خطاب تاريخي للطيبي بالأمم المتحدة: جئتكم من القدس حيث مسيرة المسيح ومسرى المصطفى احمل هموم شعب
عمّم مكتب النائب د. أحمد الطيبي ، بيانًا جاء فيه: "شارك النائب أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير، في جلسة خاصة عُقدت في مقر هيئة الأمم المتحدة في نيويورك، بعنوان " برلمانيون يدعمون القضية الفلسطينية "، شارك فيها نواب من برلمانات مختلف دول العالم، بمن فيها اوروبا والدول العربية، إضافة الى ممثلين عن هيئات دولية حقوقية كالاونروا ومنظمات حقوق الانسان، وسفير فلسطين لدى الأمم المتحدة د. رياض منصور".
وتابع البيان: "وألقى النائب د. احمد الطيبي كلمة مطولة امام الحضور تطرق خلالها الى ما تمر به مدينة القدس ، ووضع الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، وأفق حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. واستهل قائلاً: "جئت اليكم من القدس الشريف، هذا البلد النازف والغاضب.. هذه المدينة الحزينة المحتلة والتي تشهد هذه الأيام اعادة احتلالها من جديد بأدوات قاسية من القمع والترهيب ضد أهلها المقدسيين".
وتابع: "جئتكم من المسجد الأقصى درة التاج الشامخ في قدسنا الحبيبة. هذا المسجد الذي يشهد اقتحامات متكررة من المتطرفين اليهود الذين يحاولون تغيير الأمر الواقع وتقسيم اوقات الصلاة زماناً ومكاناً. جئتكم من كفركنا .. قانا الجليل.. التي ارتوت ارضها بدماء الشهيد خير حمدان الذي قُتل غدراً وبدم بارد بنيران الشرطة الاسرائيليّة، وهو الضحية رقم 48 الذي سقط داخل اسرائيل من العرب الفلسطينيين دون أن يُقدّم تقريباً أي من القتلة للعدالة الغائبة".
سياسات التمييز والقهر والإقصاء
وقال الطيبي في كلمته: "جئتكم من النقب الذي يعاني أهله العرب من سياسات التمييز والقهر والإقصاء والإزالة .. جئتكم من القرى غير المعترف بها بلا كهرباء او ماء او بنى تحتية. جئتكم من الطيبة مسقط رأسي التي تعاني هي الأخرى أسوة ببلداتنا العربيّة من سياسات التمييز وانعدام التخطيط وزيادة البطالة. جئتكم من الوطن الذي قامت عليه دولة اسرائيل والتي ترفض التعامل بالمساواة بالمثل بين مواطنيها العرب واليهود في كافة مجالات الحياة".
وقل الطيبي: "أناشدكم هنا في الأمم المتحدة الالتفات للأقليّة العربيّة الفلسطينيّة داخل اسرائيل وحقوقها المغيبة بسبب السياسات الاسرائيليّة. جئتكم من غزة التي في القلب والتي لا أستطيع دخولها بسبب المنع الاسرائيلي والتي سقط أطفالها ونساؤها ورجالها خلال العدوان الأخير عليها دون ان لم يحرك ذلك هذا العالم الصامت.. لم تتحرك حكومات العديد من دولكم ازاء هذه الجرائم البشعة، فازداد الألم وازداد الغضب والإحباط.. جئت اليكم من داخل دولة اسرائيل التي اصبحت فيها العنصريّة تياراً مركزياً وخفتت اصوات دعاة السلام والحرية المُلاحقون هم أيضاً من قبل الفاشية الاسرائيلية التي رفعت رأسها".
تطرف الحكومة
وتابع الطيبي: "في إسرائيل الآن حكومة هي الأكثر تطرفاً في العقود الأخيرة، تلحق الضرر بكل مواطنيها يهوداً وعرباً وتُبعد احتمالات حل الدولتين عبر نشاط استيطاني لم ينقطع في القدس وسائر الاراضي المحتلة عام 1967. وتدأب حكومة اسرائيل وعلى رأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في هذه الاأّام على سن قانون جديد يعرّف اسرائيل في قانون أساس بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي، ويغيبون الحقوق الجماعية للأقلية القومية العربية السكان الاصليين والتي تشكّل 20% من السكان، وانا صوتهم أمامكم هنا، ونمثلهم في البرلمان، هؤلاء الذين يُميّزون في جميع مجالات الحياة، مثلا 8% فقط من العاملين في القطاع العام هم من العرب بسبب سياسة الإقصاء الى درجة أنّ وزير خارجية اسرائيل ليبرمان وجه نداءً للمواطنين اليهود بمقاطعة الأماكن التجاريّة في البلدات العربيّة، بل ان نتنياهو نفسه هدد المواطنين العرب بسحب جنسياتهم بسبب احتجاجهم وغضبهم ازاء قتل الشهيد خير حمدان. واقترح علينا ايضاً ان نهاجر من بلدنا ونترك اذا لم ترق لنا سياسته، وأقول له من هنا: "يا سيد نتنياهو نحن لم نهاجر لهذا الوطن، ولدنا فيه وترعرعنا فيه، لم نأتِ اليه بطائرة او سفينة وتمسُكنا بالمواطنة أساسُه تمسكنا بالوطن. وهناك فرق بين الوطن والدولة، انا ولدت في الطيبة لأمي التي ولدت في الرملة وأب ولد في يافا وزوجتي ولدت في طولكرم وأعيش في القدس ولي اقارب في مخيمات اللاجئين في خانيونس وعسكر ولا ننتظر موافقتك على محبة هذه الأرض.. انظروا الى لون وجوهنا انه كلون تراب هذا الوطن".
