- يوم ميلاد درويش يتحول الى مناسبة للاحتفال بالثقافة الوطنية الفلسطينية والإنسانية.
- مدينة الناصرة تحتفل بذكرى ال - 73 سنة لميلاد درويش.
- احتفالية فنية ضخمة لعشرات الفنانين من تشكيليين ومسرحيين وراقصين وموسيقيين في مركز محمود درويش الثقافي البلدي في الناصرة.
- " هزمتك يا موت الفنون جميعها" الرسالة الفنية للأجيال القادمة
--------------------------------------------------------------------------
لمراسلنا الفني الخاص
"هنا ولدت من ارضي ومن لغتي"
اقامت بلدية الناصرة ودائرة الثقافة الرياضة والشباب ومركز محمود درويش الثقافي البلدي الاسبوع الماضي احتفالا ضخما ومتميّزا بمناسبة الذكرى ال- 73 لميلاد الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش، بمشاركة أكثر من 40 فنانا شاركوا في الفعاليات المتنوعة التي شكلت هذا الحدث الفني الضخم، وبحضور رئيس بلدية الناصرة، السيد علي سلام ومساعده السيد سالم شرارة، إضافة إلى نائب رئيس البلدية السيد عوني بنا، إضافة إلى عدد كبير من الشخصيات الاجتماعية والثقافية والفنية والأهلية، وشقيق الشاعر المربي والكاتب احمد درويش وعائلته.
وكانت وزارة الثقافة الفلسطينية قد اتخذت من يوم ميلاده يوما\ مناسبا للاحتفال بالثقافة الوطنية الفلسطينية، ولذا جاء الاحتفال بعنوان هنا ولدت من ارضي ومن لغتي" تأكيدا على هويتنا الثقافية والسياسية الوطنية، فنحن أبناء هذا الوطن, وجميعنا ولد هنا , على هذه الأرض ونتحدث ذات اللغة , وجميعها توّحدنا وتعزز قوّتنا ووجودنا عليها .
تعزيز الهوية الوطنية والانتماء
معزوفة قصيرة للفنان خضر شاما اعلنت عن افتتاح الأمسية المركزية، تلاه مدير دائرة المراكز الجماهيرية السيد محمود نصار الذي رحب بالحضور الغفير، وتوقف عند العمل الجماعي والمشاريع الخاصة بدائرة الثقافة الرياضة والشباب. ومن ثم تلاه العريفتان لبنى دانيال ومها زحالقة مصالحة، اللتان أدارتا دفة هذه الامسية بصورة ممتازة من خلال مداخلات شعرية ونثرية بنور كلام درويش.
وقام رئيس البلدية السيد علي سلام بافتتاح الأمسية مستهلا حديثه عن ضرورة إحياء ذكرى الشاعر، اذ كانت الناصرة سباقة في التكريم، وستبقى بلدية الناصرة تكرم المبدعين والأوفياء لهذا الوطن العزيز, ثم أكمل وتحدث عن ظاهرة درويش الذي اكد من خلال انتاجه على الهوية والانتماء للوطن.
بعد ذلك جرى تكريم لشقيق الشاعر - احمد درويش , وأهداه رئيس بلدية الناصرة – الهدية التذكارية التي وقعت عليها شخصيات رسمية وبلدية واهلية، تقديرا منهم لنتاج الراحل الخالد والذي ترجمت كتبه الى كل لغات العالم.
المربي والكاتب احمد درويش قام بدوره بشكر ادارة البلدية التي قامت بهذه الاحتفالية، والتي حسب ما قال " من أجمل الأمسيات الفنية التي أقيمت بالفترة الأخيرة، تنظيما وتنفيذا ".
وللمعلومة فان الأمسية تركبت من قسمين الأول معرض " نرسم درويش " والجزء الثاني " معا نغني له , ومعا نستذكره " , نستذكر أشعاره وأفكاره، ونعّبر عنها من خلال أنواع الفنون المختلفة , فجاءت أمسية فنية متنوعة وغنية بالأفكار الفني
عرافة ثنائية، حوارية العرافة والتقديم.
كانت العرافة دينامو الأمسية، كلتاهما حركتا المشاعر ليس اقل من الفنانين اذ استخدمتا صور شعرية وتعابير درويشية اذ كان عليهن تحضير وظائفهم بتفان ، وهو ما اتقنتاه العريفتان، الشاعرة المتالقة لبنى دانيال من الناصرة، والناشطة الثقافية مها زحالقة مصالحة من كفر قرع.
وكلتاهما اثبتا ان العرافة موضوع هام في نجّاح الامسيات وليست المسالة فقط تقديم الفنان" زيد" او الاديب "عمر" انما هي روح ونفس الموضوع، وبهذه الحالة، عالم درويش الشعري، وقد تحاورتا فيما بينهن تارة وتارة اخرى مع الجمهور الكبير الذي حضر الأمسية. وقد تفاعل الجمهور بشكل خاص، وبقي في القاعة لأكثر من ساعتين من الزمن، دون ان يتململ او يتذمر، وعبر عن رضاه عن التقديم بتحية منه لهن خلال البرنامج أيضا، حيث تألقت لبنى بإلقائها لأشعار درويش، بشكل انسيابي وحميم , نابع من تقدير كبير للشاعر كونها هي ايضا شاعرة وتعطي للشعر حقه. اما مها فكانت بكامل " مشمشها " بفستانها التراثي الفلسطيني والمطرز وحضورها وصوتها القوي والمعّبر وتقديمها لقطعة نثرية شملت اسماء اشهر القصائد والمؤلفات الدرويشية.
نرسم محمود درويش نرسم الحياة.
فكرة مشروع ذكرى محمود درويش الثقافي – تحت عنوان نرسم محمود درويش، فعالم واشعار درويش انما هي حياة فلسطين كاملة، ويمكن التعبير عنها من خلال الفن التشكيلي بشكل خاص، وهي فكرة رائدة وسوف نسعى لتكرار التجربة في السنة القادمة في ذكرى ميلاده ، وهو مشروع جديد ضمن مشاريع جديدة تخطط لها دائرة المراكز الجماهيرية في بلدية الناصرة، وهو ما اعلن عنه مدير الدائرة السيد محمود نصار في كلمته التي افتتحت الامسية الاحتفالية المركزية.
هذا وقد افتتحت المعرض مرّكزة النشاطات في مركز محمود درويش الآنسة عريب زعبي التي أشارت الى الحدث كنوع من التظاهره الفنية اذ استوعبت الأمسية كل هذه الأحداث والمشاركين، وبهذه المناسبة قام رئيس بلدية الناصرة بتكريم الفنان طارق شريف والذي بذل جهود كبيرة من طرفه لإنجاح مشروع الرسم.
واخيرا فقد تجاوب مع الفكرة " نرسم محمود درويش" العشرات من الفنانين التشكيليين منهم وليد ايوب من رام الله، وميسون باكير المقيمة في فيينا. والخطاطين: منهم سعيد النهري وكميل ضو وكلاهما صاحبا مدرسة في الخط العربي فاحدهم كلاسيكي ومتقّيد بانواع الخطوط، واخر حر اكثر. وكلاهما ينسجان الخط مع خيال وتشكيل جميل جدا, اضافة الى محمد كلش والذي يخط كلماته بتقنية " الفيتراج " والحفر على الخشب والقشرة والفسيفساء وجميعها تتطلب مهارة فنية عالية .
ومن المشاركات الاخريات التي اشرف على ارشادهم الفنان طارق شريف , شاركت سيدات من دورة مركز محمود درويش الثقافي وهن : سجود طه، بديعة باشا، غادة صفدي، حنان ميلاد، ليزا صالح، بثينة قبطي، كاملة ناطور، جانيت بشارة، مرجريت ماهلي، منتهى دبية، اسيا صالح، هديل مصالحة، نهاية ستيتي ولينا زعبي.
كما وشاركن ايضا طالبات كلية الناصرة للفنون وهن: سكينة مروات، اماني طباش، مرح حبيب الله، حنين حجيرات، نداء اغبارية، سينا محاميد وانشراح صقر .
وبهذا ياخد المعرض طابعا شموليا وجامعا لعدد كبير من الفنانات التشكيليات من جميع مناطق البلاد ,وهو ما اراده المنظمون للاحتفالية , باعتبار محمود درويش كنز ادبي وثقافي لجميع ابناء الوطن .
" هزمتك يا موت الفنون جميعها".
مقولة جدا هامة ماخوذة من جدارية درويش، وقد اعتمدها مركز محمود درويش الثقافي لكي تعنوّن الهدية التذكارية التي وزعت للجمهور الكبير الذي حضر للاحتفال بالذكرى الـ 73 لميلاد الشاعر الكبير محمود درويش. وكما قال المخرج المسرحي فؤاد عوض مدير مركز محمود درويش الثقافي، وصاحب فكرة الاحتفالية الفنية ألضخمة " هذه المقولة مهمة جدا لجمهور الفنانين فهي تعطيهم الثقة بالنفس وثقة بدور الفن الخالد والذي لا يزال يحارب ويهزم الموت كل لحظة، وهي انما تذكرنا بالحياة حياة الفنان الذي يقاوم الفناء والموت ".
واضاف عوض اردنا من وراء اختيارنا لهذه المقولة ان نقدم هدية تذكارية للجمهور الكبير الذي شاركنا الاحتفال , حيث قامت العديد من الشخصيات الرسمية بالتوقيع على هذه الهدية التذكارية، وعلى راسهم رئيس بلدية الناصرة السيد علي سلام، اضافة الى شخصيات ادبية وفنية وجماهيرية واهلية وشخصيات اجتماعية، اضافة الى توقيع شقيق درويش، المربي والكاتب احمد درويش وعائلته وحفيداته، ولسان حال الموقعين: اننا على العهد، نحن مع هذه الفكرة وسنواصل العمل لتكرار التجربة للعام القادم ونقل رسالة درويش الخالدة الى الاجيال الشبابية القادمة.
معا نغني له وعنه ومعا نستذكره
شارك اكثر من عشرين فنانا في هذه الاحتفالية، تحت عنوان "معا نغني له وعنه ومعا نستذكره" بحضور جمهور غفير في قاعة مركز محمود درويش الثقافي، وجميع هؤلاء الفنانين انما ارادو التعبير عما في داخلهم من تأثر وإعجاب بأدب وشعر درويش الخالد، كل في مجاله الفني المتميّز. ولم يغلق الباب امام اي نوع من أنواع الفنون، فقد شارك الفنانين التشكيليين في معرضهم تحت عنوان، " نرسم درويش وعالمه الشعري".
اضافة الى عرض مقاطع فيديو من مسرحية ذاكرة للنسيان للمخرج والفنان الفلسطيني الراحل فرانسوا ابو سالم، إضافة إلى عرض فيديو لفيلم كما قال الشاعر لنصري حجّاج، وهو فيلم مؤثر وقوي حيث يحضر عالم درويش من خلال كوكبة من الأدباء منهم "جوزيه ساراماغو".
وقد تزامن عرض الفيلم الفيديو مع توقيع الجمهور العام على الهدية التذكارية، وصوت درويش يصدح بقصيدة "في ظل الكلام" مع موسيقى " تريو جبران" الرائعة والمتميّزة والتي نقلت عالم درويش الشعري.
وتحت شعار معا نغني له، غنت له الفنانة رلى ميلاد عازر، وعزف لحنا خاصا الفنان خضر شاما من وحي قصيدة "انتظرها"، اهداه للشاعر الراحل.
وقرا له من شعره ثلاثة من الفنانين، اولهم الفنانة سامية قزموز بكري، تلاها الفنانة نغم بصول، والسيدة عبير شاهين خطيب اضافة الى الطالبة جونا عفيفي، وهي اصغر المشاركات سنا. واخيرا الفنان هشام سليمان، انطلاقا من فكرة حمل رسالة الشعر، لأربعة أجيال عملا برسالة درويش اذ انه مناسب لكل الأجيال.
وقد برز من بين المشاركين الفنان سعيد سلامة فنان البانتوميم الرائد في المجتمع الفلسطيني، ونقل لنا من خلال الحركة- حركة الجسد عالم لاعب النرد باتقان جميل ومتميز أعاد له الجمهور بتحية اجمل منها.
وكان للتمثيل نصيب ايضا اذ قام الفنان عماد جبارين بتقديم مقطع مونودراما من ذاكرة للنسيان، وهي من اوائل الاعمال المسرحية التي تناولت انتاج درويش النثري.
وأخيرا قدم فريق العمل الشاب، مقاطع من الإنتاج الجديد "حصار" وهو من وحي قصيدة درويش "حالة حصار" التي اعدها وأخرجها الفنان وسيم خير بمشاركة كوكبة من الممثلين الشباب وبمرافقة صوتية للفنانة رلى ميلاد عازر، وعاازف البزق الياس غرزوزي، اضافة الى الفنانات والراقصات: ماريا حلو، اسيل ابو وردة، نور زعبي، وسيّرت فاخوري، حسين حرفاني، ملاك عمار، إضافة إلى وسيم خير.
وفي الختام: لا بد من الإشادة بدور عريفتا الحفل لبنى دانيال، ومها زحالقة مصالحة، اللواتي نقلن هن ايضا عالم وروح درويش الشعرية.
وحول سؤال ما اذا كانت ادارة دائرة الثقافة الرياضة والشباب على استعداد الاستثمار في مثل هذه الاحتفالية في السنة القادمة، جاء الجواب : ما من شك ان نجاح تنظيم وانتاج الامسية اثبت ان لا حدود للابداع الثقافي والفني , فدرويش وادبه خزانة ملئى بالمواضيع التي لم تنكشف بعد للفنانين وللجمهور العام , وهذان طرفا المعادلة الفنيّة , ولذا سنبقى نغني له وعنه , ونغني لذاتنا لثقافتنا الانسانية ولانتمائنا الوطني .
اضف تعقيب