
السيسي وعلمنة مصر!!
الدكتور ابراهيم ابو جابر
استبشر العرب والمسلمون خيرا بالثورة المصرية ، ونجاح العملية السياسية فيها، وما رفعته من شعارات طغت على المشهد العربي بل والعالمي. التجربة الثورية المصرية التي بهرت البعيد والقريب قدّر لها ان تتعرّض لهزّة قويّة اطاحت بكل ما تم بناؤه على طريق التخلص من الاستبداد والفساد بأنواعه .
واليوم، وبعد اطاحة العسكر بالشرعية في مصر ،تتعرّض ارض الكنانة لدعوات نشاز على الشعب المصري من بعض العلمانيين والليبراليين والشاذين مطالبين مرة بخلع الحجاب ،واخرى بتعاطي الجنس قبل الزواج واعتباره امرا شخصيا ،وثالثة تدعو للإلحادولإقامة حزب يحتضنه.
هذه الدعوات الغريبة على الشعب المصري، بلد العلم والعلماء,ظهرت في ظل نظام عسكري احتضنها وغذّاها وشجّعها ، بل وسكت عن دعاتها من مثقفين منحرفين وشاذين، تربوا في احضان الغرب ورضعوا من ثقافتهم التعيسة والعلمانية المتحرّرة من كل شيء اسلامي.ان هؤلاء المنحرفين ما كانوا ليجرؤوا على المناداة بهذه الافكار والجهر بها لولا وجود ارادة سياسية داعمة ومؤيدة لها في الشارع المصري.
لقد تطاول النظام العسكري المصري كثيرا على الدين الاسلامي وعلى الدعاة والحركات الاسلامية اولها حركة الاخوان المسلمين واتهامها بالإرهابية,واخراجها عن القانون ليتفنّن النظام في تعذيب ابنائها ومصادرة حرياتهم .
يحصل كل هذا ومؤسسة الازهر ساكتة عما يطرح من افكار ودعوات هدّامة ، اباحيّة والحاديّة، لا لجهل علماء الازهر وانما لأنه غدا مؤسسة سياسية ، لا تستطيع مناكفة النظام العسكري، بل تؤيده قلبا وقالبا ومعاديا للحركات الاسلامية الاصيلة بخاصة الاخوان المسلمين ، حيث لا يتردد علماء الازهرفي مهاجمتها والصاق التهم لقادتها بدون حساب.
هذه الدعوات الهدّامة وموقف النظام والازهر المشبوه منها ومن غيرها من القضايا سابقا، لا تعدو كونها محاولة من النظام العسكري لعلمنة الشعب المصري واقصائه عن دينه بجعل الاسلام امرا ثانويا في حياة المواطن المصري مثلما هو حال المسيحيين في بلاد الغرب، وتنكّرهم لشرائع دينهم واكتفائهم ببعض الطقوس الرمزية فقط منه.
يعلم العسكر تماما ان عودة مصر لأخذ دورها الريادي في الامة العربية يعني الكثير ، بخاصة ان تبنّت الاسلام منهاج حياة ؛ وعملا على افشال هذا المشروع وعلمنة المجتمع المصري جنّد النظام ، كما ذكر، مؤسسة الازهر لجانبه ليأخذ الشرعية منها.
ان النظام العسكري المصري اليوم، اشبه ما يكون بنظام اتاتورك ومن خلفه من جنرالات العسكر ، فمثلما الغى اتاتورك دور الاسلام في الحياة العامة، وهمّشه تماما على المستويين الاداري والاجتماعي، كذلك فعل ويفعل السيسي اليوم ناقلا مصر الى مربّع الانحلال الخلقي والتحرّر المقيت الموصل في النهاية الى الافلاس بأنواعه.
ان هذه الدعوات الهدّامة مؤامرة تخدم اطرافا بعينها اقليمية وعالمية، ناهيك عن زمرة من المثقفين المصريين اسما، ممّن يحملون اجندات اقليمية واخرى عالمية، منتفعون اصلا مما يحصل ، مستفيدون من الجو العام في مصر بعد الانقلاب العسكري ، واعتقال كبار العلماء واغلاق مؤسسات اسلامية كبرى ،ومصادرة حرية الملايين من ابناء وبنات الشعب المصري بالزج بهم في المعتقلات وتلفيق تهم باطلة لهم .
ان الواجب ليستدعي موقفا قويا من علماء مصر ومثقفيها والغيورين على هذا الدين ، بغض النظر عن موقف الازهر الداعم لمثل هذه الدعوات ، والنظام المؤيد على طريقته الخاصة قبل فوات الاوان، قبل ان تعم البلوى مثلما حصل في تركيا فترة العسكر ,وتعثّر الشعب التركي وتأخّره مدنيا وحضاريا وقتها، فهذا المتوقع ايضا لمصر الثورة.
مصر، ستعود يوما لا محالة لأخذ دورها على المستويين الاسلامي والعربي بل والعالمي ،مهما حاول العسكر مسخ الشعب المصري، وسلخه عن عقيدته وتاريخه وفضائه العربي والاسلامي.
اضف تعقيب