الشرطة في خدمة الشعب!!؟؟
الدكتور ابراهيم ابوجابر
نجحت شرطة اسرائيل بأزلامها اصحاب البزّات الزرقاء نجاحات ملحوظة في الشهور الاخيرة في الشارع القسماوي ,بخاصة وهي تعمل بهدوء دونما استفزازات للأهالي, كيلا تخسر او تفشل خطتها في تثبيت وجودها في المدينة.
هذه النجاحات ما كانت لتثمر لولا مستشاريها المحليين من منتفعين واصحاب مصالح ضيقة فردية او جماعية, وبحجج وذرائع لا تقنع اصغر مواطن في مدينة كفر قاسم. هذه الشرطة ممثّلة في ضباطها وضابطاتها واذرعها السريّة تتغلغل من يوم الى اخر في مؤسسات البلد, متخفيّة بشعارات وايام دراسيّة وندوات واعمال صيانة احيانا لبعض البيوت المستورة في البلد ؛كل ذلك وفق مخطط يبدو مدروسا لعقليّة العرب الفلسطينيين ,ووفق قاعدة "تمسكن حتى تتمكّن" ,فشرطة اسرائيل في كفرقاسم ينطبق عليها قول الشاعر احمد شوقي (رحمه الله):
برز الثعلب يوما***فى ثياب الواعظينا
فمشى في الارض يهدي ***ويسب الماكرينا
ويقول الحمد لله *** اله العالمينا
ياعباد الله توبوا*** فهو كهف التائبينا
وازهدوا في الطير ***ان العيش عيش الزاهدينا
واطلبوا الديك يؤذن ***لصلاة الصبح فينا
شرطة اسرائيل هذه, التي فتحت لها مقرا في بلد الشهداء الابي العزيز على كل العرب والمسلمين لقداسة الدم الذي نزف فيها من ابنائها وبناتها وشيوخها واطفالها, تحاول اختراق المجتمع القسماوي والتطبيع معه وفق قائمة من الوسائل, استعرض بعضها ,كنوع من اقناع الشارع القسماوي بان وجودها الشاذ والمرفوض اصلا امر طبيعي ؛ومن جملة هذه الوسائل:
اولا: تجنيد وتسخير البلدية خدمة لمخططها, وهذا في حد ذاته يعد بالنسبة للشرطة اهم وسيلة لاختراق المجتمع القسماوي ,فالناس البسطاء في جلهم يفسّرون الامر من باب محاولات البلدية الحصول على الميزانيات وبعض الاذونات المطلوبة لخرائط هيكلية او منع هدم منازل غير مرخصة مثلا(واظن ذلك حاضرا في اجندة البلدية) الخ.. والشرطة تعلم تماما انها في حال كسبت البلدية فقد قطعت ثلاثة ارباع المسافة المطلوبة لاختراق المجتمع القسماوي ,فالبلدية في حد ذاتها سلطة لها اسنان واظافر وهيبة وكلمة حقيقة ,وهذا ما لا ينكره عاقل؟؟
ثانيا: احتواء طبقة المثقفين والمتعلمين او التطبيع معهم, وبالذات مدراء المدارس والمدرسين ,الذين هم اصلا موظفو دولة, لعلم الشرطة الكامل بما لهؤلاء من ابنائنا وبناتنا من تاثير على الاجيال الناشئة ,حيث انه بامكانهم توصيل ما يشاؤون من رسائل ومفاهيم ومعلومات للصغار في المدارس بهدف خلق جيل "لا قدّر الله" يدين بالولاء والانتماء لهذا الكيان الذي سلب ارضنا ويتّم اطفالنا وسفك دماء اهلنا وشرد ابناء شعبنا؛ ولقد بان ذلك من خلال نقاش الموضوع مع بعض المربين وحتى اعضاء كنيست من العرب الذين يعطون الشرعية لهذا الكيان ويقدّرون الهويّة الزرقاء كثيرا, ويسلمون بالامر الواقع, وهم في حقيقة امرهم يقدّسون الشيكل والراتب ؟
هؤلاء المثقفون ايضا من ابنائنا وبناتنا لهم في العادة احترامهم الخاص في الشارع أي لدى الاهالي ,وعليه يملكون ملكة تاثير قوية على اولياء الامور ,وقادرون على خدمة شرطة اسرائيل من حيث لا يدرون احيانا ؟؟
ثالثا: جمهور النساء القسماويات, وقد لوحظ حضور العنصر النسائي بقوّة في مؤتمرات وندوات وفعاليات شرطة اسرائيل في المدينة بخاصة المؤتمر الاخير المنعقد بتاريخ( 11/9/2014) تحت شعار
" المؤتمر القطري للامان على الطرق ",وبروز الحجاب الاسلامي ايضا بقوة خلال المؤتمر ,اضافة الى صورة لشرطية عربية محجبة "حجاب موضة" ,كل ذلك بهدف تشجيع النساء القسماويات على تقبّل ظاهرة شرطة اسرائيل, وربما ايضا تشجيع الفتيات العربيات على الانخراط في سلك شرطة اسرائيل بحجة خدمة اهل البلد؟؟
رابعا: اختيار شرطة اسرائيل لاماكن هامّة بعينها لعقد مؤتمراتها وندواتها كالمدارس مثلا, لما لهذه المؤسسات التربوية من حضور تربوي وعلمي وجماهيري, بخاصة وهي مراكز تعليمية عامة يدرس فيها الاف الطلاب الذين هم اصلا جيل المستقبل, اضافة الى نيّة شرطة اسرائيل تسويق نفسها لدى هؤلاء وغيرهم كحالة طبيعية وليس نشازا؟؟
خامسا: تعمّد, كما يبدو من الصور, دعوة بعض رموز الحركة الاسلامية في فعاليات شرطة اسرائيل, بخاصة من الصف الاول والثاني في الحركة, حتى ان المرء ليستهجن حضور بعض الشخصيات المعروفة بمواقفها القويّة من الكيان الاسرائيلي من ابناء الحركة الاسلامية مثل هذه الفعاليات المرفوضة. لكن شرطة اسرائيل تعرف من اين تؤكل الكتف, وهي بعملها هذا وظهور ضباطها على هيئة الحمل الوديع المسالم وخدعها للناس بانها معنّية في الحد من العنف او حوادث الطرق او نشر ثقافة التسامح والتعايش وخدمة اهالي البلد, تحاصر الحركة الاسلامية وتحرجها امام جمهورها وتضعها في خانة الاعتراف بالامر الواقع, لا بل وتطبّع العلاقات معها ؛فالحضور المميّز لبعض ابناء الحركة الاسلامية لأكثر من فعالية شاركت فيها الشرطة سواء في المركز الجماهيري او المدارس, وظهورهم ولو عبر الصور بالمهتمين بما يحصل ومصافحتهم لضباط شرطة اسرائيل, خير دليل على ان الامر غدا شبه طبيعي, هذه الظاهرة للعلم حصلت ايضا في بعض المدن العربية الاخرى في الداخل الفلسطيني من قبل شخصيات رفيعة المستوى من ابناء الحركة الاسلامية الخيّرة؟ واني لأسال :اين انتم من خطب المنابر, والمهرجانات والدروس في المساجد والندوات؟؟
واخيرا...
صحيح ان جهاز الشرطة في العموم هام وحيوي للناس ,لا بل ويعمل وجود مراكز للشرطة في البلدات على احترام القانون والحد من تعدي الاهالي على الاخرين وحقوقهم وممتلكاتهم, لكن ذلك في الوضع الطبيعي ,لكن في وضع استثنائي مثلما هو حالنا اليوم أي تحت هيمنة الكيان الاسرائيلي الذي جرّدنا من املاكنا وحوّل الكثيرين منا الى حطابين وسقائي ماء, وايدي عاملة رخيصة في المصانع اليهودية, وشرّد الملايين من ابناء شعبنا وقتل عشرات الالاف من الفلسطينيين, وانتهك المقدسات ويعمل ليل نهار على هدم المسجد الاقصى المبارك وتهويد الحيّز الفلسطيني , المفروض علينا رفض وجودها الدائم في بلداتنا, والعمل بكل حكمة على تفادي زرع مراكز لها بالقرب منا, واني لأعجب ممّن يقدّمون المنفعة والمصلحة على الحس والواجب الوطنيين, فهل غدت "الغاية تبرر الوسيلة", وهل غدت فعلا شرطة اسرائيل في خدمة الشعب؟؟
اضف تعقيب