هل سمعتن آخر الأخبار؟ لقد تحطّم السقف الزجاجي! - بقلم شيرلي راكح وسماح الخطيب أيوب
هل سمعتن آخر الأخبار؟ لقد تحطّم السقف الزجاجي!
- بقلم شيرلي راكح وسماح الخطيب أيوب
تصرّح الحكومة مهلّلة أنها قرّرت أخيراً تعزيز فرص عمل النساء العربيات، وجعل الأمر واحداً من أهدافها. هذه الحكومة، تتوقع من النساء العربيات الطموح صوب تقدّمهن المهنيّ والخروج لسوق العمل وبالتالي، تهشيم ذلك السقف الزجاجي! أمّا نحن، فنتساءل: كيف سيفعلن ذلك ومواجهة العديد من المعيقات التي تتربّص بهن؟
تعاني النساء العربيات من تمييز مضاعف، لكونهن نساءً ولأنهن عربيات. تبلغ نسبة النساء العربيات المنخرطات بسوق العمل 32.3% مقابل 78.8% من النساء اليهوديات. هذا ما بيّنه استطلاع القوى العاملة الذي أجرته دائرة الإحصاء المركزي سنة 2014. كذلك، بلغت سنة 2012 نسبة تمثيل النساء العربيات بسلك الدولة 3.24%، وفق التقرير الأخير الصادر عن مفوضية خدمة الدولة عام 2013. منذ ذلك الحين، لم تُصدر المفوضية أية تقارير محدّثة. إضافة لذلك، 41% من المشغّلين يفضّلون عدم تشغيل نساء عربيات مع أولاد، وهو معطى أظهره الاستطلاع الذي أجرته مفوضية تكافؤ فرص العمل بوزارة الاقتصاد آذار الماضي.
تُضاف هذه المعطيات لمجموعة كبيرة من المعيقات التي تحول دون انخراط النساء العربيات في سوق العمل. أهمّ هذه المعيقات هو غياب أماكن عمل في البلدات العربية، علماً بأن هذا الأمر يتطلّب استخدام المواصلات. وبما أنّ المجتمع العربي يعاني من وضع اجتصادي (اجتماعي اقتصادي) منخفض قياساً بالمجتمع اليهودي، فمن الصعب تخيّل كيف ستستطيع العائلة العربية حيازة مركبتين. بالتالي، ستضطر النساء العربيات لاعتماد المواصلات العامّة بغية الانخراط بسوق العمل.
حتى بداية سنوات الألفين لم يكن في البلدات العربية مواصلات عامّة، تقريباً. أمّا القليل الذي كان، فلم يصل إلاّ لأطراف البلدات وبعد دورانه الطويل والمضني. فقط عندئذ أدركت وزارات المواصلات والاقتصاد والمالية ومعها مكتب رئيس الحكومة، أنه لا يمكن حرمان 15% من السكان من المواصلات العامّة، وحينها فقط بدأوا بمعالجة المشكلة سوية مع السلطات المحلية العربية. ما زالت المعالجة جزئية، علماً أن 7% فقط من الإعانة الحكومية المقدمة للمواصلات العامة، تُحوّل اليوم للبلدات العربية.
لنفترض أنّ لدينا امرأة عربية قد حالفها الحظ ووُلدت في المكان "الصحيح" الذي يشمل مواصلات عامّة. وقد وجدت هذه المرأة عملاً جديداً ولديها الوسيلة التي توصلها إليه، لكن هل لديها في بلدتها حضانة يومية تستطيع أن تودعها أغلى ما عندها، ليحصل طفلها/طفلتها على الرعاية الجيدة التي ترضاها له/ا؟
تعاني السلطات العربية من نقص حاد بالحضانات اليومية! فقط 11% من الأطفال العرب موجودون بحضانات يومية. بشهر آب 2014، بُشّرنا بأن الحكومة قد خصّصت 1.2 مليار شاقل من أجل تخطيط وبناء حضانات يومية في عموم السلطات المحلية، مع ضمان 200 مليون شاقل من المبلغ للسلطات المحلية العربية. إضافة لذلك، تقوم الحكومة بتحويل كامل التمويل بحال أنجزت السلطة المحلية العمل بفترة زمنية قصيرة. وعلى الرغم من الخطوات الإيجابية التي قامت بها الحكومة، لم تصل بعد الميزانية المطلوبة للسلطات العربية. وذلك لأنها عالقة في الوزارات نتيجة تعقيدات مركّبة ومعيقات مختلفة مثل، عدم وجود أراضٍ شاغرة لبناء المرافق العامّة.
إلاّ أن المشاكل غير موجودة فقط لدى الحكومة، فلدى السلطات المحلية معيقات تحول دون انخراط النساء العربيات بسوق العمل، أهمها التمثيل المنقوص جداً للنساء العربيات بمواقع رئيسية داخل السلطات، الأمر الذي يُبعد القضايا الهادفة لتعزيز مكانة النساء عامّة وتعزيز فرص عمل النساء العربيات خاصّة، عن طاولة البحث ويضعها جانباً لصالح قضايا أخرى.
إننا ندعو كافة النساء للتوحد سوية ومطالبة أصحاب القرار في السلطات المحلية بوضع مسألتي تطوير المواصلات العامّة وبناء الحضانات على رأس اهتمامات السلطة وأولوياتها اليوم. ممّا لا شك فيه أنّ العمل الحثيث مقابل وزارة المواصلات مترافقاً بتقديم الطلبات الكاملة لوزارة الاقتصاد، كفيلان بزيادة المواصلات العامّة والحضانات اليومية في البلدات العربية. هناك نوافذ عديدة من الفرص تُفتح أمام السلطات المحلية العربية من خلالها ترغب الوزارات بتحويل الميزانيات إليها، لكن لا تكون تلك السلطات جاهزة دوماً لتلقّي هذه الميزانيات.
من هنا نرى أنه ومن دون انتهاج سياسة حكومية تتناسب والمعيقات الماثلة أمام النساء العربيات، خاصة داخل السلطات المحلية العربية، ومن دون المبادرة الفعّالة من قبل هذه السلطات بما يتعلق بالمواصلات العامّة وإقامة الحضانات اليومية، سيتحوّل السقف الزجاجيّ لحجريّ وسيبقى انخراط النساء العربيات بسوق العمل متدنياً.
في الختام، نوجه كلمتنا للنساء العربيات احتفالاً بهذا اليوم العظيم ونقول: كم نحن محظوظات لأنّ لا سقفاً زجاجياً لأحلامنا!
- الكاتبتان: مديرة قسم السياسات المستاوية في جمعية "سيكوي" ومركزة المرافعة والأبحاث في القسم
اضف تعقيب