قرّر وزير الإسكان الإسرائيلي "أوري أريئيل" بيع المساكن الشعبية الفلسطينية القديمة في مدن الداخل المحتل المختلطة الخمسة وهي يافا وعكا وحيفا واللد والرملة، تمهيدًا لهدمها كليًا.
وبناءً على القرار الذي نشره ملحق "ذي ماركر" التابع لصحيفة "هآرتس" العبرية مؤخرًا فإن المستثمرين سيقومون بهدم المساكن واستغلال حقوق البناء على الأرض بما يضمن لهم أكبر كم من الوحدات السكنية.
كما ينص مشروع القرار على أن يتم نقل المستأجرين في المساكن الشعبية إلى مساكن جديدة ليتم بيع المساكن القديمة في السوق الحر، فيما ستقوم وزارة الإسكان بجرد كافة مشاريع المساكن الشعبية في البلاد لتقييم الوضع والبدء بتنفيذ هذا المشروع.
نكبة جديدة
وبهذا القرار الذي يأتي بالتزامن مع الذكرى الـ66 للنكبة الفلسطينية تكون وزارة الإسكان الإسرائيلية قد اقتلعت ألاف العائلات الفلسطينية من منازلها التاريخية، وهو نكبة جديدة بكل ما تعنيه الكلمة، كما يقول عضو اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في الداخل.
ويضيف عبد القادر سطل " أن القرار يشمل كافة المساكن الشعبية في المدن الفلسطينية المختلطة في الداخل، ووفقًا لعدد هذه المساكن فإن الكارثة الأكبر ستكون من نصيب مدينة يافا.
ويوضح أن المشروع ينص وبشكل مباشر على إخراج الفلسطينيين من مساكنهم وهدمها لبناء عمارات سكنية بتمويل مستثمرين أجانب ويهود وبيعها بملايين الدولارات.
ويضيف "المساكن التي ستهدم بناء على ذلك بالمئات، وبالتالي فإن مئات العائلات الفلسطينية ستقتلع من منازلها ويتم نقلهم إلى أماكن أخرى لا نعلم أين هي، ولكن وفق معلوماتنا فإن الأماكن البديلة ستكون خارج مدنهم".
وهدمت "اسرائيل" منذ عام 1970 وحتى عام 1980 أكثر من 3 ألاف و200 وحدة سكنية من تلك التي بناها الفلسطينيون، وبنيت مكانها عمارات لبيعها ضمن استثمار العقارات الفلسطينية لصالحها، مع العلم أن أكبر عمر لهذه المنازل يقدر بـ 50 عاماً، أي أنها ليست قديمة.
وتحوّلت المئات من عائلات يافا بعد عام 1980 من مستأجر محمي إلى مستأجر غير محمي، بما يعني أن المستولي عليها وهي "شركات الإسكان الإسرائيلية" له الحق بإخراجهم من منازلهم متى شاء، وهو ما يحدث حاليًا.
وبهذا القرار فإن أهالي هذه المساكن-بحسب سطل-معرضون مرة أخرى للإخلاء والتنقل كالبدو الرُّحل من مكان إلى آخر، ولكن الأخطر هذه المرة بمكان "أنه لن يضمن لنا أحد أن المسكن الجديد سيكون في مدننا أو ضواحيها أو خارجها".
ويشير سطل إلى أن هذا المشروع استكمال لمسلسل الهدم للمساكن الفلسطينية، مؤكدًا أن نقل الفلسطينيين الذين سيتم هدم مساكنهم خارج مدننا يندرج تحت مخطط تطهيرها عرقيًا ومحو تاريخها نهائيًا.
ويعاني الفلسطينيون في مدن الداخل من أزمة في السكن نتيجة لعدم توفر الشقق والارتفاع الخيالي لأسعار العقارات والأراضي فيها، وتحتاج المدينة إلى أكثر من ألف وحدة سكنية للأجيال الشابة خاصة وأن 70% من الفلسطينيين هم من جيل الـ30 عاماً و50% .
تفسير لمنع الترميم
من جانبه، يشدد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل محمد زيدان على أن هذا القرار يفسر منع المؤسسة الإسرائيلية للفلسطينيين على مدار السنوات الماضية من ترميم مساكنهم وأحيائهم القديمة.
ويقول "هذه المساكن تنطق بتاريخ هذه المدن العريقة وحق الفلسطينيين فيها، ولذلك فإن هذا القرار الإسرائيلي بمثابة إفراغ لكافة الأحياء الفلسطينية من هذه المساكن لطمس ما تبقى من تاريخها".
ولم تضع وزارة الإسكان الإسرائيلية أي بديل للسكان الفلسطينيين الذين سيتم إخراجهم من هذه المساكن، وبالتالي فإنها تريد إبقاءهم مهجرين في وطنهم، كما يؤكد زيدان.
وينوه إلى أن الألاف من أصحاب هذه المساكن سيضطرون للبحث عن أماكن يقيمون فيها، مع العلم أن هذا لن يكون بمقدورهم لأن معظمهم يعيشون تحت خط الفقر ولا يستطيعون دفع إيجار أي مسكن، خاصة وأن المساكن الشعبية التي هي ملكهم يعيشون فيها حاليًا بالإيجار ولكنهم لا يدفعون بسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية.
ويضيف "هذا القرار سلب لأدنى حق للإنسان في الحياة وهو أن ينعم بمسكن يقيه حر الصيف وبرد الشتاء، ولهذا فإن عواقب كارثية ستحل بألاف العائلات الفلسطينية في حال نُفذ القرار".
دعم صمودهم
وأمام عدم اكتراث الدوائر الحكومية لحقوق ومطالب الأقلية العربية في هذه المدن خاصة على صعيد أزمة السكن المتفاقمة بسبب مخططات الهدم والإخلاء فإن زيدان يؤكد أنه لم يعد أمام الأهالي سوى التمسك بحقهم بالبقاء في مساكنهم.
كما يقول "لم نعد نعّول على شيء سوى صمود أهالي هذه المساكن، ومؤازرتنا لهم بتقديم الدعم المعنوي والمادي لهم من أجل تثبيتهم فيها، لأن قضيتهم ليست فردية وإنما قضية بقاء وإثبات الهوية الفلسطينية لهذه المدن".
ويحتاج القرار من أجل البدء بتنفيذه إلى أقل من عام، وهي مدة تحتاج إلى خطوات قوية على الصعيد الرسمي والشعبي من أجل مواجهته وبالتالي إسقاطه لإنقاذ أصحاب المساكن.
ويؤكد عضو لجنة الدفاع عن الأرض والمسكن أن اللجنة ستجتمع بالمؤسسات الأهلية والحقوقية الفلسطينية من أجل وضع الخطوات الملائمة للرد عليه، واتخاذ القرارات المناسبة لمنع تنفيذه.
ويشدد على أن الخطوات ستتفرع ما بين قانونية وشعبية ووقفات واعتصامات ومظاهرات جماهيرية، بالإضافة إلى التوجه للقضاء للطعن فيه.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب