الخطاب السياسي للقائمة المشتركة ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة!! الدكتور ابراهيم ابو جابر
الخطاب السياسي للقائمة المشتركة
ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة!!
الدكتور ابراهيم ابو جابر
ترجم مرشحو "القائمة العربية – اليهودية المشتركة" في خطابهم السياسي والاعلامي روح ما توصّلت اليه الاطراف المشاركة في هذه القائمة . هذا الوحدة التي ركّعت فيها "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" غالبية الاحزاب والحركات العربية في الداخل الفلسطيني بحملهم على احترام نهجها, وفلسفتها, وبرنامجها السياسي القاضي بضرورة الشراكة العربية اليهودية ,وكونها حتمية لا يمكن التنازل عنها مهما كان ثمن ؛وهذا في حد ذاته انجاز تاريخي للجبهة ولفكرها ورؤيتها العامّة للصراع, فرافضو الامس القريب فكرة الشراكة معها لوجود يهود فيها ,هرولوا اليوم اليها بدون شروط, بل لم يمانعوا في رئاسة الجبهة للجسم السياسي الجديد, ما دام ذلك سيضمن جلوسهم على كراسي الكنيست الاسرائيلي.
والمراقب للخطاب السياسي والاعلامي ايضا لمركّبات "القائمة العربية اليهودية المشتركة", يصاب بالدهشة او حتى بالغثيان, وهم يروّجون لما قيل, بل ويبرّرون مشاركتهم في ائتلاف من هذا النوع المستهجن من قبل كثير من فلسطينيي الداخل. فهؤلاء – مع احترامي وتقديري لهم- غدا مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" شعار عملهم, فتراهم يصنّفون اليهود الى يهود وصهاينة, مبرّرين انضمامهم لقائمة مشتركة عربية ويهودية, متناسين في الوقت نفسه انّ من يجالسهم ويشاركهم من اعضاء القائمة من اليهود, كانوا قد خدموا في صفوف جيش الحرب الاسرائيلي, ويحمل بعضهم رتبا عسكرية عليا, وان اباء بعضهم كانوا من طلائع الحركة الصهيونية وشاركوا في نكبة الشعب الفلسطيني عام 48.
والسؤال المطروح في هذه المناسبة لمن يسوّق للكنيست الاسرائيلي ,ويبرّر, من كبار مرشحي "القائمة العربية اليهودية المشتركة" هو :"هل الكنيست مؤسسة صهيونية ام لا"؟؟ثم السؤال الاخر: "هل الكيان الاسرائيلي دولة صهيونية ام لا؟؟ نعم ,فاذا كان الجواب بالسلب, أي ليست الكنيست مؤسسة صهيونية ولا الكيان الاسرائيلي دولة صهيونية, فاين اذن هي المؤسسات الصهيونية والدولة الصهيونية, التي جاءت ثمرة للمشروع الصهيوني المعروف؟؟؟
اليس بن غوريون, وحاييم وايزمن, وليفي اشكول, وغولدا مائير, ورابين, وبيغن, وبراك ,وبيرس, ويوسف بورغ صهاينة ام لا؟؟اليس هؤلاء هم من اقاموا هذا الكيان على اكتافهم بناء على مخطّطات المشروع الصهيوني؟؟
اذن, المشاركة في انتخابات الكنيست الاسرائيلي ,هي مشاركة في الكنيست الصهيوني, أليس كذلك؟؟ وما دامت الكنيست مؤسسة صهيونية, اذن فانصار المشاركة في الانتخابات يدعمون المشاركة في كنيست صهيوني, وهذا طبعا له دلالاته الخطيرة.
وعودا على مسألة الخطاب السياسي والاعلامي للقائمة العربية-اليهودية المشتركة على ضعفه, وندرته, خجول الى درجة عالية, ولم يصل حتى الان الى المستوى المطلوب لا من حيث المضمون ولا حتى على مستوى المرشحين العرب انفسهم, الذين اما ضمنوا الفوز بعدد مضمون من المقاعد بناء على الاستطلاعات, او تواكلوا على بعضهم البعض, او انهم اكتفوا بوسائل التواصل الاجتماعي فقط كوسيلة اعلامية ناجعة.
المهم في الامر في هذا السياق ضعف الخطاب السياسي ,وفشل المرشحين العرب حتى الان في تسويق انفسهم وقضايا المجتمع العربي بصورة صحيحة, واكتفائهم بالتركيز على العدالة الاجتماعية داخل الكيان الاسرائيلي, والمساواة مع اليهود مواطني هذه الكيان ايضا, متناسين او متجاهلين القضايا الاساسية ,أي لب الصراع, وهذه طبعا ضريبة المشاركة في الكنيست الصهيوني.
اذن,الخطاب السياسي والاعلامي للقائمة العربية-اليهودية المشتركة خطاب تسويق للذات وللمرشحين انفسهم ان وجد, ملئ بالمغالطات السياسية والأيديولوجية بل والتمويهية على فلسطينيي الداخل بخاصة جمهور المصوّتين, ينطبق عليه مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" لضمان فوزهم بمقاعد في الكنيست الاسرائيلي عفوا الصهيوني, ويعتمد على قاعدة التبريرات لإيهام المستمعين او المشاهدين او القراء بصدق ما ينظّرون له, في حين كانوا في الامس القريب يستعيذون الله من بعض شركاء اليوم, ويتطيّرون من البعض الاخر, بل غدا بعض اعداء الشعب الفلسطيني ومن وشربوا من دماء ابنائه ,وانتهكوا اعراض نسائه وحرائره, وهدموا قراه ومدنه ,وهجّروا مئات الالاف منه, واغتالوا كبار قادته, غدا هؤلاء يساريين ومؤيدين للحق الفلسطيني, وغير صهاينة! ثم غدا الكنيست الصهيوني برلمانا ومؤسسة تشريعيّة ,في حين هي من سنّ كل القوانين العنصرية ,ومنحت حكومات اسرائيل المتتالية الضوء الاخضر لشن الحروب على الفلسطينيين والعرب! فالخطاب السياسي اذن لهذه القائمة المشتركة, خطاب تسويقي, مبني على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ليس الّا!
اضف تعقيب