
الحرب على داعش
ومشروع الفوضى الخلاّقة!!
الدكتور ابراهيم ابو جابر
حشد الغرب والعرب ومن لف لفيفهم من دول العالم جيوشهم بحجة انقاذ الاقليم والعالم من شر داعش كما يدّعون .قواتهم هذه تقصف وتدمّر, وتقتل وتشرّد المسلمين في الاماكن المحسوبة على قوات الدولة الاسلاميّة في العراق والشام بدون تمييز.
الحرب الجارية ضد داعش, لا يفرّق امراؤها من الغربيين ومعاونيهم من العرب بين تنظيم واخر, وانّما القتل عندهم على الهوية الدينية, فكل مسلم شريف عند الغرب والمتعاونين معهم من العرب هو ارهابي بدون جدال ,مدان بل مطارد ,منبوذ لا يستحق الحياة حتى وان كان مناضلا لدحر استعمار او كشف ظلم او تقرير مصير.
صحيح ان حركة داعش تجاوزت احيانا حدود المعقول في مواقف لها, وممارسات في حق المسلمين وغير المسلمين, الا انه ليس منطقيا ما تقوم به قوات الحلفاء من اعمال وجرائم وممارسات عنصريّة وبربريّة على الارض .
لقد غاب عن اذهان الكثيرين من العرب والمسلمين, ممّن انطلت عليهم حملة غزو قوى التحالف للأراضي السورية والعراقية بحجة القضاء على داعش أهداف هذا الغزو ,وهناك من تنبأ اطالت امده لسنين قادمة, لكنها لم تغب عن بعض المثقفين والشرفاء ممّن أدرك مبكرا مقاصد هذا الغزو من حيث كونه يأتي في سياق مخطط ومشروع اطلق عليه "شرق اوسط كبير" يشترط نجاحه من وجهة نظر الغرب بخاصة الولايات المتحدة خلق حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والامني في المنطقة؛ وهو ما يعرف علميا ب "الفوضى الخلاقة" والتي ستفضي في نهاية الامر الى تغيير حال الدول العربية بل وحتى تقسيمها الى دويلات صغيرة تسهل السيطرة عليها والتحكم بمواردها, عبر تسويق للديمقراطية الغربية في ربوعها, ونشر الحريات والانفتاح الاقتصادي(التنمية الاقتصادية), ومنظومة معرفية خاصة تحاكي المنظومة المعرفية الغربية المبنية على قواعد العلمانية الليبرالية ومبادئ العولمة.
المشروع المشئوم هذا, ما هو الا ثمرة لرؤية امريكية غربية اسرائيلية لمستقبل منطقة الشرق الاوسط الاشبه في نظرهم ببرميل بارود قابل للانفجار في أي وقت .أما ما يؤرق الغرب وحلفاءهم من عرب وعجم واسرائيليين في الدرجة الاولى في الشرق الاوسط, هو تنامي قوة الاسلام ممثلا في الحركات الاسلامية في الاقليم وتخوّف هؤلاء على مصالحهم اولا, ثم مستقبل حلفائهم في المنطقة وتهديد وجودهم ؛وعليه فان مصلحة القوى المذكورة انفا الابقاء على حالة الاقتتال, وعدم الاستقرار الامني ايضا, واستمرار انشغال العرب بمشاكلهم الداخلية بكل انواعها واشكالها ,كل ذلك لصرف انظارهم واهتمامهم عن القضية الفلسطينية بل وعن الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني, بمنح الكيان الاسرائيلي وقتا اضافيا لتطبيق مشاريعه التهويديّة والاستيطانيّة في الاراضي الفلسطينيّة.
اذن, واضح ان الحرب على داعش ومشروع محاربة الحركات الاسلامية الموصوفة منهم بالمتعصبة والارهابية تأتي خدمة للكيان الاسرائيلي ومشروعه في المنطقة وللحفاظ على مصالح الغرب فيها؛ وما الحرب على داعش ايضا الّا كذبة غربيّة عربيّة اسرائيليّة كبرى وضربة استباقيّة وقائيّة من الغزاة للمشروع الاسلامي الحضاري.
اضف تعقيب