فيما مضى كانت النساء تنهي المدرسة الثانوية، ،تتزوج وتنجب الأطفال. لم يكن لديهم تطلعات أكاديمية أو طموحات لتأسيس حياة مهنية. لكن الثورة النسوية في سنوات الستينات قلبت الوعاء رأساً على عقب. فقد أصبحت المرأة مهيمنة ووصلت الى مناصب رئيسية في عالم يسيطر عليه الرجال. تغيير المعايير الاجتماعية أنتجت ثورة، وليس فقط في مجال التوظيف والتعليم الأكاديمي انما ايضاً في موقف النساء من الزواج والحياة العاطفية.
رغم مرور ثلاثين عاما على الثورة النسوية الا انه ما زال متوقعا من النساء ان يتزوجن وينجبن الأطفال. النساء اللاتي يخترن البقاء عزباوات وان يهتممن بمسيرتهن المهنية لا زلن يعتبرن كطير غريب. الحاجة من ناحية ، لتحقيق الانجازات وتحقيق الذات في المجالين المهني والأكاديمي ومن الناحية الاخرى ان يكن زوجات وامهات تقليديات ،كلتاهما تتسببان بالارتباك وبأزمة هوية لدى النساء الصغيرات في العالم الغربي. وقد تسببت الحرية الجديدة الى تخلي الكثير من النساء عن أدوارهم التقليدية كنساء وزوجات ومعاناتهم من الخوف من إضفاء الطابع الرسمي الى العلاقة ،تماما مثل الرجال.
العقيدة التي تحقق ذاتها
في كثير من الأحيان يتسبب الخوف من الالتزام ومن تأسيس العلاقة بالمرأة لاختيار شركاء غير مناسبين لها سواء من ناحية الشخصية او من ناحية وضعه في الحياة. لا يدور الحديث فقط عن النساء اللاتي يخترن اقامة علاقة مع رجل متزوج الذي لا ينوي ترك زوجته ، كذلك العلاقة مع رجل اعزب رسمياً ولكن غير متاح عاطفياً هي ببساطة علاقة محكومة بالفشل. الخوف من الارتباط يودي بالنساء من علاقة فاشلة واحدة الى اخرى. عندما تصل العلاقة الى عقبة خطيرة وتوشك على النهاية ، فإن الخوف الذي ادى بالمرأة لاختيار شريك غير ملائم لها فقط يزداد قوة.
توقعات غير واقعية
هنالك نساء التي تبحث دائما عن الرجل المثالي الذي لا بد طبعا من ان يكون نبيلا، لكن رجولي ومتين، طباخ معتمد، ذو إنجازات ويتمتع بالطموح، مع ذوق كبير في الملابس. إذا لم يتمتع الشريك بهذه المزايا بشكل واضح يتم إقصاؤه على الفور. هؤلاء النساء غالبا ما يقصون الرجال لأشياء تافهة وغير مهمة، على سبيل المثال إذا كان يقود سيارة من طراز قديم او اذا كانت قدمه صغيرة. هذه الانتقائية المفرطة تنبع غالبا من الخوف من الالتزام الى شريك واحد.
من يعاني اكثر من الخوف من الالتزام - الرجال أم النساء؟
إذا كان الخوف من الالتزام قد ميز الرجال في الماضي ، ففي المجتمع الحديث في يومنا اصبح الخوف من الارتباط هو سمة مشتركة بالتساوي بين كلا الجنسين. بصراحة الكثير من الرجال يتوقون للزواج الا انهم لا يجدون شريكات مهتمات بالزواج من اعمارهم.
ما الذي يتسبب في الخوف من الالتزام ؟
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي بصاحبها الى الخوف من الزواج وإضفاء الطابع الرسمي على العلاقة. عادة عندما لا يكون هنالك نموذج للعلاقة الحميمة في البيت فإن هذا الامر قد يؤدي إلى الخوف من الالتزام، وهذه الظاهرة هي نموذجية جدا للأطفال من الأزواج المطلقين. العلاقات الماضية التي انتهت بكسر القلب قد تقوض الثقة في الجنس الآخر وتؤدي الى الخوف من الارتباط عاطفيا بشريك جديد.
هل تستطيع المرأة ان تقلل من خوف الرجل من الالتزام؟
في البداية يجب ان يفهم الرجل لماذا يشعر بالتهديد الى هذا الحد . غالبا هذا لا يمس شريكته التي بجانبه وانما يتعلق بنموذج العلاقة الزوجية التي انكشف لها في البيت . اذا لم يكن الرجل مكشوفا على علاقة زوجية صحية المبنية على الإثراء المتبادل او لم يكبر مع ام داعمة ومصغية ولم توفر له احتياجاته ، فليس هنالك مانع من ان يتطور لديه عدم ثقة بالنساء. عندما يكون الحديث عن شخص بالغ مع شخصية مصممة فمن الصعب التصديق بأنه بإمكان الشريكة ان تجعله يتخطى هذه العقبات لوحدها ، لا بد من الخضوع لعملية تغيير نفسية شاملة لحل هذه المشاكل التي نشأت في مرحلة الطفولة .
اذا لم يتزوج الشخص ابدا هل هذا بالضرورة يعني انه يعاني من الخوف من الالتزام؟
من المؤكد انه يمكن عدم الزواج وإدارة حياة مرضية وسعيدة. غالبا ما يكون مصدر عدم الرضا ليس الاختيار الذاتي للتخلي عن الحياة الزوجية ولكن في ردود الفعل السلبية للمجتمع الذي يرى بحياة العزوبية خيارا غريبا، خاصة في الاجيال المتقدمة. لستم متضطرين لملائمة أنفسكم لمعايير المجتمع طالما يدور الحديث عن اختيار حر وليس خيارا نابعا من الخوف. اذا كنتم ترغبون بعلاقة ملزمة وحميمية ولكن تخشون ذلك ، فهنالك حاجة للعمل الذاتي المكثف للتعامل مع الخوف ونيل مرادكم.
لارسال مواد واخبار لموقع قسماوي نت البريد: info@kasmawi.net
اضف تعقيب