صدمة كبيرة أصابت الملايين من عشاق ومحبي نجم الكرة المصري الخلوق محمد أبو تريكة بعدما صدر قرار من النائب العام بمصادرة أمواله بتهمة الانتماء الفكري للإخوان المسلمين، وهي تهمة جديدة قديمة تكفي وحدها للحبس والقتل ومصادرة الأموال التي جمعها صاحبها بالجهد والتعب ولم يجمعها عبر قنوات الفساد التي يتقنها من يحكم بالمصادرة.
أبو تريكة الذي قدم لمصر الكثير وكان سبباً رئيساً لحصولها على العديد من البطولات، ونال حب العالم العربي بأخلاقه الرفيعة، وقدم للنادي الأهلي وجمهوره ما لم يقدمه لاعب سابق، كان جزاءه من ناديه التجاهل لا التكريم كنتيجة مباشرة لأنه جاهر بانتخاب الرئيس محمد مرسي، فمصادرة ماله لم تكن أول العقوبات فقد حرم هذا اللاعب الخلوق من مباراة اعتزال كما يتم مع كافة اللاعبين ولم يعترض اللاعب ولم يهاجم اتحاد الكرة أو يطال النادي بهذا الحق كما يفعل الكثيرون بل صمت في عزة وابتسامه تنم على أخلاق يندر وجودها.
إن قرار التحفظ على أموال أبو تريكة ليلقي بالضوء مرة أخرى على مئات القوانين التي فاقت سوء السمعة لتصبح قوانين فاشية تحجر على الأفكار وتقتل معتنقيها، وتقتل التعددية وتدفع بالشعب إلى فقدان أي بصيص أمل في الإصلاح فيكون الانتحار من أحد بدائل الخروج من جحيم العسكر، تلك القوانين التي تصدر بإرادة الديكتاتور المنفردة وبمخالفة الدستور الذي كتبه هذا الديكتاتور نفسه، ومن كانوا يهاجمون الرئيس المنتخب بحجة أنه يمتلك التشريع لفترة وجيزة لم تتجاوز أسابيع حتى تم نقلها إلى مجلس الشورى المنتخب، لم يزعجهم صدور قوانين بالجملة مخالفة للمواثيق الدولية والدستور طوال عامين كاملين من شخص واحد وبإرادة منفردة.
ولقد قابل التحفظ على أموال يعرف الجميع مصدرها، رد أموال شهد القضاء بجمعها من رشى وفساد بين، وما قصور مبارك ببعيد، وما أحكام البراءة التي نالها الجميع من رجاله ليتمتعوا بما نهبوه من أموال الدولة في حين يتم التحفظ على أموال الشرفاء. والسؤال المحير كيف تجرأت قيادة الانقلاب على إصدار مثل هذا القرار لشخص له شعبيته الجارفة وله رصيد كبير من الحب في قلوب المصريين؟ خاصة مع يواجهونه من فشل وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، هل هو من قبيل قرارات اشغال الرأي العام عن مصائب أخرى في طريقها إلى الشعب المصري؟ أم أنه نوع من تزييف وحذف كل ما هو جميل من تاريخ مصر، كما فعل أحد وكلاء وزارة التربية والتعليم بإحالة مدير مدرسة إلى التحقيق لأنه شاهد لوحة تذكارية تاريخية لرؤساء مصر فوجد من بينهم الرئيس محمد مرسي فكان النقل جزاءً للمدير ولربما فعل ذلك إذا وجد لوحة رياضية بها صورة أبوتريكة، أم أنه نوع من تأكيدهم بأن شرعيتهم تكمن في بندقيتهم وما ينالونه من دعم خارجي والشعب ليس له وزن ولا قيمة عند اتخاذ أي قرار مهما كان، أم أنه قرار لم يتم دراسة عواقبه وقد يتراجعون عنه سريعاً؟. إن الحملة الالكترونية الكبيرة التي قابلت قرار النائب العام برفض ما صدر بخصوص أبو تريكة، وتصدر أكثر من هاشتاج في موقع (تويتر) من قبيل (أبو تريكة فخر لمصر)، (أبو تريكة حبيب الملايين) واشتراك زعماء ومفكرين في هذه الحملة لتؤكد أن حب هذا اللاعب تجاوز حدود مصر ليصل لحدود الوطن العربي بأثره.
إن من يصادر الأموال عليه أن يصادر في ذات الوقت ما حصل عليه الشعب المصري من الفرحة والابتسامات التي رسمها أبو تريكة على وجوه المصريين وخطفها الانقلاب وأبدلها بتعاسة ودعوات للانتحار. قد تكون مصادرة أموال هذا اللاعب الحبيب لقلوب المصريين هي القشة التي تقسم ظهر الانقلاب، فهم يقفزون على فشلهم في إدارة الدولة ونقص مواردها بمصادرة أموال الشرفاء وليتمتع الفاسدون بما غنموا فليس عليهم حرج، فرجال الأعمال المتهربين من الضرائب والذين اعترفوا في أثناء حكم مرسي بحق الدولة وتعهدوا بردها جاء الانقلاب ليرد إليهم ما دفعوه وليعطيهم صك البراءة ولتكن أموال أبوتريكة وأمثاله بديل مقبول ومباح من وجهة نظرهم. لن يستطيع الانقلاب أن يصادر رصيد الحب لأبوتريكة في قلوب الملايين، ولن يستطيعوا أن يمحوا تاريخه المشرف فلينعم أبو تريكة بهذا الحب، وهذا التاريخ.
اضف تعقيب