
السيسي ,عفوا السبسي والانقلاب على الثورة!!
الدكتور ابراهيم ابو جابر
وضع فوز الباجي قايد السبسي رئيس حزب نداء تونس بمنصب الرئاسة على منافسه المنصف المرزوقي , القوى الاسلامية والثورية في تونس وعلى رأسها حركة النهضة امام مفترق طرق خطير. فحزب نداء تونس بقيادة السبسي كان قد فاز بأغلبية مقاعد البرلمان التونسي قبل اسابيع, وها هو الان زعيم الحزب يفوز برئاسة تونس, وهذا بالتأكيد له دلالات خطيرة ,بل ربما تحدّد عمر الثورة التونسية ككل, بخاصة ما صرّح به السبسي بعيد فوزه في الانتخابات بأنه سيعمل على القضاء على الارهاب مشيرا الى ما حصل من احداث عنف في الجنوب التونسي, لا بل ان ما ينذر اكثر عن نيّة السبسي الدفينة تصريحه بانه سيطلب تفويضا من الشعب بمحاربة الارهاب واعوانه, وهذا يذكّر تماما بما اقدم عليه زعيم الانقلاب العسكري في مصر السيسي, قبيل انقلابه على الرئيس مرسي الرئيس الشرعي لمصر.
من هنا ,فان مستقبل تونس السياسي والامني لا ينذر بالخير كما يبدو, عكس الكثير من المتفائلين بالعملية الديمقراطية في تونس ممّن يعتبرونها نموذجا للتعايش بين القوى الاسلامية وغيرها من الطيف السياسي. فبمراجعة بسيطة لتاريخ هذا السبسي السياسي وقراءة متأنيّة لتصريحاته وقناعاته يظهر انه وريث نظامي بورقيبة وبن على ,وكان نفسه قد صرح بذلك, وغدا ايضا شبه واضح انه يسير الى القضاء على الثورة التونسيّة من خلال اتّباع نفس اسلوب السيسي في مصر , برفع شعار القضاء على الارهاب(وقد فعل) وبملاحقة بعض القوى والتيارات التونسية واتهامها بالوقوف خلف بعض اعمال العنف لإخراجها اخيرا عن القانون(بعد الحصول على تفويض الشعب) تمهيدا للقضاء عليها واقصائها عن المشهد السياسي التونسي, والمتوقع ان تطال حركة النهضة الاسلامية ايضا؛ فهل اخطأت النهضة بعدم ترشيح مرشح رئاسة عنها؟
هذا السيناريو هو المتوقع في تونس بعد ترتيب السبسي لأوراقه على مستوى البرلمان والحكومة والقضايا البروتوكوليّة. وسبسي تونس هذا لن يتوانى كما يبدو عن زيارة السيسي وبعض دول الخليج الداعمة لمشروع اعادة انتاج الانظمة البائدة واقصاء القوى الاسلامية الحيّة في دول الثورات العربية.
السبسي الرئيس التونسي المنتخب, غدا الان الشخصية الاقوى في تونس بفوزه بنسبة 55% من اصوات الشعب التونسي الفعليّة ,ثم حصد غالبية مقاعد البرلمان قبل مدة وبأصوات الشعب التونسي نفسه ايضا, وتشكيل الحكومة التونسية القادمة ايضا من نصيبه ونصيب حزبه القوي؛ هذه المعادلة معادلة خطيرة جدا فالسبسي بهذا سيتحكّم بكل مفاصل الدولة ولا يستطيع احد تعطيل برامجه السياسيّة والامنيّة, وعليه وكما قال فانه قد يتوجّه الى الشعب قريبا بعد الاستقرار السياسي للحصول على تفويض منه لمحاربة الارهاب في تونس واعوانه ,وسيحصل على ذلك وفق النهج المصري .
هذه قراءة, وهذا سيناريو ان حصل –لا قدّر الله- فأقصاء الاسلاميين سيبدأ والسجون ستفتح والمحاكم ستعمل, والدعم المادي والاعلامي وربما العسكري سينهال على تونس- السبسي من عرب وعجم, ولن يقف امام هذا البركان على مستوى تونس الا الجيش اولا, وهذا مرهون بعدة اعتبارات وغير محسوم, او الجزء الاخر من الشعب التونسي, حينها قد يتغيّر المشهد الى ما يشبه الحال في مصر.
فهل هناك من مفاجأة يطل علينا بها السبسي تكون نموذجا للامة العربية, ومثالا للتعايش بين مختلف القوى في تونس ووحدة وطنية حقيقية, وتداول للسلطة وتعدديّة سياسيّة؛ فهذا ما ينتظره الكثيرون!!!
اضف تعقيب