خيبة العرب في شرم الشيخ!! الدكتور ابراهيم ابو جابر

خيبة العرب في شرم الشيخ!!

الدكتور ابراهيم ابو جابر

عقدت قمّة عربيّة في شرم الشيخ بمصر لمناقشة اخر التطورات على مستوى الاقليم ,غلب على مجرياتها الموضوع اليمني والحملة العسكريّة التي تقودها السعودية بأسناد من دول عربيّة والولايات المتّحدة الامريكيّة.

تدّعي السعودية وحلفاؤها ,انّ الحملة العسكريّة هذه ,هدفها استعادة الشرعيّة الى ربوع اليمن بعد ان سيطر الحوثيون والقطاعات العسكريّة الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح على غالبيّة البلاد, وهذا يعني الكثير للسعودية, للعلاقات القويّة التي تربط الحوثيين بإيران.

 الحملة هذه- طبعا- لا تخدم السعودية فقط, وانما دولا عربيّة اقليميّة واخرى عالميّة, فهي تخدم أولا العرب المتوجّسين اصلا من الغول الايراني الذي أخذ بالتمدّد في المشرق العربي لضعف العرب وافلاسهم الاستراتيجي لا غير, ثم مصالح الكيان الاسرائيلي في البحر الاحمر وباب المندب وبحر العرب, اضافة الى دول الغرب وفي طليعتها الولايات المتّحدة الامريكيّة, المخطّط الرئيس لها وفق اجندته الخاصة واهمها مشروع الفوضى الخلاّقة وشرق اوسط جديد او كبير, الذي يعتبر  تقسيم الدول العربيّة أهم مكوّناته, ومنها السعودية, الى دويلات طائفيّة وعرقيّة ومذهبيّة؛ ولقد أحسن من قال, لقد غرقت السعودية في الوحل اليمني, ولن تخرج منه دون دفعها الثمن. انّه واهم من يفكّر في حسم السعودية والقوات الموالية لها بخاصة الامريكيّة المعركة من الجو, واذا ما اقدمت على التدخل البري, فالتجارب السابقة خير دليل على عجز القوات السعودية عن احراز نصر كبير وحاسم في اليمن, لطبيعة أرضه, واسلوب حرب العصابات الذي تستخدمه قوات الحوثي وأنصارهم.

وبعيدا عن التحليلات, وعودا الى اجندة القمّة ,حقّ للبعض ان يسأل: لماذا لم تتدخّل السعوديّة لاستعادة الشرعيّة في مصر ,وفك أسر الرئيس المصري الشرعي والمنتخب" الدكتور محمد مرسي"؟ ما هذه الازدواجيّة, بل لماذا تأمرت السعوديّة ,وامارت الخليج على الشرعيّة في مصر ايضا ,وضخّت مليارات الدولارات لمساعدة ضباط الانقلاب فيها على الشرعيّة؟ ثم اين كانت السعوديّة وامارات الخليج من الحروب الاسرائيليّة  المتكرّرة على قطاع غزة, وقتل الاف الفلسطينيين, وتدمير عشرات الالاف من المنازل ,والكثير من المساجد والكنائس والجامعات ,والمرافق العامّة؟  عفوا, هل يعيش الفلسطينيون على المريخ؟ ثم اين انتم يا قادة العرب من الحصار  الظالم على غزّة ؟

ان هذه القمّة, بل القمم العربيّة المتتالية, كغيرها منذ تأسيس جامعة الدول العربية في العام 1945, لم تأت للعرب الاّ بالخيبات -أقصد الهزائم والنكسات والافلاس والذل. فأين هي الملفات التي تمكّنت القمم العربيّة من حلّها, أين ملف القضيّة الفلسطينيّة  منهم, والملف اللبناني ,والازمة في الصومال والعراق وليبيا, وغيرها من الملفات الساخنة في الوطن العربي؟!

الملفت في هذه القمّة  ,اتفاق زعماء العرب من فاقدي الشرعيّة اولا, والمتمرّدين عليها, على تشكيل قوّة تدخّل سريع ,لا لتحرير فلسطين, او فكّ الحصار عن غزّة واعادة الشرعيّة في مصر ,وانّما للتدخّل ضد كل من تسوّل له نفسه التمرّد على السلطة في العالم العربي؛ هذا الاتفاق لا شك أنّه يخدم دولا عربيّة بعينها كالدول الملكيّة, وفي طليعتها دول الخليج ,من حالات عصيان مدني او عسكري مثلا في بلدانها ,او حتى من تمدّد الثورات العربية اليها.

 واخيرا, لا يختلف اثنان في ان الحكام والقادة العرب الحاليين فاقدين لشرعيّتهم, واداة طيّعة في أيدي أسيادهم الغرب, تحرّكهم مصالحهم الشخصيّة ومصالح الغرب في المنطقة, همّهم حالهم وحال عائلاتهم ,اما الشعوب فما هي الا ارقام يتم اختزالها متى شاءوا, بنارهم أو نار اصدقائهم, فتبا لهكذا قمم وهكذا قادة, وما قمّة العرب الاخيرة الا "خيبة العرب" انفضّت مثلما عقدت.