناً لانطلاق وحدة الكوماندوز التي أوكل إليها مهمة تنفيذ الاغتيال.
و من أهم ما نشرته الصحيفة (تفاصيل) اتخاذ القرار باغتيال أبو جهاد، و ربما يساعد ذلك في فهم (التفكير) الاسرائيلي في مثل هذا النوع من الاغتيالات و الذي طال، هذه المرة، أعلى رتبة عسكرية و سياسية فلسطينية ضمن سلسلة الاغتيالات التي نفّذتها “إسرائيل” .
قالت (معاريف) إنه في 8/3/1988، و بعد انتهاء عملية اختطاف الباص الذي كان يقلّ موظفي مركز الأبحاث النووية في ديمونا، عقد مجلس الوزراء الصهيوني المصغر، و على رأس جدول الأعمال اقتراح قدّمه جهاز الموساد باغتيال أحد أفراد منظمة التحرير الفلسطينية و لكنه هذه المرة كان: أبو جهاد.
و لكن لماذا اتخذ القرار باغتيال أبو جهاد ؟
تقرّ (معاريف) العبرية بأن هناك أسباباً عديدة كانت وراء قرار اغتيال أبو جهاد، و وضعت في المقدمة من هذه الأسباب الدور الرئيس لأبى جهاد في الانتفاضة الفلسطينية الكبرى، و لكن حديثها عن الأسباب الأخرى يكشف بأن قرار اغتيال أبو جهاد لم يكن وليد تلك الظروف المتعلقة بالانتفاضة، فالصحيفة تدرج سبباً رئيساً آخر يتعلق بدور أبو جهاد السابق في العمل المسلح ضد “إسرائيل” خلال سنوات طويلة ماضية
و يسرد الصحافي الايرلندي غوردون طوماس في كتابه (انحطاط الموساد) ما جرى في تلك اللحظات الحرجة “في 16 نيسان 1988 صدر الأمر بالتنفيذ، في تلك الساعة أقلع عدد من طائرات بوينغ 707 التابعة لقوة الجو (الإسرائيلية) من قاعدة عسكرية تقع جنوبي تل أبيب، كانت واحدة تقلّ إسحاق رابين و عدداً من كبار الضباط (الإسرائيليين)، و كانت على اتصال دائم عبر لاسلكي سري بفريق الاغتيال الذي اتخذ أفراده مواقعهم بقيادة عميل اسمه الرمزي سورد، كانت الطائرة الأخرى مكدسة بأدوات المراقبة و التشويش، و كانت طائرتان أخريان تنقلان خزانات الوقود، و على ارتفاع شاهق فوق الفيلا حام أسطول الطائرات في الفضاء و هو يتابع كل حركة على الأرض عبر تردّد لاسلكي، و بعيد منتصف الليل في 16 نيسان سمع الضباط المحمولون جواً أن أبا جهاد قد عاد إلى منزله بسيارة المارسيدس التي كان ياسر عرفات قد قدّمها له كهدية عرسه”.
و يكمل طوماس: “من موقع قرب الفيلا، أعلن سورد عبر ميكروفون يعمل بحركة الشفاه أنه يسمع أبا جهاد و هو يصعد السلالم و يذهب إلى غرفة نومه و يهمس شيئاً لزوجته و يمشي على أطراف أصابعه إلى الغرفة المجاورة لتقبيل ابنه النائم قبل أن يمضي إلى مكتبه في الطبقة الأرضية، كانت طائرة الحرب الإلكترونية، و هي النسخة (الإسرائيلية) لطائرة الرادار الأميركية إيواكس، تلتقط هذه التفاصيل و تحوّلها إلى رابين في طائرة القيادة، و عند الساعة 12:17 صباحاً صدر أمره بالتنفيذ”.
و بعد قرار التنفيذ هذا كان على (سورد)، أن يأمر رجاله بالتنفيذ، فأجهز أحد رجاله على سائق أبو جهاد الذي كان نائماً في سيارة المارسيدس.
ثم تحرّك (سورد) نفسه مع أحد رجاله و فجّرا بوابة الفيلا بمتفجرات بلاستيكية لا تحدث صوتاً، ثم قتلا حارسين فوجئا بالموقف على ما يبدو، و من هناك اندفع (سورد) إلى مكتب أبي جهاد فوجده يشاهد شريط فيديو، و قبل أن ينهض أطلق النار عليه مرتين في صدره، و لم يكتف (سورد) بذلك، فأطلق رصاصتين إضافيتين على جبهته.
وبعد كل تلك السنوات من تنفيذ العملية فقد اعترفت الأوساط الإسرائيلية أن العملية فشلت في هدفها الأساسي و هو إخماد الانتفاضة، بل إن الانتفاضة تصاعدت أكثر فأكثر
فالرصاصات التي أطلقها رجال الكوماندوز الإسرائيلي صحيح أنها أنهت حياة أبو جهاد على الأرض ولكنها أحيته في قلوب ملايين الفلسطينيين.
وكتب في حواشي موسوعة حركة فتح بين المقاومه والاغتيال للاخ اللواء محمود الناطور ابوالطيب معلومات عن الشهيد خليل الوزير اود ان انشرها مع هذه المعلومات التي سبق ان نشرتها في نشرة الراصد الالكترونيه اليوميه التي كنت اصدرها قبل اعوام .
خليل الوزير “أبو جهاد”.. بالتواضع البالغ نقدم موجزا عابرا للون واحد من شخصية هذا الرجل القائد الرمز وكأننا نختصر الحياة والجهاد بكلمات عن أبي جهاد. كان قائدا يمتلك الإمكانيات الكبيرة جدا وله موقع رفيع جدا يجهله الكثيرون حتى ممن عاصروا العمل الفلسطيني فكان الرجل الثاني في الثورة الفلسطينية بكل معنى الكلمة، لكنه الرجل الأول في العمليات التنظيمية والعسكرية، لم ينتظر أبو جهاد انطلاقة حركة فتح في أواخر الخمسينيات لكي يستهل مشواره النضالي، بل بادر بالعمليات العسكرية قبل الانطلاقة، لم ينتظر نشوء التنظيمات، بل تحرك وحيدا وقام بتفجير خزان زوهر قرب بيت حانون عام 1955م، كان تأسيس حركة الكفاح المسلح بهمة (أبو جهاد ومجموعته الشبابية عام 1955م وإذا اعتبرنا أن مجلة فلسطيننا كانت هي الراية الأولى لحركة فتح عام 1959م في سماء بيروت، فإن افتتاح أول مكتب لفلسطين عام 1963م كان الراية الثانية التي ارتفعت في سماء الجزائر التي اعتبرها أبو جهاد الراية التي لازمت عودة الكيان الفلسطيني إلى الحياة بتأسيس حركة فتح. أبو جهاد كان متأثرا بسيرة المقاومة الجزائرية التي قادها الأمير عبد القادر الجزائري، وبعدها عمل أبو جهاد على استلام حركة “فتح” للمكتب واتخذت قيادة حركة “فتح قرارا باستقالة خليل الوزير من عمله وانتقاله إلى الجزائر لتولي مسؤولية أول مكتب رسمي لفلسطين وحركة فتح، وبذلك يكون أول متفرغ في الثورة الفلسطينية يفتتح المكتب يوم 23/9/1963م. كان أبو جهاد قد نجح في العديد من الصداقات مع ممثلي حركات التحرر العالمية. ويذكر ان استضافت الجزائر عام 1964 مؤتمر خصص للبحث في نزع السلاح النووي بمشاركة العديد من قادة وزعماء الدول وكان من بينهم جيفارا على رأس الوفد الكوبي فاستثمر الأخ أبو جهاد هذا المؤتمر لتوطيد العلاقات بينه وبين جيفارا الذي امضى فترة بعد المؤتمر في الجزائر قضاها بصحبة الأخ أبو جهاد حيث تعرف على حركة “فتح” وأهدافها وتطلعاتها، وقد كانت هذه العلاقة فاتحة خير لضمان الدعم الكوبي لحركة فتح.
جميع هذه العلاقات سخرها أبو جهاد من اجل تهيئة المناخ وبناء الأساس الصلب للإعلان عن الكفاح المسلح الفلسطيني وإطلاق الرصاصة الأولى في 1/1/1965م وما تبعها من تصعيد كفاحي، وكان أبو جهاد قد بدأ التحضير لهذه المرحلة في الجزائر حيث الإعداد العسكري والتدريب على السلاح الذي بدأ بشكل فردي ثم بمجموعات صغيرة إلى أن وصلت إلى أول دورة عسكرية كبيرة في صيف عام 1964م وكانت تضم (97 مندوبا) من شباب تنظيم فتح في الجزائر وكان من بينهم عدد من قادة حركة فتح مثل ممدوح صيدم، أبو علي إياد، منهل شديد، وديع عبد اللطيف ومحمود الهمشري، وقد عقدت تلك الدورية في معسكر “بوغار” استمرت لمدة (50 يوما) وقد اشرف أبو جهاد على تخريج الدورة مع القيادة الجزائرية، وبعد تلك الدورة وصلت دورة أخرى من لبنان أرسلها توفيق حوري وتضم علي عباس وزياد الأطرش ثم استمر توافد المرشحين حتى انتظم في الكلية العسكرية في شرشال (20 مندوبا) من أبناء تنظيم حركة فتح منهم إلى جانب علي عباس وزياد الأطرش، كل من فوزي أبو سكرانة ومحمود عرسان واحمد عمر وافي ومنهل شديد واستمرت الدورة لمدة عام كامل، وقد قام الرئيس الجزائري هواري بومدين عام 1966 بتخريج أول دفعة من الضباط الفلسطينيين. يقول أبو جهاد أن قوات العاصفة دشنت انطلاقتها الثانية بعد عام 1967 بعملية فدائية ضد دورية لجيش الاحتلال في مدينة غزة يوم 28/8/1967، وقد تزامن تاريخ تنفيذ هذه العملية مع انعقاد مؤتمر القمة العربية في السودان في رسالة من حركة فتح إلى القمة. في عام 1970 كان أبو جهاد أحد قادة الدفاع عن الثورة الفلسطينية التي تعرضت لها في الأردن، وبعد الانتقال الفدائي إلى لبنان كان للأخ أبو جهاد دور بارز في تثبيت قواعد الثورة هناك والتصدي لمحاولات القوى الانعزالية التي كانت تستهدف الوجود الفلسطيني في الجنوب اللبناني وبيروت والشمال. وللفترة من 1973 عاد أبو جهاد للإشراف على قطاع الغربي بعد استشهاد كمال عدوان عام 1973، ان القطاع الغربي هو تجربة متميزة حرص خلالها أبو جهاد على ممارسة قناعاته وأنه كان يكرس كل إمكانياته الأخرى لذلك القطاع ومنذ تسلم أبو جهاد القطاع الغربي عام 1969 عمل على تأسيس القواعد في الضفة وغزة أما بالجنوب اللبناني عكف أبو جهاد على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة واشرف شخصيا على إدارة العمليات ضد العدو الصهيوني من الأراضي اللبنانية.
كان هو العقل المدبر والموجه للانتفاضة وشكل القيادة الموحدة بعد أيام من اندلاعها وصدر أول بيان يحمل اسم القيادة الوطنية الموحدة لتصعيد الانتفاضة يوم 9/1/1988 بدأ أبطال الانتفاضة يتحركون طبقا لبرنامج أبو جهاد الذي تألف من (10 نقاط) حدد فيها مهام الانتفاضة وواجباتها على الصعيدين التنظيمي والسياسي قال: “ان الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد، أبو جهاد كان يقول دائما كونوا يساريين تبع موسكو أو بكين أو يمينيين تبع السعودية أو حتى الكويت لكن أنا سوف أبقى متوجها دائما إلى فلسطين ولا عمل لي إلا داخل الأرض المحتلة على تراب فلسطين، كان صاحب دعوة الجميع للوحدة باتجاه فلسطين مع وجود كل التباينات والتناقضات الفكرية، لم يكن يقف ضد أي فكر يساري أو يميني، كان دائما مع البندقية الفلسطينية الموجهة للصهاينة فوق أرض فلسطين، لا صوت يعلو على صوت الانتفاضة، ومصير الاحتلال يتقرر في فلسطين المحتلة نفسها وليس على طاولة المفاوضات.
وفي 16/4/1988 اغتال العدو الإسرائيلي أبو جهاد في العاصمة التونسية، وهو يحمل وسام الانتفاضة ومهندسها واستحق لقب (أمير الشهداء). وليس غريبا أن يتنبه مناضل أممي مثل الجنرال ” جياب” لدور أبو جهاد وأهميته التاريخية، فنراه يذهب على رأس القيادة العسكرية للثورة الفيتنامية إلى مقر (م.ت.ف) في هانوي ليؤدي بكل تواضع القادة الكبار تحية العسكرية لأبو جهاد، وليكتب في سجل التعازي ما نصه:” قدم الرفيق أبو جهاد دائما الدعم النشيط للشعب الفيتنامي وأكن له المشاعر الأخوية الحميمة.. لقد ترك لي الرفيق أبو جهاد الذكريات العميقة. لقد كان قائدا عبقريا خلاقا وله ثقة كبيرة بالانتصار النهائي للثورة الفلسطينية”، فاستشهد القائد البارز الذي يعتبر بشهادة إخوانه جميعهم بمن فيهم رفيق دربه الطويل أبو عمار بمثابة القابلة التي ولدت على يديها الثورة الفلسطينية المعاصرة.
وسنقوم بنشر الروايه الرسميه التي وردت في كتاب حركة فتح بين المقاومه والاغتيالات للاخ اللواء محمود الناطور ابوالطيب على اربع حلقات سيتم نشرها تباعا بمناسبة مرور 24 عام على استشهاد القائد خليل الوزير ابوجهاد .
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب