X إغلاق
X إغلاق
الرئيسية | من نحن | أعلن لدينا | اتصل بنا | ارسل خبر      15/03/2025 |    (توقيت القدس)

تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة 2014 على الواقع السياسي الإسرائيلي .. الدكتور ابراهيم حسن ابو جابر

من : قسماوي نت
نشر : 07/12/2014 - 23:13

 

تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة 2014

على الواقع السياسي الإسرائيلي

 

الدكتور ابراهيم حسن ابو  جابر

باحث في مركز الدراسات المعاصرة 

 

10/12/2014

تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة 2014

على الواقع السياسي الإسرائيلي

 

تقديم

اعتاد المراقبون والناس على نفس المشهد السياسي للكيان الاسرائيلي بعد كل عدوان على الشعب الفلسطيني, والمتمثل في حل الحكومة  في العادة والدعوة لانتخابات مبكرة.

العدوان الاخير على قطاع غزة عرّى الائتلاف الوزاري الاسرائيلي وكشف مدى هشاشته وضعفه ,حيث سقط  في الاختبار والتجربة وبدا رئيس الوزراء في اضعف احواله  فهو في واد وقوى الائتلاف الحكومي في واد اخر .

وبالمناسبة هناك من ينظر الى الازمة السياسية في الكيان الاسرائيلي من زاوية اخرى مغايرة تماما, فالبعض يقيّمها على انها تدخل في اطار التكتيك والمناورة للهروب من المسؤولية الاخلاقية والالتفاف على الغضب الشعبي والعام والعالمي الرافض للممارسات الاسرائيلية  الاجرامية في حق الشعب الفلسطيني الباحث عن الحرية وتقرير المصير.

وبعيدا عن التحليلات واختلافها فلا يشك اثنان في ان العدوان الاخير (2014) على غزة كانت مدمّرة حقيقة على المستوى الشعبي في الدرجة الاولى وما سقط من شهداء جرحى ومعاقين وتدمير البنية التحتية وعشرات الاف المنازل والمصانع والمؤسسات بأنواعها, رغم يقيننا في ان المقاومة الفلسطينية قد سجّلت بصمودها وضرباتها نصرا عجزت عنه دول ,بدليل طلب نتنياهو من اوباما العمل على وقف الحرب في اليوم  الخامس لاندلاعها, الا ان مصر السيسي هي من اعاق ذلك, وفقما يراه المحللون والمراقبون للمشهد السياسي خلال سير العمليات العسكرية.

مردودات العدوان على الواقع السياسي الاسرائيلي

القى العدوان الاسرائيلي الاخير على غزة بظلاله على الواقع السياسي الاسرائيلي ,بخاصة وان الحكومة الاسرائيلية حكومة ائتلافية من عديد الاحزاب والحركات السياسية, ذات مصالح وقناعات وتوجهات ومشارب سياسية وفكرية وايديولوجية مختلفة, منها العلماني والليبرالي والقومي والديني.

هذا العدوان جاءت مردوداته سلبية على المشهد السياسي الاسرائيلي الداخلي, ودفع نحو ضعف الحكومة وتخندق كل حزب وحركة سياسية خلف مبادئها وطروحاتها الذاتية, ومن مظاهر هذا المشهد :

اولا: اختلاف قوى الائتلاف الوزاري على سير العدوان على غزة, ففي حين سلك نتنياهو ووزير دفاعه وبعض رموز حزب الليكود والمنتفعين  مسلكا متوازنا  "على حد رايهم" يراعي مصالح الكيان على المستوى العالمي يتمثل في توجيه ضربات قوية وموجعة للطرف الفلسطيني بموازاة الظهور امام الراي العام العالمي بان ذلك يدخل في اطار محاربة الارهاب والدفاع عن النفس دونما اجتياح كامل للقطاع؛ هناك تيار اخر داخل حكومته الائتلافية لم يكن راضيا عن ذلك فطالب بما هو اكثر بحجة القضاء على الارهاب الفلسطيني مرة والى الابد, ومن جملة هؤلاء ليبرمان ونائب وزير الدفاع السابق اردان وقوى اليمين المتطرف وغيرهم كثير؛ فقد بدا نتنياهو في اواخر ايام العدوان وحيدا حتى انه وافق على وقف العدوان دون العودة لما يسمونه المطبخ السياسي.

ثانيا: تراجع شعبية نتنياهو وحكومته على المستوى الشعبي الاسرائيلي, وعدم رضى الشعب من ادارته للعدوان, بخاصة  بعد وصول نار المقاومة الفلسطينية الى كل مكان داخل الكيان الاسرائيلي ,وفقدان الاسرائيليين للأمن الفردي والجماعي, ولجوء ملايين الاسرائيليين الى الملاجئ مما عطل مصالحهم واضر بها ايّما ضرر, بل واصاب الحياة الاقتصادية والسياحية والاجتماعية والخدماتية بالشلل شبه التام.

هذا الوضع طبعا رافقه ايضا خروج الاف الاسرائيليين الى الشوارع بخاصة في تل ابيب للتظاهر ضد الحكومة وسياستها , بل وصل التذمر الشعبي الى وسائل الاعلام بكل انواعها وبدأت الحرب الاعلامية بين مختلف الطيف السياسي الاسرائيلي تطغى على المشهد السياسي الاسرائيلي الداخلي.

ثالثا: فقدان شرائح معيّنة من المجتمع الاسرائيلي بخاصة الشباب الثقة بالحكومة بل بالحكومات الاسرائيلية في توفير الامن الشخصي والامن المعيشي الامر الذي حمل عشرات الالاف من الاسرائيليين  على الهجرة خارج البلاد  وبالتحديد الى مدينة برلين في المانيا فيما عرف بظاهرة(الملكي) أي اللبن ,والحديث يدور عن هجرة حوالي (20000) اسرائيلي شهريا  الى الخارج في حين انه سجل لأول مرة في تاريخ الكيان الاسرائيلي ازدياد معدلات الهجرة العكسية على الهجرة الوافدة.

المهاجرون اليهود الى الخارج حمّلوا الحكومة الاسرائيلية تبعات ذلك, مما  رفع نسبة المطالبين برحيل حكومة نتنياهو لفشلها في توفير الامن والظروف المعيشية اللائقة.

رابعا: سوء اداء الطاقم السياسي والعسكري للعدوان والحرب وظهورهم امام الراي العام الاسرائيلي بما يمكن ان يطلق عليه "غير القدوة", لا بل وايضا وصول بعض الاسرائيليين الى قناعة مفادها ان المقاومة الفلسطينية في غزة متفوّقة من حيث التخطيط والتكتيك العسكري على الجيش الاسرائيلي وعجزه الواضح في شلها والقضاء على قوتها رغم الوعود المتكررة التي اطلقها الطاقم السياسي والامني.

وان مما ارّق الشارع الاسرائيلي ايضا جبن القادة السياسيين والعسكريين الاسرائيليين وهروبهم اكثر من مرة من الجبهة خوفا من نيران المقاومة الفلسطينية وتركهم  لألاف الاسرائيليين تحت النار بخاصة مستوطنات ما يعرف بغلاف غزة. هذه القيادة بالتأكيد  فقدت ثقة الجمهور الاسرائيلي بها.

خامسا: عزلة الكيان الاسرائيلي عالميا بخاصة على مستوى دول الاتحاد الاوروبي نتيجة لممارساتها وجرائمها خلال العدوان على قطاع غزة ,وحماقاتها العسكرية بقتلها للمدنيين وتدميرها للمؤسسات العامة ومنازل المواطنين الفلسطينيين وتعديها على حقوق الانسان ودور العبادة والعلم.

كل ذلك لا شك انه اثر كثيرا على اداء حكومة نتنياهو ودفع نحو ضرورة اجراء تغيير سياسي دراماتيكي على مستوى الحكومة.

سادسا: الاعلان عن انتخابات مبكرة وحل الكنيست الاسرائيلي  هي ثمرة اخفاقات حكومة نتنياهو وائتلافه الوزاري بخاصة في عدوانه على قطاع غزة في العام 2014 , وقضايا اخرى ذات علاقة بالموضوع سياسية واجتماعية واقتصادية؛ لكن الامر غدا معروفا قبل انتهاء العدوان على غزة, بعدما فشل الكيان في القضاء على المقاومة ووقف نيران صواريخها وتعطيل بل شل الحياة العامة في الكيان وسقوط اسرى من الجنود الاسرائيليين لدى رجال المقاومة في غزة.

حل الكنيست الاسرائيلي واجراء انتخابات مبكرة في 17/3/2015 يعد مخرجا للازمة داخل الائتلاف الوزاري ,اذا علم ان الكثيرين كانوا يدركون خلال ايام العدوان على ان البلاد متجهة الى انتخابات مبكرة, بل ودفع اليها معارضو نتنياهو من الاحزاب والحركات بل خطط بعضهم على حد بعض التحليلات للإيقاع بنتنياهو من خلال جره الى مغامرات عسكرية وازمات مع الداخل والخارج بخاصة تأزيم العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية ودول عالمية اخرى منها الاتحاد الاوروبي ,لحرقه سياسيا.

وأخيرا..

صحيح ان نتنياهو دفع ثمن حماقته في عدوانه عام 2014 على غزة حل حكومته ومنصبه, الا ان البعض يرى ان حل حكومته والكنيست والاستعداد لانتخابات جديدة في مارس من العام القادم(2015) غدت عادة اسرائيلية تستعملها كلما شعرت بالخطر والحرج اما امنيا او سياسيا, فالكيان اليوم يواجه ايضا عزلة دولية ودبلوماسية فلسطينية تدفع نحو الاعتراف بدولة فلسطين, حتى انها بدأت في حصاد ثمارها في دول الاتحاد الاوروبي ؛ناهيك اعتبارها الانتخابات قارب نجاة من الملاحقة القانونية لمقاضاتها عما ارتكبته من مذابح وجرائم في حق الفلسطينيين.

لكن الحق والحق يقال فصمود المقاومة الفلسطينية الاسطوري ودماء الشهداء ودعاء الصالحين, هذا الكل هو من اطاح بحكومة نتنياهو ومرّغ انفه في الوحل وزلزل اركان ائتلافه الحكومي!!!

 

لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net

اضف تعقيب

ارسل