وأضاف: "هل تعرفون أيها السادة ان نتنياهو شطب كلمة مساواة من قانون الدولة اليهودية المقترح؟ في قوانين اساس دولة اسرائيل قيمة المساواة مغيبة. كيف لدولة تدّعي الديمقراطية أن تغيّب قيمة المساواة من قانونها الأساس في إسرائيل؟ اليوم يتم فصل العمال العرب من اماكن عملهم بسبب انتمائهم العرقي، وغالبية الجمهور الاسرائيلي يؤيد ذلك كما فعل رئيس بلدية عسقلان. نحن لا نسعى للحرب او المواجهة الدمويّة، بل نسعى للعدل والسلام والمساواة، وهذه كلها غائبة، ولكننا مصممون على الاستمرار بالنضال لتغيير هذا الواقع المرير".
وقال الطيبي: "انني أوجه نداء لكم ايها الزملاء البرلمانيون بإسماع صوتكم لإطلاق سراح أكثر من 20 برلمانياً فلسطينياً يقبعون في سجون الاحتلال بشكل ظالم.. انهم منتخبو جمهور ويجب حمايتهم وإطلاق سراحهم. أوجه تحية لبرلمانات اوروبا وخاصة بريطانيا واسبانيا وفرنسا على الطريق التي اعترفت بدولة فلسطين وأناشد سائر البرلمانات الالتحاق بهذا الحراك المشرف مع سائر احرار العالم الذين يصغون للألم الفلسطيني ويؤمنون بعدالة قضيته.. حيث طال الاحتلال وما زال جاثماً على صدور الفلسطينيين".
القدس...
وتابع: "أنهي كلامي بما بدأت به المسجد الأقصى والقدس.. لم تكن فلسطين جرحًا نازفًا بل ينابيع شفاء مقدس في القدس، ومنها نهضت المحبة والعافية وراحت تمشي حتى بتاج الشوك في دروب الآلام التي عادت فيما بعد لتصبح دروب الارض الى السماوات العلى.. في القدس استثنائية ما، في حلمنا لا فرق بين المكان وطقوسه .. بين الحجارة والروح، حيث يشبه الزمان مكانه، ويتوحد الدم والتراب في جدلية الموت والحياة .. لذلك القدس، إمّا أن تكون بوابة السلام او بوابة الحرب وهذا برسم المحتل ومستوطنيه الذين يدفعون لمواجهة دينيّة حذرنا منها عبر انتهاك المسجد الاقصى والمقدسات بكل ما يعنيه للفلسطينيين من قيم ومقام .. القدس خبز بيتنا الاول وبيت خبزنا الاخير.. فهي ليست موضوعًا للتجريب او التخريب، لأنها ضمير الفلسطينيين وكرامتهم وبيتهم المقدس.. القدس بلاغة الهويّة للفلسطيني، لانها بلاغة القداسة وهي السيرة والمسيرة والمسار..ماذا اذا فقد شعب سيرته ومسيرته ومساره ؟! هل يبقى له وجود؟! القدس جغرافيا السحر المقدس وهي جغرافيا فلسطين وخابيتها المقدسة.. فلسطين كلها القدس.. ومسيرة المسيح فلسطيننا الاول ومساره هو مسيرتنا ومسارنا، من بيت لحم الى القدس الى كفرناحوم الى الناصرة الى قانا الجليل، وكذا مسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم المصطفى محمد الذي أسرى به الله من المسجد الحرام في مكة الى المسجد الاقصى في القدس وعرج منه الى السماوات العلى".
وشدّد الطيبي بقوله: "فكرة القدس هي فكرة فلسطين، من فلسطينييها الاوائل شهيدها المسيح الى فلسطينييها الأواخر ..ونحن فيها.. الاول الذي حمل خطايا العالم وحمل اليه الخلاص، ونحن شعب يكمل المسيرة في حملان فلسطين على مذبح الحرية.. وصمودنا وشموخنا وصوتنا وروحنا الصارخة طريق الخلاص من الاحتلال في الطريق الى السلام المخلص.. سلام للقدس وسلام للمسجد الأقصى وسلام لفلسطين.. سلام للناس جميعاً وسلام حتى لمن يكرهوننا ويقتلوننا.. والى لقاء هنا ذات مرة قد تكون قريبة او بعيدة حتى تُغلق الدائرة ويُعلن هذا المكان، الأمم المتحدة، إنهاء الاحتلال وقبول دولة فلسطين دولة دائمة العضوية في مجموعة الأمم.. فشعبنا جدير بذلك".
وختم قائلًا: "السيدات والسادة الاعزاء، نحن الفلسطينيون قد لا نكون أفضل شعوب العالم ولكن لا يوجد شعب في العالم أفضل من الشعب الفلسطيني. وكان د. رياض منصور سفير فلسطين في الأمم المتحدة في استقبال د. أحمد الطيبي، وألقى د. منصور كلمة قوية في افتتاح المؤتمر أكد فيها على أحقية الشعب الفلسطيني في التحرر من الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة محذّراً من تحويل الصراع الى صراع ديني بسبب سياسات إسرائيل. كما وجّه شكر فلسطين للدول التي اعترفت بفلسطين وناشد الآخرين بأن يحذوا حذوها".
وختم البيان: "ومن المقرر أن يلتقي الطيبي مع ممثلي وفعاليات الجالية الفلسطينية في نيويورك غداً الأحد، وسوف يشارك في فعاليات يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الاثنين في الأمم المتحدة" الى هنا نص البيان.
اضف تعقيب