
انظمة حكم عسكرية من رحم الثورات العربية!!! الدكتور ابراهيم ابوجابر/مركز الدراسات المعاصرة

انظمة حكم عسكرية
من رحم الثورات العربية!!!
الدكتور ابراهيم ابوجابر/مركز الدراسات المعاصرة
بات انحراف الثورات العربية عن نهجها الثوري التحرري والطلائعي امرا اقرب ما يكون الى المؤكد ,بخاصة بعد مهزلة ومسرحية الانتخابات المصرية ووصول زعيم الانقلاب العسكري الى سدة الحكم .
فالثورات العربية التي كانت بداياتها اصيلة ومعبرة عن تطلعات وطموحات الشعوب ,لا بل ومن انتاج الشارع العربي بكل اطيافه,استغلتها قوى مندسة او مدسوسة من صنع اعداء الامة او من اصحاب المصالح الضيقة والاهواء الذاتية,لا بل ايضا من فئات وشرائح استمرئوا الحرام وشهوات الدنيا وملذاتها بعيدا عن الدين الاسلامي وضوابطه ,فاشتغلوا وخططوا ليل نهار لمنع تطبيق شرع الله او حتى وصول تيارات اسلامية مدنية للحكم ,حتى وان تطلب الامر اعادة انتاج حكم العسكر مجددا.
ان الحاصل الان على مستوى دول الثورات العربية يعكس ما سبق وقيل ,فها هي الانتخابات المصرية الاخيرة تتوّج شخصية عسكرية مخابراتية رئيسا لمصر رغم انف المصريين بالتزوير والارهاب اما من خلال أشراف الجيش المصري والاجهزة الامنية الاخرى على لجان الانتخابات, أو التهديد بخصم نسبة عالية من رواتب الموظفين في حال عدم ادلائهم باصواتهم.
وأن الحاصل في ليبيا الثورة غير بعيد عن التجربة المصرية,لا بل ذكرت وسائل الاعلام ان ما يحصل الان فيها تقف من ورائه ايدي مصرية والفريق السيسي تحديدا ,ويبدو ان الجنرال حنفر سيسلك نفس مسار السيسي بالقضاء على رموز الثورة وعلى راسهم التيارات الاسلامية الليبية وتنصيب نفسه بانتخابات شكلية رئيسا عسكريا للبلاد كما كان العقيد القذافي.
وان الحاصل على مستوى اليمن ليس ببعيد عما هو حاصل في مصر وليبيا فالاوضاع هناك تسودها الفوضى ,والولايات المتحدة تصول وتجول طائراتها في سماء اليمن تقتل وتدمر وترصد ما تشاء ,واعمال القتل والقلاقل مستمرة وبقوة,وفي التالي هناك من يرى ان اليمن ايضا سيحكمها عسكريون لا محالة في ظل حالة الفوضى والانفلات الامني وبدعم من قوى اجنبية على راسها امريكا والسعودية.
ثم ان تونس مفجرة الثورات العربية والتي لم يتغير فيها الكثير تقريبا بعد الثورة وعادت دولة –علمانية-اشبه ما يكون بالنظام السابق فدستورها اقرب الى دستور علماني منه الى اسلامي او وطني ,تونس هذه ايضا تمر بمرحلة دقيقة وهي على برميل بارود قابل للانفجار لان كل القوى العلمانية واليسارية والليبرالية تعيش فترة ترقب للانقضاض على حركة النهضة لاجهاض مشروعها بعدما تمكنت من طعنه خلال الشهور الاخيرة في مقتل تقريبا ونجحت في اجبار حركة النهضة وجناحها السياسي على التراجع والرضوخ لمطالبها ,وتونس الاخرى ايضا غدت تحارب ما تسميه الارهاب لجماعة انصار السنة, والاوضاع مرشحة ايضا اما لانقلاب عسكري او ثورة مضادة من قبل القوى العلمانية-الليبرالية.
اما سوريا التي تشهد هذه الايام انتخابات رئاسية ,فحالها معروف للجميع ,في وقت يرى فيه الجميع ان الرئيس الاسد هو الشخصية الاكثر حظا بالفوز في الانتخابات بالتزوير طبعا ,وعليه فحكمه العسكري الدموي والبوليسي سيستمر وبوتيرة اقوى متاجرا بتجديد الشعب السوري البيعة له مرة اخرى.
اذن ها هو التاريخ يعيد نفسه فما اشبه هذه السنين بعشرينات القرن الماضي عندما هبت الشعوب العربية وانتفضت على حكامها التقليديين والهيمنة الغربية ,وفي التالي اعتلى العروش ضباط عسكريون ادعوا الوطنية ,لم تجن الشعوب العربية من حكمهم سوى الظلم والفقر والتبعية والهوان على الامم.
وفي الختام ,صحيح ان خيبة امل كبيرة اصابة الامة العربية بعد انحراف الثورات عن نهجها الذي بدأته ,لكن جذوة هذه الثورات لن تنطفىء طالما هناك فئة صادقة من ابناء هذه الامة وان خالفهم البعض وحاربهم اخرون واتهموهم بالارهابيين ,فالشعوب تعلم من هو الصادق من المتامر والمتاجر بمقدرت الامة.
اضف تعقيب