كشفت دراسة اميركية حديثة ان " الدعم القوي الذي تحظى به إسرائيل داخل الكونجرس الاميركي وفر لها مساعدات ومنافع أكثر من أية دولة أخرى في العالم تتلقى مساعدات أميركية "، حيث تحظى إسرائيل بأكثر من نصف المساعدات الخارجية الأميركية بشكل عام.
واوضحت الدراسة ان المساعدات الأميركية لإسرائيل تتمثل في مجملها "بمساعدات عسكرية انطلاقاً من علاقة الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، وبما يضمن التفوق النوعي الدائم لإسرائيل على جميع جيوش الدول المجاورة "، مشيرة الى ان مجموع ما تلقته إسرائيل من مساعدات اميركية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بلغ 121 مليار دولار.
وصدرت هذه الدراسة عن "خدمة أبحاث الكونجرس" الأميركي في منتصف شهر نيسان الجاري (2014) تحت عنوان "المساعدات الخارجية الأميركية لإسرائيل"، وهي من اعداد الخبير المتخصص بهذا الشأن جيريمي شارم.
وركزت الدراسة على المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل والتي تستحوذ تقريباً على مجمل المساعدات الأميركية، غير انها تطرقت ايضا "إلى المساعدات الاقتصادية التي تتلقاها اسرائيل على شكل ضمانات قروض ومساعدات للمهاجرين إلى إسرائيل واللاجئين إليها، اضافة إلى المساعدات والمعونات في مجال البحوث العلمية ومجال الطاقة".
وجاء في الدراسة "ان إسرائيل تستطيع استخدام بعض المساعدات الاميركية في البحث والتطوير داخل الولايات المتحدة ومن أجل شراء أسلحة من مصانع السلاح الإسرائيلية، الى جانب استخدام المساعدات النقدية المقدمة لها لصالح تمويل مشترياتها العسكرية من الولايات المتحدة ".
واكدت الدراسة أن إسرائيل تتمتع بمنزلة لا تحظى بها أية دولة أخرى من تلك التي تتلقى مساعدات أميركية " فنظراً للدعم القوي الذي تحظي به داخل الكونجرس فان اسرائيل تستطيع الحصول على كامل المساعدات الأميركية خلال الثلاثين يوماً الأولى من بدء الميزانية السنوية الأميركية، بينما تحصل الدول الأخرى على المساعدات التي تتلقاها من الولايات المتحدة بالتقسيط "، كما جاء في الدراسة.
ورغم المنزلة والمعاملة الخاصة التي تحظى بها إسرائيل، الا ان الدراسة أشارت إلى "ان إدارات أميركية متعاقبة لم توافق على بعض السياسات الإسرائيلية، ومنها بناء المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل أن تنسحب إسرائيل منه عام 2005 "، موضحة ان عدم إقرار الإدارات الأميركية المتعاقبة لتلك السياسة لم تؤثر على المساعدات الأميركية لإسرائيل وعلاقاتها مع الولايات المتحدة " لأن الكثير من المسؤولين في الادارات الأميركية وأعضاء الكونجرس يعتبرون إسرائيل شريكاً حيوياً للولايات المتحدة في المنطقة، وأن المساعدات الأميركية تعكس هذه القناعة لديهم".
وعندما برز خلاف بين واشنطن وتل ابيب بخصوص موضوع الاستيطان في الاراضي الفلسطينية ، حاول بعض المسؤولين الاميركيين استخدام ورقة المساعدات الاميركية المقدمة لاسرائيل كورقة للضغط عبر القول أن الولايات المتحدة قدمت حتى الآن (آنذاك) 90 مليار دولار كمساعدات لإسرائيل منذ إنشائها ، غير ان رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق آرييل شارون الذي كان يشغل حقيبة الاسكان انذاك رد عليهم قائلاً: " أن إسرائيل قدمت للولايات المتحدة خدمات ووفرت لها مصالح تفوق أضعاف أضعاف ما قدمته الولايات المتحدة من مساعدات ".
كما تطرقت الدراسة الى مواقف بعض المعارضين لتقديم تلك المساعدات الذين يبررون معارضتهم بالقول "أن المساعدات التي تقدمها اميركا لإسرائيل لدعم مشترياتها من الأسلحة لا تضمن مراجعة وتدقيقاً للأعمال العسكرية الإسرائيلية المثيرة للجدل التي تتعارض مع القوانين والمواثيق الدولية، وتحديداً معاملتها للفلسطينيين".
وأشارت الدراسة إلى أن هناك فريقين في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمساعدات لإسرائيل، فريق مؤيد وهو الأغلب، وفريق معارض لتلك المساعدات.
وحظيت المساعدات العسكرية بالمساحة الاكبر ضمن هذه الدراسة التي قالت "ان الهدف من تقديم من هذه المساعدات هو ضمان استمرار تفوق إسرائيل النوعي عسكرياً على جيوش جميع دول الجوار في المنطقة".
وجاء في الدراسة " ان معظم المساعدات الأميركية لإسرائيل في الوقت الراهن هي مساعدات عسكرية وأن هذه المساعدات جعلت القوات الإسرائيلية واحدة من القوات العسكرية المتقدمة تكنولوجياً بشكل عالٍ على مستوى العالم"، مشيرة الى ان هذه المساعدات (العسكرية) مصممة لضمان الحفاظ على تقدم إسرائيل العسكري نوعياً على جميع جيرانها و"ان هذه المساعدات مكنت إسرائيل أيضاً من بناء صناعة عسكرية محلية تحتل الآن موقعاً مهما في قائمة أكبر عشرة مزودين للسلاح في العالم".
وفي سردها المفصل للمساعدات العسكرية المقدمة لاسرائيل، تطرقت الدراسة إلى اتفاقية السنوات العشر التي تشمل تقديم مساعدة أميركية عسكرية لإسرائيل حيث جاء في الدراسة "إن إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش (الابن) وقعت مع الحكومة الإسرائيلية عام 2007 اتفاقية تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل بموجبها 30 مليار دولار مساعدة عسكرية خلال الفترة بين ميزانية عام 2009 وميزانية 2018".
وتسمح هذه الاتفاقية لإسرائيل بأن "تستخدم 26.3% من المساعدة الأميركية في تصنيع التجهيزات والمعدات العسكرية وتعزيز وتطوير صناعتها العسكرية ، اضافة إلى ضمان استمرار تفوقها النوعي العسكري على جميع جيرانها".
وأشارت الدراسة الى ان التمويل العسكري الأميركي لإسرائيل، كما طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما في ميزانية عام 2015، يفوق 55% من مجمل التمويل العسكري الأميركي الخارجي (للدول الأخرى) وأن هذا الدعم المقدم لإسرائيل يمثل ما بين 23% إلى 25% من مجمل ميزانية الدفاع الإسرائيلية.
يذكر ان هذا الاتفاق يسمح لإسرائيل باستخدام جزء من هذا التمويل (المساعدات)في شراء أسلحة من شركات محلية إسرائيلية لتصنيع السلاح، وهي ميزة لا تتمتع بها أي دولة أخرى في العالم من تلك التي تتلقى مساعدة عسكرية من الولايات المتحدة.
وأشارت الدراسة الى ان هذه الميزة تحظى بدعم الكونجرس والإدارات الأميركية المتعاقبة، لأن "صناعة عسكرية محلية إسرائيلية وقوية تعتبر أمرا حيويا لضمان تفوق إسرائيل النوعي عسكرياً ". كما أن هذه الميزة أيضاً "جعلت من إسرائيل مصدراً رئيسياً للسلاح حتى للجيش الأميركي نفسه الذي أصبح يستخدم أسلحة من صناعة إسرائيل".
وبفضل هذه المنزلة التي تحظى بها إسرائيل لدى الولايات المتحدة، تطرقت الدراسة الى إعلان الولايات المتحدة وإسرائيل عام 2010 بشأن قرار إسرائيل شراء 19 طائرة من طراز (F-35) المقاتلة بمبلغ 2.75 مليار دولار، مشيرة الى أن إسرائيل ستدفع هذا المبلغ بالكامل من ضمانات التمويل العسكري الذي توفره الولايات المتحدة لها.
وذكرت الدراسة ان اسرائيل ربما تشتري في المستقبل المزيد من هذه الطائرات (F-35) ليصل العدد الكلي الى 75 طائرة بقيمة 15.2 مليار دولار.
وفي اطار صفقة طائرات (F-35) كما جاء في الدراسة، فإن الولايات المتحدة وافقت على شراء أسلحة إسرائيلية بقيمة 4 مليارات دولار.
وذكرت الدراسة أن شركة (Elbit Systems) الإسرائيلية للصناعة العسكرية وشريكتها الاميركية (روكويل كولنير) حصلتا عام 2013 على عقد لتصنيع الخوذة التي يستخدمها جميع طياري طائرات (F-35).
واوضحت الدراسة أن طائرة (F-35) هي آخر ما توصلت إليه صناعة الطائرات الحربية الأميركية وهي تعد الطائرة الاهم على الإطلاق من حيث التقدم التكنولوجي في أجهزتها.
كما تناولت الدراسة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لاسرائيل من اجل تصميم وتطوير برامج ونظم صواريخ دفاعية مشتركة، وذلك لضمان التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي وتمكينها من مواجهة التهديد الذي تشكله إيران وسوريا بما لديهما من صواريخ بلاستية.
وتطرقت الدراسة إلى مخزونات الأسلحة الأميركية الموجودة في إسرائيل لمواجهة حالات الطوارئ.
واستعرضت الشروط والقيود التي تضعها الولايات المتحدة على إسرائيل بشأن استخدامها للأسلحة الأميركية التي تحصل عليها ضمن المساعدات العسكرية وغيرها، وحصرت استخدامها لأغراض "الدفاع المشروع عن النفس"، غير ان الدراسة لم تتطرق إلى تجاهل إسرائيل لهذه القيود والشروط.
ولم يؤثر "الخلاف" الذي كان يظهر احيانا بين الطرفين في هذا الخصوص على استمرار تدفق المساعدات الأميركية لإسرائيل عسكرياً واقتصادياً.
وبشأن تصدير إسرائيل لصناعاتها العسكرية لطرف ثالث، وهي صناعة استخدمت فيها الأموال والتكنولوجيا الأميركية ، قالت الدراسة " أن إسرائيل أصبحت مصدراً عالمياً للصناعات الحربية "، مشيرة الى وقوع خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب نقل وتصدير اسلحة وتكنولوجيا عسكرية أميركية إلى دولة ثالثة، وبشكل محدد إلى الصين.
وقالت الدراسة أن الولايات المتحدة نجحت في تطبيق القيود التي تفرضها على إسرائيل في هذا الخصوص، حيث أوقفت كل مبيعات الأسلحة الإسرائيلية تقريباً إلى الصين.
وخصصت الدراسة جزءاً لضمانات القروض ليس في المجال العسكري فحسب، وإنما في المجال الاقتصادي والبحث العلمي والطبي والتعليمي، والتعاون في مجال الطاقة، وأوردت الدراسة بالأرقام ما قدمته الولايات المتحدة من مساعدات في تلك المجالات التي شملت أيضا مساعدة المهاجرين اليهود الجدد إلى إسرائيل.
وتجاهلت هذه الدراسة حقيقة أن المساعدات الأميركية للمهاجرين إلى إسرائيل، ذهبت خصوصاً للقادمين من روسيا و(الاتحاد السوفيتي سابقاً) الذين جرى توطينهم في المستوطنات التي بنتها وتواصل إسرائيل بنائها على اراضي الضفة الغربية.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب