أعرب المفاوض الإسرئيلي السابق اوري سافير والذي يرأس حاليا مركز بيرس للسلام عن اعتقاده أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة أبرزت مصالح إقليمية مشتركة بين مصر وإسرائيل والسلطة والأردن والسعودية، قد توصلهم الى مؤتمر دولي للسلام يستند الى المبادرة العربية للسلام.
وفي مقال له بعنوان "تحالفات جديدة لمؤتمر السلام في الشرق الأوسط لعام 2015" نشره على موقع (ذي مونتير) الالكتروني، قال سافير: إن الحرب على غزة تدور حول وهم القوة وحدودها. فحماس كأي منظمة "ارهابية" تخوض حرب العصابات أمضت السنوات الخمس الماضية في تطوير ترسانتها المثيرة من الصواريخ طويلة المدى إضافة الى عالم شامل تحت الأرض - فالأيديولوجية الدينية الأصولية تتزاوج مع سلاح عصري معقد.
وتعتبر اسرائيل احدى الدول الرائدة في العالم من الناحية العسكرية، لكنها غير قادرة على مجموعة تتألف من 20 ألف من المقاتلين الذين نجوا تحت أرض قطاع غزة، وفق سافير.
وقال سافير: طرحت الكثير من الأفكار في العواصم السياسية في المنطقة والولايات المتحدة وأوروبا للتداعيات الإستراتيجية للحرب على مستقبل المنطقة، ليس فقط من حيث التحليل السياسي وإنما أيضا من حيث الصنع النهائي للسياسة. فعندما تصمت البنادق أخيرا يأتي دور الدبلوماسية.
ويتحدث المسؤولون الكبار في الخارجية الأميركية عن شكل جديد للقوات في ما بعد العدوان على غزة. وعلى مدار الحرب، زعم الكاتب ان "ائتلاف المصالح اصبح اكثر وضوحا لصالح السياسة العملية والتوجه الأمني. وهو يتضمن إسرائيل والسلطة والأردن والسعودية. فهم ينظرون الى الأصولية الإسلامية والتطرف ـ كما هو حاصل في سوريا والعراق وغزة - على أنه مصدر الخطر على استقرار المنطقة والمصالح الجيوسياسية. والتحدي الذي يواجه الأميركيين والعرب وصناع القرار الإسرائيليين الآن هو كيفية ترجمة هذه النظرة المشتركة الى بنية استقرار قابلة للإستمرار"، على حد زعمه.
واعتبر سافير ان "الوقت يمر بسرعة ولم تهزم عزيمة المتطرفين. ومن المرجح لوقت واشنطن يصب جل التركيز على انتخابات منتصف المدة".
كما اعتبر ان "الساعة تدق أسرع في رام الله، حيث انخرط مسؤولون كبار من فتح من المقربين من الرئيس محمود عباس الأسبوع الماضي في محادثات مع القاهرة وعمان والرياض حول السياسة الإستراتيجية التي من شأنها تعزيز حركة فتح في الضفة وغزة - وهي مصلحة يشترك فيها المتحاورون معهم اضافة الى اسرائيل والولايات المتحدة".
وبحسب سافير، فان "دائرة (الرئيس) عباس ترى أن ما بعد الحرب يشكل فرصة لتعزيز وضع حركة فتح في فلسطين والعالم العربي. وهم ينظرون الى الدعم المتنامي لحركة حماس في الضفة على أنه ظاهرة مؤقتة. وفي اللقاءات الخاصة، ينتقدون بشدة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل وفريقه، ويعبرون عن القلق من أن تكون حماس أصابت آفاق قيام الدولة بانتكاسة. فحماس هي حاليا جزء من المحور الجديد للشر وتهدد بخطف الصورة العالمية للقضية الفلسطينية الى هذا المعسكر".
ويرغب عباس في عكس صورة الاعتدال، وبرغم المأساة التي حلت بالغزيين، فقد قام ببذل كل جهد لتجنب اندلاع انتفاضة ثالثة.
وخلال المحادثات التي أجراها مسؤوليه في المنطقة، كانوا يدافعون عن دور السلطة الفلسطينية التي تقودها فتح لاعادة الإعمار في غزة، بدءا من التواجد على معبر رفح.
وفي موازاة ذلك، يلتزم عباس بمواصلة التعاون الأمني مع اسرائيل، كما يتحدث عن توسيعه الى تعاون اقليمي ضد الإرهاب. فأغلب بحث رام الله عن الذات يتمحور حول الطريق الدبلوماسي الى الدولة. فلقد يئسوا من نتنياهو وينظرون الى إدارة الرئيس أوباما على أنها متحيزة. وينظر آخرون الى شروط تجديد محادثات السلام، تحت الإشراف الأميركي استنادا الى مبادرة السلام العربية. ولم يتخذ عباس القرار بعد بانتظار جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل.
وبينما تفضل الولايات المتحدة تجديد المفاوضات، إلا أن حماس واشنطن للانخراط في دوامة جديدة من مفاوضات الشرق الأوسط ما زال مقيدا. ومع ذلك، ففي قاعات وزارة الخارجية الأميركية، هناك وعي حذر من أن نشوء التحالف العملي من المصالح يمكن المحافظة عليه مع عملية سلام اسرائيلية فلسطينية قابلة للحياة. وتؤمن ادارة الرئيس أوباما بشكل كبير بالدبلوماسية الجماعية كما كان الحال مع جهود وقف اطلاق النار.
وعليه، فمن الممكن لجهود حل الصراع في المنطقة السير أسفل مظلة أكثر جماعية. وهذا ما قد يؤدي الى الوصول الى مؤتمر سلام دولي في بداية العام 2015، يشمل الرباعية واسرائيل وفلسطين ومصر والأردن والسعودية، وقد يتناول آفاق حل الصراع الثلاث الآتية:
- البعد السياسي ارتباطا بالوضع النهائي، استنادا الى مبادىء مقترحات الإطار لوزير الخارجية الأميركي جون كيري التي تعود الى بداية العام. وستكلف مصر والسعودية والجامعة العربية بدور أكثر فعالية. ومن شأن ذلك منح عباس المظلة الضرورية للمشاركة في محادثات السلام مع نتنياهو، حيث سيأتي عباس الى المحادثات كرئيس منظمة التحرير الفلسطينية.
- البعد الأمني - إكتشاف آفاق التعاون الإقليمي ضد الإرهاب وبضمنه النزع المحتمل لصواريخ غزة.
- البعد الإقتصادي - انخراط مجتمع الدول المانحة في إعادة تأهيل غزة لصالح بناء الشعب الفلسطيني من خلال دور فعال لعباس.
يرتكز معظم التفكير الفلسطيني على مبادرة السلام العربية، حيث يتيح ذلك المجال للدعم العربي في وقت يشعر فيه الوطن العربي بالتحرر من وهم حماس.
وعلى إسرائيل أيضا التفكير بشأن استراتيجيتها لما بعد الحرب التي من شأنها تعزيز عباس على حساب حماس، لأنه بالنسبة لحكومة نتنياهو يمكن النظر الى مثل هذه السياسة فقط في محتوى غزة. وبالنسبة للضفة الغربية، يخطط نتنياهو لحملة دعائية شاملة لتجنب قيام حماسستان فيها، والذي يعني مرة أخرى على الأرجع المزيد من البناء الاستيطاني.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب