اقرأ الفضيحة.. اقرأ الكارثة".. لم تعد تلك الكلمات مقصورة على بائعى الصحف ومجلات الحوادث فى القطارات، بل اتخذت منها الحكومة المصرية منهجًا، فحولت المقاومة ضد الأعداء والمحتلين إلى جرائم حرب يمكن الاستعانة بها فى تصفية خصومات سياسية. إنها حرب الوثائق بين الحكومة والإخوان، كثيرون يعتبرون أنها ليست فريدة من نوعها، وأن مصر ليست الأولى فى إطار استخدامها، ولكن هذه المرة تختلف، لأنها كشفت عن مقاومة الإخوان للاحتلال الإنجليزى فى نظر بريطانيا والاتحاد الأوروبى جريمة ارتكبتها الجماعة منذ مئات السنين، فأصبحت بذلك الجماعة مدانة ومحاصرة بقرارات قد تشفى صدور قوم مؤمنين.
بداية القصة
انتشرت دعوة الإخوان فى كل ربوع مصر، وكان لها رواجًا وقبولاً واسعًا فى زمن مؤسسها حسن البنا، وكان أصعب مؤسستين تصل إليهما الدعوة، هما الشرطة والجيش، خاصة ضباط الجيش لحساسية موقفهما، ولكن كان للإخوان رجلان استطاعا نشر الدعوة بين صفوف الشرطة والجيش، فأولهما هو الضابط صلاح شادي، صاحب كتاب "حصاد العمر"، الذى قام بنشر الدعوة بين ضباط البوليس، لأنه كان يترأس قسم الوحدات، أما الجيش فله حكاية أخرى. كان الصاغ، الرائد، محمود لبيب هو سنّارة الإخوان داخل الجيش، وقد كان له دور مشرف وكبير فى مقاومة الإنجليز والإيطاليين، وكان شريكًا لعزير المصرى وصالح حرب، وله مؤلف ذكر فيه الدور الكفاحى فى ذلك سماه "حماة السلوم"، ورغم كبر رتبته إلا أنه كان معروفًا بين الإخوان برتبة "الصاغ" أى الرائد، لأنه خرج من الجيش وهو على هذه الرتبة، كما أنه رغم شيخوخته كان يتمتع بروح الشباب، حيث كان يرتدى قميصًا بنصف كم، ولم يضع رباطًا حول عنقه فى صيف ولا شتاء. واستطاع لبيب أن يجتذب بعض الضباط إلى صفه كان أكبرهم رتبة (عبد المنعم عبد الرءوف، وجمال عبد الناصر، وأبو المكارم عبد الحى، وكمال الدين حسين). ونظرًا لحساسية موقف الضباط، فقد قرر عدم حضورهم داخل شعب الإخوان العامة، حتى لا يكونوا عرضة للمحاكمات العسكرية، والفصل والقوانين التى تجرّم الدخول فى العمل السياسي. وقد خصص الشيخ سيد سابق ليقوم لهم بدور تثقيفى تعويضًا لهم عن عدم حضورهم فى المحاضرات العامة، فكتب لهم مجموعة مذكرات ودروس فى الفقه الإسلامى، نقحت بعد ذلك وعرفت بالكتاب الشهير فى المكتبة الإسلامية بـ"فقه السنة". وعند اشتعال حرب 48 وحصار قوة الفالوجا التى كان فيها جمال عبد الناصر والكتيبة 13 مشاة، استطاع جمال عبد الناصر أن يستميل بعض العناصر الساخطة فى الحصار، وعقب العودة نما إلى رئيس الحكومة إبراهيم عبد الهادى ما قام به عبد الناصر، فتوعده أنه لو عاد إلى نشاطه مرة أخرى فسوف يشرده ويشرد أولاده، فحلف عبد الناصر أن ما بلغ الباشا ليس صحيحًا. وفى الحقيقة أن عبد الناصر أبدى استياء من طبيعة البرنامج الإخوانى، وكان على رأيه كمال الدين حسين، فيما كان عبد المنعم عبد الرءوف وأبو المكارم عبد الحى على خلافهما.
السادات والبنا
لم يكن السادات يومًا من الإخوان، ولكنه حينما اتهم فى قضية اغتيال أمين عثمان، وأوقف من عمله بالجيش وأوقف صرف مرتبه، كان البنا يرسل قيمة مرتبه إلى أسرته، رغم قلة ذات يد الإخوان فى ذلك الوقت، وعندما سئل البنا عن ذلك قال إن السادات من العناصر الوطنية، وأخشى إن لم نفعل ذلك أن نؤكد أن العناصر الوطنية لا ظهر لها فتضيع بذلك. كما قامت الزوجة الأولى لعبد المنعم عبد الرءوف ببيع مصاغها، وقام عبد المنعم بإعطاء قيمته لأنور.
دور ضباط الإخوان فى إخراج الملك فاروق
أوحى الفريق عزيز باشا المصرى بفكرة خلع الملك، حيث قام بإبلاغ عبد المنعم عبدالرءوف بضرورة إبلاغ جمال عبد الناصر أن الملك إذا عاد من الإسكندرية إلى القاهرة سيعود ولاء الجيش له، وأنه سيشنقهم فى الطرقات. فطلب عبدالناصر من عبدالرءوف أن يقود أكبر قوة من القاهرة إلى الإسكندرية، لخلع الملك دون وقوع اشتباكات، ولكن عبد المنعم رفض رأى عبد الناصر، وأن الأمر إذا احتاج إلى القوة فسوف نستخدمها لإرغام الملك على التنازل. ووافق عبدالناصر بعد اجتماعه بالمجلس على طلب عبدالرءوف، وتم إرساله فى قوة يرأسها أحمد شوقى، وذهب محمد نجيب مع الضباط الأحرار، وخرج الملك بعد الطلقات التى أطلقها عبد المنعم عبد الرءوف، والتى كانت حدًا فاصلاً لمنع تردد الملك.
""""""""""""""""""""""""""
مقاومة الاحتلال.. دليل "إدانة" الحكومة للإخوان!
كان مفاجئًا اتخاذ الحكومة الحالية من الوثائق التى نشرها موقع "إخوان ويكي"، عن جهود "الإخوان المسلمين" فى مواجهة ومقاومة الاحتلال الإنجليزى فى مصر، والتي احتوت تلك الوثائق على دور الجماعة فى حرب القناة عام 1951، ومقالات الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة ضد المحتل الإنجليزي، مما يؤكد أن الجماعة وقفت ضد المحتل الإنجليزى منذ البداية،وكانت العقبة أمام مخططات السفارة البريطانية ومواقفها فى حرب فلسطين، ثم حرب القنال عام 1951م، وكيف أنها أقلقت مضاجع الإنجليز. وتسعى الحكومة المصرية من خلال تلك الوثائق إقناع دول أجنبية بوضع الإخوان على قوائم الإرهاب، من بينها بريطانيا التى يوجد بها عدد من قادة الجماعة البارزين، فى مقدمتهم الرجل القوى فى التنظيم الدولى إبراهيم منير، ونائب المرشد جمعة أمين عبدالعزيز، ورئيس تحرير موقع "رسالة الإخوان" محمد غانم، و"الرجل الحديدي" فى الجماعة محمود حسين الذى يتنقل بين عدد من العواصم الأوروبية، ويزور لندن بشكل متكرر. إنها وطنية متناهية ودليل على إخلاص الجماعة بتلك الطريقة، يتحدث جمال الشيخ القيادى بالإخوان فى الغربية، قائلاً إن ما يثار إعلاميًا وما تحاول الحكومة استغلاله بشأن مقاومة الإخوان للإنجليز لا عيب بها، وإنما هى شرف لهم لأنها دفاع عن الوطن. وأضاف، أن الأزمة السياسية بالبلاد، والتى تمثلت فى انقلاب النظام الحالى على الديمقراطية وصناديق الانتخابات تدفعه لاستخدام كل الوسائل من أجل القضاء على جماعة الإخوان، موضحًا أن تلك الحيل لن تنفع، لأنها رخيصة وغير مفيدة على الإطلاق. وقال الدكتور وحيد عبدالمجيد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ "الأهرام"، إن استخدام الوثائق من قبل حكومات الدول أمر طبيعى وتسعى من خلاله إلى إثبات حق أو استخدامها ضد فصيل سياسى بالدولة بشكل معين، موضحًا أن مصر ليست رائدة فى هذا الأمر، كما يظن البعض. وأشار إلى أن محاولة مصر التحرك دوليًا يحتاج جهودًا أكثر مما يبذل حاليًا.
"""""""""""""""""""""""""""
خبراء: تقديم وثائق لإدانة الإخوان فى مقاومة الاحتلال عته سياسى
أكد خبراء سياسيون، أن إقبال الحكومة المصرية على تقديم وثائق لبريطانيا، لإدانة جماعة الإخوان المسلمين فى عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإنجليزى يعد نوعًا من الجنون والعته السياسى، مشيرين إلى أن مقاومة الاحتلال شرف لكل مصرى، وليست جريمة ولابد من معاقبة المسؤولين عن تقديم هذه الوثائق. وقال أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن إقبال الحكومة المصرية على تسليم وثائق لبريطانيا لإدانة الإخوان فى مقاومة الاحتلال البريطانى لمصر، سُبة فى جبين مصر فى هذه المرحلة، متسائلاً: كيف يتم تحويل مقاومة الاحتلال المغتصب للأراضى المصرية إلى جريمة فى نظر الحكومة المصرية، مشيرا إلى أن هذه الوثائق وسام شرف على صدور الإخوان، فمقاومة الاحتلال بطولة وشرف لكل مصرى ضحى بدمه من أجل إزاحة هذا الاحتلال عن الأراضى المصرية. وأضاف مهران أنه فى حالة اعتبار أن هذه المقاومة جريمة فى نظر بريطانيا أو الحكومة المصرية، فإن هذه الجرائم مر عليها 200 عام، وبالتالى لا محل لوجود قضية من الأساس، حسب ما ينص القانون البريطانى والمصرى والفرنسى، موضحًا أن من قاموا بهذه المقاومة ليسوا موجودين الآن وجميعهم ذهبوا إلى عالم الأموات، فكيف سيتم محاسبتهم؟ وأشار مهران إلى أن هذه الخطوة من قبل السلطات المصرية، محاولة لاستقطاب أوروبا والاتحاد الأوروبى لمساندة الانقلاب العسكرى فى مصر والتغاضى عن الجرائم التى ارتكبت فى حق معارضى الانقلاب، موضحا أن اتخاذ موقف سياسى من قبل بريطانيا ضد جماعة الإخوان سيتوقف على مدى اقتناعها بهذه الوثائق. وأضاف عمرو فارس الخبير بمركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أنه إذا اثبت بالفعل تقديم الحكومة المصرية لمستندات ووثائق تدين جماعة الإخوان المسلمين فى مقاومة الاحتلال البريطانى، فإن ذلك نوع من العته والجنون السياسى، فكيف يعقل أن تتصور هذه الحكومة أن مقاومة الاحتلال جريمة، مشيرا إلى أن هذا الفعل فضيحة كبرى لمصر. وطالب فارس، بمعاقبة المسئول عن تقديم هذه الوثائق للحكومة البريطانية مهما كان موقعه أو منصبه، مؤكدا أن هذه الوثائق تخدم جماعة الإخوان المسلمين، فكيف تصفهم الحكومة بأنها جماعة إرهابية وتخرج وثائق للعالم بأنها مارست عملاً بطوليًا ضد الاحتلال الإنجليزى لمصر -
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب